بسم الله الرحمن الرحيم
هل تتذكر مَن أثَّروا في حياتك؟
لا شك أن حُسنَ معاملتهم لك كان من أهم أسباب تعلقك وتأثرك بهم.
إن الوصفة السحرية لدخول قلوب الناس والتأثير فيهم هي حسن المعاملة.
ألا تعلم أن أُناسًا كثيرين دخلوا الإسلام في آسيا وإفريقيا بسبب التجار المسلمين الوافدين عليهم؟
هل تعتقد أن كل هؤلاء التجار كانوا فقهاء أو علماء؟ هل التحقوا بمعاهد إعداد الدعاة أو تعلموا فن العلاقات العامة وإقناع الآخرين؟ كل هذا لم يحدث، إنما هم فقط تربوا على الإسلام الصحيح، وعملوا وتحركوا بما تمليه عليهم هذه التربية.
لقد صدق من قال: \"إن فعل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل\".
ويقول المثل الإنجليزي: \"إن الأفعال تتكلم بصوت أعلى من الكلمات\".
وبحُسن خلقك -إن لم تستطع أن تقنع الناس برأي ما- فستكسب احترامهم على الأقل، فقد كان كفار قريش يتركون أماناتهم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم لا يؤمنون به!
*\"جئتكم من عند خير الناس\":
هكذا قال عوف بن الحارث المشرك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففي الحديث أن عوف بن الحارث كان ممن قاتل المسلمين مع قومه، حتى قام على رأس رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بالسيف، فقال: \"من يمنعك مني؟ قال - صلى الله عليه وسلم -:\"الله\" فسقط السيف من يده، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السيف، فقال له:\"من يمنعك مني؟\"
قال:\"كن خير آخِذ\"، قال:\"تشهد ألا إله إلا الله؟\" قال: \"لا، ولكن أعاهدك على ألا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك\"، فخلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبيله، فجاء إلى أصحابه، فقال:\"جئتكم من عند خير الناس\". [رواه الإمام أحمد].
* هذا هو الإسلام!
يقول روجيه جارودي: كنت من مجموعة الجنود الفرنسيين الذين كانوا يحاربون المسلمين الجزائريين في ثورة الجزائر عام 1960، وتم القبض عليَّ بواسطة مجموعة من المجاهدين المسلمين، وذهب بي أحدهم ليتولى إعدامي في الجبل، وحين انفردت به سألني:
\"هل معك سلاح؟ \"فقلت له:\"لا، ليس معي سلاح\".
فقال هذا المجاهد: \"وكيف أقتل رجلاً ليس معه سلاح؟!\" وأطلق سراحي!
قال جارودي: \"وبقيَت هذه القصة تتفاعل في ضميري سنين كثيرة، أتذكرها دائمًا، حتى قمت بدراسة الإسلام، فأيقنت أن هذا المجاهد كان ينطلق في تصرفه معي من واقع العقيدة والأخلاق الإسلامية، فكان لهذا الحادث أثره البالغ في إسلامي\"الذي هز العالم بأسره.
وحدث مع المسلم الألماني يحيى شوفسكه أنه بعد زواجه ركب مع زوجته سيارة عامة، وكانا جالسَين، فرأى يحيى إفريقيًّا أسود هَرِمًا، فقام يحيى وقدم مكانه للرجل، فإذا بالرجل يبكي، ولما كان يحيى لا يعرف الإنجليزية فقد سأل جيرانه لماذا يبكي الرجل؟ قالوا له: إنه قادم من جنوب إفريقيا، ولأول مرة في حياته يرى رجلاً أبيض يقوم له ويعطيه مكانه، يحكي يحيى القصة، ويقول:\"هذا هو الإسلام\".
وحدث أن سافر يحيى إلى مكة للعمرة، فلما حضرت الصلاة خرج يحيى لأدائها مع الناس في الحرم المكي، ونسي أن يأخذ سجادته معه، ونظر حيث سيضع جبهته فوجد الحصى والحجارة، فقال في نفسه: \"هذا ما قسمه الله لي\" وإذا بجواره حاج هندي يخلع معطفه ويفرشه له، يقول يحيى: \"وهذا هو الإسلام\".
وأخيرًا أخي الداعية..
أرجو ألا تترك هذه الصفحة إلا بعد أن تعقد النية على تغيير شيء في نفسك، وتذَكَّر تجاربك السابقة في الدعوة، هل كل من نفروا منك وصدوك كان السبب دائمًا عنادهم واستكبارهم؟ أم لعل الخطأ كان منك أحيانًا؟
يقول الله - عز وجل -: {وَلَو كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلبِ لانفَضٌّوا مِن حَولِكَ} [آل عمران: 159].
هل كنت جافًّا في معاملتهم؟
هل كنت عصبيًّا وسريع الغضب؟
هل كانت نصيحتك مباشرة وصوتك مرتفعًا؟
اسأل نفسك جيدًا، وأجب بصدق، واعزم على تغيير السيئ من أخلاقك، وتذكر أنه مهما كان عمرك فيمكنك تغيير نفسك، فكما يقول المثل:\"إنك لن تكبر أبدًا على التعلم\".
وهذا هو الإسلام.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد