بسم الله الرحمن الرحيم
في غمرة الأحداث القاسية التي عاشها الناس, يقف المسلم الواعي متأمِّلاَ فيما يجري ومتدبِّراَ لسنن الله - تعالى - في خلقه ليضع يده على سبب البلاء النازل بالناس وليتعرّف على ماهية الحلّ الحقيقي لهذا الواقع المؤلم.
في الحقيقة هناك جملة من الآيات تكشف عن بعض سنن الله فيما يصيب المجتمعات من خرابٍ,ِ ودمار, وهلاك وبلاء, وجوع وخوف:
فقد قال الله - تعالى -:\"فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمَّرنَاهَا تَدمِيراً\".
وقال\"وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَريَةً كَانَت آمِنَةً مٌّطمَئِنَّةً يَأتِيهَا رِزقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ, فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوفِ بِمَا كَانُوا يَصنَعُونَ\". وقوله - تعالى -: مثلاً في هذه الآية يعني نموذجاً أي إن أيّ قرية تقع فيما وقعت فيه تلك القرية يصيبها ما أصابها.
وقال:\"فَلَولا إِذ جَاءهُم بَأسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَـكِن قَسَت قُلُوبُهُم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطَانُ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ\". فقد بيّنت بنزول البأس والكامن بقسوة القلوب وتزيين الشيطان.
وقال:\"وَكَأَيِّن مِّن قَريَةٍ, عَتَت عَن أَمرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبنَاهَا عَذَاباً نٌّكراً\"
وقال:\"وَكَم أَهلَكنَا مِن قَريَةٍ, بَطِرَت مَعِيشَتَهَا\".
وقال:\"وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً\".
وقال:\"وَمَا كَانَ رَبٌّكَ لِيُهلِكَ القُرَى بِظُلمٍ, وَأَهلُهَا مُصلِحُونَ\". والمعنى أنه ليس من عادة الله - سبحانه و تعالى - إهلاك القرى بسبب ظلمها وفيها ناس مصلحون. أما إذا قلّ فيها المصلحون (وهم الصالحون في أنفسهم المصلحون لغيرهم ومجتمعهم) حتى غلب الفساد وعمّ الظلم وكثر الخَبَث واستقوى ساعد الباطل فقد استحقت الهلاك والضنك.
وبعد, فليس على أي مخلص صادق في طلب الخروج من العذاب متلهف للأمن والسلام إلا أن يستنطق هذه الآيات وهي واضحة غاية الوضوح وصريحة غاية الصراحة ليسمع صوت الحق, ثم ليقف الوقفة الجريئة مع نفسه بالتوبة الصادقة إلى الله - تعالى - والعودة الصحيحة الشاملة إلى دينه الإسلام ثم مع مجتمعه ببذل الجهد الدؤوب ومن خلال العمل الجماعي المنظّم لإصلاحه وهدايته إلى رسالة الله العظيم والتي بها - وبها فقط - يتأتّى السلام والأمن ورَغَد الحياة. ولا يغترّن المسلم والمسلمة بما يتهلى به الناس من كثرة الكلام عن الأسباب الظاهرة ـ وإن كانت لا تُنكر ـ لهذه الحرب القذرة البشعة الضروس من صراع القوى وتضارب مصالح السياسات الإقليمة والدولية, ثم لا يتعدّون ذلك للوصول إلى جوهر المشكلة ولا شك بأن لوسائل الإعلام والصحافة منها على وجه الخصوص تأثيراً كبيراً على عقلية الناس وتعمية الحقائق عليهم. وعلى أي حال فإن على المسلمين أن لا يقعوا تحت تأثيرها تأثيراً كبيراًََ وعليهم أن يفهموا أن طريق عزّهم ليس في الوقوع في مِنطَقة تجاذب القوى الجاهلية الخاضعة للعبة السياسية الدولية كما حصل للكثيرين ومنهم عاملون للإسلام بل هو في اعتماد خطوات عمل تعتمد المرحلية والتدرج: تبدأ بالمطالبة بحقوق المسلمين وتعزيز مواقعهم وتقوية مؤسساتهم وإعداد القاعدة الشعبية المؤمنة المجاهدة والجهاد إلى تطبيق الحكم الإسلامي وبناء دولة الإسلام العادلة الرحيمة.
ولكن ليعلموا أن سرّ النجاح في كل هذه الخطوات: أن يهبوا للدعوة إلى الله والقيام بوظيفتهم الرسالية وعرض الإسلام كمنهج حياة ونظام مجتمع. كل ذلك بالحكمة والحجة والبرهان, وبالموعظة الحسنة والخلُق النبيل وحُسن البيان.
ولا شك بأن للمرأة المسلمة دوراً وأي دور في إصلاح مجتمعها بعد إصلاح نفسها وحُسن تربية أولادها وتخريج الدعاة وحملة العقيدة الهائمين بحب الجهاد في سبيل الله والتضحية لدينه. فهلاّ تقدمت كل أخت لهذا الميدان وعاهدت ربِّها على التوبة والالتزام وقلبت حياتها رأساً على عقب لتملأها: صلاحاً وعبادةً وزهداً ودعوة وجهاداً \"قُل إِن كَانَ آبَاؤُكُم وَأَبنَآؤُكُم وَإِخوَانُكُم وَأَزوَاجُكُم وَعَشِيرَتُكُم وَأَموَالٌ اقتَرَفتُمُوهَا َتِجَارَةٌ تَخشَونَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرضَونَهَا أَحَبَّ إِلَيكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ, فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأتِيَ اللّهُ بِأَمرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ\".
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد