رسالة إلى رواد المساجد


بسم الله الرحمن الرحيم

 

• يا رواد بيوت الله في الأرض.

• يا من أعد الله لكم نُزلاً في الجنة.

• يا من تولون وجوهكم شطر المسجد الحرام في صلواتكم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الله سبحانه قد رفع منزلة المساجد في الأرض، وعظَّمها بأن نسبها إليه سبحانه، فليست لأحد سواه. قال عز من قائل: {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} (سورة الجـن: 18). فكان علينا جميعاً أن نُعظِّمها وأن نحترمها وأن نقدسها، وأن نعرف لها حقها الذي وجدت من أجله، فلا نساويها بغيرها من البقاع، ولا نشبهها بسواها من الأماكن، فهي جزءٌ لا يتجزأ من مجتمعنا المسلم الذي أذن الله أن ترفع فيه، وأن تكون بقاعاً طاهرة نقية تتنـزل فيها الرحمات، وتهبط الملائكة، وتحل السكينة والخشوع.

ولأن للمسلم علاقةٌ حميمةٌ وصلةٌ وثيقةٌ بهذه المساجد في كل وقتٍ, وحين، فقد رأيت أن أوجّه هذه الرسالة لرواد المساجد وعُمَّارها من عباد الله المؤمنين الصادقين، فأقول مستعيناً بالله وحده:

* إن المساجد بيوت الله في الأرض، ولا يحل لأحد من الخلق أن يعمل فيها إلا بما أذن الله من قول أو عمل، فلا يمكن أن تكون المساجد لغير عبادة الله والدعوة إلى سبيله، وإقامة شعائر الإيمان، وحفظ كتاب الله العظيم وتلاوته وتجويده، ومدارسة سنته صلى الله عليه وسلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورفع ذكر الله سبحانه في كل حين كما قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ, أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأبصَارُ} (سورة النور: 37). فيا من وصفكم الله بعُمار المساجد احرصوا بارك الله فيكم ـ على عمارتها الحقة، والعمل على إحياء رسالتها الخالدة، وإعادة دورها العظيم في حياة الأمة.

* يا من وصفكم الله عز وجل بأنكم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة، تذكروا أن كثرة ارتيادكم لبيوت الله تعني إغاظة أعداء الله وإرهابهم وجعلهم يعيشون في قلق وهم دائمين، وعلى رأسهم إبليس ـ لعنه الله ـ وجنوده وأعوانه من شياطين الجن والإنس الذين يؤلمهم ويؤرقهم ويزعجهم أن يرتاد المسلمون بيوت الله، لا سيما الشباب الذين هم عماد الأمة وأملها ورجال مستقبلها.

 

* يا من تُحافظون على الصلوات الخمس جماعةً في المسجد، اعلموا ـ بارك الله فيكم ـ أن أداء الصلاة جماعة في المساجد من أفضل الأعمال التي حثت عليها سنة نبينا محمدٍ, صلى الله عليه وسلم ورغبت فيها كثيراًº فعن ابن عمر ( رضي الله عنهما ) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \"صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده سبعاً وعشرين \"(رواه مسلم، الحديث رقم 1478، ص 262). واعلم أن أداء الصلاة في المساجد لا يُعطل مسيرة الحياة، ولا يعوق النشاط الدنيوي للمسلم، ولا يؤخره عن أعماله وارتباطاته، لأن الصلوات في حقيقة الأمر ليست سوى محطاتٍ, إيمانيةٍ, يتزود فيها المسلم بالطاقة الروحية اللازمة للسعي في الحياة، تلك الطاقة الإيمانية التي تصله بربه جل وعلا، وتجدد نشاطه باستمرار، وتدفعه إلى الأمام، وتعينه على التحمل والمثابرة والمصابرة في مشوار حياته. كما أن لأداء الصلاة في المساجد معاني عظيمة وآثاراً طيبة في تربية أبناء المجتمع المسلم ونهيهم عن فاحش القول ومنكر العمل تصديقاً لقوله سبحانه: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنهَـى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ وَلَذِكـرُ اللَّهِ أَكبَرُ وَاللَّهُ يَعلَمُ مَا تَصنَـعُونَ} (سورة العنكبوت: من الآية 45).

وليس هذا فحسب فإن للصلاة دوراً مهماً في بناء شخصية المسلم وتحديد معالمها، فهي كفيلةٌ ـ إن شاء الله ـ بصقل نفس المؤمن وإرهاف حسه وترقيق وجدانه، وربطه بخالقه العظيم جل وعلا، لما فيها من صلة بالله سبحانه، ومناجاة له وخشوع وخضوع يجعل المصلي متمثلاً لعظمة الله وقدرته سبحانه.ولذلك روي عن أنس رضي الله عنه أن صلى الله عليه وسلم قال: \" وجُعل قرة عيني في الصلاة \" (رواه النسائي برقم 3939، مج 7، ص 61).وهذا فيه تأكيدٌ على أن في الصلاة راحة نفسية للمسلم متى أداها بخشوعٍ, وخضوع، وأنها تؤدي إلى السكينة و الطمأنينة وهدوء البال، وهو ما يشعر به المؤمن بعد أدائه الصلاة أداءً صحيحاً يربطه بخالقه العظيم ارتباط إيمانٍ, واستسلامٍ, وتعبد.

 

* يا رواد المساجد في المجتمع المسلم، اعلموا أن المساجد ليست أماكن لأداء الصلاة فقط، ولكنها مراكز للتعليم والتوجيه، ومؤسسات للتربية والتنشئة، ومعاهد للفقه الشرعي، والبحث العلمي عن طريق ما يعقد فيها من دروس ومحاضرات وندوات، وما يلقى على منابرها من خطب ومواعظ ونصائح في مختلف جوانب الحياة الفردية والجماعية. واعلموا ـ بارك الله فيكم ـ أنه ما لم تكن تلك وظيفة المساجد ورسالتها الخالدة ومهمتها العظمى فإنها ستظل معطلة، ولن تؤتي ثمارها الطيبة المباركة التي وجدت من أجلها. يقول أحد دعاة الإسلام: \" من أراد أن ينظر وأن يتعرف على حقيقة مدينة من المدن، أو قرية من القرى، فلينظر إلى مساجدها، ولير ما مقدار اهتمام الناس بهذه المساجد؟ وما هي علاقتهم بها؟ حينها يحكم على هذا الجيل أو هذه الطائفة من الناس ومدى رقيهم الحضاري الإسلامي \". من هنا كانت المساجد في تاريخنا الإسلامي المجيد قلاعاً للإيمان، وحصوناً للفضيلة، وبيوتاً للأتقياء، وينابيع للصلاح، وموارد للخير، ومجامع الأمة، ومواضع الأئمة.

* يا عباد الله الصادقين، حافظوا على تحية المسجد التي تميزه عن غيره من الأماكن و البقاع. فهي تختلف عن غيرها من أنواع التحايا المتبادلة عند الدخول إلى المنازل أو المكاتب أو نحوها من المرافق والأماكن بأنها تحية مميزة لمكان مميز وبقعة طاهرة فكان لابد لها من أداء خاص يليق بمنزلتها عند المسلم، ولذلك فقد روي عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: \" إذا دخل أحدُكم المسجد فلا يجلس حتَّى يُصلي ركعتين \" (رواه البخاري، الحديث رقم 1163، ص 186). وليس هذا فحسب، بل لقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على أدائها، وأمر بذلك حتى في أثناء أداء خطبة الجمعة حيث روي عن جابر بن عبد الله ( رضي الله عنهما ) قال: جاء سُليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطُب، فجلس، فقال له: \" يا سُليك! قم فاركع ركعتين، وتجوَّز فيهما \"، ثم قال: \" إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطُب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما \" (رواه مسلم، الحديث رقم 2024، ص 350). فكم هو عظيم وجليل وجميل أن يفتتح المسلم دخوله إلى بيت من بيوت الله في الأرض بركعتين يُعلِنُ بهما السمع والطاعة، والخشوع والخضوع لله جل وعلا !! إضافةً إلى أن في هاتين الركعتين قطعاَ للحديث بين المصلين، وانتظاراً للصلاة في خشوعٍ, ووقارٍ, وسكينة.

* يا عمار بيوت الله في الأرض، إن لهذه البيوت منزلة رفيعة، ومكانةً عاليةً في النفوس، ولذلك فهي تختلف عن غيرها من الأماكن التي يرتادها الناس في حياتهم اليومية بمالها من آداب فاضلة وسلوكيات مثالية كالاستعداد لدخولها بالطهارة، ومراعاة آداب الدخول إليها والخروج منها والخشوع والسكينة أثناء المكوث فيها، وعدم رفع الصوت فيها أو الانشغال بأمور الدنيا بين جنباتها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: \" إذا رأيتم من يبيعُ أو يبتاعُ في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشُد فيه ضالةً، فقولوا: لا رد الله عليك \" (رواه الترمذي، الحديث رقم 1321، ص 312). وهذا يعني صرف الوقت داخل المسجد لشؤون الدنيا أو لتعطيلها عن ذكر الله سبحانه. كما أن من آدابها العظيمة المشي إليها بتؤدة وخشوع وطمأنينة دونما جري أو تعجيل، والتبكير في الحضور إليها، وعدم تخطي الرقاب أو اختراق الصفوف لا سيماَ في صلاة الجمعة لما ورد في ذلك من النهي على لسان معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم.

* يا من تخافون يوماَ تتقلب فيه الأبصار، احرصوا على تسوية الصفوف عند إقامة الصلاة استعداداً للوقوف بين يدي الله عز وجل. فإن وقوفكم خلف الإمام بشكلٍ, مستوٍ, ومنتظم وعلى هيئة صفوفٍ, متراصةٍ, يربي المسلم على حب النظام والترتيب، ويربي النفوس على إزالة الملامح الطبقية والسمات الإقليمية، كما أن في ذلك غرساً لمبدأ المساواة والعدل في النفس البشرية، وإشارة إلى بنيان الأُمة المسلمة المرصوص. لما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أُقيمت الصلاة فأقبل علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: \" أقيموا صفوفكم وتراصوا \" (رواه البخاري، الحديث رقم 719، ص 117). وجاء في حديث آخر عن أنس ابن مالك قال: قال صلى الله عليه وسلم: \" سوٌّوا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة \"(رواه مسلم، الحديث رقم 975، ص 184).

* يا رجالاً تُحبون أن تتطهروا، حافظوا على نظافة المساجد وجمال مظهرها بحرصكم على إزالة ما قد يلوثها أو يشوه جمالها أو يُخل بطهارتها. ولذلك وجب علينا جميعاً الاهتمام الدائم والمستمر بنظافة المساجد لأنها شعار الإسلام، ومراكز تجمع المسلمين والتقائهم خمس مراتٍ, في اليوم والليلة، وهي أطهر بقعةٍ, وأقدس مكان يمكن أن تتم فيه تربية الإنسان المسلم وتنشئته ليكون فرداً صالحاً بإذن الله تعالى º فكان لا بُد من الاهتمام بنظافتها وترتيبها، وتعهدها بالطيب والبخور ونحوه لتكون لائقةً لاستقبال المصلين وأدائهم لعبادتهم بنفسٍ, طيبةٍ, وروحٍ, مُنشرحةº فعن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت: \" أمر رسول الله بِبِنَاء المساجد في الدور، وأن تُنظَّفَ و تُطيَّب \" (رواه أبو داود، الحديث رقم 455، ص 77). ويقول أحد دعاة الإسلام: \" لقد حث عليه السلام على تطييبها [أي المساجد] بالروائح الطيبة، وجعل هذه المهمة لكل مسلم حتى لا ينفرد بهذا الشرف الكبير وحده، وحتى تتاح الفرصة للجميع فيُشاركون في تنظيف المساجد وتطييبها وتجهيزها للمصلين \".

* يا رواد بيوت الله احرصوا على تطييبها وتنـزيهها من الروائح الكريهة والقمامات والقاذورات حتى فيما حولها من مساحات لئلا يتأذى بها الملائكة الكرام الذين يشهدون المساجد مع المصلين، ولئلا تكون تلك الروائح مدعاة لإيذاء بقية المصلين الذين يتأذون من رائحة الثوم والبصل والكُرَّاث، وغيرها من الأطعمة والمأكولات ذات الروائح النافذة و المؤذية، إضافة إلى رائحة الدخان والشيشة ونحوهما من الروائح الخبيثة المنتنة، لا سيما وقت أداء الصلاة في بيتٍ, من بيوت الله تعالى. فعن ابن عمر ( رضي الله عنهما ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة خيبـر: \" من أكل من هذه الشجرة – يعني الثوم – فلا يقربنَّ مسجدنا \"(رواه البخاري، الحديث رقم 853، ص 138). وعن جابرٍ, قال: نهى رسول الله عن أكل البصل والكُرَّاث، فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها. فقال: \" من أكل من هذه الشجرة المُنتنة فلا يقربن مسجدناº فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الأِنس \" (رواه مسلم، الحديث رقم 1252، ص 227). من هنا فإن على كل مسلمٍ, أن يهتم بنظافة المساجد وتطييبها وإزالة الأذى منها حتى تشتاق إليها الأرواح، وترتاح إليها الأنفس.

* يا من تنتظرون الصلاة بعد الصلاة هنيئاً لكم بذلكº فقد حث الإسلام على إطالة الجلوس في بيوت الله تعالى، والمكوث فيها إن لم يكن للمسلم حاجة تدعو إلى قضائها خارج المسجدºلما في ذلك من الخير الكثير والفضل العظيم، ولذلك جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: \"لا يزال العبد في صلاةٍ, ما كان في مُصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه حتى ينصرف أو يُحدِثَ \" (رواه مسلم، الحديث رقم 1509، ص 268). كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: \" ألا أدُلٌّكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات؟ \" قالوا: بلى. يا رسول الله! قال: \" إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباطُ \" (رواه مسلم، الحديث رقم 587، ص 123). فهنيئاً لعُمار المساجد الذين يُطيلون البقاء فيها لذكر الله تعالى، وأداء الفرائض والنوافل، وتلاوة القرآن الكريم، ومُدارسة العلوم الشرعية والتفقه في أمور الدين والدنيا، وحضور حلقات الدرس ومجالس العلم.

* يا عباد الله الراكعين الساجدين العاكفين، احذروا من كيد أعداء الله وأعداء الإسلام الذين هم أعداء المساجد ومن فيها من الركع السجود، ولا تنسوا أن الله تعالى قد حذَّرنا منهم وسجل لنا التاريخ أنهم لا يتوانون عن الكيد للإسلام والمسلمين، ومحاولة الصد عن دين الله بكل الوسائل المتاحة لهم. وخير مثالٍ, على ذلك الكيد الخبيث زعمهم أن المساجد ليست سوى دورٍ, للعبادة، ومكانٍ, لأداء الصلاة وتلاوة القرآن الكريم قبيل أداء الفريضة فقط. وأنها أصبحت غير مناسبة لتقديم الوظائف التي كانت تقوم بها في زمن النبوة وعهد السلف الصالح. فإن هذه دعوى باطلة، وفريةٌ عظيمة لا أساس لها من الصحة، وعلينا جميعاً أن نُعيد للمسجد رسالته السامية ودوره العظيم في بناء شخصية الإنسان المسلم، وتربيته التربية الإسلامية المثالية الصالحة لكل زمانٍ, ومكان.

* يا من تُجيبون دعوة الله تعالى º إياكم واصطحاب الأطفال الصغار الذين هم دون سن التمييز إلى بيوت الله لما في ذلك من إزعاجٍ, للمصلين وقطعٍ, لخشوع الخاشعين بالمرور بين أيديهم والإخلال بتنظيم صفوفهم. وليس هذا فحسب بل ربما وصل الأمر ببعض الأطفال إلى تلويث المسجد في بعض الأحيان. أما أولئك الأطفال الذين يُرجى من اصطحابهم تدريبهم على ارتياد المساجد وتعويدهم أداء الصلاة، وغرس حب المساجد في نفوسهم فلا بأس – إن شاء الله تعالى – من اصطحابهم مع مراعاة عدم الغفلة عنهم، ومحاولة التحكم في تصرفاتهم، وحثهم على احترام هذه المساجد والالتزام بآدابها والتحلي بأخلاقها.

* يا من تُحبون بيوت الله تعالى وتحترمونها لا تنسوا أن من علامات احترام هذه البيوت المحافظة على المظهر الحسن عند ارتيادها والدخول إليها عملاً بقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ,} (سورة الأعراف: من الآية 31). ومعنى ذلك أن يلبس المصلي لباساً لائقاً بالمساجد من حيث النظافة والستر والأناقة والهندام، والحشمة والوقار. و الحذر الحذر من ارتيادها بملابس غير لائقة كأن يأتي الإنسان إلى المسجد بثياب النوم أو بملابس العمل المتسخة أو التي تفوح منها الروائح المؤذية أو نحوها لأن في ذلك عدم احترام لقدسية هذا المكان، ثم لأنها قد تؤذي برائحتها من في المسجد من الملائكة والمصلين. وقد سبق معنا قوله صلى الله عليه وسلم: \" من أكل من هذه الشجرة المُنتنة فلا يقربن مسجدناº فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الأِنس \" (رواه مسلم، الحديث رقم 1252، ص 227).

* يا من أديتم الفريضة في المساجد، إياكم والتفريط في الأذكار التي حثت السنة النبوية على الإتيان بها بعد أداء الفريضة، ولا يستعجل أحدكم في مغادرة المسجد حتى يذكر الله تعالى بما ثبت وصح عن معلم الناس الخير صلى الله عليه وسلم من أذكارٍ, جامعةٍ, مانعةº فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: \" من سبَّح الله في دبر كل صلاةٍ, ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعةٌ وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ, قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر \" (رواه مسلم، الحديث رقم 1352، ص 242). وقد روي عن ابن عباسٍ, رضي الله عنهما أنه قال: \" إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم \"، وقال ابن عباسٍ,: \" كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته \". (رواه البخاري، الحديث رقم 841، ص 136).

** وختاماً، أسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد، والهداية والرشاد، ومرضاة رب العباد، وأن يجعلنا جميعاً ممن يعمرون بيوت الله في الأرض قولاً وعملاً، وسراً وعلناً، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply