بسم الله الرحمن الرحيم
المال والجهد والوقت أعزاء ثلاثة يقدمهم كل باحث عند إعداد رسالته العلمية الأكاديمية «ماجستير ـ دكتوراه»، والتي تعدّ من أعلى مراتب البحث العلمي. ولذلك يجب أن يكون إعدادها جيدًا، خصوصًا أنها تخضع لتحكيم ومناقشة من جانب أساتذة متخصصين يوكل إليهم وضعها في الدرجة التي تتناسب مع ما قدمه وبذله الباحث.
ورغم الجهد الذي يبذله كل باحث فإنه لا توجد رسالة كاملة، بل نجد بعض الهنات، وسواء زادت أو قلت فإنها لا تقلل من أن صاحبها قد اجتهد، ولكن ما يدعونا إلى الحزن هو أن تكون هذه الهنات متعلقة بشكل الرسالة وعرض المادة العلمية أكثر من أخطاء المادة العلمية.
في الأسطر التالية عدد من الأخطاء التي يلاحظ تكرارها في الكثير من الرسائل العلمية:
* ابتعد عن استخدام أسلوب الأنا وضمائر الملكية عند عرض المعلومات والنتائج التي توصلت إليها من خلال بحثك، فإنكار الذات مطلوب، وإن كان لابد من إثبات أن هذه البيانات والنتائج توصلت إليها أنت فلا تكثر من استخدام كلمات: أنا، ونحن، وأرى، وأعتقد، وأتصور، ويمكنك ذكرها بصورة ضمائر الغائب كأن تقول: توصل الباحث، ويرى الباحث، ويتضح من خلال البحث، ولقد توصلت الدراسة، ويبدو من خلال الدراسة.. إلى غير ذلك من أساليب تحض على التواضع والأدب الجم، لأن الحديث عن النفس غير محبب غالبًا للقارئ أو السامع، وليس معنى ذلك ألا تبرز رأيك في حالة تعدد الآراء، فإبراز الرأي مطلوب، ولكن بطريقة مهذبة تبتعد فيها عن الفخر والرياء، وبلا إكثار وإفراط.
* التزم بقواعد اللغة والإملاء وعلامات الترقيم حتى تظهر رسالتك بصورة مناسبة، ولذلك يجب مراجعة الرسالة لغويًا وإملائيًا من خلال أحد المتخصصين «حتى ولو كان صاحب البحث متخصصًا في اللغة» لأن الخطأ وارد فهو إن لم يكن لغويًا قد يكون ناجمًا عن الكتابة أو الطباعة، وفي ذلك الأمر ينصح الباحثون بكثرة القراءة في كتب اللغة المختلفة من أجل تحسين الأسلوب، واختيار الألفاظ وروابط الفقرات بطريقة مناسبة.
* المسلمات من المعلومات والنتائج التي اشتهرت على الألسن، وكذلك الأشعار المشهورة، والأمثال إذا ذكرت في الرسالة لا يذكر مصدر اقتباسهاº فهي واضحة ومشهورة.
* ابتعد عن أسلوب السخرية والتهكم على الآخرين، حتى ولو كانوا على خطأº فالرسالة ليست مجالاً للهجاء والصراع مع أحد، أما إذا أردت نقض أحد الآراء فإنه يجب أن يكون بأدب جم، وعدل يبتعد عن الهوى، وفي الوقت نفسه قم بمناقشة الرأي بلا تهيب أو مجاملة.
* لا تكتب عبارات فضفاضة بلا قياس أو نسبة تعضدها، واعلم أن الرقم مخ العلم، فلا تتحدث عن أي أمر بوصف عام بلا توضيح بإحصائية أو رقم يعضده، فمثلاً لا تقل إن نسبة الأمية في عالمنا العربي نسبة رهيبة جدًا، دون أن تذكر كم تكون هذه النسبة.
* لا تنس أن الكتابة باللغة العربية تحتاج إلى توضيح وتنظيم، حتى لا يحدث أي لبس أو غموض، ويأتي ذلك التوضيح والتنظيم من خلال علامات الترقيم، ووضع كل علامة في مكانها الصحيحº لتوضيح المعنى المراد بالتحديد، وكذلك الحال بالنسبة لتشكيل الكلمات لإزالة اللبس وتيسير القراءة، خصوصًا بالنسبة للكلمات التي يمكن النطق بها أكثر من وجه.
* لا تذكر الألقاب في الرسائل العلمية إلا في حالة الضرورة كأن يُزال بها لبس أو غموض للشخصية، فعلى سبيل المثال إذا ذكرت نجيب محفوظ فإن القارئ سيفهم أن المقصود هو الأديب المصري المشهور، أما إذا أردت نجيب محفوظ الطبيب فلابد من كتابة لقب الطبيب لمنع هذا اللبس، مع ملاحظة أن هذا اللقب يوضع مع الشخصية غير المشهورة للتفريق بينها وبين المشهورة. أما إذا كانت الشخصيتان مشهورتين فإن اللقب يوضع مع الاثنين، وتذكر الألقاب كذلك في صفحة الشكر، أو أن تكون جزءًا من وثيقة أو اقتباس استعانت به الدراسة.
* لا تُصدر رسالتك بأحكام ونتائج يقوم بحثك على البحث فيها، ففي مقدمة الرسالة تذكر الأمور بلا أحكام حتى تنتهي من البحث والدراسة فتذكر الحكم والنتيجة في نهاية الدراسة.
* عند كتابة النتائج والتوصيات في نهاية الرسالة يجب مراعاة ذكرها وفقًا للأهداف أو الفروض التي قام عليها البحث وذكرت في مقدمة الرسالة، ولذلك ينصح بتقسيمها وفقًا لأهداف أو فروض البحثº حتى يسهل توضيحها.
* الرسائل العلمية لا يوجد بها صفحة إهداء، فهي بحث يخضع للتحكيم، فلا تضع نفسك في مواضع الشكوك، فالإهداء صورة للتقرب من بعض الأشخاص أو الهيئات، ويمكن كتابة الإهداء بعد الانتهاء من مناقشة الرسالة وتحويلها إلى كتاب. أما بالنسبة لصفحة الشكر فلا مانع منها في الرسائل العلمية، حيث إنها اعتراف بالفضل ومساعدة الأشخاص والهيئات في إتمام البحث.
* إذا كانت الرسالة تضم عددًا من المصطلحات يجب إيرادها في بداية الرسالة حتى يكون المطلع على الرسالة على علم بها، وفي حالة وجود بعض المصطلحات ذات تعريفات عديدة يجب تحديد التعريف الذي ستأخذ به في الرسالة، أو تقوم بوضع تعريف إجرائي تعتمد عليه في رسالتك، وكذلك الحال إذا كان المصطلح بلا تعريف سابق، وقمت بوضع تعريف له فعليك توضيح ذلك.
* لا تكثر في رسالتك من المصطلحات الأجنبية إلا في أضيق الحدود، فليس مقبولاً أن تردف كل كلمة أو مصطلح باللغة العربية بمقابله باللغة الأجنبيةº فلا تلجأ إلى ذكر المصطلح الأجنبي إلا لمنع التباس أو غموض المصطلح العربي، أو أن يكون هذا المصطلح ليس له مقابل في اللغة العربية، أو أن يكون المصطلح الأجنبي مشهورًا أكثر من المصطلح العربي. كما يمكن ذكر المصطلح الأجنبي في حالة عمل قائمة بمصطلحات البحث وتريد الربط بين المصطلحين، فلا مانع عندئذ من ذكر المصطلح الأجنبي.
* على الباحث أن ينوع صور كتابة المعلومة، فلا يقتصر على إيرادها في صورة النص المكتوب، بل يمكن إبرازها بأحد الأشكال الإيضاحية المناسبة «جداول، رسوم بيانية، رسوم تخطيطية، صور... » مع ملاحظة أن هذه الإيضاحيات تحتاج إلى مقدمة تشير إليها، ثم تفسير لما تحويه من إحصاءات، وما تضمنه من أرقام، وأخيرًا استخلاص النتائج منها.
* عندما تريد الإشارة إلى مصدر الاقتباس فإن الرقم الذي يكتب ليربط الاقتباس بمصدره في الهامش يكتب بعد اسم المؤلف إذا ذكر المؤلف في المتن، أما إذا لم يذكر اسم المؤلف فإن الرقم يكتب في نهاية الاقتباس.
* يكتب رقم الجدول وبياناته أعلى الجدول، وكذلك الحال بالنسبة للرسم البياني، لكن الجدول يمكن تقسيمه بين عدة صفحات بحسب حجمه، أما الرسم البياني فيجب أن يكون كله في صفحة واحدة ولا يجوز تقسيمه.
* على الباحث أن يركز في اختيار مصادر بحثه على المصادر الحديثة، خصوصًا في الموضوعات العلمية التي تتجدد فيها المعلومات بسرعة، أما بالنسبة للموضوعات التاريخية فإنها تعتمد على المصادر القديمة، وبخاصة المعاصرة للحدث الذي يتناوله موضوع البحث.
* آخر أجزاء الرسالة الملاحق، وفيها يذكر الباحث معلومات جديدة لم تذكر في البحث وظهرت بعد الانتهاء منه، أو يضع الباحث صورًا للوثائق أو المخطوطات أو القرارات أو اللوائح التي ترتبط بموضوع البحث، ويمكن كذلك وضع بيانات البحث في شكل آخر كالجداول لتقريبها للقارئ، وأيًا كانت الملاحق يجب أن تكون ذات ترقيم مستقلاً عن متن الرسالة، بالمثل قائمة المحتويات وقائمة جداول وأشكال الرسالة يكون ترقيمها مستقلاً في بداية الرسالة.
* يكتب في صفحة عنوان الرسالة بيانات الجهة الأكاديمية المقدمة لها الرسالة، «الجامعة والكلية والقسم» وعنوان الرسالة، واسم مقدمها، والدرجة العلمية التي يرغب في الحصول عليها، وأعضاء هيئة الإشراف، والعام الدراسي المقدمة فيه.
* ترتب محتويات الرسالة كالتالي: صفحة العنوان، صفحة الشكر، قائمة المحتويات، قائمة الجداول والأشكال التوضيحية، قائمة المصطلحات، مقدمة الرسالة «تتضمن خطة الدراسة، وأهدافها، وفروضها، ومنهج البحث وخطواته والدراسات السابقة والمثيلة»، فصول وأبواب الدراسة، خاتمة الدراسة «النتائج والتوصيات، دراسات مقترحة، قائمة المصادر»، ملاحق الدراسة.
* هناك بعض الكلمات والعبارات لها اختصارات مشهورة مثل «ج م ع» جمهورية مصر العربية «ق م» قبل الميلاد «هـ» للتاريخ الهجري «م» للتاريخ الميلادي وغيرها. فلا بأس من استخدامها ما دامت معروفة ومشهورة. أما إذا كان هذا الاختصار غير مشهور، أو من صنع الباحث فإنه يجب الإشارة إليه في الهامش، وإذا كثرت هذه الاختصارات يمكن بيانها في قائمة مختصرات في أول الرسالة.
* الأرقام التي تكتب في صلب الرسالة التي لا تحتاج إلى التعبير عنها أكثر من ثلاث كلمات تكتب بالحروف مثل: مئة، ألف وخمسون، مئتان وسبعة وستون.. ويستثنى من ذلك: أرقام التليفون، وأرقام الصفحات في الكتب، والنسبة المئوية، والتاريخ، وأرقام المنازل والشوارع، وأرقام الإيضاحات «الجداول والصور والرسوم» والمبالغ المالية. فهذه تكتب بالأرقام للتيسير، وكذلك إذا زاد التعبير عن العدد بأكثر من ثلاث كلمات فإنه تستعمل الأرقام، على أن توضع فاصلة بعد كل ثلاثة منها مثل: 2. 546، ومثل: 63. 356. 247. ويكتب الكسر العشري بالحروف إذا كان وحده مثل: ثلث سكان مصر، وكذلك الحال إذا كان مع رقم مفرد مثل: خمسة أمتار ونصف، أما إذا كان غير ذلك فإنه يكتب بالأرقام.
* عند كتابة مصادر الرسالة يراعى ذكر ما اعتمدت عليه الدراسة فقط، فلا يثبت الباحث أية مصادر لم يستخدمها في دراسته، كما يجب تقسيم المصادر عند كتابتها بحسب شكلها إلى: الرسائل العلمية، مقالات الدوريات، أعمال المؤتمرات والندوات، الكتب المؤلفة، الكتب المترجمة، الأدلة، الوثائق والمخطوطات إلى غير ذلك مما اعتمدت عليه الرسالة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد