مناهجنا بين التطوير والتغريب 7 - 8


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ثانياً: ما يراد بمناهجنا:

تهتم الأمة أي أمة كل الاهتمام بالتمسك بمقوماتها وثوابتها، وتعززها وتربي الأجيال عليها من خلال مؤسساتها التربوية ومناهجها الدراسية، فتنطلق في بناء وتطوير المناهج من عقيدتها وقيمها وفكرها وثقافتها وخصائص مجتمعها، فهذه المقومات، هي أساس وجودها، ودليل أصالتها، ورمز هويتها، وعلامة تميزها عن غيرها من الأمم.

والمنهج والكتاب المدرسي في أي بلد له دور هام وبارز في بناء وتشكيل شخصية الأفراد والمجتمع وفقاً لمقوماته ومنطلقاته العقدية والفكرية، ولذلك فإنه يعكس تطلعاته وطموحاته وآماله في أجياله القادمة، وفي صورة المجتمع الحاضرة والمستقبلة.

وقد أوضحنا ذلك بصورة جلية في المحور الأول، من خلال عرضنا لنماذج من الكتب المقررة لست دول غربية وشرقية، وبينا كيف أن تلك البلدان كانت تعزز مقوماتها العقدية والفكرية، من خلال عرض البعد الديني لمناهجها.

 

وكما أنههم أعدوا وطوروا مناهجهم وفق تلك الرؤية، فإن الواجب على الدول الإسلامية والعربية أن تعد وتطور مناهجها لتعزز مقوماتها، ولتكون مرتكزة على أسسها ومنطلقاتها العقدية والشرعية والفكرية والقيمية والاجتماعية، والمحافظة على تلك المقومات، تعمل على التربية السوية للأمة وفق التربية الإسلامية الشاملة، فتحافظ على تماسك المجتمع، وتحقق وحدته الفكرية، وتعينه على مواجهة التحديات الخارجية.

وفي فترة سابقة قال الرئيس رونالد ريجان عندما صدر التقرير الأمريكي المشهور \" أمة في خطر \" Nation at Risk: \" لو أن هذه المناهج التي بين أيدينا فرضتها علينا أمة من الأمم لاعتبرنا ذلك اعتداءً سافراً علينا \"، وهي الآن منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 1991 م، وبعد احتلال العراق، ترسم استراتيجية لتغيير واقع المجتمعات الإسلامية، أحد ركائزها تغيير المناهج وفق الرؤية الأمريكية، ويتبعها في ذلك عدد من أبناء المسلمين المستغربين الذين هاجموا المناهج بصورة عامة، ومناهج العلوم الشرعية بصورة خاصة.

 

وقبل عرض ملامحها، ننبه أن مفهوم المناهج مفهوم شامل لدى المتخصصين في علم المناهج، يشمل (الأهداف، والمحتوى العلمي، والكتاب، والمعلم، والطالب، والمدرسة، والأنشطة الصفية وغير الصفية)، فتغيير أحدها يعتبر تغيير في المنهج.

وفي هذا المحور سنبين الخطوط العامة لتلك الهجمة الداخلية والخارجية على مناهجنا.

 

أولاً: الهجمة الأمريكية:

تعددت أساليب الهجمة الأمريكية على مناهجنا ما بين طرح مشاريع، وانتقادات لمحتواها من خلال المقالات في كبرى الصحف، ودراسات متخصصة أعدت لتحليلها، ويمكن عرض نماذج منها على النحو التالي:

أ) الهجمة الموجهة لمناهج الدول العربية بصورة عامة:

· مشروع مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأوسط.. بناء الأمل للسنين القادمة، وهو الخطاب الذي ألقاه وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في مؤسسة التراث بواشنطن الخميس: 12 / 12 / 2002 م:

 

أن مفهوم المناهج مفهوم شامل لدى المتخصصين في علم المناهج، يشمل (الأهداف، والمحتوى العلمي، والكتاب، والمعلم، والطالب، والمدرسة، والأنشطة الصفية وغير الصفية)، فتغيير أحدها يعتبر تغيير في المنهج.

 

أعلن الوزير الأمريكي أن الحكومة ستخصص لها (29) مليون دولار، لكي تنطلق المبادرة بقوة، وأنها ستعمل مع الكونجرس للحصول على دعم إضافي للعام القادم، وهذه الأموال ستكون زيادة على الأكثر من مبلغ (الألف مليون دولار) كمساعدة اقتصادية للعالم العربي كل عام.

 

وتم الإعلان عن تعيين نائب وزير الخارجية الأمريكي (ريتشارد أرميتاج) كمنسق لكل البرامج المنبثقة عن المبادرة الجديدة، ويعمل على متابعتها أيضاً مساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الأدنى (وليام بيرنز) ونائبته (إليزبيث تشيني) ابنة نائب الرئيس (ديك تشيني)

وتركز المبادرة على حرب الإرهاب في الشرق الأوسط، والاهتمام بالإصلاح التعليمي حسب الرؤية الأمريكية، ويتبع ذلك تحديث التعليم، وتغيير المناهج، وتغيير نمط المدارس، والتركيز على تعليم الفتيات، وتوفير منح دراسية لإبقاء الفتيات في المدارس وتوسيع التعليم لهن، وتدريب المعلمين، وتعليم اللغة الإنجليزية.

 

· المذكرة التنفيذية لمبادرة باول والتي نشرها موقع (الأسبوعية) (1)، وعرضها د. سامي محمد الدلال في دراسة بعنوان: (استراتيجية فرض الهيمنة: مبادرة الشراكة الأمريكية الـ \" شرق أوسطية \") (2)، ويمكن تلخيص أبرز ما ورد فيها في النقاط التالية:

 

أ) الخطة التعليمية: وتتضمن حسب نص المذكرة:

1) إنشاء مدارس أمريكية في مختلف البلدان العربية لكل مراحل التعليم الأساسي الابتدائي والإعدادي والثانوي تؤهل طلابها للالتحاق بالجامعات الأمريكية.

2) يجب أن يلقى المشروع دعماً مالياً كبيراً من الإدارة الأمريكية، وخاصة أن بعض الدول ستحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير.

3) في المراحل الأولى سيتم الاعتماد على الخبراء والأكاديميين الأمريكيين لإدارة تلك المدارس، مع تطعيمها بأكبر عدد ممكن من خبراء التعليم في الدول العربية.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply