لغة العلم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 تتفاوت العلوم بمقاماتها، و تتباين بمراتبها، و تختلف في مسالكَ يسلكها أهلها.

و مما كان فيه التفارق بين العلوم ( اللغة) و أعني بها: لغة العلم، و اصطلاح الفن.

فإن لكل علمٍ, من العلوم لغة يُتعامل معه من خلالها، اصطلح و تعارف أهله بها.

 

و لغات العلوم نوعان:

الأول: لغة السياق.

و أعني بها أمرين:

أولهما: عبارات أهل الفن و اصطلاحاتهم.

ثانيهما: نظم الكلام و صياغته.

فلغة السياق أمرٌ مهم جداً في الفنº لأن به يكون الإفصاح عن حقائق المسائل، و يكون به الإيضاح للمراد عند المتكلم.

ورأس ذلك: أن يكون الفن مُتَصَوَّرَة مباحثه على الوجه المسلوك عند أهله.

و عند إهمال كثيرين من المشتغلين بالعلم هذا الأمر صار في العلوم خللٌ كبير، و داهمتها فجوة خطيرة، أردت العلوم بضاعة يتلاعب بها من علا و من سفُلَ.

فنرى بعضاً ممن يتكلم في الفقه يُدخل فيه علوماً أُخر .

لست أريد عدم إدخال مباحث من فنٍّ, في فنٍّ, جاءَ ذكرها عرضاً، و إنما أريد أن لا تكون مباحث الفن الأجنبي غالبة على مباحث الفن الأصلي، و أن لا تكون مما ليس له أي صلة، أو أن تكون من الحشو الذي لا طائل منه.

النوع الثاني: لغة الحكم و التقرير.

تعارف العلماء في كل فنٍّ, على أصولٍ, في تقرير مسائل الفن، و هذه الأصول مختلفة في رتبها، فمنهـا:

1- أصول يُتوصَّلُ بها إلى أحكام مسائل الفن.

2- أصولٌ في ترجيح أقوال أئمة الفن.

فهذه لأئمة كل فنٍّ, طرقاً في التعامل معها من خلال دراسة الفن.

و عجباً رؤيتك بعضاً من الناس يتعامل مع مباحث العلوم مناطحاً كبار علمائه.

و الأعجب منه: أن يعمد قوم لتقرير مسائل فنٍّ, و الترجيح بينها وَفقَ أصولٍ, درسها في فنٍّ, أجنبي.

مثالٌ: يعمد بعض المحدِّثين إلى القراءة في كتب الفقه فيرى الاستدلال بالحديث المرسل، فيُبطِلُ القول بهº بناءً على أن المرسل عنده ضعيف.

فنقول له:صنيعك حسنٌ لو كان في الحديث، لكن بما أن تعاملك صار في كتب الفقه فلا يُقبل منك هذا الصنيع.

و السبب: أن الفقهاء أجمعوا على الاحتجاج بالحديث المرسل في الفقه، و المحدثون خالفوهم.

فهذه صورة من صورة التعامل مع فنٍّ, بغير لغته.

و مثله _ أيضاً _ في البلاغة القول بالمجاز، فقد جنح جمعٌ من العلماء إلى القول بتحريمه و إبطاله.

و إذا رجعنا إليهم _ كشفاً عن مكانهم عند أهل الفن _ نجدهم مشاركين في الفن.

و أقصد بالمشارك:الذي ليس لقوله اعتبار في الفن، و إنما عنده إطلاع على كلياتٍ, في الفن.

و أئمة الفن يقولون: بجوازه و وقوعه.

فأي الفريقين أحقٌّ بالأخذ بقوله و الرد إليه ؟.

إلى صورٍ, كثيرات من هذه الشاكلة و غيرها.

فبانَ من هذا أهمية العناية بلغة الفنون، و الحرص على التعامل مع كلِّ فنٍّ, بما تعارف عليه أهله به.

و الله أعلم

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply