معركتي مع الحاسوب

6k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

جاوزت بفضل الله تعالى - الستين من العمر والقلم رفيقي..والكتاب ووسائل الإعلام مصادر علمي ومعلوماتي..وفجأة واجهت الحاسوب بما فيه من جدّة وغموض وتنوع وسعة مجال.. ! فهل يسمح الحاسوب لأمثالي بالدخول إليه؟ وهل يصمد أمثالي أمام عنف الصدمة الحضارية؟

قم إلى الحاسوب.. وانشط في المجال *** فـالأعـاجـيـب بـه فوق الخيال

إنــه فـن جـمـيـل مـدهـشٌ *** فـاغـتـنـمه.. إنه السحر الحلال

هـو مـن غـيـر جـناحٍ, يمتطي *** صـهـوة الـعـلمِ إلى ظل المحال

يـجـمـع الأضـدادَ فـي كل مدى *** فـي زمـانٍ, أو مـكـانٍ, أو مـثال

أنـتَ فـي الشرق وفي الغرب معاً *** أنـتَ في الوادي وفي أعلى الجبال

تـمـخـر الآفـاق مـهما اتسعت *** جـالـسـاً فـي مقعدٍ, أو في الظلال

تـجـتـنـي مـنـه ثقافات الورى *** والإجـابـات عـلـى كـل سؤال

هـو كـالـهـدهـد يُـبـدي خافياً *** قـاصـيـاً خـلـفَ بـحارٍ, ورمال

هـو فـي الـوصـلِ حـمامٌ زاجلٌ *** هـو بـرقٌ.. دونـمـا جهدٍ, ومال

هـو فـي الـتـعـلـيـم أستاذ له *** -إن حـكـى- ألـفُ لـسانٍ, ومقال

هـو أسـتـاذٌ عـلـى سـبـورةٍ, *** كـلـهـا مـوسـوعـة فيها الغِلال

هـو داعٍ, مـصـلـحٌ أو مـفـسدٌ *** هـو مـفـتـاح نـقـاشٍ, وجِـدال

هـو لـلـسـلـم يـد مـمـدودةٌ *** هـو لـلـحـربِ رمـاحٌ ونِصال

هـو فـي الـشـر (أبو جهل) بدا *** وهـو في الخير (صهيبٌ) و(بلال)

نـحـنُ فـي عـصر طموح رائع *** إن تـخـلـفـنـا هـويـنا للزوال

يـا شـبـابَ الـحـق هيا اقتحموا *** لـجّـة الـعـلـم.. إلى أفق الكمال

وأجيدوا سوقَ (إنترنت) إلى - خدمةِ الأمةِ في كل مجال

أنـقـذوا الأمـة مـن عـلـتها *** إنـها الجهل.. هو الداء العُضال

اصـعـدوهـا بـالمهارات إلى *** قـمـة الـمـجد.. إلى خير مآل

إنـهـا مـعـركـة حـاسـمةٌ *** مـا جنى النصرَ بها إلا النضال

لـلأمـانـي قـمـة شـامـخةٌ *** مـن سـواكم يعتليها يا رجال؟!

*** *** ***

كـيفَ أحكي اليومَ عن معركتي *** وأنـا الأعـزل في ساح القتال؟

قـد قـضـيتُ العمر أبري قلماً *** وأمـاشـيـه بـرفـقٍ, واعتدال

أمـتـطـيـه فـي ثـنايا ورقٍ, *** فـعـلـى أسـطرها شدٌّ الرحال

قـلـمٌ يـزحـفُ زحـفاً فاتراً *** كـتـهـادي سـلحفاة في الجبال

أصـل الـلـيـلَ إلى الليلِ لكي *** أنـتـهـي بـعد عناءٍ, من مقال

وأنـا أحـسـب أنـي مـاهـرٌ *** لا يـجاريني بمضماري غزال!

فـجـأة.. قـامَ بـوجـهي ماردٌ *** وانـحـنـى لي باحترامٍ, وامتثال

خـلتُ أني كـ(علاء الدين) في *** كـفّيَ (المصباح).. وامتد الخيال

قـلـت: ما هذا؟ فأذكى دهشتي: *** إنـه \"الـحاسوب\" يأتي بالمحال!

قـم إليه.. ! واختفى عن ناظري *** ودعـانـي مفرداً في شر حال!

رحـت أسـتقصي أمامي مشهداً *** وأنـا بـيـن انـشـداه وخيال

أيـن أمـشـي؟ كيفَ تمتد يدي؟ *** إنـمـا جـهلي بالحاسوب حال

(شـيـكات العنكبوت) انتشرت *** فـي الـنوادي والبوادي والجبال

ألـفُ بـاب.. ألف سرداب إلى *** ألـفِ مـجـهولٍ, ومليون سؤال

كـيفَ؟ أنّى؟ من؟ وماذا؟ ومتى؟ *** وإلامَ؟ أيّ حـل؟ أي حـال؟

فـي مـتـاهات غموض شائك *** كــسـراب وديـاجـيـر وآل

كـيـفَ أغـزوه؟ وأنى أهتدي؟ *** وأنـا الـجـاهلُ من بعدِ اكتهال

وجـهـتـي الـبحر تليه أبحرٌ *** وأنـا أغرق في حوضِ اغتسال

لا أجـيـد الـعـومَ في أمواجه *** وأعـاني الخوف من أي ابتلال

كـيـف أرمـي النفس في تهلكة *** وأجـوز الـشط من غير حبال؟

ولـدي.. أنـقـذني من ورطتي *** راحَ يـسـعى في يمينٍ, وشمال

فـإذا الـعـاصـي أمامي طائع *** وإذا الـمـغـلق مفتوح المجال!

وإذا الـمـجـهـول مـعلومٌ لنا *** وإذا الـشـحّ إلى الجود استحال

وإذا الأمـواج.. أمـواج الـغِنى *** بـالـمـسـرات توالت باحتفال

سـرّنـي هـذا.. ولكن ساءني *** أنني أصبحتُ في رأي (العيال):

طـالـبـاً فـي الابتدائي.. وأنا *** ساطع الشيب.. وطلابي رجال.. !

يـا زمـان الـعـز حياكَ الحيا *** وسـقـى أيـامك الماء الزلال!

لـسـت إنـسـانـاً إذا لم أقتحم *** وأتـوج اقـتـحـامي باختلال

فـغـزوت (الـوردَ) في بستانه *** لأعـود الـيـومَ مملوءَ السلال

وتـسـلـلـتُ بـخـفي أرنبٍ, *** نـحو (إنترنت) فما نلتُ الوصال

فـتـحـفـزت كـلـيث كاسرٍ, *** فـتـهـاوى الصدّ وانقاد المحال

هـكـذا الـدنـيـا لمن يقنصها *** بـاقـتـدار، وابـتكار، وابتهال

فـاشكر الرحمنَ ذا العرش الذي *** يـنـقـل الأجيال من حالٍ, لحال

عـلّـم الإنـسـان مـا يـجهله *** فـتـعـالى الله ربي ذو الجلال


السابقالسياط
التاليمع التراب
أضف تعليق