وقفة بين يدي أبي تمام


 

بسم الله الرحمن الرحيم

عـد بي سريعاً إلى التاريخ والكتُبِ *** عـلّي أفرِّج ما في النفس من كُرَبِ

 

أو أسـتـعيد مع الأيـام تذكـرةً *** تُـحيي القلوب بمجدٍ, كان من حِقَبِ

 

أو أسـتـريحُ بها من حاضرٍ, تعِسٍ, *** أضـحت بـه أمتي نهبـاً لمُنتهِبِ

 

شـتـانَ ما بين ماضيها وحاضرها *** كانت سماء الورى واليوم في العقِبِ

 

عـذراً \"حـبيبُ \" فإني لا أرى أحداً *** كـمـثل معتصم في ساحة الغضبِ

 

يـقـود أمـتَـه لـلعـزّ، منتصراً *** ويـنقذ الشعبَ من ضُرٍّ, ومن وصبِ

 

ولا أرى قـائـداً يهوى الجهاد ولا *** ألـقـى لهـا بطلاً في جيشه اللجبِ

 

لـكـنني والضنى يجتـاحني ألمـاً *** أرى دمـىً مثّلَت في مسرح العجبِ

 

يـحكون صولةَ أرباب الحمى وهُمُ *** سـلمٌ لأعدائنا، حربٌ على العربِ

 

قـد عـوّدونـا وعودَ الزّيف مفعمةً *** فـاقـوا مسـيلِمَةً في كثـرة الكذبِ

 

فـي كـل يوم ترى جمعاً ومؤتمراً *** يتلـوه ناطقُهـم بالقـول والخُطبِ

 

والـكـلٌّ يـعرفُهم أذنابَ من سكنوا *** \" واشـنطناً \" فهمُ من أطوع الخشبِ

 

إن قـيـل \" هيّا \" أتوها راكعين لها *** أو قـيل \"هيّا\" مضَوا للأمر في أدبِ

 

عـنوانهم: أخلصوا للغرب في دأَبٍ, *** وأرغـمـوا شعبَكم بالقهر والغصَبِ

 

فـالـغـرب بوّأهم أعنـاق أمتهـم *** كـي يحكموهـا بلسع النار واللهبِ

 

زلّـوا بـمـستنقع للخزيِ، فائحةٍ, *** مـنه الخيانةُ، لا تخفى على النٌّجُبِ

 

ظـنّـوا سَفاهاً عيـونَ الحقّ غافلةً *** والـحقٌّ يرقُب ما يبغون عن كثّـبِ

 

 ***   ***   ***

 

واعـجب لكل ضعيف الرأي منتفخٍ, *** قد عاش في وهمه فرعونَ في عَصَبِ

 

لا يرعوي من مصير سوف يدركه *** إذ لا يدوم الصفـا للظلم والرهَـبِ

 

فـي كـل يوم يرى الثوراتِ آخذةً *** حـقوقَها من دعِيِّ الأصل والحسَبِ

 

تُـلـقـي به مِزَقـاً شوهـاءَ مُنبئَةً *** عـما يمور بهـا من غيظها الحَرِبِ

 

لـكـنّ مَـن عدّنا في القوم أبخسهُم *** وعـدّ مـعـدِنَه من خالص الذهب

 

وبـاع أمـتَـه غَـبنـا لشرذمـةٍ, *** وصـار عوناً لها في الشر والعتبِ

 

لا يـسـتبين هـدى الأنوار ساطعةً *** وهـل يُسيغُ جلالَ النور كلٌّ عبي؟

 

وسـوف يـحيـا ضليلاً ثم يعقًُـبُه *** خـسـفٌ يزُجٌّ به في عالـم النٌّوَبِ

 

لا راحـمٌ بعد ذا في الأرض يرحمه *** ولا أنـيسَ لـه يحميـه من عطبِ

 

 ***   ***   ***

 

نـهـاية الخائـن المرذول واضحةٌ *** سـرابُ مـجدٍ, تداعى دونما صَخَبِ

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply