عندما ينزف الشعر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

سَهِدتُ، وشِعري، وما يَندبُ *** وفـيـض تـباريح لا يَنضِبُ

 

ونـزف يـراع عـلى طرسه *** يـذيـب بـه حشاه بما يكتبُ

 

صبور على الأسر في راحتي *** فـلا هـو يـشكو ولا يعتبُ

 

ولـكـن يكاد، إذا ما ارتخت *** بـناني، وقد أجهدت، يهربُ

 

فـتـرجـع تـأتي به، لهفة *** فـلـيـست على فعله تغضبُ

 

لـه الله، مـا مـل من رفقة *** ولـيـس له، غيرها، مأربُ

 

فـأصـبح في صحبتي مسهدا *** وعزًّ له، في الكرى، مطلبُ

 

وسـيان عندي، أليلي انقضى *** أم انـداح فـوق الثرى غيهبُ

 

فـلـلشهد ليلان: ليل مضى *** وآخـر في النفس، لا يذهبُ

 

صحبت الهواجس في مضجعي *** نـدامـىº وكم مثلها أصحبُ

 

وكـان نـهـاري رحـيباً بها *** ولـكـن لـيـلي بها أرحب

 

أتـتني ووجه الضحى مشرق *** وغـابت ووجه الدجى أشهب

 

كـأنـي بـهـا لم تغب لحظة *** وظـلـت بـما خلفت ترقب

 

فـحـشـد أحـاسيسها قد غدا *** قـصـيدة شكوى، لها أطرب

 

عـشـقـت القصيدة، لكنني *** عـلـيل، بما هاجني، متعب

 

فـلـيـتك يا شعر ما جئتني *** ولـيـتك عن خاطري تحجب

 

فـقد بتٌّ يا شعر أخشى الأسى *** وأصـبـحت عن بثه أرغب

 

إخـالـك تـبـعـد في لمحة *** وفـي لـمـحـة بعدها تقرب

 

فـإنـك كـالنبض في مهجتي *** وتـبـقى بما أشتكي تصخب

 

لي العذر يا شعر إن أصبحت *** شـجوني، إذا زرتها، ترهب

 

فـكـم مـن قـصائد أنجبتها *** وكـل يـبـاهـي بمن ينجب

 

ولـكـنـهـا كرهيف الظبى *** تـجول، وفي مهجتي تنشب

 

تـحـدث عن موطن لم تزل *** روائـع جـنـاتـه تـسـلبُ

 

وعـن ثـورة بـات أطـفالها *** وقـوداً عـلـى نارها يسكبُ

 

وكـم بثٌّ أشدو بنجوى الحِمى *** مشوقاً، ونجوى الحمى تعذُبُ

 

تُـهَـوِّم فـي حجرها روضة *** ويـهـجـع في حضنها ملعبُ

 

وتـبـسـم دار لأصـحـابها *** ويـضحك فيها الثرى الطيبُ

 

وتـشـرق شمس الحمى بينها *** فـتـلبث في القلب لا تغربُ

 

وتـمضي القصائد في شكوها *** وكـم كـنـت في بثه أسهبُ

 

ألـيست، كما قيل في وصفها *** بـنـات يـتـيه بهنّ الأبُ!

 

تـبـاهت بحسن، بدا حزنه *** وإن كـان فـي حـزنه يخلبُ

 

وحـيـكـت لـها حلة حلوة *** ولـكـنـهـا لـلجوى تنسبُ

 

وبـانـت رصـانـة أعطافها *** فـلا هـي تـلـهو ولا تلعب

 

ولا سـمـتـهـا لاح في خفة *** ولا الـهـذر في لفظها يغلب

 

فـخـاف أسـاريـرها عاشق *** وأعـرض عن حسنها معجب

 

وخـال الـغـرابـة في زيها *** وأن مـحـاسـنـهـا أغرب

 

رثـيـت لـحـسن زها نُبله *** ولـكن...يعاف ولا يخطب

 

تـعامى ذوو الجهل عن خلقه *** وكـل لـه فـي الهوى مذهب

 

فـصـادٍ, يـطـيـب له طينه *** وآخـر مـن عـلـقم يشرب

 

وطـاوٍ, رأى الـغث في طيّب *** أن قـتـاد الـفـلا أطـيـب

 

سـلوتك يا شعر إن أصبحت *** حـياضك كالصاب، لا تطلبُ

 

فـنـم فـي الخواطر مستأنساً *** فـمـثواك في حضنها أنسبُ

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply