المنهج السلفي في الاستدلال وقاية من الفتن


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد..

يمكننا أن نحصر المدارس المختلفة في مناهج الاستدلال و مصادر التلقي إلى ثلاثة مدارس رئيسية: -

 

1- المدرسة السلفية: وهم الذين يرجعون إلى الكتاب و السنة بفهم سلف الأمة

 

2- المدرسة العقلانية: وهم الذين يرجعون إلى العقل أولا (عقولهم أو عقول غيرهم ممن سبقهم) ثم القرآن ثانيا بعد أن يخضعوه لما ظنوه قطعيات عقلية ثم إلى السنة ثالثا بعد إخضاعها للقرآن فيما يزعمون و الذي بدوره قد تم إخضاعه للعقل (و ربما أنكر بعضهم حجية السنة بالكلية)

 

و يأتي على رأس هؤلاء المعتزلة ثم المتكلمين من الأشاعرة و الكلابية

وفي العصر الحديث تأتي المدرسة العقلانية الحديثة التي هي امتداد للمدرسية العقلانية القديمة مع اختلاف الميدان الذي خاضوا غماره و العقول التي رجعوا إليها

فيها غاص الأولون في المسائل الغيبية و رجعوا فيها إلى عقول فلاسفة ما وراء الطبيعة، خاصة المعاصرون في مسائل التشريع لا سيما تلك التي تتعلق بشئون الحياة العامة و رجعوا فيها إلى عقول فلاسفة العصور المعروفة في أوروبا بعصور النهضة.

3- المدرسة الكشفية: وهم الذين يقولون حدثني قلبي عن ربي و دينهم الاعتماد على الرؤى و المنامات و الكشوفات و ادعاء لقيا الخضر و ربما ادعاء لقيا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة إلى غير ذلك من الأباطيل، و هؤلاء أيضا يرجعون إلى الكتاب و السنة و لكن بعد إخضاعهما لسلطة الكشف و التجليات و من هنا تظهر الصفة المميزة للمنهج السلفي الأثري و هي التقييد بفهم سلف الأمة للقرآن و السنة فإن كلا من المعتزلة و الصوفية ربما نجحوا و ادعوا الرجوع للكتاب و السنة و لكن أحدا منهم لا يجرؤ على ادعاء أنه ما يقوله هو فهم السلف للقرآن و السنة

و الأدلة على وجوب الرجوع للكتاب و السنة كثيرة معلوم منها قوله - تعالى -\" وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ, وَلَا مُؤمِنَةٍ, إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَالاً مٌّبِيناً \"

وقال - عز وجل - مبينا أهمية السنة في شرح القرآن \" وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِم \"

و كذا الأدلة في التزام فهم السلف كثيرة معلوم منها قوله - تعالى -: \" وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِع غَيرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءت مَصِيراً \"

و منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: \" فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ \"

و ليس المقام مقام تفصيل لبيان لزوم منهج السلف و فساد منهج كل من العقلانيين و الصوفيين

و لكن أردنا أن نأخذ بعض العبر مما يمر بنا من أحداث لنرى ماذا تصنع البدعة بأهلها و لنرى عظم منة الله على أهل السنة إذ عافاهم باتباع السنة مما ابتلي به كثيرا غيرهم كما قال الإمام مالك - رحمه الله -

\" السنة سفينة نوح من ركب فيها نجا و من لم يركب فيها هلك \"

و إليك هذه الدروس الواقعية من خلال هؤلاء المبتدعة

رجل صوفي يدعي رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة و أنه يشافهه و يسأله عن تصحيح الأحاديث و عن كثير من الأحكام الشرعية ابتلاه الله على حين غفلة منه بكثرة المخالفين بل و كثرة المسائل التي اضطر فيها إلى أن يكثر من قول لا أدري و يطالب بالتريث في بحثها، فأين ذهبت لقاءاته برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناما و يقظة؟

 

بل ها هي البهائية تطل برأسها من جديد

و على الرغم من أن البهائية ولدت من رحم الشيعة الغالية إلا أن علماء الشيعة أفتوا بكفر البهائية

و لكن السؤال هل تستطيع الشيعة و ربيبتها الصوفية أن يواجهوا البهائية و كل منهم يحيل على رؤى و منامات و فتوحات و إشراقات و تجليات؟

 

فممن ينتسب إلى الفكر الإسلامي ثم هو

و أما ثالثة الأثافي فذلك المفكر الإسلامي الذي فقد ما تبقى له من عقله و فكره و لم يبق إلا \" العقلانية \" المقيتة لا يصادم بها السنة فحسب بل يصادم القرآن صراحة فآدم خلق من حواء، و المسلمة يجوز أن تتزوج الكتابي، ناهيك عن إسقاط الجزية و غيرها مما كان قد فرغ منه منذ سنوات و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

و لما عارضوا كلامه بكلام من هم على طريقة العقلانية إلا أنهم ما زالوا يحتفظون بقدر من عقولهم قال غدا سيقولون بما أقول به الآن كما فعلوا مع فتاواي السابقة و هذا أمر ليس بمستبعد و إن كنا ندعوا الله ألا يأتي ذلك اليوم

و لكن كلما زادت الضغوط الغربية لتقديم مزيد من القرابين و التنازلات و طالما تلقى هذه الضغوط منهج غير مقيدة بفهم السلف، و لديها استعداد لتأويل القرآن و السنة بما يخدم آراءهم و أهواءهم إن لم يلغوا حجية السنة بأكملها، طالما وجد ذلك فظن شرا و لا تسأل عن الخير فاللهم يا ولي الإسلام و أهله مسكنا به حتى نلقاك عليه..آمين..

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply