عـلاكِ يا مكة الإسلام في الأُممِ * * * أغـنـاه وحيُ السّما بالنورِ من قِدمِ
وطـال مـجـدُكِ فـيَّاضًا بلا كدرٍ,* * * بـواسـعِ الجودِ في الدنيا وبالقيمِ
رحـيقُ مُزنِ المُنى من فيكِ أعذبُه* * * يُـشفَى به الدَّنفُ العاني من الوصمِ
ولـلـمـثاني وقد جاشت مشارعُها* * * لـم يُزرَ سلسلُها من شدَّةِ الغتمِ ((1
فـأنتِ قطبُ الرَّحى في كلِّ مفخرةٍ,* * * إذ أنـتِ في حُللٍ, أو أنت في شيمِ
وقـد حـبـاك إلـهُ الكونِ من كرمٍ,* * * فـيـه الـمـآثـرُ لم تقتر ولم تجمِ
مـطـافُ بـهجتِكِ: التوحيدُ زينتُه* * * بـه الـنجاةُ مع البشرى لمعتصمِ
سلمتِ يومَ اعتدى من قبل أبرهةٌ* * * ورُدَّ، والـفـيـلُ لا يلوي على قدمِ
أخزاه ربٌّ الورى، والجيش أهلكه* * * رمـيُ الأبابيلِ في الوادي من الحِممِ
يحميك ربٌّكِ طول الدهرِ من محن* * * ومـن غـزاةٍ,، وعـينُ اللهِ لم تنمِ
وفـتـحُ ربِّـك مـا تـرجوه أُمتُنا* * * إذا الـشـدائـدُ أعـيـتها بمصدمِ
نـأتـي إلـيـك وقُبحُ الذَّنبِ أثقلنا* * * لـكـن نـؤوبُ بـلا ذنبٍ, ولا تهمِ
مـشـاعـرُ الحجِّ بالأنوارِ تغمرُنا* * * وبـالـسرورِ جرى من نائلِ الكرمِ
يسمو الإخاءُ بها في حُسنِِ صورتِه * * * مـودَّةً خـلـصـت للهِ لم تثمِ (2)
والـناسُ قد راضهم دينٌ و وحَّدهم * * * عـلـى الـهـدايةِ والإيثارِ والشَّممِ
فـفـيـك بيتٌ سمت بالطٌّهرِ رفعتُه * * * مـبـاركُ الـنـفحاتِ اعتدَّ بالعِظَمِ
بـيـتُ النَّدى والهدى والتَّوبِ بوَّأه * * * ربٌّ الـبـريَّـةِ فـيها خيرَ مغتَنَمِ
فـلا مُـكـاء ولا في البيتِ تصدية * * * ولـيـس مـن نُصُبٍ, فيه ولا صنمِ
دانـت لـه أُمَّـةُ الإسـلامِ قاطبةً * * * مـن الأعـاربِ والإفـرنجِ والعجمِ
وكـلٌّ مَـن أَمَّـهُ بـالصدقِ أكرمه * * * بـالـبـرِّ خـالقُه من فضلِه العممِ
ومَـن تـوجَّـه لـلـرحمنِ أكسبَه * * * صـدقُ الـتَّـوجُهِ نورًا غيرَ منكتمِ
وعـاشَ في فيءِ خيرٍ, آمنا وهدى * * * لـلـه لا لـلـهوى المنسوجِ بالغُمُمِ
ومَـن أتـى لـخـداعٍ, باءَ مندحرًا * * * بـالـخزيِ يرسُفُ فيه سيئ الرَّسمِ
مـكـانـةُ البيتِ أسمى عند بارئنا * * * مـن كـلِّ مـحـدثةٍ, جاءت بغيِّهِمِ
ألـيـسـتِ الـقـبلةُ الغرَّاءُ كعبتَنا * * * ولـلطوافِ بها معنى لذي الحِكمِ؟!
والـحـجٌّ والـعمرةُ امتازا لأهلهما * * * بـوافـرِ العفوِ يشفي القلبَ من سقمِ
والـنـفـسُ طهَّرها غفرانُ خالقِها * * * مـن زلَّـةٍ, عظمت أو سوءِ ملتطمِ
يـعـودُ مَن حجَّ مغفورَ الذٌّنوبِ له * * * فـي الـحشرِ منزلةٌ أبهى من الأُطُمِ
مـسـتـبـشرا بنعيمٍ, ليسَ يُفزعُه * * * يـومٌ تـشـيبُ به الولدانُ من دُهُمِ
فـقـد قـلى المللَ النكراءَ في زمنٍ, * * * تـوشَّـحـت فيه ذاتُ الظٌّلمِ بالظٌّلَمِ
* * ** * ** * *
يـا مـكَّة الأمنِ والإيمانِ ما برحت * * * قـلـوبُـنـا تفتدي دينَ الهدى بدمِ
لـسـنا المجازيعَ إن حلَّت بنا محنٌ * * * ولـن نـهـونَ لـشَّرٍ, غيرِ منحسمِ
جـئـنـا نـحـجٌّ وفي أحنائنا ألأمٌ * * * مـن الـسـنين التي أنَّت من الألمِ
نـرومُـه فـرجًـا من عندِ بارئِنا * * * إذ شـابَ مـفرقُنا من وطأةِ الغسمِ
والـلـيـل طـال على آفاقِ أُمتِنا * * * وطالَ عبءُ السٌّرى في غيهبِ السَّأمِ
يـا مـكـةُ: الأملُ الممراحُ ناغمنا * * * والـروحُ تهزجُ رغمَ الضِّيقِ بالهممِ
مـازال فـي البيِّناتِ النٌّورُ يمنحُنا * * * أحـلـى الـيقينِ بما للدينِ من ذِممِ
نـطـوفُ بالبيتِ أو نسعى وأدمعُنا * * * فـي غيرِ هذا الحمى لم تجرِ أو تهمِ
وهـاهـنـا العبراتُ اليومَ نسكبُها * * * حـبًّـا وخوفًا وشوقًأ غيرَ منصرمِ
وفـي سـنى عرفاتِ الخيرِ هيدبُه * * * روَّى جـوانـحَـنـا من وابلٍ, هممِ
عـسـى الـرحيمُ الذي ناجته أفئدةٌ * * * يـمـنٌّ بـالعفوِ فالآمالُ لم تئمِ((3
تـبـاركَ اللهُ يـومَ اخـتارَ كعبتَه * * * فـي بـطـنِ واديك إذ واتاه بالنَّعمِ
مـشـى الـنبيٌّ به فاخضرَّ مبتهجًا * * * بـشـرعـةِ اللهِ ذا جودٍ, على الأُممِ
يـاربِّ جـنِّـبهُ من شرٍّ, ومن فتنٍ, * * * واحـفـظ مـشاعرَه بالأمنِ والسَّلمِ
واحـفـظ شـريعتَك الغرَّاءَ عاليةً * * * وانـصـر بها ركبَنا في كلِّ مقتَحَمِ
لـم نحنِ هامتَنا في وجهِ مَن ظلموا * * * ولـلـفـجـائـعِ صولاتٌ وللدٌّهمِ
وإنـهـا وجـأت أكبادَنا، وطوت * * * قيودُها اليومَ أهلَ الفضلِ بالنَّخمِ( (4
وعـرَّجـت بـرزايـاها على قيمٍ, * * * فـي كـفِّ مـفتَتَنٍ, من قومِنا خصِمِ
لـكـنَّـنـا وهدى الرحمنِ يعصمُنا * * * مـن غـيِّ مـنزَلَقٍ, للمفسدين نُمي
قـد انـتـضـينا لها أسيافَ عزَّتِنا * * * باللهِ فـاسـتدبرت في ثوبِ منفحِمِ
مَـن كان من زمزمِ التوحيدِ مشربُه * * * فـلـيـس يـرهـقُه ميدانُ بغيِهِمِ
ومَـن مـشـى خلفَ هادينا وقائدِنا * * * مـحمَّدِ المصطفى لم يخشَ من حدمِ
لـلـدهـرِ دورتُـه، فانظر تقلٌّبَه * * * بـإذنِ ربِّك ذي الأقدارِ عن كثمِ (6)
واصـبـر لـحكمتِه في كلِّ حالكةٍ, * * * فـأنـتَ بالدينِ والتقوى على القِممِ
تـهـافـتت قوَّةُ العادي وما ملكت * * * إلا الـبـوارَ بـتـيهِ العارِ والرَّغمِ
فـاسـتـبشري أُمَّةَ الإسلامِ إنَّ لنا * * * ربًّا يغارُ على الأخيارِ والعُصُمِ( (7
لـن يـفلتَ البغيُ من آتي عقوبتِه * * * وإن تـحـصَّـنَ بـالأجنادِ والأجمِ
مـازال ربٌّـك بالمرصادِ فانتظرن * * * يـومَ الـخـلاصِ ففيه البرٌّ بالقسمِ
* * *
--------------------
1 الغتم: شدة الحر وأثره.
2 لم تثم: لم تنقطع
3 لم تئم: لم تبتعد
4 بالنَّخم: بالإعياء
5 منفحم: عاجز
6 عن كثم: عن قرب
7 العُصُم:القيم المقدسة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد