بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا يقرأ... إن لم نكن نقرأ الكتب فعلى الأقل نقرأ المجلات والصحف اليومية، وكل هذه يجب ألا تخلو من الفائدة، ولكي لا تذهب قراءتنا هباء ولا يضيع وقتنا سدى، فعلينا أن نحاول قدر الإمكان الاستفادة مما نقرأ، وهذه بعض النصائح أو بعض الوسائل للاستفادة مما نقرأ أسجلها من خلال التجربة:
أ - نوعية الكتب
لابد أولا من الدقة في اختيار الكتب لتتحقق الفائدة بالفعل.
عليك اختيار الكتب النافعة التي تـفيدك في دينك ودنياك،وعلى رأسها علوم الشريعة من تفسير وحديث وفقه وسيرة، ثم كتب اللغة والتاريخ، ثم غيرها من العلوم، وكذلك بالنسبة للمجلات.فلا بد من الابتعاد عن المجلات الهابطة أو حتى ذات المستوى الذي يقل عن المتوسط مما ليس فيها علم ولا فائدة، فاحرص أخي المسلم على قراءة المجلات الدينية والسياسية ذوات الكلمة الصادقة الصريحة ولا تقرأ من المجلات الأخرى إلا المقالات النافعة إن وجدت.
عليك أيضا التعرف على أسماء المؤلفين ذوي الأمانة والثقة والكلمة الصادقة الهادفة البعيدين عن الإسفاف وعن الفساد والإفساد لتقرأ لهم، ولا تقرأ لغيرهم من ذوي الأهداف السيئة والأغراض الدنيئة كالكتاب المأجورين وأمثالهم، إلا إذا كانت قراءتك لهدف معين معرفي أو تخصصي، أو لتحذير الناس من آرائهم، وهذه الرخصة ليست للجميع بل لمن عنده من العلم نصيب يستطيع به التعرف على الحق وتمييز الصواب من الخطأ بأرضية صلبة من معارف الدين. أما المبتدئون فقد يتأثرون بما يقرؤون إذا لم تكن معرفتهم بالدين عميقة.
إذا كنت مبتدئا فاقرأ أولا الكتب الواضحة التي لا يشوب أسلوبها غموض أو تعقيد لئلا تسأم أو تمل عندما تشعر أنك لا تفهم جيدا كل ما تقرأ، ولا شك أن الأسلوب السهل السلس والمشرق المثير في الوقت نفسه له دور كبير في حب القراءة.
ومن الأفضل أن تكون الكتب محققة تحقيقا علميا فهي أكثر فائدة بما تضيفه من تعليقات وبما تعرفنا به من تخريج الأحاديث ونسبة الآراء والأقوال لأصحابها ومصادرها بدقة ونظام وترتيب.
نوع قراءاتك في مختلف فروع العلم والمعرفة لتلم بأساسيات كل علم والأمور الهامة فيه، ولكي لا تكره علما لأنك تجهله، والإنسان عدو ما جهل كما قال الشاعر:
تـفـنـن و خذ من كل علم، فإنما * * * يـفـوق امرؤ في كل فـن له علم
فأنـت عـــــدو للـذي أنت جاهـل * * * به، ولعلم أنت تـتـــــــــقـنـه سلم
ثم ركز على تخصص معين تميل أليه أكثر لتتزود منه بعلم أكبر،فتكون ثقافتك أوسع بالإطلاع على مختلف العلوم ويكون تخصصك في علم بعينه أكثر من غيره سبيلا إلى الإحاطة بمعظم جوانب هذا العلم دون أن تترك مطالعاتك للعلوم الأخرى و الأخذ من كل منها بطرف.
ولا تترك أمهات الكتب من الكتب التراثية القديمة ذات الفائدة العظمى، ولا تصغ لادعاءات صعوبة الأسلوب أو عدم تشويقه ولا لدعوات التجديد لتلك الكتب وصياغتها بأسلوب جديد مختصر ومشوق كما يقولون، لأن هذه الدعوات ليس لها هدف سوى إبعادنا عن ديننا ولغتنا ببعدنا عن أمهات الكتب العظيمة التي تحوي الفوائد الجليلة في كل العلوم وهم يهدفون أيضا إلى ‘إضعاف لغة القرآن وإلى بخس علماء المسلمين السابقين حقوقهم وأقدارهم. ومن يقرأ فيها يجد العلم مع الأسلوب المنوع والمشوق لا سيما لطلاب العلم ممن قطعوا فيه شوطا.
ب - طريقة القراءة
لا بد أيضا أن تكون طريقة قراءتك مناسبة من حيث المكان الذي تقرأ فيه وكيفية الجلوس وكيفية القراءة ونحوها من أمور.
لا بد أن يكون المكان الذي تجلس فيه للقراءة مناسبا لها بألا يوجد فيه ما يشغل الفكر ويعطل الذهن ويشتت التركيز.
لا تقرأ وأنت مستلق لأن ذلك أدعى إلى جلب النوم والكسل.
ولتكن جلستك جلسة مريحة بحيث تتجنب ظهور متاعب صحية في المستقبل كآلام الظهر.
لا بد أن تكون الإضاءة جيدة فحاول أن تتجنب الضوء الأصفر (اللمبات) فالضوء الأبيض (الفلورسنت) أفضل وأكثر حماية للعينين، والأفضل أن تكون القراءة في ضوء النهار الطبيعي في مكان مناسب جيد الحرارة.
أبعد الكتاب عن عينيك لئلا تتضررا وإن كنت تعاني من مشاكل في النظر فلا تقرأ بكثرة حتى تراجع طبيب العيون.
ركـز جيدا أثناء القراءة فيما تقرأ، وأعط كل انتباهك له، وحاول أن تتفاعل معه كأن تتذكر معلومات سابقة حول ما تقرأ،أو أن تبكي إذا مر بك ما يدعو لذلك من ذكر الله والتحذير من الذنوب والأخطاء ووصف النار... الخ.
اقرأ ببطء إن كان الكتاب هاما جدا أو صعب الأسلوب نوعا ما أو يحتاج إلى التعمق في الفهم أو ترغب أنت في حفظ بعض ما تقرأ، أما إن كان عاديا فاقرأ قراءة متوسطة ليست بالبطيئة المتأملة المتفحصة كثيرا ولا بالسريعة المضيعة لمعاني ما تقرأ.
القراءة الصامتة أفضل فهي أسرع وأقل إجهادا لأنها لا تشرك الكثير من أعضاء الحس فيها فتساعد بذلك على زيادة التركيز.
ج - كيفية الاستفادة
الهدف من القراءة حصول الفائدة وجني ثمار التعب والوقت بقطف أجمل ولأفضل زهور العلم،وذلك باتباع الآتي:
ضع في بالك أولا أن تقرأ قدرا معينا من الكتاب أو تخصص وقتا معينا لا بد أن تقرأ فيه.
اقرأ مقدمة الكتاب أولا. وإن شعرت ببعض الملل من مقدمات بعض الكتب، لأن قراءتها ستفيدك غالبا في معرفة هدف الكاتب من تصنيف كتابه ولتتعرف على موضوع الكتاب بصورة بينة واضحة.
إذا لم تفهم نقطة معينة أو استعصى عليك فهم فكرة ما أو خطر على بالك سؤال لم تجد له إجابة فضع علامة على ما لم تفهم أو دوّن ما يطرأ على ذهنك من أسئلة ثم حاول أن تسأل عنها من هو أكثر منك علما في هذا الموضوع.
دع القلم معك أو في متناول يدك عندما تقرأ، وحاول أن تضع جوار كل فقرة الفكرة العامة التي تناولتها في المكان الخالي قربها(الحاشية أو الهامش) وحاول أن تدون بعض الملاحات الهامة إذا طرأت على ذهنك أو أن تلخص بعض الفقرات أو تسجل بعض النقاط الهامة.
حاول أن تستعين بوسائل أخرى تدعم معلوماتك حول ما تقرأ كالأشرطة السمعية أو المرئية أو المجلات الأخرى والصحف إذا وجد منها ما يتعلق بموضوع كتابك.
بعد أن تنتهي من القراءة أغلق الكتاب وحاول أن تستعيد في ذهنك أهم الأفكار التي قرأتها.
ثم أعد تقريرا حول موضوع الكتاب تذكر فيه اسم الكتاب ومؤلفه ودار نشره ثم تلخص موضوعه فيما لا يتجاوز صفحة واحدة من الحجم المتوسط مع ذكر الثمرة التي حصلت عليها واكتسبتها من الكتاب، وحاول أيضا أن تذكر رأيك في أسلوب الكاتب من جميع النواحي: من حيث السلاسة أو الصعوبة والتعقيد واستيفاء الشواهد المناسبة، والحيادية والموضوعية في الكتابة وغير ذلك من أمور، ولا بد أن تكون قراءتك قراءة ناقد خبير فتميز الصحيح من الفاسد من الكتب والأقوال الواردة وحبذا لو استطعت جمع ما كتب في الموضوع الواحد من مصادر متعددة.
حاول أن تتحدث مع الآخرين حول مضمون ما قرأت وعلمت فيستفيد الناس وتثبت أنت معلوماتك.
حاول حفظ بعض العبارات الجميلة ذات المعاني الرائعة ليقوى أسلوبك ويزداد ثراؤك اللغوي ويمكن أن يأتي ذلك اكتسابا عفويا من مداومة القراءة.
مع تمنياتي للجميع بالفائدة والتوفيق.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد