أهلا بالإجازة ولكن


بسم الله الرحمن الرحيم   

  بعد تسعة أشهر من الاستيقاظ المبكر وعمل الواجبات اليومية انتهت الامتحانات وجاءت الإجازة الصيفية التي كانت حلما للكبار والصغار على حد سواء لينطلق الجميع، وتخف الضغوط النفسية التي عانيناها جميعاً من مذاكرة وامتحانات والحمد لله رب العالمين.

لكن ... لحظة ..! الإجازة ثلاثة شهور يعني تسعون يوماً ..!

فهل يعقل عزيزتي الأم أن تهملي ثلاثة أشهر من عمر ابنك الغالي؟ قد تقولين: لقد أديت ما عليّ خلال فترة الدراسة والإجازة للانطلاق .. لا لحبس حرية الأولاد وتقييدهم.

نعم جزاك الله خيراً لقد أديت ما عليك وبالفعل الإجازة للانطلاق والحرية فلا شك أن الأولاد في حاجة ماسة لذلك .. فهم سينطلقون ويمرحون ويلعبون لكن سيكون هذا المرح والانطلاق هادف يعود عليهم بالنفع فأنت بذكائك تستطيعين مساعدة أبنائك على الاستفادة القصوى من وقت فراغهم،

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه: اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك " رواه الحاكم

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بادروا بالأعمال سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو حرصاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر" رواه الترمذي

فلنتأمل أخيتي في الله هذين الحديثين الشريفين نجدهما يحملان إلينا نحن أمة الإسلام دعوة للمسارعة في الخيرات والاستفادة القصوى من جميع الأحداث التي تمر بنا: (اغتنموا، بادروا) قبل فوات الأوان.

وانطلاقاً من هذه الدعوة النبوية المباركة إليك بعض النصائح التي تستطيعين بها مساعدة أبنائك في الاستفادة من وقت الإجازة:

أولاً:

الاستعانة بالله - عز وجل - للتوفيق في هذا الأمر من خلال الدعاء الدائم واستحضار النية الصالحة حتى يعينك - سبحانه وتعالى- على أداء هذا الواجب الذي ستسألين عنه بين يديه

قال - تعالى -: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُم وَيَفعَلُونَ مَا يُؤمَرُونَ)(التحريم: 6)

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) فالله - عز وجل - سيسألك لا محالة هل اغتنموا فراغهم أم ضيعوا عمرهم؟ هل صلحوا وأصلحوا أم فسدوا وأفسدوا؟ فأعدي للسؤال جوابا..!

فعليك حبيبتي بالدعاء وحسن اللجوء إلى الله - عز وجل - أن يعينك على تحمل هذه المسئولية وأن يصلح لك أبنائك ومن الأمور العملية التي تعينك على تذكر هذه المسئولية وضع لافتة تحمل أي كلمة معبرة تشحذ همتك كآية أو حديث شريف تضعينها في مكان تقع عليه عينك دائماً حتى تضعي هذا الأمر في حسبانك وأنت تربين أبنائك.

ثانياً: أن يكون لهم في كتاب الله النصيب الأكبر والحظ الأوفر من خلال إرسالهم إلى أحد المساجد أو دور التحفيظ المباركة بشكل محبب مع متابعتهم الدائمة في المنزل مستشعرة ثواب من يحفظ ولده القرآن قال - صلى الله عليه وسلم -: (من قرأ القرآن وعمل به ألبس والداه تاجا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا فما ظنكم بالذي عمل بهذا) رواه أبو داوود.

ثالثاً: حث الأولاد على الصلوات الخمس في المسجد وكذلك البنات على الصلاة معك في أول الوقت وتشجيعهم الدائم على ذلك حتى يعتادوا الأمر في الإجازة وفي الدراسة طوال حياتهم

رابعاً: تعليم الأولاد آداب الإسلام في الطعام والشراب والنوم والاستئذان.... الخ وتذكيرهم بها من حين لآخر.

خامساً: عمل لقاء ولو أسبوعي يتم فيه مدارسة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - لغرس محبته والإقتداء به في نفوسهم وأخذ صفة من صفاته تكون واجب عملي يتخلق به الجميع طوال الأسبوع كالصدق- الأمانة- العدل الرحمة ... الخ وكذلك سير الصحابة رضوان الله عليهم وقصص الصالحين.

سادساً: محاولة إشراك الأولاد في أحد الأندية التي يتعلمون فيها الألعاب والرياضات المفيدة كالسباحة وألعاب الدفاع عن النفس التي تقوي الجسم وتعود الولد الشجاعة مع مراعاة اختيار النوادي الخالية من الاختلاط بين الجنسين ليشب الولد وقد اعتاد الجو النظيف الذي يستمتع فيه بعيداً عما يغضب الله - عز وجل - ومن الممكن شغل فراغ البنت بإشراكها في أعمال البيت معك وتعليمها فنون التطريز أو فنون الطبخ وترتيب المنزل ... الخ

سابعاً: تنمية حب القراءة عند أبناءك فمرحلة الطفولة من أفضل المراحل العمرية وأخصبها لتنمية الميل نحو القراءة لدى الإنسان، فتكوين العلاقة الحميمة بين الطفل والكتاب هي خير طريقة لتنمية حب القراءة والإقبال عليها فإن كتاباً ما قد يكون سبباً في تفجير ينابيع الخير داخل طفلك تفيض عليه إيماناً ويقيناً وعلى من حوله علماً وهداية لذلك لا بد من توفير مكتبة خاصة به تحتوي على كتب وقصص مفيدة حتى تزيد حصيلته اللغوية وقدرته على التعبير وكذلك معلوماته العامة وتدعمين ذلك بالمسابقات (أسئلة وأجوبة يحفظها الطفل) أو عمل أسئلة على ما قرأه ويدعم بالجوائز المناسبة حين يجيب ولا تنسي مساعدته على استخلاص العبروالعظات والواجب العملي الذي سنقوم به جميعاً من كل ما يقرأه.

ثامناً: إن الإسلام دين الواقعية اعترف بكل ماتتطلبه الفطرة البشرية من سرور وفرح ولعب ومرح .. بشرط أن تكون في حدود ما شرعه الله - عز وجل - فإن كان هذا المطلب إنساني بصفة عامة فهو مطلب للطفل بصفة خاصة لذلك لا بد من الترفيه عن الطفل باللعب سواء داخل البيت أو خارجه من خلال الخروج للتنزه بالذهاب إلى الحدائق أو المتاحف التي يقضي الأولاد فيها وقتاً سعيداً مع الوالدين يجددون نشاطهم ويقبلون بعدها على الحفظ والقراءة بشكل أفضل .

تاسعاً: بالتلفزيون العديد من القنوات الجيدة كقناة المجد ففيها العديد من البرامج التربوية والترفيهية الهادفة مع مراعاة عدم تركهم فترات طويلة أمام التلفزيون وذلك بان تقوم الأم بتحديد البرامج التي يتابعها الطفل وعدد ساعات الجلوس أمام التلفزيون.

عاشراً: قال - صلى الله عليه وسلم - " من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه " رواه البخاري ومسلم

والعطلة الصيفية فرصة ذهبية لتعليم الابن صلة الأرحام من خلال زيارة الأقارب والاتصال بهم بنفسه والسؤال عنهم وكذلك استضافتهم وإكرامهم.

وأخيراً لا تنسي عزيزتي الأم عمل جدول يومي لكل ما تنوين إنجازه مع أبنائك خلال اليوم القادم كعدد آيات الحفظ والمراجعة، عدد ساعات مشاهدة التلفزيون، أوقات اللعب، والقراءة.... الخ مع ضبط أوقات النوم والاستيقاظ مستعينة في ذلك كله بالله - عز وجل - .

 

 

  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply