توظيف العربية لتنصير مسلمي الصين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يصعب الجزم بالرقم النهائي لعدد المسلمين في الصين وذلك نتيجة لجملة من الظروف السياسية المعقدة التي كانت - ولا زالت - تدفع بالمسلمين للتخفي، أو على الأقل للتستر فيما يتعلق بأعدادهم أو أماكن تواجدهم، إضافة إلى سياسية تحديد النسل الصارمة التي انتهجتها الحكومة المركزية، والتي كانت تدفعهم لعدم الكشف عن الولادات الجديدة، تفادياً لعقوبات شديدة ينص عليه القانون الصيني، وتنزل على المواطنتين دون رحمة، في حين يرى المسلمون أن هذه السياسة مخالفة للشرع الإسلامي.

مع ذلك يمكن القول بأن عددهم يقارب المئة مليون نسمة، والتي قد يزيدون عنها بكثير أو يقلون عنها قليلاً، وذلك بحسب ما يذهب إليه زعماؤهم، وبغض النظر عن الرقم الرسمي الذي تعلنه الدولة.

هذا الرقم الكبير استطاع - مع ذلك - التكيف مع المناخ الثقافي العام في البلد، والذي ابتعدت به الكنفوشيوسية تماماً عن أي وحي سماوي رغم دخول البوذية الجزئي والمتأخر للصين، أو انتشار الطوائف التاويّة التي تذهب إلى بعض الاعتقادات الصوفية، حيث ظلت هذه التأثيرات بمعزل تام عن بنية الوعي الفكري الصيني كما سنرى، وذلك رغم جملة الاختلافات التي قد تؤسس لها طبيعة العبادات الإسلامية كضرورة بناء المساجد الخاصة بهم، أو امتناعهم عن أكل لحم الخنزير الذي يشكل الغذاء الأساسي لأهل البلد، أو طريقة دفنهم لموتاهمº إلى غير ذلك من الخصوصيات الثقافية التي تفرق بين المسلم وغيره.

حيث استطاع المسلمون رغم ذلك، أن يجعلوا من وجودهم جزءاً لا يتجزأ من التركيبة الاجتماعية الصينية، وأن يندمجوا تماماً في المجتمع والثقافة الصينية.

وفي الوقت الذي يبدو فيه احتفاظ المسلمين في الصين بخصوصيتهم الثقافية وفق هذا المعنى مثيراً للدهشة لما عُرِف عن الصينيين من مقاومة ورفض لكل ما يخالف تقليدهم الكنفوشيوسي، إلا أن حقيقة الأمر تعود إلى طبيعة الإسلام نفسه، وكونه لا ينكر ولا يعارض ما ذهبت إليه الكنفوشيوسية من قيم وأخلاق، بل هو يستوعبها ويضيف إليها إجابات لم يكن يعرفها الفكر الصيني: عن الخلق والبعث.

الأمر الذي كان قد مكّن المسلمين في الصين من التمازج تماماً مع الروح الثقافية العامة لمجتمعهم " الصيني" دون أن يدفع بهم ذلك إلى إلغاء هويتهم الإسلامية المتميزة، وذلك عكس ما تحاول بعض الدراسات المغرضة من الذهاب إليه، تجاه التشكيك في صحة إسلام هؤلاء، أو أصالته العقائدية، ووصفه بالتصيّن والانحراف نحو العقائد المحلية..أو ما إلى ذلك.

 

تقليد تعليم اللغة العربية عند مسلمي الصين:

كان الإسلام قد وصل إلى الصين منذ بدايات عهد الدعوة المحمدية بحكم طبيعة العلاقات التجارية الواسعة التي كانت تربط الصين بالديار العربية، إلا أن الفتح المغولي للصين، وقيام دولة يوان" المغولية التي بسطت نفوذها على ممالك الصين للفترة ما بين (1260- 1368) هو ما سيفتح أبواب الصين على مصراعيها للهجرة العربية والإسلامية لهذه الديار، حيث تدفق منهم أفواجٌ من العلماء والتجار، والصناع والحكماء، والفلاسفة الذين جاءوا كقوة ثقافية وعلمية بل مالية فاعلة ومؤثرة، وهذا ما ميز بدايات الوجود الإسلامي في الصين.

إلا أن الصينيين سرعان ما ثاروا على حكم المغول في الصين، ونجحوا في الإطاحة بقواعده، واستعادة مقاليد بلادهم، على النحو الذي فتحت معه أسرة "المينج" الصينية (1368 –13644) عهداً جديداً في تاريخ الصين، حرصت فيه على انتهاج سياسة وطنية متشددة، غلب عليها طابع الانغلاق، وقطع العلاقة مع العوالم الخارجيةº الأمر الذي قاد دون شك إلى توقف كل أشكال الهجرة الإسلامية نحو الصين من جهة، وقطع التواصل بين المسلمين في الصين وإخوانهم في ديار الإسلام الأخرى.

ورغم أن جهود نشر الإسلام والتعريف به في الصين كانت تدفع الرعيل الأول باتجاه ترجمة معاني القرآن الكريم للغة الصينية، وشرحه بهذه اللغة، سواء باتجاه أهل الصين أنفسهم أم باتجاه الجيل الجديد من أبناء المسلمين، ممن نشأ يتحدث ويفكر بهذه اللغة، إلا أن محاولات الرعيل الثاني صارت تجاهد للحفاظ على تقاليد تعليم القرآن باللغة العربية، وإعداد الأجيال المسلمة في إطار هذا التقليد، حيث كان المسلمون قد أدركوا مبكراً (في إطار سياسة الانغلاق المشار إليها) أن دورهم الحقيقي للحفاظ على دين الله في هذه الأرض هو تعليم أبنائهم لغة القرآن، وحفرها في ذاكرتهم.

وفق هذا المعنى ألحق مسلمو الصين بكل مسجد ومكان صلاة مدرسة دينية لتعليم اللغة العربية وشعائر الإسلام،والتي يرتادها الصبيان كما الفتيات، وصار أئمة المساجد ومفكرو الإسلام يحرصون على مواصلة التأليف باللغة العربية في موازاة تامة لحركة التأليف باللغة الصينية، وفي كثير من الأحيان نجد المؤلف يستخدم في نفس الوقت اللغتين العربية والصينية في الكتاب الواحد دون حرج، بل إن كتب الشعائر بأسرها كانت توظف على السواء اللغة العربية واللغة الصينية.

على هذا النحو ارتبط الإسلام في ذاكرة المسلم الصيني (بل الصيني على العموم) بلغة الضاد، وصار الوصول إلى قلبه يتم بصورة خاصة من خلال هذه اللغة، وهذه الحقيقة أدركتها دون شك الجماعات التبشيرية من الآباء المسيحيين الذين لم ينجحوا (لأسباب مختلفة سيأتي ذكرها) في إغراء الصينيين بالتحول عن الكنفوشيوسية، فانقلبوا إلى المسلمين ليغروهم ويبعدوهم عن دينهم بأدوات من هذا الدين نفسه، وهو الأمر الذي أردنا أن نلفت الأنظار إليه في هذا المقال.

 

البعد الأخلاقي والتراث الصيني:

لم تعرف الصين أي معتقد ديني بالمعنى الميتافزيقي للكلمة، حيث كانت الكنفوشيوسية والتي طبعت تفاصيل التراث الفكري والحضاري الصيني، والتي يتصورها الكثيرون بأنها دين سماوي، لم تكن أكثر من فلسفة أخلاقية، وعلى هذا الأساس لعبت دوراً مهماً ونهائياً في بلورة الشخصية الصينية نفسها.

حيث آثر كنفوشيوس حكيم الصين الكبير الذي نهض لبلاده في لحظة حرجة من تاريخها كانت تتمزق فيه في جحيم من الصراعات والحروب الأهلية، وقام برسم الخطوط العريضة لهذا المذهب الوجودي، صارفاً النظر كلية عن الميتافزيقيا، وموجهاً اهتمامه إلى هموم الإنسان في محاولة لتنظيم الدولة والآداب ونظم السلوك البشري بوجه عام، وفق فكرته عن ذلك الناموس الخلقي الطبيعي الذي هو للنفس بالذات، أما السماء فقد اقتصر على اعتبارها " عناية فوقية هادئة يجب العمل وفق إرادتها"، تلك الإرادة التي لا يمكن فهمها بالنسبة له إلا بالوعي بالتاريخ.

على هذا الأساس استمد كنفوشيوس من التراث الصيني الماضي، عاداته وتقاليده وموروثة الحضاري ما يعزز فكرته عن ذلك الناموس الخلقي الطبيعي من جهة، وما يعطي لهذا التراث من شرعية مطلقة بذاته من جهة أخرى، مؤكداً في هذا الاتجاه على فكرة الصين الأمة الواحدة، وجعل - بناء على هذه الفكرة - من شخصية الملكين (ياو) و(شون) دون أن يربط ذلك بفكرة الألوهية رمزاً لقدسية هذا الماضي، ومستودعاً لمطلق الفضيلة، وأن أفعالهما وأيام حكمهما تمثل كل ما هو سديد وصالح في تاريخ الصين وحاضرها.

بالقياس إلى هذا المعنى لم يكُ ممكناً فصل الكنفوشيوسية عن الشعور القومي الصيني أو الوعي الفكري الصيني، بحيث كان الإشكال قد بدا واضحاً أمام أئمة الإسلام في الصين: كيف يمكن التعامل مع هذا الوعي، وفق طروحات عقائدية جديدة؟

على عكس ما أصاب المسيحية في الصين، تميز الطرح الفكري الإسلامي بأخذه بطرف الحوار مع الفكر الكنفوشيوسي السائد، ونجح علماء المسلمين في كسر كل حواجز الاختلاف أو الخلاف، وساهموا في المقاربة بين سماحة الدين الإسلامي والمناخ الثقافي العام للصين، حتى إن كتاب المفكر الصيني المسلم الكبير "ليو تشي"، (فلسفة الإسلام) قد حظي بشرف التقديم له من نائب الإمبراطور نفسه الذي كان يمثل أهم شخصية فكرية في البلد في حينها، وذلك بكلمات تكاد تجعل من الإسلام جزءاً من البنية الروحية والفكرية الصينية، حيث يذهب للقول: " كثيراً ما تعرضت العقيدة الكنفوشيوسية العريقة لمحاولات التقويض من طرف البوذية والتاوية، ولكن ها نحن هنا، مع كتاب "ليو تشي"هذا، نجد أنفسنا مرة أخرى على هدي حكمائنا القدماء (ياو) و( شون) و(كنفوشيوس) على هذا النحو فإن كتابه رغم أنه جاء ليقدم عقيدة الإسلام إنما هو يضيء في الحقيقة مذهب الكنفوشيوسية".

مع ذلك لا يعنى هذا إن الإسلام قد ذهب في الصين نحو الكنفوشيوسية، بل إنه قد نجح في التعامل معها، وكسبها إلى صفه، وهذا يعود إلى طبيعة الدين الإسلامي نفسه، ومصداقية إيمان الرجال والنساء الذين حملوا لواءه حتى هذه البقاع البعيدة، والذين نجحوا في أن يشرحوا لأهل الصين بأن تعاليم كنفوشيوس الأخلاقية تكاد تكون بعينها ما نادى به الإسلام،

على هذا الأساس وجد الإسلام مكانه في هذه الأرض، وبسط وجوده فيما يشبه الاستراحة والإراحة، لأنه صار على نحو ما مصدراً لمدد روحاني خاص كانت تفتقر له الثقافة الصينية، هكذا أصدر الإمبراطور الصيني نفسه عام 1335 مرسوماً إمبراطورياً يعترف فيه بالدين الإسلامي ويسميه "الدين الحق الطاهر"، أو " تشينغ تشن" باللغة الصينية وهو التعبير الذي يطلق على الإسلام حتى اليوم، ونراه منتشراً في كل أرجاء الصين.

مثل هذا الحظ لم يكتب للمسيحية، رغم أنها كانت قد وصلت مبكراً للصين وقبل ظهور الإسلام، بل لعب النسطوريون العرب الذين كانوا على دين المسيح قبل رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، والذين كانوا يتوافدون إلى الصين من بلاد الشام دوراً كبيراً في توصيل ونشر المسيحية في الصين، إلا أن هؤلاء حسب المصادر قد تحوّلوا بشكل طبيعي إلى الإسلام وفق تكاملية منطقية وتتابع الرسالة المحمدية لما جاء به المسيح بالنسبة لهم، بل إن اليهود أنفسهم الذين كانوا متواجدين في الصين قد تحولوا بدورهم إلى الإسلام، وهي الحقيقة التي أذهلت كل الدراسات العلمية التي تعرضت لهذه الظاهرة، أو التي حاولت استقصاء أحوال اليهود في الصين، ولماذا كان تحولهم عن دينهم؟ وسجلت الوثائق بأن ما حدث مع يهود الصين يمثل نموذجاً فريداً لكيفية تحول اليهود إلى الإسلام باعتباره امتداداً طبيعياً لما دعا إليه دينهم، وهو ما حدث مع النسطوريين دون شك.

ومهما كانت أهمية الوجود المسيحي في الصين في عهد دولة "يوان" حسب ما تكشف عنه المراسلات العديدة التي تمت بين البابا في روما والإمبراطور المغولي كما تورد المصادر، إلا أنهم لم يكونوا يحظون بالتقدير الفكري الذي تحتاجه الحيوية الخلاقة لأي دعوة فكرية أو عقائدية، الوضع الذي يمكن أن تكشف عنه دهشة إمبراطور الصين من رغبة البابا في تحويل أهل الصين وإمبراطورهم إلى الدين المسيحي، وحيث ذهب إلى إرسال جواب مفحم بناء على ذلك يذكر فيه للبابا: " ولماذا؟ هل تعتقدون بحق بأنكم تملكون بحق زمام التواصل مع الله؟

لقد عرفنا الله - ويقصد من خلال الدين الإسلامي - ولا نعتقد بأنه سيختار شعباً مثلكم يتيه كبرياء وتعجرفاً كأولياء له".

وكان بعض المبشرين قد وصلوا إلى الصين في هذا العهد، وتواصلوا مع المسلمين هناك دون أن يعرفوا بأن هؤلاء الصينيين كانوا يدينون بالدين الإسلامي، وذلك كما تكشف عنه المراسلات التي كانوا يتبادلونها مع روما، حيث كانوا يصفون شعائر المسلمين وحرصهم على إقامة الصلاة في المساجد... وما إلى ذلك من العبادات، ثم (وخاصة إيمانهم بإله واحد) بأنه أمر سيسهل عليهم المهمة لكسبهم لدين المسيح، مؤكدين على أن أهل الصين ( وهنا لا ينطبق الحكم على غير المسلمين منهم) يكادون يكونون مسيحيين مثلنا ولا ينقصهم إلا التعميد لا غير.

أي أن محاولات أو نية تنصير المسلمين في الصين كانت قد صعدت لرأس المبشرين المسيحيين منذ ذلك التاريخ، ولا ندري إذا ما نجحوا في استقطاب بعض منهم؟ إلا أن ما نعرفه أن هذا الوجود المسيحي سرعان ما سيصيبه الخفوت، وأنه سينتهي إلى الزوال مع قيام حكم أسرة " المينج" التي أغلقت البلاد، وقابل ذلك في الديار المسيحية تمزقاً في صفوف الكنيسة المسيحية ذاتها، الأمر الذي ساهم في إحباط مشروع تنصير المسلمين في ذلك العهد.

 

التبشير والاستعمار:

غير أن جهود المبشرين ستأخذ طريقها للصين مرة أخرى مع بدايات القرن الماضي، وهي ستكون على نحو ما مطبوعة بذلك الشعور الفوقي الذي أصاب العقلية الأوروبية بعد نجاحها في اكتساح العالم عسكرياً، ومد نفوذها على شعوب الأرض وأعراقها، فيما عُرِف في القاموس السياسي بعصر المستعمرات والإمبراطوريات البيضاء، على النحو الذي اختلط معه مفهوم التبشير بدين المسيح الجليل في ذهن المبشرين أنفسهم في أغلب الأحيان بمفهوم التبشير بتفوق الرجل الأبيض، وبالتالي فوقية ثقافته ومعتقداته بما يعني فرضها بالضرورة على كل شعوب الأرض.

حتى إن المبشرين في بعض المناطق في أفريقيا وآسيا كانوا يشكلون المقدمة المباشرة التي تسبق الحملات العسكرية والاحتلال الاستعماري الذي تقاسم السيطرة على شعوب الأرض.

إن مثل هذا الشعور بالذات هو ما طبع حركات التبشير التي قصدت الصين في ذلك العهد، وهي كانت قد تجاهلت بهذا عنفوان الانتماء الروحي والقومي لأهل البلد لموروثهم الكنفوشيوسي كما أشرنا، الأمر الذي أدى على الفور إلى اندلاع ما عرف بثورة الملاكمين الكبرى التي هب فيها الشعب الصيني عن بكرة أبيه عام 1900 ضد التواجد المسيحي، وقاد ثورة عارمة ضد كل الرموز الأوروبية المسيحية.

وقد طالت هذه الثورة ليس فقط من كان من الصينيين على دين المسيح، ولكن كل من كان في الصين في حيينها من المسيحيين، سواء كانوا أجانب مارين، أو تجاراً أو دبلوماسيين مقيمينº مما أفزع الدول الأوروبية المسيحية والتي سارعت إلى تكوين جيش مشترك (ساهمت فيه ثماني دول منها بريطانيا وفرنسا وألمانيا) تحت قيادة المارشال الألماني "والدرس" الذي اتجه إلى الصين "لنجدة المسيحيين، وتأديب الشعب الصيني بحسب تعبيره"، وغني عن الذكر أن هذه الحملة قد فتكت بأبناء هذا الشعب، وألحقت الكثير من الانتهاكات التي لن تغفرها الذاكرة الصينية لجيوش بلدان الغرب.

أما عن موقف المبشرين فقد اختاروا الوقوف إلى جانب القوات المحتلة رغم بشاعة أساليب هؤلاء، واستخدامهم لشعار حماسي عنصري مستفز هو:" الانتقام من أعداء المسيح"، مما باعد المسافة بشكل نهائي بين قلب الصيني وأي ذكر لدين المسيح.

واليوم يدرك المبشرون بأنهم لن يستطيعوا الوصول لهذا القلب، لكنهم ليسوا كذلك على استعداد للتخلي عن مهمتهم التبشيرية في بلد يحوي أعلى نسبة من سكان المعمورة.

ولا يبدو أنهم فقدوا الأمل في أن تلك الأعداد القليلة الذين بقوا في الصين على دين المسيح ممن نجوا من بطش ثورة الملاكمين قد تنجح يوماً في توسيع عددها، واستمالة المزيد من الصينيين إلى دائرتهان ولأنهم لم يفلحوا مع " الخان (1) ، أي الغالبية العظمى من الصينيين، فإن نواياهم أخذت طريقها مرة أخرى نحو المسلمين، وأخذت الجهود التبشيرية المكثفة تتجه إليهم باعتبارهم "موحدين" ويعرفون الله، ولن يكون من العسير تعميدهم وفق ذلك.

والمدخل الذي اختاروه لذلك - والذي أشرنا إليه في عنوان المقال - هو اللغة العربية ذاتها، أي لغة القرآن ولغة الإسلام، وكما يمكن للقارئ الكريم تفحصه من خلال الوثائق المرفقة بالمقال، لم يتردد هؤلاء من اللجوء للتلاعب برموز القرآن الكريم أو الأماكن المقدسة كالكعبة الشريفة، لتزوير الرسالة التي يسعون إليها، وتقديم المسيحية وكأنها الإسلام، أو شيء لا يختلف عنه.

الأمر الذي صار يبدو لنا في منتهى الخطورة، خاصة لتعلق مسلمي الصين باللغة العربية وبكل ما هو عربي، بحيث قد ينجح التلاعب بمفاتيح قلوبهم المتعطشة للغة القرآن الكريم إلى صنع مدخل قد يفلح في ردهم عن دينهم ذاته.

ويتوجب وفق هذا المعنى نفسه كشف هذه المحاولات الدسيسة، وأن تتوجه جهود المؤسسات والدول الإسلامية إلى نجدة مسلمي الصين لمعرفة دينهم، وتعلم اللغة العربية بمعرفة قادرة واثقة، بما يضمن لهم قدراً من التمييز بين الدعوات الدينية المختلفة، تلك التي تبحث عن صون دينهم، أم تلك التي تبحث عن تحويلهم عنه.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply