بسم الله الرحمن الرحيم
عمد هذا الكيان لسنوات إلى سرقة المياه اللبنانية، فعل ذلك علنا دون وجل، إلا أن ذلك لم يكن ليشبع أطماع شعب الله المختار، وبالتالي وجد بالأمس واليوم وسيجد غدا الحجج الواهية للقصف
كان لا بد أن أطرح استفسارا على من يطلب منا السكوت عن أعداء استباحوا دماءنا وأعراضنا وعدوا ذلك غنيمة حرب، تنالها أيديهم عاجلا أو آجلا..كان لا بد أن أطرح استفسارا على من عاش ليومه دون تدبر لما قد يؤول إليه مستقبل أحفاده في الغد القريب أو البعيد، لمن ادعى النباهة، وهو في هذا يساير الجو العام دون رقابة ذاتية، فلا بأس من وجهة نظره بالمواربة، ولا بأس بارتداء جلد ثعلب، وكيف لا فنعومة ملمسه تخدع السذج ضعيفي البصر والبصيرة، أما النفاق فصفة محمودة وصاحبها مأجور.
كان لا بد أن أستفسر منه، هل ضمن الخلود؟ ولو فعل فهل ضمن صحة البدن؟ ولو فعل فهل ضمن راحة البال؟ فما رأيت زهرا إلا إلى الزوال، ولا شبابا إلا إلى الفناء، ولا قوة إلا إلى ضعف.
وله ولمن شابهه أقول إن الكيان الصهيوني الذي يتعمد استفزازنا، يزرع ليحصد أبناؤه، لقد امتهن القتل وبأبشع صوره، وما تلك الأصوات التي تطالبنا بالسكوت أو الرضى أو الانهزام إلا نشاز لا أساس له، وما تلك القنوات إلا مهادنة باعت روادها لأعدائهم، أما تلك المقالات فقد أعلنت إيمانها بقول القائل خالف تعرف.
ولأن قدراتي المتواضعة عاجزة تماما عن استيعاب مفردات وتعليلات أمثال هؤلاء، كان لا بد لي من طرح المزيد والمزيد من الاستفسارات، لعلي أصل لبر الأمان، فالوضع العام غير آمن، كان لا بد أن أستفسر من تلك القناة الفضائية عن موقفها من جارتها المدللة.. من أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج أمريكا، وكيف لا أفعل وهي التي أعلنت أنها القناة الرائدة في دفاعها عن حقوق الإنسان العربي، كان لا بد أن أستفسر منها عن سبب سخرية إخبارها من النازحين اللبنانيين، الذين أضناهم العيش لقرابة نصف الشهر تحت القصف الصهيوني لقنابل قيل إنها أهديت له من ذاك الجار المدلل، والذي لدلاله حصل من قناتكم على حصانة مطلقة.
كما كان لا بد أن أتوقف عند صحف يفترض أنها تتحدث بلسان الحق ونصرة له، خاصة أننا في زمن حرب، لا أن تتكالب مع الأعداء عليه.
والغريب أن العالم اليوم اختلف عن الأمس القريب، فقد كان حياء ومواربة ومداهنة حلفاء الأعداء في طرحهم لمواقفهم من قضايانا واقع نعايشه، كانت تحالفاتهم تدار خلف الأبواب المغلقة، وكنا نجد العذر لمن لا يرى خلف كلماتهم إلا البياض الناصع، أما اليوم فمن لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم، فهو كالأصم الأبكم الذي أصابه عمى البصر والبصيرة، فما يحاك ضد أوطاننا يدار على الملأ، وينقل إلينا على مدار الساعة وبكل شفافية، بل يتبناه حلفاء أعدائنا بنقل الإعلام لتصريحات وحشية المعالم والأطراف، مسمومة المخالب والأنياب، من منا لم يشاهد من سارت على أرض لبنان المحترقة وهي تضع على وجهها زينة مبالغاً فيها، في حين تابعناها وقد انقلبت صورتها مطأطئة الرأس حزنا وكمدا حين وقفت بجوار الجاني المعتدي الذي كرر القول المأثور عنه وعن قومه، أن ما تقوم به تلك الترسانة الحربية العمياء "دفاع عن النفس". نكتة قديمة قلما نجد من يضحك لها أو عليها، ومع ذلك ما زالت تلك عنوانا لتحركات هؤلاء على الحدود العربية، وما زالت هي الحجة المعلنة لتحالف الحلفاء العلني والمتبجح معهم.
إن الحقيقة تكمن في العمل على إنجاح ما فشل طوال القرن الماضي، فأرض فلسطين المحتلة تفتقد للثروة المائية التي يطمح لها هذا الكيان المحتل وضم الجنوب اللبناني وما يحيط بمصب نهر" الليطاني" اللبناني، مطمح لهؤلاء ظهر على السطح منذ بداية الحركة الصهيونية، ففي عام 1919م، رفعت الحركة الصهيونية مذكرة إلى مؤتمر الصلح، طالبت فيها بضم لبنان إلى فلسطين، حيث يبدأ خط الحدود عند نقطة قريبة من جنوب صيدا، على ساحل البحر المتوسط، ثم يمر جنوب اليمين الأفقي، عبر سلسلة جبال لبنان، وجنوب وادي البقاع، إلى جنوب منحدر جبل الشيخ، ورغم ما بذلته الحركة الصهيونية من جهد لضم لبنان إلى فلسطين تمهيدا لتطلعاتها الباغية لاحتلالها على أنها ضمن الأرض الموعودة، فإن مؤتمر الصلح شاهد صراعا حادا بين فرنسا وبريطانيا حول الموضوع، فقد كان الموقف البريطاني هو موقف الولايات المتحدة الأمريكية، مؤيدا لتدخلات الحركة الصهيونية وتطلعاتها التوسعية غير المبررة آنذاك، بينما وقفت فرنسا في وجه تلك المطامع مؤيدة لحقوق لبنان ولما ذهب إليه الوفد اللبناني من ضرورة استعادة لبنان حدوده التاريخية، والذي بين أن المناطق المقصودة بهذا الضم، هي (صور، صيدا، والليطاني، والبقاع) وهي مناطق حيوية لوجود لبنان، إذ لا يمكن قيام تجارة أو زراعة دونها.
كان طبيعيا ألا يستسلم هذا الكيان الطفيلي، فمطامعه من خلال حليب أطفاله من الأجداد إلى الأحفاد، وبالتالي حملت رسالة الصندوق القومي اليهودي إلى القنصل الفرنسي في القدس عام 1939م ما يلي: (إن فلسطين التاريخية تضم أراضي واقعة تحت الانتداب الفرنسي، وهذه الأراضي تصل إلى حدود دمشق وصيدا.
وفي عام 1978م غزا الكيان الصهيوني جنوب لبنان في عملية أطلق عليها (عملية الليطاني) وتبريراته للعالم دوما حاجته لتأمين حدوده الشمالية، إلا أن" مناحيم بيغن "كشف عام 1982م عن حاجتهم لتأمين حاجتهم المائية، بقوله: (إن إسرائيل العطشانة لا يمكن أن تقف مكتوفة اليدين وهي ترى مياه الليطاني تذهب هدرا.. ) وبالتالي عمد هذا الكيان لسنوات إلى سرقة المياه اللبنانية، فعل ذلك علنا دون وجل، إلا أن ذلك لم يكن ليشبع أطماع شعب الله المختار، وبالتالي وجد بالأمس واليوم وسيجد غدا الحجج الواهية للقصف والعمل على احتلال مواقع لبنانية وعربية غنية بثرواتها الطبيعية، هذه المعلومات وغيرها الكثير سيجدها الباحث في كتاب" الغزو اليهودي للمياه العربية، للأرقم الزغبي" وكتاب "الأطماع الصهيونية التوسعية في البلاد العربية، لعبد المجيد السامرائي " أمثال هذه الكتب حبذا لو تجد الطريق لعقولنا، قبل أن نجد أنفسنا داخل خندق ساهمنا بحفره، خندق أحاط بنا وأقفل علينا، خندق لا مجال للفرار منه، آمل أن نتابع تحركات القصف الصهيوني على الأراضي اللبنانية، للوقوف على تطابق تام وما جاء في هذه السطور، وغيرها من معلومات ساهم التاريخ الحديث في دمغها، أم إن من الصعب إيقاظ من يدعي النوم؟
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد