بوش وكيري وجهان لعملة إسرائيلية واحدة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

يوم اختار جون كيري خصمه الرئيسي في الحملة التمهيدية جون ادواردز ليكون نائباً له في حملة الديمقراطيين لانتخابات الرئاسة الأمريكيةº كان يرغب في إحداث المعادلة التي تقربه أكثر فأكثر للناخبين الأمريكيين.

فإبان الحملة التمهيدية للديمقراطيين في العام الماضي شبهت مجلة "تايم" الأمريكية جون كيري بجون كينيدي, في حين شبهت جون ادواردز ببيل كلينتون، فمثل هذا الثنائي الذي تتمازج فيه مواصفات رئيسين سابقين من طراز كينيدي وكلينتون يشكل خطراً حقيقياً على حملة جورج بوش, الأمر الذي استدعى ارتفاع أصوات جمهورية للمطالبة بإسقاط نائبه ديك تشيني، واستبداله بشخص آخر لهذا المنصب على بطاقة الجمهوريين لإحداث المعادلة المعاكسة المطلوبة. فتشيني بنظر الكثير من الأمريكيين هو رجل احترقت جميع أوراقه، وحتى أولئك الذين دعموه ووقفوا وراء تزكيته لدى الرئيس في الانتخابات السابقةº انفضوا من حوله، وعرفوا بأنه فقد جاذبيته وكاريزميته، وجميع مهاراته وقدراته, بحيث أن بقاءه إلى جانب الرئيس فترة "جديدة" سيشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل بوش في مرحلة الانتخابات الأخيرة.

يتزعم حملة المطالبة بتغيير نائب الرئيس السناتور الجمهوري السابق عن مدينة نيويورك الفونسو داماتو, الذي يرى أن تشيني الذي كان يتطلع إليه الأمريكيون قبل أربع سنوات على أنه دعامة صلبة، مفعمة بالخبرة تقف وراء بوش الذي كان يومها مجرد حاكم سابق لولاية تكساس، تنقصه الخبرة والتجربة, أصبح اليوم شخصية "سلبية"º غير مرغوب فيها.

ويعتبر داماتو أن تشيني فقد شعبيته بسبب وقوفه وراء جميع القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها بوش, وبالأخص منذ الإعداد لغزو العراق واحتلاله، كما ويحمله مسؤولية ما آلت إليه علاقات الولايات المتحدة الأمريكية الدولية بسبب ما اصطلح على تسميته "الحرب العالمية ضد الإرهاب"، وتشهد بورصة السياسة الأمريكية منذ أيام تداولاً لعدة أسماء لخلافة تشيني يتصدرها اسم وزير الخارجية كولن باول.

في غضون ارتفاع الأصوات الجمهورية المطالبة بتغيير تشينيº يتواتر الحديث داخل الدوائر الرسمية الأمريكية حول احتمال تأجيل موعد انتخابات الرئاسة المقررة في الثاني من تشرين الثاني القادم، فعلى أثر تحذيرات أطلقها وزير الداخلية الأمريكي توم ريدج في التاسع من الشهر الجاريº حول احتمال تعرض الولايات المتحدة لهجمات إرهابية خلال الانتخابات, حث رئيس اللجنة المشرفة علي الانتخابات الوزير على ضرورة مطالبة الكونغرس بسن تشريع طوارئ تؤجل الانتخابات بموجبه إلى موعد آخر يكون قد زال معه خطر ذلك الاحتمال.

وفي ظل الحديث عن احتمالي استبدال ديك تشيني بشخصية جمهورية أخرى، وتأجيل موعد انتخابات الرئاسة لأسباب أمنيةº فاجأ الرئيس الأمريكي العالم بإعلانه التنصل من تعهداته، والعودة عن التزاماته الخاصة بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة في العام 2005 القادم بذريعة "عدم التزام الفلسطينيين بخطة خارطة الطريق".

وهذا الإعلان الرئاسي الأمريكي جاء على لسان الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية ريتشارد فاوتشر, في ندوة صحفية عقدها في الثالث عشر من الشهر الجاري, الأمر الذي يعني وفاة خطة "خارطة الطريق" بعد أن أمضت أكثر من عامين في غرفة العناية الفائقة بسبب التحفظات الأربعة عشر التي وضعها عليها رئيس الحكومة الإسرائيلية ارئيل شارون مع لحظة ولادتها، وبذلك تكون وجهة النظر الفلسطينية التي رفضت الخطة، والتي استندت إلى افتقار الرئيس بوش لرؤيا ثابتة ومحددة بشأن فض النزاع في منطقة الشرق الأوسط, قد حققت النصر الذي كانت تنتظره، وعزا مراقبون غربيون إقدام بوش على هذه الخطوة الخطيرة في هذا الظرف بالذات إلى الضغوطات المكثفة التي مارسها عليه شارون، وحاجته "الماسة" لأصوات الناخبين اليهود, في ظل رجحان كفة جون كيري بعد أن اختار جون ادواردز نائباً له في حال نجاحه وبلوغه البيت الأبيض.

وبغض النظر عن تأويلات وتفسيرات المراقبين الغربيين, لا يمكن فصل تنصل بوش وعودته عن تعهداته والتزاماته بشأن الدولة الفلسطينية عن السياق العام لمجريات حملة الانتخابات، واحتدام المعركة فيما بينه وبين خصمه الديمقراطي جون كيري، وسباق الاثنين لإظهار الولاء لإسرائيل ورئيس حكومتها.

هذا إلى جانب افتقار بوش لرؤيا سياسية واضحة بشأن مجمل القضايا السياسية الدولية، فبعد الهزيمة المنكرة التي أنزلتها محكمة العدل الدولية بإسرائيل وسياستها الخاصة بجدار العزل العنصري, كان لا بدّ وأن يتحرك بوش على عجل ليحول أقواله إلى أفعال بهذا الشأن، حتى يميز نفسه عن خصمه كيري، وتعمد بوش أن تأتي خطوته المعادية هذه بعد ساعات قليلة من اجتياز شارون ثلاث محاولات لإسقاط حكومته في الكنيست, وفي ظل اتفاق مبدئي فيما بينه وبين شمعون بيرس بشأن الحكومة الإسرائيلية الموسعة.

 

الأمريكيون يعيشون هاجس انتخابات عام 2000:

فمع تجاوز حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية نصف المدة المقررة لها والبالغة ثمانية شهور، ودخولها النصف الثاني, بدأ هاجس انتخابات 2000, التي أعلن فيها فوز جورج بوش على خصمه الديمقراطي في حينه آل غور في عملية "قيصرية" تولى القضاء البت فيها بعد إعادة عمليات الفرز في العديد من الدوائر في ولاية فلوريدا, يخيم على نسبة كبيرة من المواطنين الأمريكيين, إلى درجة الاستنجاد بمنظمة الأمم المتحدة وأمينها العام كوفي أنان.

فأملاً في حدوث انتخابات نزيهة مغايرة للانتخابات السابقةº سعى عدد من النواب الأمريكيين لدى المنظمة الدولية للإشراف على الانتخابات، وفرز الأصوات في جميع الولايات الأمريكية، وكان تسعة من النواب قد رفعوا رسالة بهذا الشأن إلى الأمين العام - في الأسبوع الأول من الشهر الجاري -, طالبوه فيها بإرسال مراقبين دوليين للقيام بهذه المهمة، ومما جاء في الرسالة "إننا كمشرعين يتحتم علينا أن نطمئن الشعب الأمريكي بأن بلادنا لن تمر بكابوس الانتخابات الرئاسية الذي شهدته في عام 2000".

ونوه النواب الأمريكيون إلى تقرير صدر عام 2001, قالت فيه اللجنة الأمريكية للحقوق المدنية: أنها وجدت أن العملية الانتخابية في فلوريدا أدت إلى حرمان عدد لا يُحصى من الناس من حق الانتخابات، وحسب ذلك التقرير فإن الناخبين السود، وأولئك الذين يعيشون في مناطق فقيرة كانوا هم الأكثر تضرراً من ذلك الأمر، وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أنه بالرغم من الوعود بإدخال إصلاحات على مستوى البلادº فإنه لم يتم اتخاذ الخطوات الكافية لضمان ألا يحدث في انتخابات العام 2004 الجاري ما حدث في انتخابات عام 2000م.

يذكر أن الإعلان عن نتيجة انتخابات الرئاسة السابقة استغرق ستة وثلاثين يوماً بعد موعد الانتخابات في السابع من تشرين الثاني عام 2000, وتدخلت في حينه عدة محاكم في أكثر من ولاية أمريكية, كما تمت إعادة عملية فرز الأصوات في عدة دوائر انتخابية في فلوريدا، وبعد تلك المدة حكمت المحكمة العليا في الولايات المتحدة لمصلحة جورج بوش، ومنحته جميع أصوات المندوبين الـ 25 المخصصة لولاية فلوريدا, حيث خسر منافسه الديمقراطي آل غور الذي كان نائباً للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وحصل على 276 من الأصوات مقابل 271 حصل عليها بوش, بما فيها الأصوات الـ 25 التي احتسبتها المحكمة لصالحه.

تجدر الإشارة إلى أن آل غور حصل على نسبة من أصوات الناخبين الأمريكيين العاديين فاقت النسبة التي حصل عليها الرئيس بوش، لكن وبموجب النظام الانتخابي الأمريكي الذي تكون فيه الغلبة لأصوات مندوبي الولايات من "نخبة المجتمع" تقرر فوز بوش وخسارة آل غور.

 

معركة كسر العظم محتدمة، وإسرائيل العنوان الأهم بالنسبة لبوش وكيري:

قبل ثلاثة شهور ونصف من إجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية في الثاني من تشرين الثاني القادمº يمكن القول أن الحملة الانتخابية المحتدمة قد دخلت مرحلة "جديدة" و"أخيرة" في معركة كسر العظم بين الرئيس الجمهوري جورج بوش وخصمه الديمقراطي جون كيري.

وبالرغم من أن إسرائيل كانت كالعادة من العناوين الرئيسة لهذه الحملة منذ الإعلان عن بدئها بشكل مبكر في بداية العام الجاري من قبل الرئيس بوش, إلا أنه وعلى ما يبدو نجح رئيس حكومتها اريئيل شارون في أن يحولها إلى العنوان الرئيس الأهم في المرحلة الجديدة والأخيرة.

ويُدلل على ذلك أنه في الوقت الذي أخذت اهتمامات كل من بوش وكيري بالشؤون الأمريكية الداخلية خاصة، والشؤون الدولية عامة بما فيها الشأن العراقي تضيق شيئاً فشيئاً, بدأت اهتمامات الاثنين بإسرائيل ومصالحها وأمنها وسياستها الاستيطانية التوسعية تتسع أكثر فأكثر.

فمع معرفتنا وإدراكنا المسبقين بأن جميع المرشحين الذين عرفتهم انتخابات الرئاسة الأمريكية خلال الخمسين سنة الأخيرة حرصوا دائماً على خطب ود إسرائيل باعتبارها القاعدة المتقدمة للاستراتيجية الاستعمارية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، و"العروس المدللة" التي تشكل جزءاً هاماً من عقيدة الحزبين الأمريكيين الجمهوري والديمقراطي, إلا أن ما تبلغه من اهتمام و"تضحية" و"إيثار" من قبل الرئيس جورج بوش وجون كيري هذه الأيام لم تبلغه مع متنافسين سابقين علي موقع الرئاسة الأمريكية من قبل.

فالخصمان المتصارعان على كرسي الرئاسة، وبلوغ البيت الأبيض يعيشان هذه المرة حالة من "العشق" لإسرائيل بلغت درجة الهوس، فهما يقدمانها على ما دونها من الدول بما فيها مصالح الولايات المتحدة نفسها, ويقدمان مصالحها على ما دونها من المصالح بما فيها مصالح الولايات المتحدة نفسها أيضاً.

هذا ويُطوعان أمن بلدهما وسياستها الاستعمارية لصالح أمن إسرائيل وسياستها الاستيطانية التوسعية, وذلك من خلال حملة أمريكية إسرائيلية مركزة لمحاربة ما اصطلح علي تسميته "إرهاباً" وفق المفهوم المشترك للولايات المتحدة وإسرائيل.

 

جُنوح باتجاه إسرائيل، والأسباب والعوامل متعددة:

هذا الجنوح المقيت والمتطرف من قبل المرشحين للرئاسة باتجاه إسرائيل يعود لجملة من الأسباب والعوامل أهمها:

 

أولاً: تداعيات أحداث الحادي عشر من أيلول 2001م، وتوجيه أصابع الاتهام لبعض العرب بالتورط في تلك الأحداث, الأمر الذي اتخذت منه الإدارة الأمريكية ذريعة لإعلان الحرب على العرب والمسلمين تحت يافطة محاربة "الإرهاب المتمثل بالأصولية الإسلامية"، وقد نجحت إسرائيل في ظل حكومة ارئيل شارون في تطويع تلك الحرب الواهية لصالحها حين اعتبرت نفسها - بطريقة انتهازية ذكية حظيت بقبول الإدارة الأمريكية، ودعم اللوبي الصهيوني، و"إيباك"، والتيار المسيحي اليميني المتطرف "المحافظين الجدد" - شريكاً مباشراً للولايات المتحدة في تلك الحرب.

وبلغ نجاح إسرائيل ذروته عندما تمكن شارون من إقناع الإدارة الأمريكية بأن المنظمات الفلسطينية المقاومة من أجل استعادة الأرض، ونيل الاستقلال "منظمات إرهابية"!!

 

ثانياً: حالة التفكك العربي التي عبرت عنها القمم العربية الفاشلة التي لم تستطع الوصول بالدول العربية إلى الحدود الدنيا للتضامن العربي، وصياغة مشروع عربي موحد, ولو في الإطار السياسي الضيق بعد التخلي عن الخيار العسكري. وبالطبع فقد سحبت تلك الحالة العربية في إطارها العام نفسها على الحالة الفلسطينية في إطارها الخاص, إذ لم تتمكن السلطة والمنظمات والأحزاب الفلسطينية من التوصل إلى مشروع وطني واحد موحد لمواجهة الطوفان القادم، وكما هو معروف فإن الحالة العربية في إطاريها العام والخاص ظلت وحتى اللحظة الراهنة صريعة الإملاءات الأمريكية الإسرائيلية, سواء كان ذلك في فلسطين أو العراق.

 

ثالثاً: الناخبون الأمريكيون من أبناء الديانة اليهودية حافظوا على أن تكون مواقف المرشحين للرئاسة من إسرائيل هي البارومتر الذي تتحدد على ضوئه وجهة أصواتهم في أية انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة, بغض النظر عن كون المرشح جمهورياً أو ديمقراطياً، فبعد أن حسم العرب والمسلمون الأمريكيون أمرهم، وبات الرئيس بوش على قناعة تامة بأن الأغلبية الساحقة من أصواتهم ستذهب لصالح جون كيري بسبب خيبة أمل هؤلاء من المعاملة السيئة التي لاقوها في ظل الإدارة الحالية, وبعد أن اطمأن كيري بدوره أن أمر هذه الأصوات أصبح محسوماً لصالحه, كان من البديهي أن تتجه اهتمامات المرشحين في آن معاً إلى أصوات اليهود الأمريكيين، والسعي للحصول عليها، وهذا يستوجب بنظر كل من بوش وكيري أن تتحول إسرائيل إلى العنوان الرئيسي فيما تبقى من عمر الحملة الانتخابية لما لها من تأثير على هذه الأصوات.

تجدر الإشارة إلى أن آخر استطلاع للرأي أجرته منظمة إسلامية قبل بضعة أيام - منح جون كيري 54 في المئة من أصوات العرب والمسلمين الأمريكيين -, في حين منح المرشح المستقل - رالف نادر 26 في المئة من أصواتهم، وأظهر الاستطلاع أن 14 في المئة منهم لا يزالون في حالة تردد، وهذا يعني أن ما قد يحصل عليه الرئيس جورج بوش من أصوات العرب والمسلمين سيكون من أصل نسبة المترددين فقط، أما اليهود الأمريكيون فنادراً ما تُجرى استطلاعات خاصة بشأنهم, وتبقى أصواتهم محكومة بالإطار العام والمصلحة الإسرائيلية.

 

رابعاً: الوضع "الشاذ" للحملة الانتخابية الجارية قياساً بالحملات الانتخابية السابقة، فقبل هذه الفترة - وتحديداً في النصف الأول من فترة الحملة الانتخابية - كانت استطلاعات الرأي الأمريكية تقدم الرئيس جورج بوش على خصمه الديمقراطي جون كيري، وعادة ما كان الفارق بينهما يتراوح بين 10 و5 في المئة، أما الآن ونحن على مسافة ثلاثة شهور ونصف من موعد الانتخاباتº فإن استطلاعات الرأي المتلاحقة تُظهر تعادلاً واضحاً بين مؤيدي المرشحين، وحول هذا يُعلق ستيفن هيس الخبير في مؤسسة "بروكينغز إينستيتيوت" التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، والتي اعتادت على متابعة انتخابات الرئاسة الأمريكية خلال الثلاثين سنة الأخيرة بالقول: "إنه وضع لا سابق له في الانتخابات"، ويضيف هيس أنه في حين يتعادل المرشحان من حيث شعبيتهما ونسبة مؤيديهما في هذه الفترة من الحملة الانتخابية, حافظ الفارق بين المرشحين في الانتخابات الخمس السابقة على أن يتجاوز العشر نقاط, وفي حين لا تتعدى نسبة المترددين العشرين في المئة, جرت العادة أن تتجاوز الثلاثين في المئة في السابق، وربما تفرض هذه الحقائق على كل من المرشحين الجمهوري والديمقراطي التخلي عن بعض مبادئه وثوابته السياسية مقابل الحصول على أصوات ترجح الكفة لصالحه, تُهيء له أوهامه أنه سيجدها في أوساط اليهود الأمريكيين بشكل خاص, الأمر الذي يجعله يتوجه إلى إسرائيل وقادتها في إطار "الغاية تبرر الوسيلة" على الطريق الميكيافيلية، وربما تقف هذه الأوهام بشكل رئيسي وراء تعبير الاثنين عن عشقهما لإسرائيل حتى الهوس.

 

بعد "رسالة الضمانات", بوش يرمي نفسه في سلة شارون، والمهم أن يحصل على أصوات اليهود:

إذا ما نحينا جانباً جميع العناوين التي تداخلت في حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية الجارية, بِرهن العودة إليها في مقالات قادمة, وقصرنا تركيزنا على ملف إسرائيل والنزاع في الشرق الأوسط, أو بالأحرى ملف إسرائيل باعتبار أن المرشحين يوليانه أهمية خاصة فيما تبقى من عمر الحملة الانتخابية, تُرى كيف يمكن تقييم موقفي بوش وكيري من هذا الملف الآن؟

على جبهة الحزب الجمهوري يمكن القول أن جورج بوش أقدم خلال حملته الانتخابية بشكل خاص على ما لم يجرؤ عليه الرؤساء الأمريكيون السابقون الذين استوطنوا البيت الأبيض خلال الحقب الزمنية الخمس الأخيرة, إذ قدم لإسرائيل في ظل حكومة اريئيل شارون ما لم يكن يخطر ببال جميع هؤلاء، وإن فكر بعضهم في ذلك إلا أن الخطوط الحمراء التي رسمتها منظمة الأمم المتحدة، والمواثيق والمعاهدات الدولية لمسألة النزاع العربي - الإسرائيلي كانت تحول دون بلورة أفكارهم إلى واقع عملي، ويكفي هنا أن نشير إلى وعد بوش المشؤوم الذي تمثل بما سمي بـ "رسالة الضمانات" التي قدمها لشارون في الرابع عشر من نيسان الماضي, والتي تتنافى بمضمونها مع جميع قرارات الشرعية الدولية والمواثيق والمعاهدات الدولية.

فهو بعد ضربه تلك الشرعية والمواثيق والمعاهدات عرض الحائط بغزوه واحتلال العراق، وإطلاق يد شارون الإرهابية في الأراضي الفلسطينية المحتلة, لم يعد يحسب حساباً لأية شرعية أو مواثيق أو معاهدات, بحكم تزعمه لمحور الشر العالمي، فمن خلال وعده المشؤوم قدم لإسرائيل شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وحدود العام 1967, والاعتراف بالكتل الاستيطانية, وتعهد بضمان أمن إسرائيل ورفاهيتها كدولة "يهودية", وضمان "حدود يمكن الدفاع عنها" و"تعزيز وترسيخ قدرتها الدفاعية لحماية ذاتها في مواجهة كل تهديد"، وبدل أن ينقل ما يسمى بخطة "خارطة الطريق" من الإطار النظري إلى الحيز العملي بحكم أن الولايات المتحدة تشكل الضلع الرئيسي في اللجنة الرباعيةº تنكر لهذه الخطة, وحصر اهتمامه بمطالبة الفلسطينيين "بتنفيذ إصلاحات جوهرية وشاملة, وتأسيس ديمقراطية برلمانية, ومنح صلاحيات لرئيس الوزراء، والتعاون في الحرب ضد الإرهاب"!

وحتى فيما يخص جدار العزل العنصري, فقد قامت قيامة الرئيس الأمريكي ولم تقعد عندما أصدرت "محكمة لاهاي" الدولية قرارها في التاسع من الشهر الجاري, والذي قضى باعتباره عملاً غير شرعي، ومنافٍ, للقانون الدولي, وطالب إسرائيل بهدمه، والتعويض على الفلسطينيين الذين تضرروا من بنائه.

ولم يكتف الرئيس وإدارته بخروج القاضي الأمريكي عن الشرعية الدولية عندما عارض الإرادة القانونية الدولية لأربعة عشر قاضياً وقفوا ضد شرعية الجدار, فصبّا جام غضبهما على "محكمة لاهاي"، واعتبرا القرار غير ملزم لإسرائيل، والتقى جميع الجمهوريين واللوبي الصهيوني و"إيباك" والناطقون باسم الدوائر الرسمية الأمريكية مع الرئيس وإدارته في موقفهما، ولم يكن بالطبع متوقعاً منهم غير ذلك.

وكان مجلسا النواب والشيوخ الأمريكيان قد صادقا على وعد بوش المشؤوم "رسالة الضمانات" بأغلبيتين ساحقتين, الأمر الذي حوله إلى تشريع أمريكي ملزم ودائم للإدارة الأمريكية القادمة, بغض النظر عن كونها جمهورية أو ديمقراطية، وذلك يعني أن المجلسين حولا الوعد المشؤوم إلى سياسة أمريكية دائمة في نزاع الشرق الأوسط, برغم تعارضه وتصادمه مع جميع القرارات الدولية التي ضمنت الحقوق الفلسطينية وفي مقدمها 242 و338 و194.

وقد سبق أن تبنى المجلسان "الموقران" خطة "إيباك" الأمريكية الصهيونية للعام القادم, والتي قررت نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة في كانون الثاني القادم، واعتبار القدس "عاصمة" أبدية لدولة إسرائيل، وفي حالة قيام الولايات المتحدة بذلك فإن دولاً أخرى كثيرة تدور في فلك سياستها ستحذو حذوها في إطار سياسة فرض الأمر الواقع على الفلسطينيين، ووفق ما يتوقعه المراقبون فإن من غير المتوقع أن يتوقف انحياز إدارة بوش في ظل الحملة الانتخابية الجارية عند حدود معينة ما لم تبلغ هذه الانتخابات الموعد المحدد لها في الثاني من تشرين الثاني القادم.

ويُدلل على ذلك تمادي إسرائيل اللامحدود في ابتزاز الآخرين، والذي بلغ درجة التفكير بمساومة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان على تمرير مشروع قرار دولي بشأن "معاداة السامية"º مقابل الضغط على الإدارة الأمريكية من أجل التجديد له مرة "ثالثة" على رأس الأمانة العامة للمنظمة الدولية، وهي تسعى من خلال ذلك إلى أن تُحرم على خصومها وخصوم الصهيونية التعبير ولو لفظياً عن عدائهم لهما بعد أن حُرم عليهم معاداتها عسكرياً وحتى سياسياً.

ومن غير المستبعد أن يندرج موقف المبعوث الخاص للأمم المتحدة بالشرق الأوسط تيري رود لارسن الأخير من السلطة الفلسطينية، وانحيازه لإسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية في هذا الإطار، وفي إطار مراعاة الإدارة الأمريكية, خاصة وأن كوفي أنان أيد موقف مبعوثه بشكل لا يخلو من الوقاحة التي اتصف بها هذا المبعوث.

 

رداً على "رسالة الضمانات", كيري يُطلق "ورقة الموقف" لكسب تأييد اليهود:

وعلى جبهة الحزب الديمقراطي فبعد أن حسم جون كيري أمره باختيار جون ادواردز نائباً له في حال فوزه في الانتخابات، وبلوغ البيت الأبيض, يمكن القول: أنه بعد أن أظهر واقعية واعتدالاً بشأن ملف إسرائيل، والنزاع العربي - الإسرائيلي في بدايات حملته الانتخابية, ميزاه عن بوش إلى درجة مراهنة بعض العرب عليه, عاد وأصبح الآن أكثر تشدداً، وقد بلغ تشدده حد الشطط والمزايدة على مواقف الرئيس بوش بشأن هذا الملف بالتحديد، لكن وبسبب إفراط الأخير في تقديم "المكرمات" لإسرائيل من حساب حقوق الشعب الفلسطيني، والتي وصلت ذروتها مع تخليه عن تعهداته الخاصة بالدولة الفلسطينية، وقبلها وعده المشؤوم "رسالة الضمانات"، وغير ذلك من المواقف المنحازة لإسرائيل, لم يبق أمام كيري غير تبني مواقف بوش واجترارها، والتأكيد عليها بطرق ووسائل تمكنه من توصيلها إلى جميع الناخبين اليهود والصهاينة, وعلى شكل رسائل ضمانات جديدة يستطيع كل يهودي وصهيوني الاحتفاظ بنسخة منها في جيبه لتكون ديناً في رقبة كيري إذا ما فاز في الانتخابات، وأصبح رئيساً جديداً للولايات المتحدة.

فحسب ما جاء في وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية قام جون كيري فعلياً بإرسال نسخ عن ما أسماها "ورقة الموقف" إلى كل يهود الولايات المتحدة بمن فيهم قادة وأعضاء المنظمات الصهيونية، وأعرب في هذه الورقة عن تأييده المطلق لجدار العزل العنصري "السياج الأمني"، و"خطة الفصل"، و"وعد بوش"، موقف كيري هذا جاء ليزايد حتى على الموقف الصهيوني نفسه، هذا الموقف الذي شهد في الفترة الأخيرة "تبادلاً" في قضايا مثل الجدار والشريك الفلسطيني.

وقد ألزم كيري نفسه من خلال رسالته "ورقة الموقف" بعدم إجراء مفاوضات مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي اعتبره "زعيماً فاشلاً لا يستحق أن يكون شريكاً للسلام!"، كما ودعا الشعب الفلسطيني إلى "تشكيل قيادة بديلة". وهذا الموقف الذي يسجل تدخلاً سافراً في الشأن الفلسطيني, يتماشى بالطبع مع موقف جورج بوش, لكنه يتناقض إلى حد كبير مع موقف الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون الذي أيد في آخر المطاف الحوار مع عرفات، وكما هو معروف فإن الرئيس عرفات يحظى بشرعية انتخابية تفوق آلاف المرات شرعية بوش نفسه, الذي لولا حدوث كارثة الحادي عشر من أيلول 2001 لكانت شرعيته محل جدل وتساؤل دائمين من قبل الناخبين الأمريكيين.

ينظر جون كيري في رسالته المشؤومة "ورقة الموقف" إلى جدار العزل العنصري على أنه "خطوة مشروعة" تندرج في إطار "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها!"، ويعرب عن معارضة لما أسماه "تدخل جهات دولية" في هذه المسألة, ساعياً من وراء ذلك الى تبديد الانطباع الذي ساد أثناء خطابه في المعهد العربي الأمريكي أمام حشد من الناخبين العرب في تشرين الأول من العام الماضي, عندما اعتبر الجدار "حاجزاً أمام السلام" فبدا وكأنه يعارضه.

ويستعرض كيري في "ورقة الموقف" هذه مواقفه المعادية للقضية الفلسطينية، ومواقف أخرى من إسرائيل, مثل "دعمها المطلق"، ومعارضة تقليص حجم المساعدات الأمريكية لها, ودعم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باعتبارها "العاصمة الأبدية لها"، والحفاظ على تفوقها العسكري، هذا ويعود كيري ليختتم ورقته المشؤومة بالتأكيد على دعمه المطلق لإسرائيل, في محاولة منه لإزالة الشكوك لدى الناخبين اليهود تجاهه، وتجاه مواقفه من إسرائيل، وهو من أجل ذلك أوفد شقيقه كاميرون كيري الذي ارتد عن الكاثوليكية، واعتنق اليهوديةº إلى إسرائيل حيث التقى ارئيل شارون وزعيم حزب العمل شمعون بيرس، وقام بجولة تفقدية لجدار العزل العنصري.

أما بالنسبة لقرار "محكمة لاهاي" بشأن جدار العزل العنصري, فقد جاء موقف جون كيري وحزبه مماثلاً لموقف جورج بوش وحزبه, إن لم يكن قد عبر عن ذاته بطريقة أكثر تطرفاً وانصياعاً للإرادة الإسرائيلية، فكان قد عُرف عن كيري حرصه على الشرعية الدولية حتى بشأن غزو واحتلال العراق, على عكس بوش تماماً، إلا أن موقفه من قرار المحكمة دلّل على تساوي الرجلين في الخروج عن هذه الشرعية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل ومصالحها وأمنها وسياستها الاستيطانية التوسعية، فإلى جانب اعتباره القرار "مخيباً للآمال", رفض هذا القرار جملة وتفصيلاً معتبراً "أن من حق إسرائيل أن تكمل بناءه حفاظاً على أمنها"، وكان عدد من النواب وحكام الولايات الديمقراطيين تقدمتهم هيلاري كلينتون قد تجمعوا أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك فور سماعهم نبأ القرار لمعاضدة ممثل إسرائيل في المنظمة الدولية، وبعض اليهود والصهاينة الأمريكيين الذين أبدوا معارضتهم للقرار، ورفضهم الالتزام به.

وقد حملت كلينتون على قرار الشرعية الدولية المتمثلة بـ "محكمة لاهاي", معتبرة "أن الجدار قلص ما نسبته 90 في المئة من الأعمال الإرهابية داخل إسرائيل!"، كما وأبدت تأييدها المطلق لإسرائيل "في حقها في الدفاع عن نفسها"، مشككة بشرعية القرار! وهذا يدحض الادعاء القائل "بأن بوش والحزب الجمهوري يمثلان النهج العقائدي في حين يمثل كيري والحزب الديمقراطي النهج الواقعي"، فعندما يتعلق الأمر بإسرائيل، ونزاع الشرق الأوسطº تتداخل العقائدية مع الواقعية عند بوش وحزبه من جهة، وعند كيري وحزبه من جهة أخرى, ليشكل الفريقان وجهين لعملة إسرائيلية واحدة.

 

شارون ماضٍ, في بناء الجدار، وفرض خططه:

وفيما يمضي بوش مدعوماً بحزبه، ومجلسي النواب والشيوخ، ولجنة العلاقات الإسرائيلية الأمريكية "إيباك"، والمحافظين الجدد في "مناطحة" كيري المدعوم من حزبه، والناقمين على سياسة الإدارة الحالية في الحملة الانتخابية الجارية, يمضي رئيس الحكومة الإسرائيلية ارئيل شارون في بناء جدار العزل العنصري, مستمدياً الشرعية الدولية المتمثلة بـ "محكمة لاهاي"، ومطالبة الأمين العام كوفي أنان إسرائيل بقبول القرار الذي أصدرته المحكمة الدولية.

وكان شارون قد رفض هذا القرار بعد جلسة لحكومته عُقدت إثر العملية الفدائية التي وقعت في تل أبيب, والتي أثبتت بطلان الذرائع الإسرائيلية التي ادعت أن الجدار قد ساعد في منع مثل هذه العمليات، وجلب الأمن للمواطنين الإسرائيليين, هذه الذرائع الواهية التي تلقى ترحيباً من المسؤولين الأمريكيين، كما ويمضي في فرض خططه للحل أحادي الجانب, في ذات الوقت الذي يُصعد فيه جيش الاحتلال من أعماله البربرية والوحشية بحق الشعب الفلسطيني. ويشجع شارون على ذلك معرفته المسبقة بأن النظام الرسمي العربي قد أصبح "جثة هامدة" ولا حول ولا قوة له، كما ويشجعه بالطبع معرفته بأن فريقي الصراع الأمريكيين على رئاسة الولايات المتحدة المقبلة, يختلفان حول جميع عناوين الحملة الانتخابية, بما فيها العنوان العراقي, باستثناء العنوان الإسرائيلي.

فكلا الفريقين يتفقان تماماً حول هذا الموضوع, ويسعيان كلٌ وفق رؤياه لرسم وتفصيل السياسة الأمريكية الراهنة والمقبلة على مقاس إسرائيل واريئيل شارون, أو أي رئيس حكومة إسرائيلية مقبل. 

فوفق تصريحات وبيانات المسؤولين الإسرائيليين وفي مقدمهم شارون نفسه ووزير دفاعه شاؤول موفاز, ستستمر إسرائيل في بناء جدار العزل العنصري غير عابئة بالقرار الدولي الأخير والمعارضة الدولية، وما سيترتب على ذلك في الجمعية العامة للأمم المتحدة, كخطوة تلي خطوة "محكمة لاهاي"، ووفق تلك التصريحات والبيانات ستقوم الحكومة الإسرائيلية في شهر آب القادم بتحديد جداول زمنية لتنفيذ "خطة الانفصال" في مراحلها المختلفة، وقد أكدت تقارير إعلامية إسرائيلية أنه قد تم بالفعل الإيعاز لجيش الاحتلال بإعداد "رسم بياني" يظهر فيه الجدول الزمني الذي يوضح العمليات التي ستنبثق عن الانفصال, مثل إعادة الانتشار، وسبل مكافحة "الإرهاب" المزعوم في الأراضي الفلسطينية المحتلة, وبالأخص في قطاع غزة، وبدأ جيش الاحتلال - وفق ما يؤشر الواقع على الأرض - في رفع وتيرة ممارساته الوحشية والفاشية بحق الشعب الفلسطيني، للحيلولة دون تمكين السلطة وأجهزتها من التقاط الأنفاس، وبسط السيطرة الأمنية في الشارع الفلسطيني, مستفيداً من المواقف المنحازة التي أظهرها كل من الرئيس بوش، وخصمه الديمقراطي، والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، وممثله في الشرق الأوسط و"اللجنة الرباعية" تيري رود لارسن. فالفوضى العارمة التي تسيطر على الأراضي الفلسطينية المحتلة - وخاصة القطاع - تؤشر سلفاً إلى ما ينتظر السلطة الفلسطينية ومؤسساتها المدنية والأمنية من مخاطر في المستقبل المنظور, لا البعيد فحسب.

وباعتراف شاؤول موفاز وكبار قادته العسكريينº فإن جيش الاحتلال قد مُنح حرية مطلقة ومفتوحة لضرب المنظمات الفلسطينية دون استثناء بكل القسوة والشدة الممكنتين, وممارسة سياسة "الأرض المحروقة" في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بذات الذريعة المعهودة "مكافحة الإرهاب"، وفي إطار الحرب غير المعلنة على العرب والمسلمين تحت يافطة "محاربة الأصولية"، والهدف بالطبع هو الإجهاز على السلطة الفلسطينية، ويتفق المراقبون على أن الحديث الذي يتواتر عن "اللجنة الرباعية"، والإصلاحات الفلسطينية، والاجتماعات الثنائية والثلاثية والرباعية التي تجري من وقت لآخر، والاتصالات الغربية والعربية - وبالأخص المصرية - مع السلطة ليست سوى أوهام ومناورات يتم تسويقها في إطار "ذر الرماد في العيون" لمنح رئيس الحكومة الإسرائيلية ارئيل شارون الوقت الضروري الكافي لاستكمال بناء جدار الفصل العنصري، وتنفيذ خطته "المعدلة" و"المقزمة" الخاصة بقطاع غزة كخيار أمريكي إسرائيلي وحيد، ويجري كل ذلك وسط تأييد أمريكي مطلق، وصمت عربي مطبق.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply