في السنغال قرى كثيرة وأحياء في المدن تحمل أسماء إسلامية عربية تدل على حب الناس للإسلام، وللبلاد التي شهدت البدايات الأولى لانتشار الإسلام وبلوغه الآفاق.
فكثيراً ما يبدأ الناس في إنشاء حي من الأحياء ويسمونه حي مكة، أو حتى طيبة، أو عرفات أو زمزم، وكذلك هناك العديد من القرى بأسماء إسلامية كقرية طيبة وقرية عباد الرحمن وقرية أهل الله وغيره.
ويعود السبب في نشأة هذه القرى إلى رجل معلم يدرس القرآن الكريم، فيطلب لنفسه ولطلبته الهدوء والعون على الدراسة والحفظ فيقيم في مكان بعيد شيئاً ما عن القرى والمدن الكثيرة السكان ويأخذ معه عدداً من الطلبة يطلبون العلم وحفظ القرآن ودراسته، ويسكن معهم في هذا المكان الجديد الذي اصطفوه لسكناهم لسبب ما، حتى إذا رأى الناس حفظ الطلبة ودراستهم أخذوا يرسلون إليه بمزيد من الطلبة ليقوم بتدريسهم فيبني لهم مسجداً وسكناً للمدرس والطلبة وتكون هذه نواة لقرية سوف تنشأ في المستقبل لا يقصد سكانها من السكنى فيها إلا محبة القرآن والعكوف عليه.
وهذا ما قاله لنا مؤذن جامع قرية ( أهل الله ) التي تبعد عن مدينة داكار شمالاً حوالي 021كلم على الطريق الذي يذهب إلى مدينة سان لوي العاصمة الأولى للسنغال.
كان السبب في هذه الجولة والرحلة الأخ الشيخ عبد الكريم القشعمي الذي جاء متعاوناً مع الندوة العالمية للشباب الإسلامي وأحب أن يزور بعض مناطق السنغال.
وتمت هذه الجولة في شهر ذي الحجة لعام 1425ه. وقد تذكرت بسفري مع الشيخ عبد الكريم قول الأول:
فإن صحبت فاصحب ماجداً * * * ذا حياء وعفاف وكرم
قوله للشيء لا إن قلت لا * * * وإن قلت نعم قال نعم
والسبب في وقوفنا في هذه القرية هو أن مئذنة المسجد واضحة لمن يسير على الطريق مع أن القرية ليست على الطريق مباشرة، بل هي داخل البر الواسع.
ولقد أنشأ معلم للقرآن هذه القرية قبل 09 سنة وسماها أهل الله، ولكن المشكلة في هذه القرية هي مشكلة ظاهرة واضحة في أغلب قرى البلد ومدنه، وهي الغلو في الصالحين، فإنهم عند ذكرى وفاة هذا الرجل يجتمعون ويذكرون الله - تعالى -، ثم يثنون على هذا العبد الصالح وأنه علم القرآن سنين طويلة.
ولا بد للجميع من الحضور في حفل التأبين هذا.
ووجدنا من شبابها من يعرف اللغة العربية بطلاقة تُستغرب، حتى قال لنا بعض الدعاة الآن لو ذهبتم في أي قرية في الشمال أو الجنوب لا بد - في الغالب - أن تجدوا من يحسن اللغة العربية ويفهمه.
والشيء الذي أحب ذكره لمن يهمه الأمر أن هذا البلد الطيب السنغال أكبر حاجته وأعظم سؤاله ليس بناء المساجد، وإنما العلم الشرعي الصحيح، الذي يكون بتعليم شبابهم وشيبهم وبنشر المؤلفات والمصنفات الشرعية بينهم، وخاصة مصنفات التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وما يكمل التوحيد ويحفظه وما يخدشه ويذهب به.. وإلا فهم عندهم من الحرص على بناء المساجد وعمارتها بما ينافسون به أهل البلاد الإسلامية الأخرى، ولكن بعد أن يبنى المسجد من يؤم فيه ومن يعظ فيه ومن يخطب فيه؟ هذا هو السؤال.فينبغي أن تتوجه همتنا إلى نشر العلم الشرعي الصحيح بينهم وحثهم على معرفة السنّة ليعملوا بها، وعلى الانتباه للبدعة ليحذروا منه.
وأحسن ما يكون هذا وأيسره بأن تنشر الكتيبات الشرعية العلمية بين الناس بلغتهم وباللغة العربية، والحاجة لها شديدة جداً، وكثير من المدارس تأتي وتطلب هذه الكتيبات لتوزع على طلبته ومدرسيه.
والله - تعالى - الموفق لكل خير.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد