أثناء زيارتنا لإحدى الدول الإفريقية فكرنا في هدايا نأخذها معنا عند مقابلة الدعاة ورؤساء المسلمين، فأخذنا بعض الهدايا، واقترح أحد الإخوة أن نأخذ السواك ((عود الأراك)) فكان ذلك الأمر مع العلم أن الأراك غالباً ما ينبت في الجزيرة العربية، خصوصاً بعض مناطقها، وكان مما يتسوك به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ولذلك لا يكاد يراه إخواننا المسلمون في تلك القارة إلا في القليل النادر كأن يحضر لهم أحد الحجاج القادمين من مكة ويحرصون على الحجم الكبير منها حتى يبقى معه حتى وفاته، فلا يتصور أن يجده مرة أخرى إلى ما شاء الله.
وفي أثناء زيارتنا لإحدى القرى قابلنا أحد الدعاة وكان من المهتمين بتعليم العلم الشرعي وتدريس المتون العلمية لطلبة العلم، وأخذ يحدثنا عن العمل الإسلامي في منطقته وجهود الدعاة ودروسه العلمية والكتب التي يدرسها وفي نهاية اللقاء معه أعطيناه هديته وهي عبارة عن السواك من عود الأراك ففغر فاه وسأل ما هذا؟
فقلنا له: سواك فقال: اعلم ولكن من أي الشجر فأجبناه بكل هدوء وبساطة هو عود الأراك فامتلأ وجهه بالفرح والسرور والغبطة!
ونحن نتعجب من هذا المشهد لماذا هذا الفرح العظيم؟ لشيء يسير في نظرنا من طالب علم يدرس كتب العلم ومتونه، ففطن لاستغرابنا فقال: لا تتعجبوا فقد كنت لسنوات طويلة أدرس كتب الفقه لطلاب العلم الشرعي في متون الفقه عن السواك وأشرح لهم ما جاء فيها وكنت أحدثهم عن الأراك وأشرح لهم ما جاء في وصفه ولكنني لم أره بعيني، فالآن رأيته وسوف أحافظ عليه حتى الوفاة وسوف أريه طلابي عندما أشرح لهم أبواب السواك، فزاد عجبنا عجبا فكم منا من أهمل هذه السنة ولا يشعر بقيمة هذا السواك لتوفره بين يديه خصوصا في بلاد الحرمين ولكننا ألفنا كثيراً من الأمور حتى انطفأت جذوتها في قلوبنا، ومصيبة إلف الأمور حتى تغيب معانيها في قلوبنا وما أعظم نعم الله علينا في بلاد الحرمين خصوصاً ودول الخليج عموماً بما حبانا الله به من العيش في هذه الجزيرة جزيرة الإسلام فيها الحرمين الشريفين، وفيها جرت أحداث عظام من قيام هذا الدين وأحداث سيرته - عليه الصلاة والسلام - وسيرة خير جيل رباهم على عينيه، مما ينبغي معه تربية أبنائنا على هذه المعاني في استشعار هذه المنة العظيمة بالعيش في هذه الجزيرة والتي خرجت أجيالا من الدعاة والعاملين للإسلام، جعلنا الله وإياكم ممن يسير على نهجهم.
وليس الخبر كالمعاينة!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد