المشاركة السورية في أنابوليس والمشاركة الإيرانية في قمة الخليج في الدوحة، والتقرير الاستخباري الأمريكي عن إيرانº تؤشر على حوار قادم وممكن بين الولايات المتحدة وبين كل من سورية وإيران هل هو استنتاج صحيح؟
نشأت في السنوات القليلة الأخيرة التي أعقبت الاحتلال الأميركي للعراق حالات من التصعيد الأميركي ضد كل من إيران وسورية، وربما يكون اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق في 14/2/2005م ذروة هذه الأزمة، فقد نشأت حالة سياسية في لبنان ترى في عملية الاغتيال وتداعياتها والأحداث الأخرى التي تبعتها مثل اغتيال عدد من السياسيين والإعلاميين اللبنانيين المعارضين للوجود والدور السوري في لبنان، وحالات العنف والقتال كما في نهر البارد، وفي العمليات المسلحة التي وقعت في أنحاء لبنان، ثم في الحرب الإسرائيلية اللبنانية تشكيلاً لحالة سياسية جديدة في لبنان، وفي الشرق الأوسط، ولكن هل تبدو هذه الحالة متجهة إلى التفكك أم أنها ما تزال قائمة؟
كانت حرب الخليج الثانية عام 1990م، مناسبة لتهدئة الأزمة في العلاقات السورية الأميركية بعد انتهاء الدور السوفيتي، فقد شغل العرب والعالم بالعراق، وتشكلت في أعقاب حرب الخليج الثانية خريطة سياسية إقليمية جديدة قائمة على ما سمي "إعلان دمشق"، والذي وقعت عليه دول الخليج بالإضافة إلى سورية ومصر، وقد تطورت إيجابياً العلاقات السورية السعودية، وهدأت الأزمة السعودية الإيرانية، واتجهت العلاقات إلى التحسن والتعاون، ولكنه تحالف اتجه بعد سنوات قليلة إلى التفكك بفعل تنامي الدور الإقليمي الإيراني، وتشكيل تحالف استراتيجي إيراني سوري يضم حزب الله، واستفاد هذا التحالف من التحولات السياسية والاجتماعية التي اجتاحت العالم بعد ثورة تقنية المعلوماتية والاتصالات في بعث صحوة شيعية جديدة في العالم الإسلامي ترى في إيران مركزاً لقيادتها، وأملاً في مساعدتها ودعمها.
وربما يكون العالم الإسلامي قد شُغل عن التحدي الإيراني والشيعي بعض الوقت بفعل تنامي ظاهرة الجماعات المتطرفة والمسلحة، وبخاصة بعد مهاجمة برجي مركز التجارة العالمي في الحادي عشر من أيلول للعام 2001م، ولكنها موجة تبدو متجهة للانحسار، وعادت سورية تشكل تحدياً للولايات المتحدة، ولم يكن موقفها الإيجابي المتعاون مع السياسات الأميركية في حرب الخليج الثانية، ثم في الحرب على القاعدةº سوى تأجيل للأزمة، وكان الاحتلال الأميركي للعراق بمثابة تهديد خطير لسورية.
فبدأت وعلى عجل بمحاولة ترتيب وضعها السياسي والإقليمي على النحو الذي يحميها من تهديد متوقع، فانسحبت من لبنان على الفور، وسعت بجدية كبيرة في تسوية صراعها مع إسرائيل تقديراً منها بأن اتفاقية سلام مع إسرائيل ستحميها لفترة زمنية طويلة من التهديد الأميركي، وكانت إسرائيل أيضاً راغبة بمثل هذا الاتفاق لتسوية الصراع الذي يهددها في الشمال، ولخوفها الحقيقي من اختراق عسكري يحققه حزب الله بفعل الصواريخ الإيرانية، وبسبب التحولات الاجتماعية والثقافية في إسرائيل والتي أنشأت أجيالاً جديدة عازفة عن الحرب، وراغبة في الاندماج في المنطقة، وألا تظل قاعدة عسكرية غربية وغريبة عن المنطقة، ولكن ويا للمفاجأة فقد رفضت الولايات المتحدة الأميركية مثل هذا الاتفاق، بل وضغطت على إسرائيل ومنعتها من مواصلة المفاوضات.
ولكن تشكل بعد سنوات قليلة من الاحتلال الأميركي واقع سياسي جديد أفاد سورية كثيراً ومنحها فرصا جديدة، فقد كان الفشل الأميركي في العراق، وارتفاع أسعار النفط مدخلاً لتطور استراتيجي وسياسي جديد جعل من التحالف الإيراني السوري قوة إقليمية جديدة، وبدأ هذا التحالف الإقليمي من جديد يشكل تحدياً إقليمياً وعالمياً تشكل سياسي في لبنان، وتحرك الجماعات والقوى الشيعية في العالم كما يبدو اليوم في اليمن والخليج، وباكستان وأفغانستان، والهند وآسيا الوسطى وتركيا.
وفي الوقت نفسه فإن سورية وإيران تجدان في هذه الحالة فرصة للضغط على الولايات المتحدة الأميركية ومواجهتها، وبخاصة أنها (الولايات المتحدة) تجد نفسها اليوم في حالة ضعف وحاجة لتعاون إيران وسورية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد