الحملات التنصيرية معروفة منذ القدم بأنها تستغل معاناة الشعوب وتدخل من باب المساعدة والعلاج لتنفذ برامجها التنصيرية.
هي لم تأت للمساعدة ولا لعلاج المرضى ولا لإطعام الجوعى، بل جاءت لبث برامجها الكنسية ولسلخ الناس عن دينهم وإدخالهم في النصرانية، والمنصرون ودعاة التنصير يبذلون جهوداً غير عادية لتنفيذ مخططات الكنيسة.
يقطعون آلاف الأميال ويعيشون في الأدغال وفي المناطق الخطرة والوعرة ويتكبدون الخسائر ويعايشون المشاكل والأهوال من أجل بث برامجهم وتنصير الناس بأي ثمن، هؤلاء يقدمون كتبهم ونشراتهم وسمومهم قبل أن يقدموا لقمة العيش.
ما من إقليم أو بقعة أو مكان في هذا العالم اشتكى من حرب أو كارثة أو مشكلة أو جدب أو جوع إلا تسابقت له بعثات التنصير وحطَّت رحالها عنده وأقامت حتى تضمن تنفيذ برامجها الكنسية.
إقليم دارفور سكانه مسلمون، ولا يوجد به كنيسة واحدة، وكان يوصف بموطن الفقهاء والطعام. هو الآن عرضة لحملات التنصير، إذ بلغ عدد المنظمات الأوروبية والأمريكية العاملة فيه أكثر من (30) منظمة تقوم بأدوار خطيرة، وتستغل العمل الإغاثي لتنصير اللاجئين من أهاليه الذين يقيمون في مخيمات خارج المدن بعد خروجهم منها بسبب هجمات المتمردين.
في ظل غياب المنظمات الإسلامية والعربية بعكس الأزمات السابقة التي مرّت بها أقاليم أخرى في العالم الإسلامي.
الدعوة طرحت موضوع (كيف تصمد دارفور المنفذ الجديد لحملات التنصير في ديار الإسلام) واستطلعت عدداً من المهتمين والأكاديميين.
بداية يقول الدكتور إسماعيل حنفي - عميد كلية الشريعة بجامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم -: إنه قام بعدة جولات دعوية في مخيمات الدارفوريين، ولمس بنفسه حجم النشاط التنصيري الذي يتم هناك. وأضاف حنفي: إنه لاحظ بروز بعض (المظاهر السيئة) التي ظهرت مع المنظمات الغربية مثل: دفع النساء للتبرج، وتوفير الخمور، وإلحاق الأطفال بمؤسسات التنصير، موضحاً أن الوسائل التي تقوم بها تلك المنظمات في التنصير تنحصر في الإغراء المادي بتوظيف اللاجئين أو مدّهم بكميات كبيرة من المواد الغذائية بجانب توفير المأوى والملبس لهم.
وأكد حنفي أن هذه الأعمال التنصيرية تُنفّذ تحت غطاء المنظمات الإغاثية والصحية أو رعاية المشرّدين إلى غيرها من (اللافتات البرّاقة)، وسط غياب المنظمات الإسلامية والعربية.
من جانبه قال الداعية عز الدين إبراهيم: إن عدداً من المنصرّين في إقليم دارفور قاموا بتوزيع كتب التنصير على المواطنين هناك لتنصيرهم وإبعادهم عن الدين الإسلامي، وقال إبراهيم: إن الخطر الحقيقي ليس في التدخل الخارجي بالسلاح، ولكن في تنصير مواطني دارفور الذين عُرفوا بحبهم للقرآن وكتابتهم للمصحف الشريف.
وتتصدر المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، تقديم المساعدات من المأكل والمشرب والكساء والدواء للاجئين من إقليم دارفور إلى شرق تشاد. والذين يبلغ عددهم قرابة المليون ونصف المليون معظمهم من النساء والأطفال والعجزة، وحسب قول مدير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين المقيم في تشاد فإن العدد الذي ظل خارج المخيمات أكبر من الذي في داخله.
المجتمع المسلم
وتُعتبر دارفور أكبر أقاليم السودان، وتقع في الغرب منه وتمثل حدوده الغربية مع ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد، ويبلغ عدد سكان الإقليم نحو 6. 7ملايين نسمة، وجميع سكانه مسلمون سُنّة، وقد قُسّم الإقليم منذ عام 1994م إلى ثلاثة أقاليم متجاورة ومختلفة الأعراق، وهي الغرب والشمال والجنوب، وتبلغ نسبة الجماعات الإفريقية نحو 60% بينما تبلغ نسبة العرب 40%.
وبدأت خطط تنصير السودان منذ فترات بعيدة وتحديداً في عام 1917م حينما بدأ الاحتفال البريطاني في بناء سياج سياسي وإداري بين شمال السودان وجنوبه، فقد شجع الاحتلال الإرساليات التنصيرية، وفتح لها الباب على مصراعيه، وحُوّلت العطلة الرسمية في الجنوب من الجمعة إلى الأحد، واستبعدت قوات الأمن الإسلامية من المناطق الجنوبية.
وفي عام 1921م أصبح هناك فصل إداري بين الشمال والجنوب، بعد أن قرّر الاحتلال أن يعتمد الجنوب على حكام جنوبيين.
وخطا الاحتلال البريطاني خطوات أوسع حينما أصدر قانون (المناطق المقفلة) والذي بموجبه أصبحت كل من مديرية دارفور، والاستوائية، وأعالي النيل، وبعض أجزاء من المديريات الشمالية، وكردفان، والجزيرة، وكسلا، مناطق مغلقة.
وقانون المناطق المغلقة يحرِّم على غير المواطنين السودانيين الدخول أو البقاء في هذه المناطق إلا بإذن خاص من السكرتير الإداري أو من مدير المديرية التي يتبعها ذلك الجزء الممنوع دخوله، وكذلك من حق السكرتير الإداري أو مدير المديرية المختص منع أي مواطن سوداني من الدخول أو البقاء في تلك المناطق.
منظمة الدعوة :
الدكتور عبد الله سيد أحمد، الأمين العام لمنظمة الدعوة الإسلامية بالسودان قال من ناحيته إنهم كمنظمات دعوية إسلامية خيرية منها منظمة الدعوة الإسلامية رائدة المنظمات العربية الإسلامية، حقيقة نحن اليوم في غاية الأسف أننا لا نستطيع أن ننجد ونغيث إخواننا السودانيين الذين لجأوا إلى شرقي تشاد ذلك بانشغالنا بما يحدث عندنا هنا في السودان، وكذلك بسبب وعورة المواصلات لعدم وجود خطوط مباشرة بيننا وبين شرقي تشاد. عموماً هنا - الحمد لله - في الجزء السوداني تقسمت المنظمات الوطنية والمنظمات التي أتت من الخارج العمل بصورة مرتبة والآن نستطيع أن نقول إن الأمور الآن تحت السيطرة في معسكرات شمال دارفور ومعسكرات جنوب دارفور ومعسكرات غربي دارفور، الأمور - بحمد الله - تحت السيطرة وليس صحيحاً وجود أوبئة يموت من جرائها عشرات الآلاف كما يدعون، وليس صحيحاً أن هناك نقصاً غذائياً حادً في منطقة الجنينة والنقص في إمدادات الغذاء في غرب دارفور سببه وعورة المواصلات وقطع الطريق من طرف المتمردين، أما جنوب دارفور وشمال دارفور الأوضاع الصحية والأوضاع الغذائية نستطيع أن نقول إنها طيبة إلى حد كبير.
وعن وصول أعداد كبيرة من المنظمات النصرانية وتقديمها المعونات بأشكال كبيرة في ظل تراجع عدد كبير من المنظمات الإسلامية عن المنطقة قال الدكتور سيد أحمد: هناك بون شاسع، فالمنظمات العربية الإسلامية الطوعية التي إمدادها أصلاً يأتي من الأخوة الخليجيين في مناطق الخليج، ومن الدعم الوطني بينها فرق كبير وبين المنظمات الغربية التي تجد دعم مباشر من منظمات الأمم المتحدة، بينما لسبب أو لآخر بعض المنظمات الإسلامية لا تحظى بهذا الدعم. على كلٍ, هذه حقيقة وهذا قدرنا أن يكون هناك هذا الشق الكبير، ولكن برغم ذلك أعتقد أن المنظمات الوطنية أثبتت وجودها واستطاعت أن تسد جزءاً لا نستطيع أن نقول إننا راضون كل الرضا عن أدائنا، ولكن نعتقد أننا بهذا الدعم الذي نجده خاصة في الفترة الأخيرة، الحمد لله انساب علينا دعم كبير من إخواننا العرب مثل البنك الإسلامي للتنمية، والهلال الأحمر السعودي، والهلال الأحمر الإماراتي، ومن مصر، والجزائر، وليبيا.
منظمات متطرفة
ويقول الدكتور حقار محمد أحمد، رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الأقلية المسلمة لدى المحكمة الأوروبية وهو ممن زار المنطقة، أنه شاهد المنظمات النصرانية وهي ترفع الصليب الأبيض وعادة لا ترفعه في كل الأوقات، فإما لوجود خوف شديد عند النصارى أنفسهم فيرفعون ويقولون هذا السيد المسيح قد حضر، وإما يرفعونه في حالة دعوة غير النصراني إلى النصرانية، وقال حقار إن منظمة الرؤيا العالمية من المنظمات الموجودة بدارفور وهي متخصصة في تنصير النساء والأطفال بصورة خاصة.
وإن إحدى المنظمات التنصيرية المتطرفة جاءت بأربعين امرأة أكبرهن عمراً لا تتجاوز الأربعين سنة من هولندا، ومن كندا إلى هذه المنطقة المأساوية، وأن منهن من تتقن لهجة الفور، ولهجة الزغاوة، ولهجة البرتي، ولهجة المساليت، أو اللهجات التي تسود الإقليم ويعشن معهم، وحتى يلبسن زيهن المحلي الوطني.
وقال حقار: إن إحدى المنظمات التنصيرية وتسمى منظمة جملك ا ربي، هي متخصصة في تنصير البدو الرحل، وقد سجلنا حالات تنصير من المسلمين، فهناك أكثر من ثلاثمائة رجل من قبيلة المساليت في مخيمات اللاجئين داخل تشاد وقد تم أيضاً تسجيل حالات تنصر في الجانب السوداني، وكانت أقل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد