وثيقة أمريكية ترسم ملامح الشرق الأوسط الجديد


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تقسيم نفط المنطقة بين واشنطن وحليفاتها بنسب محددة:

انتهت الإدارة الأمريكية مؤخرا من إعداد 'وثيقة' جديدة أعدها مستشارو البيت الأبيض وترسم ملامح خطة واشنطن إزاء الشرق الأوسط الجديد في عامي 2003،. 2004 وتتضمن هذه الوثيقة ما أسمته بخطة اختفاء أعداء الديمقراطية والسلام من الشرق الأوسط، وهم بالترتيب حسب طرحها صدام حسين، ياسر عرفات، معمر القذافي، عمر البشير، بشار الأسد.

ومن الغريب أن هذه القائمة خلت من الإيرانيين، على اعتبار أن آخر ما تم التوصل إلىه هو تجنب العمل العسكري مع إيران خلال العامين القادمين، والعمل على تهيئة الظروف الداخلية في إيران لخلع حكم الملإلى.

وقد أقرت الوثيقة القيام بعمليات عسكرية مباشرة ضد كل من أسمتهم بأعداء الديمقراطية في الشرق الأوسط، شريطة أن تجري هذه لعمليات بتنسيق مشترك مع دول حلف الأطلسي للسيطرة على الشرق الأوسط.

وتكشف الوثيقة أن الرئيس الأمريكي جورج بوش كان قد طلب من مستشاريه بعد أسبوع من توليه الحكم أن يعدوا تقريرا عن الشرق الأوسط الجديد، وأنه قال لهم خلال اجتماعه بهم: إن العرب يجب أن يظلوا أصدقاء لنا، ولكن شريطة أن ندير نحن شئونهم الأمنية والاقتصادية، وأن تبقي 'إسرائيل' هي الأقوى أمنياً واقتصادياً.

وتقوم الوثيقة الأمريكية على فكرة الارتباط الأوربي الأمريكي، حيث جرى إبلاغ قادة دول حلف الاطلنطي بمضمونها، وسوف تكون مجالا للبحث خلال زيارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير التي سيقوم بها إلى واشنطن في 31 يناير الجاري، كما أن قادة دول الحلف مطالبون بالرد عليها رسميا خلال الأسابيع القليلة القادمة.

وتوضح الوثيقة أسس هذا التحالف بين واشنطن ودول الحلف على الوجه التإلي:

إنشاء قواعد عسكرية متطورة لحلف الأطلنطي داخل الأراضي العراقية بعد اسقاط نظام حكم الرئيس صدام على أن يكون قوام هذه القوات 120 ألف جندي أمريكي أوربي.

تتولى هذه القوات المسئولية المباشرة عن التطبيق الديمقراطي في العراق وضمان استقراره، وتشكيل حكومة من عناصر المعارضة العراقية ذات الصلة.

إن مهمة هذه القوات لن تقتصر فقط على المهام الأمنية والعسكرية داخل العراق وإنما ستمتد إلى بقية دول المنطقة، حيث إن أمريكا قدمت تهديدا واضحا في هذه الوثيقة إلى دول حلف شمال الأطلسي عندما أشارت إلى أن الدول التي لن تشارك في حماية الأمن والنظام في المنطقة لن تستطيع الاستفادة من الفرص الاقتصادية الواسعة التي تتيحها المنطقة.

وحددت الوثيقة نسبة اقتسام الغنائم البترولية في الشرق الأوسط على الوجه التإلي:

40 % للولايات المتحدة لأنها ستتحمل النصيب الأكبر من القوات والمعدات العسكرية، وكذلك كل ما يتعلق بتنفيذ خطط الطوارئ الأمنية لمواجهة التحديات 'الإرهابية' الجديدة.

أما بقية ال60 % فستقسم بين دول حلف الأطلسي وغيرها، وهو أمر لا يزال محل خلاف بين الجانبين!!

وتشير الوثيقة من جانب آخر إلى ضرورات التوصل إلى فهم واحد ومشترك لحل النزاع العربي الإسرائيلي بحيث لا يجد العرب طرفا آخر وسيطا يوافقهم على كل أو بعض مطالبهم، فيضطرون لقبول ما هو مطروح عليهم، بما يضمن بقاء 'النزاع العربي الإسرائيلي' تحت السيطرة.

وفي هذا الصدد تقول الوثيقة حرفيا: 'لقد عانت منطقة الشرق الأوسط كثيرا بسبب أحداث هذا النزاع الذي ألقى بغيوم سوداء على المصالح المستقرة في هذه المنطقة، ولكن في العامين الأخيرين أصبح مؤكدا أن 'الإرهابيين' بدأوا يلعبون الدور الأكبر في تحويل دفة هذا الصراع، وأصبحت لهم الغلبة الأساسية حتى توارت الحكومة الشرعية الفلسطينية، كما بدا يقينا أن حكومة عرفات تدعم هذا الاتجاه 'الإرهابي' لأنها وجدت ضالتها في أن هذا النشاط 'الإرهابي' يعمل على إلحاق الخسائر الأمنية والاقتصادية بالإسرائيليين.

وتستكمل الوثيقة القول: 'لقد كان لدى عرفات تصور يشير إلى أن ذلك سيجبر الإسرائيليين على القبول بأفكاره، وتقديم تنازلات كبرى لصالحه، ولكن إذا عقدنا السلام على الأساس الذي يرتضيه عرفات، فإننا نكون قد دعونا إلى انتصار إرادة الإرهاب، وأفعال الإرهاب على منطق الحق والسلام، خاصة أننا قدمنا إلى عرفات النصائح مرارا وتكرارا بأن يسيطر على هذا الإرهاب، وأن يكون داعيا وبحق إلى إرساء أسس السلام مع الإسرائيليين بأشكال حقيقية من التعاون، وأنه في كل مرة كان يقدم دلائله وبدائله على أنه يشجع الإرهاب ولكن بطريق غير مباشر، إلى الدرجة التي استحال معها تحقيق السلام أو التقدم بخطوات تجاهه'.

وتقول الوثيقة: 'إن الدول العربية الأخرى لم تكن على علم بالحقائق الكاملة عما يحدث داخل الأراضي الإسرائيلية، وكان لديهم وجه واحد من الحقيقة وهو أن 'إسرائيل' دولة معتدية، وقد حاولنا كثيرا أن نتفق على أن تكون هناك خطوات إضافية وحقيقية من أجل السلام إلا أنها كانت جميعا دون المستوى لأن عرفات كان أحد المشاركين فيها'. وتشير الوثيقة 'إلى أنه وبناء على التجربة الماضية لم يعد أمامنا في المرحلة القادمة سوى خيار واحد، هو أنه وبعد الانتهاء من حكم صدام وعودة الديمقراطية إلى العراق، فإن شعوب الشرق الأوسط لن تقبل باستمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأن أحد التحديات الأساسية التي ستواجهنا في المرحلة القادمة هو استمرار المجموعات الفلسطينية في أعمالها 'الإرهابية' ضد إسرائيل وأمنها'.

وتقول الوثيقة: 'إذا أردنا أن نبقي هذا الوضع تحت السيطرة الأمنية فإن جزءا من القوات الأطلسية سيتحرك من الأراضي العراقية إلى داخل الأراضي الفلسطينية وسيكون ذلك بقرابة من 40 إلى 50 ألف جندي أطلسي، ستكون مهمتهم الأساسية مراقبة الأوضاع الأمنية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لحين التوصل لسلام نهائي بين الجانبين'.

وتشير الوثيقة: 'إلى أن هذه المهمة قد تتطور في بعض الأحيان إلى التدخل الأمني العسكري المباشر ضد الجماعات 'الإرهابية' أو من يساندونها إذا قامت بأي نوع من العمليات 'الإرهابية' الجديدة ضد إسرائيل'.

وتقول الوثيقة: 'إن هذه القوات هي التي ستشرف على تنظيم إجراء انتخابات فلسطينية لاختيار قيادة بديلة عن عرفات، وأن عرفات سيكون وضعه في هذه الظروف الجديدة شبيها بوضع صدام حسين: شخصا غير مرغوب فيه، لأنه قام بتشجيع العمليات 'الإرهابية' وأضر كثيرا بالأمن الإسرائيلي على مدار السنوات الماضية، كما أنه غير مؤهل لإدارة المرحلة القادمة نظرا لطبيعتها الأمنية الحساسة بالإضافة إلى أنه سيقترن بها العمل بكل الطرق الممكنة على نشر مبادئ الديمقراطية واحتواء النزاعات والقيادات المدمرة في الشرق الأوسط التي تزيد معها حدة العمليات الإرهابية'!!

وتقول الوثيقة: 'إن أحد المبادىء الأساسية التي لا بد أن تمثل قاسما مشتركا لدينا هو أن يسود السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل على مراحل متدرجة:

أولها: أن يتم اختيار حكومة فلسطينية جديدة من خلال انتخابات حرة يتم الإشراف على كل خطواتها كاملا بمعرفة قيادات قوات الأطلسي، بما يضمن وجود الضوابط التنظيمية للعملية الانتخابية وأهمها التأكيد أن عرفات شخص غير معني بهذه الانتخابات، وأنه لا يمكن إجراء الانتخابات في ظل انتشار الجماعات 'الإرهابية' الفلسطينية فلابد من القضاء عليها أولا من خلال تحركات القوات الأطلسية المدعوة للقيام بحملات اعتقالات ومداهمات ومحاكمات لهذه العناصر، كما أنه يجب ضمان تفكيك البنية التحتية للمؤسسات 'الإرهابية' الفلسطينية واعتقال كافة قياداتها وعدم السماح بترشيح كل المعادين لعملية السلام مع إسرائيل.

ثانيها: أن من سيتم اختيارهم من ممثلي الشعب الفلسطيني سيدعون مباشرة للدخول في مفاوضات مع 'إسرائيل' وأن قيادات الأطلسي هي التي ستشرف على هذه المفاوضات، وتحييد دور الدول العربية.

ثالثها: بعد الانتهاء من هذه المرحلة التي سنتركها تتواصل سنتجه إلى ليبيا، حيث يرابض هناك واحد من أكثر الأنظمة 'ديكتاتورية' في العالم على حد وصف الوثيقة وأننا سنجد الدوافع والاعتبارات الكافية للتدخل في ليبيا لأنه بدون تقدير هذه الدوافع والاعتبارات فستكون لدينا مشكلة حقيقية في التعامل مع شعوب الشرق الأوسط'.

وتقول الوثيقة: 'إن نظام القذافي دعم المنظمات 'الإرهابية' في العديد من دول العالم وأنه قدم إلى العراق في عام 1998 (200) مليون دولار لشراء العديد من المواد المختبرية اللازمة لصناعة أسلحة الدمار الشامل، كما أنه كان ينفق كثيرا على العلماء العراقيين، وكان هدفه هو أنه عند التوصل إلى صناعة القنبلة النووية العراقية يتم الإعلان بعد عدة سنوات قادمة عن القنبلة النووية العربية حتى تكون هي الرادع لإسرائيل'.

وتزعم الوثيقة 'أن هناك العديد من الأدلة والمذكرات الأخرى التي أكدت أن القذافي سعي شخصيا إلى حيازة أسلحة الدمار الشامل، وأن هناك ما يقرب من 100 عالم ذري عربي يعملون في تصنيع بعض المواد النووية، وأن البرنامج الليبي مازال مستمرا إلا أنه يحمل طابع السرية التامة، كما أن مكونات هذا البرنامج أو أغراضه وآفاقه غير معروفة على الإطلاق'.

تخلص الوثيقة في هذه القضية إلى ضرورة الخلاص من النظام الليبي على نمط ما سيجري مع الرئيس صدام حسين..

وتقول الوثيقة: 'إننا سندعو في المراحل الأولى فرقا من التفتيش الدولي للبحث عن مصادر أسلحة الدمار الشامل الليبية، والأماكن التي تخزن فيها، وأننا نثق في أن القذافي سيضع عقبات كبرى أمام عمل لجان التفتيش الدولية، ولكن ما يجب أن نفعله هو ألا ندع فرصا كثيرة للقذافي مثل صدام، وأن يتم الانتهاء عسكريا من القذافي وفي أقل الخيارات الزمنية المتاحة'.

وتقترح الوثيقة 'أن يتواجد في ليبيا عدد لا يزيد على 20 ألفا من قوات الأطلسي، وسيكون أحد مهامها الأساسية هو ضمان التطبيق الديمقراطي في ليبيا مثل العراق وفلسطين'.

وتقول الوثيقة: 'إننا على ثقة من أن العملية العسكرية في ليبيا قد تكون معقدة لاعتبارات تتعلق أساسا بمواقف الدول المجاورة خاصة مصر التي ترفض دائما اللجوء إلى القوة في تغيير النظام الليبي، إلا أن مصر أيضا، وعلى الرغم من صداقتها التقليدية لدول حلف الأطلسي، إلا أننا سنحتاج أن نطلب منها إجراء العديد من التغييرات المهمة التي لابد وأن تتوافق مع الاتجاهات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط'.

وتتحدث الوثيقة مطولا عن حقيقة دور القوات الأطلسية في المنطقة بعد مرحلة صدام، وهنا تقول الوثيقة: 'إن طبيعة دور القوات الأطلسية في المنطقة لا تقتصر فقط على مجرد إجراء ترتيبات أمنية أو ضمان مساندة الجماعات والأفكار الديمقراطية التي لابد أن تسود كل دول وأرجاء الشرق الأوسط، بل أيضا يجب أن تلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية، باعتبار أن الفقر يمثل عائقا أمام التطور الديمقراطي وسندا أساسيا لانتشار الإرهاب'.

وتقول الوثيقة: 'إذا كانت لا توجد مشكلة في إدارة برامج التنمية الاقتصادية، فإن إحدى المشكلات المهمة التي ستواجهنا في هذه المنطقة هي طبيعة الآليات التي يمكن من خلالها الاعتماد على إدارة برامج التنمية'.

وتشير الوثيقة هنا إلى أن التعاون الاقتصادي الإقليمي سيمثل أحد الخيارات الأساسية للتعاون البناء في هذه المنطقة، وأن هذا التعاون يجب أن تشارك فيه كل الأطراف الإقليمية في المنطقة بما فيها 'إسرائيل' وأن ذلك سيكون تحت رعاية وتوجيه دول حلف الأطلسي، كما أن الحلف سيعمل على تنفيذ عدد من البرامج الاقتصادية الطموحة للتغلب على العديد من العوائق الاقتصادية التي تواجه العديد من دول المنطقة.

وتقول الوثيقة: 'إننا سنضمن من خلال أطر التعاون الإقليمي ضمان مرور أكبر عدد من الشركات الدولية الكبرى للاستثمار في المنطقة'

وبعد ليبيا يأتي الدور على السودان من خلال تذكية الخلافات بين الحكومة السودانية والجنوبيين.. الأمر الذي يدفع بقوات حلف الأطلسي للتدخل المباشر وإسقاط نظام البشير.

أما بالنسبة لسوريا فسوف يجري افتعال العديد من الأزمات معها، تارة بتوجيه الاتهام إليها بحيازة أسلحة دمار شامل وحصولها على أسلحة متقدمة من العراق، واحتضانها لمنظمات 'إرهابية' مما يدفع قوات الحلف للقيام بمهمة اسقاط نظام حكم الرئيس بشار وتولية حكومة تقبل بالسلام والتعاون مع 'إسرائيل' وتدخل ضمن منظومة الدول التي تسعي واشنطن إلى نشر مفاهيم ومبادئ 'الديمقراطية' على أراضيها.

إذن هذه هي الملامح الأساسية لما تضمنته الوثيقة الأمريكية التي تناقش حإلياً في أروقة حكومات دول حلف الأطلسي بهدف تطبيقها خلال عامي 2003،. 2004.

وفي هذا الإطار طلبت الولايات المتحدة من دول الحلف سرعة موافاتها بالردود النهائية للمشاركة في تنفيذ الخطة، حيث ترى واشنطن أن الدول التي ستوافق على التنفيذ العسكري معها هي الوحيدة التي سيكون لها حق الاستفادة من الميزات الاقتصادية في الشرق الأوسط.

  

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply