التعايش مع العلمانيين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أصبح التعايش اجتماعياً مع بني علمان مبعث خوف وقلق من قبل شرائح المجتمع من المسلمين وغيرهم، وهذا القلق ليس مبعثه وساوس لا تمت إلى الواقع بصلة، إنما هو قلق مشروع يتداوله العامة من الناس تستطيع أن تتلمسه في الحياة العامة.

أصبح المسلمون البسطاء قلقين على المستقبل في ظل إصرار بني علمان في أوطاننا على فرض المناهج والفلسفات والأفكار والممارسات العلمانية التي تتناقض مع طبيعة مجتمعاتنا، خاصة وقد رأى المسلمون ما فعلت هذه الأفكار العلمانية الغربية من ممارسات عبثت في تلك المجتمعات وفاحت رائحتها النتنة.

والمشكلة أن بني علمان يريدون فرض آرائهم وأفكارهم على مجتمعاتنا بشتى الوسائل،فهم يستغلون وسائل الإعلام ويسخرونها لهم، ويوهمون الناس أن أفكارهم تلقى رواجاً عند عامة الناس، بينما يعلم القاصي والداني أنهم فئة مقطوعة عن العمق الشعبي ولا تكاد تجد في منتدياتهم الثقافية إلا النزر القليل ولهذا فهم يلجأون إلى أسلوب إثارة الغرائز أو الطرب لجذب الباحثين عن المتعة واللذة لكي يوهمون الناس نجاح مشاريعهم.

كما يجب على هؤلاء العلمانيين أن يعلموا أنه ليس من حقهم إجبار الناس على تغيير قناعاتهم، فالناس لا يريدون تغيير ما يعتقدون أنه ملائم لفطرتهم مناسب لعاداتهم، فلا معنى لإصرار بني علمان على تغيير ما يرفض الناس تغييره من باب دعوى التقدم والتطور، إن على بني علمان أن يعلموا أنهم ليسوا أوصياء على الناس.

الإصرار على تطبيق بني علمان لأفكارهم الخاصة ورفضهم التعايش مع المجتمع الذي يرفض أفكارهم لأنه يعدها طارئة أجنبية عليه، واعتقاد بني علمان أن المعركة لابد أن تكون في النهاية الغلبة لهم فيها، يهدر وقت المجتمع في معارك لا داعي لها، وستكون على حساب تنمية هذه المجتمعات بالأمور النافعة.

وهؤلاء العلمانيون لهم معتقدات أجنبية غريبة على مجتمعاتنا وعاداتنا وتقاليدنا وقبل ذلك ديننا الحنيف، وعلى لحمة المجتمعات بشكل عام وعلى روح القيم الاجتماعية والأخلاقية التي كنا ولا زلنا نعيشها، فلبس المرأة (للاسترتش) والبنطال الضيق ورميها نفسها في أوساط الشباب لحجة الاختلاط الذي ينمي العلاقات بين الجنسين، والزج بالمرأة في ميادين الصراعات السياسية والجيش والرياضة وعرضها جسدها للإغراء في عروض الأزياء وتركها تتلقفها الأحضان بحجة الانفتاح والتحرر، كل هذه القيم غريبة ممجوجة في المجتمعات الأصيلة - نستثني الطارئين علينا - ومع ذلك يصر بنو علمان على هذه الرؤى الخاصة والمعتقدات الغربية الشاذة، ويدعون مكابرين للعقول أن هذه الأمور لازمة للتقدم التكنولوجي ومواكبة العصر وكأن التكنولوجيا لا تؤتي ثمارها إلا مع التفسخ والانحلال وقلة الحياء.

والغريب في أمر هؤلاء العلمانيين في مجتمعاتنا أنهم لا يستفيدون من الآثار المدمرة لما أحدثته المناهج العلمانية في الوطن العربي من قوميين واشتراكيين وماركسيين وبعثيين … الخ، وما حدث لشعوب هذه الأنظمة العلمانية من التعذيب والاضطهاد والاستبداد وإهدار الثروات والدخول في حروب مدمرة بسبب نزوات القيادات العلمانية المستبدة، ومصادرة الحريات وفرض قوانين الطوارئ والأحكام العرفية عشرات السنين، ونكتة انتخابات ( 99,99%) في هذه الأنظمة العلمانية التي رفضت أحكام الشريعة الإسلامية واستبدلتها بالمناهج العلمانية، نكتة تاريخية تضحك منها جميع شعوبنا، وهي وصمة التطبيق الفعلي والعملي للعلمانية في وطننا العربي.

وهؤلاء العلمانيون ينسون ذلك كله، ويبحثون عن أخطاء في تجارب غير مكتملة ومحاربة ومضيق عليها ومحاصرة من قبل الدول الكبرى مثل التجربة الإسلامية في الجزائر، فهي ضحية مؤامرة دولة ومافيا محلية أكثر من كونها فكرة إسلامية طبقت بالفعل في الأجواء الملائمة والفرص المتاحة.

وأعجب وأغرب من ذلك كله هو: أن بني علمان تيارات متضاربة متحاربة مختلفة، كلما دخلت أمة لعنت أختها، ومع ذلك يحاولون تغطية هذا العيب بإلقائه على الإسلاميين، عل حد قول المثل (رمتني بداءها وانسلت)، وكل تيار منها يحمل منهجاً أحادياً، ويأبى إلا فرضه على المجتمع، وكم لاقت الشعوب العربية الويلات بسبب الحروب المستعرة بين العلمانيين والشيوعيين والعلمانيين القوميين الاشتراكيين، وبين العلمانيين الليبراليين والعلمانيين الماركسيين … الخ.

وأما الحركات النسائية فحدث ولا حرج من الخلافات التي لا تنتهي بينها وتصل إلى حد شد (شعور) بعضهن بعض وللأسف الشديد.

هذه القاعدة المنهجية القائمة على رفض (الأول) والأصول والتراث والتاريخ والقيم الذاتية المنبثقة من روح الأمة نفسها، والانسلاخ من الهوية والكفر بالذات والتنكر للحضارة العربية والإسلامية، واللهث وراء الأجنبي وتسليم العقل إليه والانقياد له والارتماء في حضنه والرضا بالتنازل عن الاعتزاز بالنفس والفخر بالماضي والأمجاد.

هذه القاعدة تناقض الفطرة والإسلام، ورغم إدراك بني علمان لذلك إلا أنهم يسيرون في هذا الاتجاه، ويخرجون من النور إلى الظلمات وصدق الله العظيم القائل في محكم التنزيل: (ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)، والقائل: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً،الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً).

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply