لماذا تشككون في سماحة بابا الفاتيكان ؟


  

بسم الله الرحمن الرحيم

غريب أمر المسلمين ما إن صرح البابا ببعض مما يكنه صدره من سماحة وقبول للآخر، حتى انبرى العالم الإسلامي بأكمله من شرقه لغربه يستنكر كلمات البابا الرقيقة في حق الإسلام والمسلمين.

فلماذا هذه الضجة؟ ولماذا هذه الاستنكارات؟ ولماذا تشككون في سماحة الحبر الكبير؟

هل ترون في قوله أرني ما أتى به محمد، عندها ستجد فقط ما هو شرير ولا إنساني، كأمره نشر الدين الذي نادى به بالسيف.، إنه لم يقصد الإساءة للرسول الكريم ولا للإسلام والمسلمين، إنه فقط أتى بهذا النص للتسلية، فقد أحس بأن الجو العام بمحاضرته يحتاج إلى الإتيان بقصة مسلية، فلم يجد في عقله المصاب بالشيخوخة لكبر سنه إلا هذه القصة.

أما عن مدحه للعقيدة المسيحية ورؤيته لها أنها تتفق مع العقل والمنطق ثم قوله بالنسبة للتعاليم الإسلامية، فإن الله فعال لما يريد منزه عن أي من قوالبنا، بما في ذلك العقل والمنطق، فهو لا يعني أن الإسلام بعيد عن المنطق والعقل، ولا يعقد مقارنة بين الإسلام والمسيحية بل إنه كان يسعى لدعم روح الإخاء والمحبة الممتلئ بها قلبه المتسامح، ولكن خانته تعبيراته، فأرجو ألا نتناسى كبر سنه.

لا أجد تبريرات البابا لأقواله المسيئة للإسلام تذهب بعيدًا عن هذه التبريرات الأضحوكة التي بدأت بها المقال، وإما أن البابا ساذج بدرجه كبيرة حتى يظن أن هذه الحجج الواهية التي ذكرها ستنطلي علينا، وإما أنه يظن أننا نحن أصحاب هذه السذاجة ومن السهل أن يقنعنا باعتذاره الواهي.

فليس من الطبيعي أن يستشهد البابا عن السماحة المزعومة بالمسيحية بقصة ساقطة يدعي فيها أن الإسلام دين عنف، وانتشر بالسيف ثم يدعي أنه لا يؤمن بها ويقول إن الكلمة التي ألقاها كانت بمثابة دعوة إلى حوار محترم، فلماذا استشهدت بها إذا يا حبر النصارى؟ وأين الاحترام فيما تقول؟.

ولي سؤال لبابا الفاتيكان أين سماحتك المزعومة؟، بل أين حوار الأديان الذي تدعو له لتتخذ منه وسيلة للوصول لأبناء الإسلام البسطاء من أجل تنصيرهم تحت إغراء المال وسطوة الشهوات.

وأي دين هذا يا بنيديكت يدعو للعنف ولا تجد فيه إلا ما هو شرير ولا إنساني؟ أسوق لك بعضًا من نصوص كتابك الكتاب المقدس الذي تؤمن به لتعرف من هذا الدين الذي قصدته بالعنف والإرهاب.

ففي كتابك يقول في سفر إشعيا [13: 16] [[وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم]]

وفي سفر هوشع [13: 16] [[تجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها. بالسيف يسقطون. تحطم أطفالهم، والحوامل تشق]]

وفي سفر [حزقيال 9: 5] اعبروا في المدينة وراءه [أي يهوذا] واضربوا. لا تشفق أعينكم ولا تعفوا: الشّيخ والشّابّ والعذراء والطّفل والنّساء: اقتلوا للهلاك... نجّسوا البيت واملئوا الدّور قتلى...

أي دين هذا يا بابا الفاتيكان الذي يأمر بقتل الأطفال، ويأمر بشق بطون الحوامل؟ هل هناك إرهاب وعنف وشر أكثر من ذلك.

وفي كتابك بالعهد الجديد يقول على لسان المسيح وهو مما نسب إليه براء جاء في كتاب متى [10: 34]: [[لاَ تَظُنٌّوا أَنِّي جِئتُ لألقي سَلامًا عَلَى الأَرضِ. مَا جِئتُ لألقي سَلاَماً، بَل سَيفاً. فَإِنِّي جِئتُ لأَجعَلَ الإِنسَانَ عَلَى خِلاَفٍ, مَعَ أَبِيهِ، وَالبِنتَ مَعَ أُمِّهَا، وَالكَنَّةَ مَعَ حَمَاتِهَا]].

وورد في لوقا [19: 27]: [[أما أعدائي الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحـوهم قدامـي!

عرفت الآن ما هو الدين الذي يدعو للشر، وأين هذه النصوص من رحمة الإسلام التي ظهرت واضحة في وصية أبي بكر الصديق لأسامة ابن زيد والتي استقاها من تعاليم النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال مخاطباً أسامة وجنده: أيها الناس قفوا أوصكم بعشر فاحفظوها عني لا تخونوا، وتغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيرًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأةً، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرةً مثمرةً، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرةً ولا بعيرًا إلا لمأكل، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان من الطعام، فإذا أكلتم منها فاذكروا اسم الله عليه.

وتأمل يا بابا الفاتيكان كلام المنصفين من غير المسلمين لتتعرف على عظمة الإسلام وسماحته.

قال الكاتب[جوستاف لوبون]

ما عرف التاريخ فاتحًا أرحم من العرب، وإن العرب هم أول من علم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين، والسهولة العجيبة التي ينتشر بها القرآن في العالم شاملة للنظر تمامًا فالمسلم أينما مر ترك خلفه دينه وبلغ عدد أشياع النبي ملايين كثيرة في البلاد التي دخلها العرب بقصد التجارة [لا فاتحين] كبعض أجزاء الصين وأفريقيا الوسطى وروسية وتم اعتناق هذه الملايين للإسلام طوعًا، لا كرهًا ولم يسمع أن الضرورة قضت بإرسال جيوش مع هؤلاء التجار العرب المسلمين لمساعدتهم ويتسع نطاق الإسلام بعد أن يقيمه هؤلاء في أي مكان كان.

ويقول الفيلسوف [رينان]

إن راهبًا دينيًا أوربيًا هو الكاردينال أكزيمنيس شارك في أكبر جريمة ضد المعرفة بإصداره أمرًا بإحراق كتب المسلمين في غرناطة في أعقاب سقوط الفردوس الإسلامي هناك وكان المرسوم الذي أصدره يقضي بإحراق ثمانين ألف مخطوطة عربية في الأماكن العامة بغرناطة .

ويقول الفيلسوف الإنكليزي [توماس كارليل]

الحق أقول لقد كان أولئك العرب قومًا أقوياء النفوس كأن أخلاقهم سيول دفاقة لها شدة حزمهم وقوة إرادتهم أحصن سور وأمنع حاجز وهذه وأبيكم أم الفضائل وذروة الشرف الباذخ وقد كان أحدهم يضيفه ألد أعدائه فيكرم مثواه، ونحن نعلم أن صلاح الدين الأيوبي أرسل طبيبه الخاص لمداواة ريتشارد قلب الأسد قائد الحملات الصليبية على المسلمين وبيت المقدس عندما علم أنه مريض، وينحر له فإذا أزمع الرحيل خلع عليه وحمّله وشيعه، ثم هو بعد كل ذلك لا يحجم عن أن يقاتله متى عادت به إليه الفرص، وكان العربي أغلب وقته صامتًا فإذا قال أفصح إني لأعرف عنه أنه كان كثير الصمت، يسكت حيث لا موجب للكلام.

هذا هو الإسلام يا بنيديكت وهذه هي سماحته، ونحمد الله أنه أظهر وجهك الحقيقي، وأبان لنا مافي قلبك وأجراه على لسانك.

وأقول لك عفوًا لقد أخطأت الرمي هذه المرة، واعتقدت أن تصريحات المشينة عن الإسلام ستمر مرور الكرام، لكن اعلم أن تصريحاتك أشعلت في القلوب نار الغيرة على الدين، وأيقظت الكثير من النائمين في مستنقع حوار الأديان.

أما من لم تؤثر فيه هذه الإساءات، واعتقد في جدوى حوار الأديان فسنكبر عليه أربعًا، ونصلي عليه، فقد أصبح من الأموات.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply