ردود موثقة على مزاعم ملفقة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين أما بعد.

 

رداً على المزاعم التي أوردها رئيس تحرير جريدة اليولاند بوستن (كارستن يوستي) والتي وجهها إلى مواطني المملكة العربية السعودية محاولاً من خلالها امتصاص الغضبة العارمة على الإساءة الفادحة للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبما أننا متابعون للقضية من أول نشأتها، فإن الأمانة توجب علينا أن نفند للرأي العام هذه المزاعم...

 

1- زعم "أن هذه الرسومات إنما نشرت ضمن حوار دانمركي حول حرية التعبير" نقول:

أنه مصر على جعل القضية قضية رأي وحرية تعبير وهو ما وصفه "وهو حقٌ نعتبره مهمٌ في الدانمرك" فنرجو ملاحظة هذا الفخ في كلامه وهذا الإصرار على المبدأ الأصلي ومحاولة تفريغ القضية من محتواها الذي هو الاستهزاء والاعتداء، وأن القضية مجرد رأيٍ, يجب احترامه إذ ليس فيه جريمة.

 

ومن جهة أخرى فإننا لا نعلم لماذا اختاروا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذات ليكون محل اختبار لمدى احترام مبدأ حرية الرأي من عدمه، علماً أننا كمتابعين من داخل الدانمرك لم نر إطلاقاً تهجماً في هذه الفترة على أي دين أو أي رمزٍ, لينتظم ذلك في هذه العملية الحوارية المزعومة.

 

والأهم من ذلك كله أن كلامه اليوم لا ينسجم أبداً مع ما كان قد ذكره في نفس جريدته يوم أن نشر تلك الرسومات في 30/09/2005 " بأن المسلمين يميلون في غالبيتهم إلى الهدوء والعيش المطمئن في هذه البلاد، وأنهم لن يشعروا بغضاضة تجاه النقد الموجه للإسلام، وإنما المشكلة تكمن في أولئك الظلاميين القادمين بأفكار من العصور الوسطى والذين يعانون من جنون العظمة ويحتكرون سلطة التأويل الديني" وقوله: "أن الرسومات النقدية (الكاريكاتير) والكلمات الساخرة التي تتناول شتى المواضيع وكافة الفئات والأفكار، هي عبارة عن نقد وسخرية هادفة وذكية أيضاً، وأن هذا أمراً مقبولاً ومتعارفاً عليه في العالم بأسره، باستثناء ما يخص الإسلام! فيتعجب من الحرمة التي ينالها الإسلام في هذا الشأن ويعزو هذه الحرمة والهالة والقدسية إلى وجود مجموعة من طبقة القساوسة من الإسلاميين، وشلة من المشايخ والملالي الذين يعطون لأنفسهم حق النقد والتفسير الحصري لكلام النبي" وقوله: " سيكون الأمر مسعداً حقاً لو تمكنا من إزالة هذا الخوف وهذا الهراء الكامن وراء جنون العظمة عند هؤلاء، السخرية موجودة ومنتشرة حول العالم بأسره، ولكن لا أحد يسمح لنفسه بالسخرية من الإسلام! ".

 

تأمل التعارض الواضح بل التناقض بين كلامه سابقاً ولاحقاً والذي يجمعه شعار (حرية التعبير حقٌ مهم جداً)، إذا هناك إصرارٌ على أن المسألة لا تعدو هذا الإطار.

 

2- زعم أن "هذه النشرة صُورت وكأنها حملة ضد المسلمين في الدانمرك والعالم الإسلامي وهذا ما أريد تصحيحه".

 

نقول رداً عليه: أنها فعلاً هي ضد مقدسٍ, عظيم ورمز كبير للمسلمين وقد بينا ذلك للجريدة وللرأي العام كله وقد وصلهم رأينا فلماذا أصروا وما زالوا على موقفهم، ومن جهة أخرى هو يقول أنه يريد التصحيح فهل يكون التصحيح بالعناد على الموقف وعدم التراجع ورفض الاعتذار فيكون على طريقته بأن يقنعنا أن الأمر وإن أزعجكم إلا أنه قد حصل والقانون يكفل لنا أن نعبر عن أي شيء كما نريد.

 

3- زعم أنه "لم تقصد الصحيفة أن تسيء لأحد في معتقداته ولكن للأسف هذا ما حدث فعلاً ولكن بدون قصد".

 

فنقول له: إن ما طالعنا به مقالك في ذاك اليوم المشئوم 30/09/2006 من ضرورة قبول المسلمين للاستهزاء والنقد مهما كان جارحاً وأن يتقبلوا السخرية كغيرهم وأن لا يأخذهم جنون العظمة وكما في بعض الفقرات في أول هذا البيان من مقالك، فإنه يدحض هذه البساطة والمسكنة التي تحاول الظهور بها الآن.

 

4- زعم زعماً عجيباً فقال: "نحن قد تأسفنا عدة مرات في الأشهر الماضية في صحيفتنا، في الصحف الأخرى، في التلفزيون، في الراديو، ووسائل الإعلام العالمية".

 

يؤسفنا أن نقول أن هذا الكلام عارٍ, عن الصحة تماماً أصلاً وفصلاً، ونحن نتحداه أن يذكر التواريخ والمواقع دون تعميم حتى يراجعها القارئ الكريم.

 

ثم لو كان هذا صحيحاً وأنه ما كان يدري ولا يقصد الإهانة فلماذا الإصرار حتى اليوم بشتى الوسائل على رأيهم ولماذا تنشر صحيفته الصور مراراً بعد أن بلغه أن الأمر خطير جداً بالنسبة لنا، ثم أكثر من ذلك وهذا يدل دلالة واضحة على عناده أن جريدته في عدديها اللذين صدرا (23/24-01-2006) أي منذ أيام قليلة وفيهما رسومات جديدة مسيئة ومقالات مصحوبة معها هي أسوء منها، بل كانت دعاية للكتاب الأثيم الذي هو أساس المشكلة والذي يعد صدوره في هذا الوقت بالذات قمة في الصلافة وقصد الإساءة.

 

5- ومن مزاعمه قوله: "قد قمنا بالاجتماع مع مندوبين من الجالية الإسلامية في جو إيجابي... ".

 

نعم لقد حصل الاجتماع مرتين بقصد حل المشكلة وتطويقها ولكن شيئاً من ذلك لم يكن، بل على العكس حتى الإعتذار غير المباشر لم يسمح به بل في ثنايا جلسته أقر أن المراد بنشر تلك الرسومات هو الاستفزاز لمشاعر المسلمين من أجل اختبار الساحة في الدانمرك إن كان فيها متطرفون حسب زعمه حتى يظهروا لأن هذه الصور لا شك ستستفزهم. إذاً الاستفزاز معلوم لديه لا بل هو مقصود لأغراض دنيئة، مما يتنافى مع ادعائه السابق أن المسألة غاية ما فيها تفعيل حوار داخلي.

 

ثم الذي يحاول الظهور به أنه حمل وديع يزعجه جداً ما آذى المسلمين، قد أقر في مجالسه مع وفد الجاليه (الذي وصفه بالإيجابية) أنه لا يمكن له أن يعتذر أبداً لأنه حسب زعمه إن فعل ذلك يكون خائناً للأجيال التي ناضلت قرابة مئتي عام من أجل الحرية.

 

علماً أننا أثناء المفاوضات طلبنا منه أن يرسل لنا مقترحاته لحل الأزمة وانتظرناه طويلاً لكنه في تلك الفترة التي لم يجبنا فيها بما يدل على التجاوب المزعوم بل على العكس كانت صحيفته تطل علينا كل يوم بجديد مواصلة منها لدرب (الحرية)!!!!.

 

أبعد كل هذا يسوغ للمتابع أن يقبل مزاعمه بالاعتذار.

 

6- زعم أنهم في جريدتهم يشعرون بالأسف لأن الموضوع قد وصل لهذا الحد.

 

فنقول: إن كلمة الأسف قد تغر بعض البسطاء ولكن لو حللنا الكلمة فإنها لا تدل على أي اعتذار حتى في اللغة العربية فمثلاً لو صدم أمامك رجلٌ فإنك تقول له (يؤسفني ما حصل لك) ولا يصح أن تقول له (أعتذر لما حصل لك) لأنك لست الجاني.

 

أما إذا كنت أنت الذي صدمته فإن عليك أن تقول له (أعتذر إليك عما حصل) ولو قلت (أتأسف لما حصل) فلا يعد هذا كافياً، وكأنك لا دخل لك بذلك، كما قال الله - عز وجل - عن يعقوب - عليه السلام - (وقال يا أسفى على يوسف) فهو حزين عليه وإن كان ليس المتسبب بما حصل له.

 

علماً أن الترجمة الصحيحة لجملته ليس الأسف إنما "إننا نحزن لأن الموضوع قد وصل إلى هذا الحد".

 

هناك غموضٌ كبيرٌ يكتنف هذه الجملة الفضفاضة لأنه لم يكن صريحاً في الموضوع الذي أحزنه، فقد يكون سبب حزنه المقاطعة المترتبة على الرسومات وليس الرسومات نفسها، وهذا يتماشى كثيراً مع تصريحاته هو وغيره حتى من الساسة للأسف من أن القضية لا تستدعي هذا التضخيم الذي نراه.

 

7- زعم أنه يعتقد مثل باقي المجتمع باحترام حرية الأديان.

 

نقول: إن الترجمة الحرفية لمقاله (الدانمركي) بدل كلمة الأديان الأصح أنها (الاعتقاد) وعلى كلا الحالين فإن جملته لا تحل القضية أبداً بل حسب ثقافته تزيدها رسوخاً لأنه لو كان يعني ما يريده المسلمون لقال (احترام الأديان) أي الدين نفسه، وليس احترام حرية اختيارك للدين.

 

ومن جهة أخرى فإن المراد باحترام حرية الاعتقاد أو (الأديان) معناه أن يمارس الإنسان دينه وعقيدته دون أن يمنع من ذلك، فمثلاً يمكن له أن يصلي وأن يسافر إلى الحج. أما أن يتهكموا ويستهزئوا بدينه فهذا لا يعني عنده على الإطلاق أنه قد صودرت حرية تدينه. وتوضيحاً لذلك فإنه إن كان يريد أن يوصل لنا ما نريد لقال باحترام الأديان نفسها وهذا ما لم يقله.

 

8- من العجيب جدا أن يحيلنا بكل صفاقة إلى مقال سابق أصدرته جريدته باللغة العربية أيضاً تحت عنوان (الكلمة حرة).

 

نقول: إن هذا المقال آنف الذكر يؤصل فيه مبدأه ومطالبته لنا بأن نرضى ونسكت على هذه الفعلة، وأنه لا داعي للاعتذار ويلخص مقاله كله بجملةٍ, ذكرت وهذا نصها (ولهذا فلن يكون هناك سواء اعتذار أو "سحب" الرسومات).

 

أخيراً إن ما حركه اليوم ليس احترام ديننا إنما الخوف على مصالحهم بل حتى على مصيره داخل الدنمرك لأنه يحمل من الكثيرين مسؤولية ما جرى فأراد بدهاء أن يتوجه للعالم الإسلامي - وخصوصاً للملكة العربية السعودية لما تشكل من ثقل بما يظن أنه اعتذار يصلح القضية.

 

ولو كان صادقاً لتحرك منذ أشهر إن كان غيوراً على حرمة الأديان ولكانت حركته الطبيعية من الدانمرك وليس من الخارج، فنحن كمسلمين في الدانمرك أولى الناس أن يقدم الاعتذار لنا وللعالم من خلالنا.

 

وأخيراً وليس آخراً كان يكفيه بدل هذه الديباجة الطويلة أن يقول بسطرٍ, واحد (نحن نحترم دينكم ونبيكم ولا نرضى أن نلحق الإهانة بمقدساتكم).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply