الهجمة الدنمركية ... وما تخفي صدورهم أكبر


بسم الله الرحمن الرحيم

  تفتخر الأمم والشعوب بقيمها ... وتعتز بقادتها ... وتخلّد ذكرى عظمائها ... وتسن القوانين لحماية رموزها .. كما تتبارى الدول فيما بينها وتتباهى بقوة اللحمة بين أفراد شعبها على اختلاف طوائفهم وتنوع مللهم، وهي تكفل لكل واحد منهم حرية التعبير عما يريد وفق ضوابط محددة تضمن ترابط المجتمع وعدم إثارة النعرات أو الحقد والكراهية فيه، وتضمن ألا تكون تلك الحرية مسيئة للآخرين.

وفي كل دول العالم هناك مقدسات متفق عليها يجب على الجميع احترامها وعدم المساس بها أو التعدي عليها ومن أهمها الأديان والمعتقدات.

ولكن هل تنطبق تلك القوانين وتطبق إذا تعلق الأمر بمقدسات المسلمين أو رموزهم؟

إن الواقع المشاهد يقول بكل جرأة (لا) ودون تردد.

إن أشد المنافحين عن تلك القوانين والمطالبين بها هم الغرب على اختلاف شعوبه وتنوع دوله، وهم يتشدقون بتعجرف تجاه ما يسمى الدول النامية وبالذات الإسلامية منها - حيال تلك القوانين، ويصفون من يتهجم عليهم أو يخالف آراءهم بالتخلف والرجعية والدعوة إلى العنف وإذكاء الكراهية بين الشعوب.

اليوم بدأ تساقط الأقنعة... بدأ بعد أن بدأ فرض مسلسل ما يسمى بالإصلاح بقوة السلاح وتدمير الشعوب واستهلاك مقدراتها بحجة منحها الحرية.. وآخر تلك الأقنعة التي سقطت ما حصل في الدنمرك من هجمة على ذات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكيف تعاملت معها الحكومة والقضاء في الدنمرك بدم بارد يضرب بالقوانين عرض الحائط، بل ويختلق الأعذار لمن قام بتلك الهجمة، مما جرأ آخرين على تكرارها وكأنه ينطبق عليهم المثل العربي الشهير (لم آمر بها ولم تسؤني) فقد وافقت هوى في نفوسهم وأظهرت بعضاً مما يكنونه لنا نحن المسلمين... لتتضح الصورة بشكل أكبر: لنتخيل أن تلك الهجمة تناولت قضية محرقة اليهود فكيف سيكون رد الحكومة الدنمركية وقضائها؟ وكيف ستتعامل المنظمات الدولية تجاهها؟ وكيف سيتصرف الغرب بمنظماته وجمعياته؟

نحن المسلمين نشعر بالغثيان والقشعريرة عند رؤية تلك الصور المشينة التي نشرت عن نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ولكنها في واقع الأمر لا تمثل لنا ولا ردة الفعل الرسمية في الغرب صدمة غير متوقعة، لأننا وبكل بساطة ندرك طبيعة علاقة الغرب معنا وكيف ينظر إلينا وما الذي يحركه نحونا، فكل يوم يسقط قناع من أقنعتهم المزيفة، وإدراكنا لطبيعة تلك العلاقة ليس نابعاً من تجارب سابقة ولا نصائح تاريخية ولا استشارات قانونية، بل هو نابع من قول الله - عز وجل -: (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر)، فنحن نتوقع منهم المزيد والأسوأ، لأن التاريخ يثبت أن جذوة العقيدة في القلب لا يطفئها القانون..فهل نعي الدرس جيداً هذه المرة وندرك ما في قلوبهم؟!!!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply