أتسخرون من الحبيب صلى الله عليه وسلم؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

قالوا سُحر، قالوا تزوج وأنجب، وضُرب وأُوذي، أهذا نبي؟!

وهل كان نبي على غير هذا؟!

(( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبلِهِم مِّن رَّسُولٍ, إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَو مَجنُونٌ ))(الذاريات: 52)، (( وَلَقَد أَرسَلنَا رُسُلاً مِّن قَبلِكَ وَجَعَلنَا لَهُم أَزوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ, أَن يَأتِيَ بِآيَةٍ, إِلاَّ بِإِذنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ, كِتَابٌ ))(الرعد: 38)، (( وَلَقَد كُذِّبَت رُسُلٌ مِّن قَبلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُم نَصرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقد جَاءكَ مِن نَّبَإِ المُرسَلِينَ ))(الأنعام: 34) فهي شنشنة قديمة من يوم سار ركب الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - بنور الله، حين يعجز أهل الكفر عن نقض الرسالة يوجهون سهامهم لحاملي الرسالة - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين -.

والعجب العجاب الذي يأخذ بالألباب أن أحداً ممن عاصروا النبي محمداً - صلى الله عليه وسلم - لم يتكلم فيه بما يسوؤه، لم نسمع أن أحداً ممن عادوه كذَّبه، أو أن أحداً رماه بالزنا والفحش، أو أن أحداً قال عنه ما يقال اليوم أو شيئاً منه.

مضى الجيل الذي عاصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يشهد له بأنه الصادق الأمين، ووقف اليهود له بكل طريق كي يسجلوا عليه خطأً يقدح في نبوته وما استطاعوا، بل أقروا رغماً عنهم، أنطقتهم فِعَاله.

أقول: كانت إحدى الأدلة على إثبات نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - هي الاستدلال بأخلاقه قبل البعثة النبوية، وبأحواله بين الناس، وتدبر قول الله - تعالى- وهو يخاطب المكذبين لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: ((قُل إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ, أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ, إِن هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَينَ يَدَي عَذَابٍ, شَدِيدٍ, ))(سبأ: 46)، (( وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجنُونٍ, ))(التكوير: 22)، (( مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى ))(النجم: 2).

يقول أهل العلم: عبّر بلفظ صاحبكم ولم يستخدم أي لفظ آخر ليقول لهم أنه هذا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي صحبتموه وعرفتموه معرفة الصاحب بصاحبه، فلا جنون ولا ضلال، بل صادق أمين كما سميتموه.

رأته أعرابية عجوز في الصحراء وهو مطارد تتبعه قريش ومن معها يوم الهجرة فقالت في وصفه وهي لا تعرفه: أبهى الناس وأجملهم من بعيد، وأحسنهم من قريب، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قداً، له رفقاء يحفون به، إن قال: استمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محفود محشود.

وصدق حسان:

وأحسن منك لم تر قط عيني           وخير منك لم تلد النســاء

خلقت مبرئاً من كل عيــــــب           كأنك قد خلقت كما تشاء

والسؤال: من أين أتى من يسخرون اليوم ويتهكمون على الحبيب - صلى الله عليه وسلم - بكلامهم هذا؟

قوم لا يعرفون العربية، ولا يحسنون قراءة القرآن، وقد شهد له أعداؤه قبل محبّيه، ومضى بخير سيرة عرفتها البشرية.

ثم يقولون كان نبيكم وكان.

من أين؟

إنه الحسد ليس إلا.

هل جهلوا أوصاف نبينا - صلى الله عليه وسلم - لا والله، فنبينا ولد في الشمس، وعاش بين الناس، وخبره موصول إلينا بأوثق الطرق وآكدها، نعرف عنه كل شيء، يعرف أحدنا عن محمد - صلى الله عليه وسلم - ما لا يعرفه عن أبيه، فكيف تنكرون صفاته؟

لا تَعجَبَن لِحَسُودٍ, راحَ يُنكِرُهَا           تجاهُلاً وَهوَ عينُ الحاذِقِ الفَهِمِ

قد تُنكِرُ العينُ ضَوءَ الشمسِ مِن رَمَـدٍ,            ويُنكِرُ الفَمَ طعمَ الماءِ مِن سَقَمِ

ما بي من طاقة للكلام عن أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - فوالله كلما هممت بالكتابة عن خلق رأيت أن الكلمات تشينه لا تزينه، وأن كلماتي أقل من أن تعبر عن أوصاف الحبيب - صلى الله عليه وسلم -، ولكن دونكم الكتب، فقط أردت أن أبين لكل من يقرأ أن من يتكلمون عن الحبيب - صلى الله عليه وسلم - إنما يغرفون من وعاهم، ولا سند لهم ممن عاصروا محمداً - صلى الله عليه وسلم - ونبينا كل الكمال، وجملة الجمال - صلى الله عليه وسلم -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply