بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن بعض من نرى ونشاهد يعيش في مكان ليس له، والمفترض أن هذا أو هذه في مكان غير هذا حتى تخرج الطاقات وتبرز الإبداعات.
إن بعض الظروف التي تحيط بنا لن نستطيع تجاوزها بسبب الحال الذي نعيشه، ولكن -بلا ريب- بعض الظروف التي تحيط بنا يجب أن نتجاوزها ونكسرها بقوة الإرادة والطموح.
إن لدينا لمسة "إبداع" و"رغبة في التميز"، ولكن يجب تغيير المكان.
أقسم برب الكون أن الواقع الذي نراه، وما فيه من نجاحات ليس إلا نزراً يسيراً من نتاج الطاقات الموجودة وإلا لو تحرك "النائمون" لعشنا في ثورة الإبداع وسماء التميز.
إن تغيير مكانك من أسرار نجاحك وانتفاع العالم بك؛ لأن حياتك هي فرصة إبداعك وإضافتك الجديد لمن حولك.
إن إشارتي هذه قد تكون غامضة على البعض، ولكن المثال يزيل الغموض أو يخففه؛ فتأمل تدرك:
- ذلك الشاب الذي يعيش في محيط شباب المدرسة، والحي الذي يسكن فيه قد أهمل طاقته وقتل مواهبه؛ ولذا كم نرى من شاب غير مكانه -أي غير- صحبته، فإذا بك تراه حافظًا لكتاب الله، أو مبدعًا في الحاسب، أو منتجًا متميزًا لبرامج الفيديو.
- كم من فتاة كانت همومها بين تسريحة وسوق ومقهى؛ ولكنها لما غيرت مكانها، والتحقت بـ "دور التحفيظ" أو دورات التميز إذا بها تُخرج لنا أفكارًا تنير دروب نساء الجيل.
- كم من طالب علم يملك حبًا كبيرًا للعلم، ولكن بيئته لا تساهم في الارتقاء، فلما اقتنع بفكرتي وغير مكانه إذا به يُحَصِّل علماً غزيراً وأدباً عزيزاً وذكاءً جديداً.
- وفي ذلك المسجد إمام نائم متكاسل متأخر عن الصناعات الدعوية في مسجده؛ بسبب أوهام أملاها زملاء العُمر وأصدقاء الماضي، فلما جلس مع " داعية محترق "، وزار إماماً متميزًا تغير تمامًا، وانتفض من سباته، وقام لله، وخرجت الطاقات، وظهرت المواهب، وانتفع الناس به، وهكذا يكون التغيير.
- وهذا داعية مغمور في بلده، مهجور في حيِّه؛ فلما سافر إلى بعض البلاد ليمارس هوايته الدعوية اكتشف أنه مُبدع في الإلقاء، صبور على الأعباء، حكيم في القرارات والاستشارات، وبين جنبيه نفساً تواقةً للمعالي.
- وهذه قصة طالب لم تكن لديه هموم الدعوة؛ فلما تخرج من الجامعة وتم تعيينه في إحدى القرى اضطر صاحبنا أن يكون هو الإمام والقاضي ورئيس الحلقات ومدير المستودع الخيري، وظهرت دلائل الصدق والهمة؛ لأنه غيَّر مكانه، ولو أنه تعيَّن قرب بيته لم يكتشف ذاته، ولم ينتفع به سوى أهله، وهكذا يكون التغيير.
- وكم من امرأة عندها صناعة الحياة، ولكنها تعيش في أسرة تجيد صناعة التخذيل وتمتلك موهبة الإسقاط؛ فلما تزوجت تلك المرأة، وخرجت من ذلك العالَم؛ تنفّست الهواء، وزاحت الجبال، وانطلقت الإرادة نحو الحياة، وتحقق النجاح، وسارت الهمة نحو القمة.. وهكذا.. غيِّر مكانك.
- وكم من موظف ذا راتب قليل؛ لأن شهادته ضعيفة، فلما غير مكانه، وأكمل دراسته، وسارت سنين عمره؛ وإذا بك تراه ممن يحمل وظيفة عالية أو لعله ممن فاز بلقب (د)، وقد رأيتُ بنفسي غير واحد من هؤلاء، فعجباً للتغيير؛ كيف يصنع بنا وبغيرنا؟!
وختاماً: هذه دعوة مني لكل راغب في التجديد، وصناعة الجديد، وإضافة المفيد، لابد أن تغير مكانك.
والمقصود: أن تبحث عن بابٍ آخر فيه متنفسٌ لك لتخرج طاقتك، وتضع بصمتك، وليس المعنى أن تهرب من مجتمعك أو تهجر أسرتك أو تهمل وظيفتك.. لا؛ ولكن المراد هو تغيير المكان أو الصاحب أو الحال، الذي يؤثر على أكسجين الحياة، وحينما تجرب سترى أنك " مشروع.. ولكنه متوقف "، وستوقن أنك بناء لم يكتمل.
إذن : آن الأوان لاكتمال مشروعك، وحان الوقت لتسير حياتك عبر قاعدة:"غيِّر مكانك".
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
مثال في الموضوع
-أبو عبد الحميد
01:22:18 2016-03-10