النقاب


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ (صاحب المال) مِنْكَ الْجَدُّ. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.أمَّا بَعْدُ:

فإن الشريعة الإسلامية المباركة حريصة على تكريم المرأة، والمحافظة عليها، ومِن وسائل تكريم المرأة النقاب، فهو مِن محاسن الشريعة الإسلامية.فأقول وبالله تعالى التوفيق:

حكْم النقاب:

اتفق العلماء على أنه يجب على المرأة أن تستر جميع بدنها، وإنما حصل الاختلاف بينهم في جواز كشف الوجه والكفين، والذين يقولون بجواز كشف الوجه والكفين يَرَونَ أن الأفضل للمرأة أن تستر وجهها، ويرون أيضاً أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عند الفتنة.  (فتوى مجمع الفقه بمنظمة المؤتمر الإسلامي عام 1407هجرية) 

ونرى أن الرأي الراجح هو وجوب ستر وجه المرأة.

وسوف نذكر أدلة وجوب النقاب مِن القرآن الكريم، وسُنَّة نبينا محمدٍ،وأقوال سلفنا الصالح.

 

أدلة وجوب النقاب من القرآن:

(1)             قال الله تعالى (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)(الأحزاب :53)

قال الإمامُ  ابنُ جرير الطبري (رحمه الله) (عند تفسيره لهذه الآية): وَإِذَا سَأَلْتُمْ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ اللَّوَاتِي لَسْنَ لَكُمْ بِأَزْوَاجٍ مَتَاعًا (فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) يَقُولُ: مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ، وَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِنَّ بُيُوتَهُنَّ (ذَلِكُمْ أَطْهُرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: سُؤَالُكُمْ إِيَّاهُنَّ الْمَتَاعَ إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ ذَلِكَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَطْهُرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ مِنْ عَوَارِضِ الْعَيْنِ فِيهَا الَّتِي تُعْرَضُ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ، وَفِي صُدُورِ النِّسَاءِ مِنْ أَمْرِ الرِّجَالِ، وَأَحْرَى مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْكُمْ وَعَلْيهِنَّ سَبِيلٌ. (تفسير الطبري جـ 22صـ  190)

وقال الإمامُ  القرطبي(رحمه الله): (عند تفسيره لهذه الآية) هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ فِي مَسْأَلَتِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فِي حَاجَةٍ تَعْرِضُ، أَوْ مَسْأَلَةٍ يُسْتَفْتَيْنَ فِيهَا، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ النِّسَاءِ بِالْمَعْنَى، وَبِمَا تَضَمَّنَتْهُ أُصُولُ الشَّرِيعَةِ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ كُلُّهَا عَوْرَةٌ، بَدَنُهَا وَصَوْتُهَا،فَلَا يَجُوزُ كَشْفُ ذَلِكَ إِلَّا لِحَاجَةٍ كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهَا، أَوْ دَاءٍ يَكُونُ بِبَدَنِهَا، أَوْ سُؤَالِهَا عَمَّا يَعْرِضُ وَتَعَيَّنَ عندها. (تفسير القرطبي جـ 14صـ 218).

(2)             قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)(الأحزاب: 59)

قال عبدُ الله بن عباس(رضي الله عنه): «أَمَرَ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ فِي حَاجَةٍ أَنْ يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِنَّ بِالْجَلَابِيبِ، وَيُبْدِينَ عَيْنًا وَاحِدَةً» (تفسير الطبري جـ 22صـ  207)

روى ابنُ جرير الطبري عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ عُبَيْدَةَ، عَنْ قَوْلِهِ: (قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ)  قَالَ: «فَقَالَ بِثَوْبِهِ، فَغَطَّى رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ، وَأَبْرَزَ ثَوْبَهُ عَنْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ أُمِرْنَ أَنْ يَشْدُدْنَ جَلَابِيبَهُنَّ عَلَى جِبَاهِهِنَّ (إسناده صحيح) (تفسير الطبري جـ 22صـ  208).

روى ابن جرير الطبري عن قتادة قوله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ) أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ إِذَا خَرَجْنَ أَنْ يَقْنَعْنَ عَلَى الْحَوَاجِبِ (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)  وَقَدْ كَانَتِ الْمَمْلُوكَةُ إِذَا مَرَّتْ تَنَاوَلُوهَا بِالْإِيذَاءِ، فَنَهَى اللَّهُ الْحَرَائِرَ أَنْ يَتَشَبَّهْنَ بِالْإِمَاءِ "(إسناده حسن)                                                                                                                                                (تفسير الطبري جـ 22صـ  209)

قَالَ الإمام السُّيُوطِيُّ (رحمه الله): هَذِهِ آيَةُ الْحِجَابِ فِي حَقِّ سَائِرِ النِّسَاءِ فَفِيهَا وُجُوبُ سَتْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ عَلَيْهِنَّ. (عون المعبود جـ 4صـ 106).

قَالَ الإمام أَبُو بَكْرٍ الجصاص(رحمه الله): فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الشَّابَّةَ مَأْمُورَةٌ بِسَتْرِ وَجْهِهَا عَنْ الْأَجْنَبِيِّينَ وَإِظْهَارِ السِّتْرِ وَالْعَفَافِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِئَلَّا يَطْمَعَ أَهْلُ الرِّيَبِ فِيهِنَّ. (أحكام القرآن للجصاص جـ 3صـ 371)

قال الإمام أحمدُ ابنُ تيمية(رحمه الله): ضُرِبَ الْحِجَابُ عَلَى النِّسَاءِ لِئَلَّا تُرَى وُجُوهُهُنَّ وَأَيْدِيهِنَّ . (مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 15صـ 372).

(3)             قال الله تعالى (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)(النور:31)

روى ابن جرير عن عبد الله بن مسعود، في قوله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) قَالَ: «الثِّيَابُ».(إسناده صحيح) (تفسير الطبري جـ 20صـ  284).

روى ابنُ جرير عن إبراهيم النخعي، في قوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا): قَالَ: «الثِّيَابُ». (إسناده صحيح) (تفسير الطبري جـ 20صـ  285).

قال الإمامُ  ابنُ عثيمين (رحمه الله): قــوله سبحانه: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)(النور:31)

 يعني لا تضرب المرأة برجلها فيُعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرجل، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه ، فكيف بكشف الوجه؟!

فأيهما أعظم فتنة: أن يسمع الرجل خُلخَالاً بقدم امرأة لا يدري من هي وما جمالها، ولا يدري أشابة هي أم عجوز، ولا يدري أشوهاء هي أم حسناء، أم أن ينظر إلى وجه سافر جميل، ممتلئ شباباً ونضارةً وحُسناً وجمالاً وتجميلاً مما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها؟!

إن كل إنسان له إربة في النساء لَيَعْلَم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء؟! (الحجاب لابن عثيمين ص14: 15)

(4)             قال سبحانه: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(النور:60)

روى ابنُ جرير عن أبي وائل قال: سمعتُ عبد الله بن مسعود يقول في هذه الآية (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) قَالَ: (الْجِلْبَابُ). (إسناده صحيح) (تفسير الطبري جـ 20صـ  401)

روى البيهقي عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ قَالَ: كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ وَقَدْ جَعَلَتِ الْجِلْبَابَ هَكَذَا وَتَنَقَّبَتْ بِهِ فَنَقُولُ لَهَا رَحِمَكِ اللَّهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) هُوَ الْجِلْبَابُ قَالَ فَتَقُولُ لَنَا: أَيُّ شَيءٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَقُولُ (وَأَنْ يَسْتَعْفِفنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) فَتَقُولُ هُوَ إِثْبَاتُ الْجِلْبَابِ.(سنن البيهقي جـ 7صـ 93) وقوله تعالى (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)(النور:31)

صريحٌ في إدناء المرأة لخمارها ،من رأسها إلى صدرها، ومن المعلوم لكل عاقل ،أن الوجه من الرأس، فيدخل في التغطية .

 

أدلة وجوب النقاب مِن السُّنةِ:

(1)             روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ. (البخاري حديث 1838)

قال الإمام أبو بكر بن العربي (رحمه الله) :قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ) لأن ستر وجهها بالبرقع فرضٌ إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها، غير لاصق، وتُعرض عن الرجال، ويُعرضون عنها.  (عارضة الأحوذي لابن العربي جـ 4صـ 56)

وقال ابنُ تيمية: هَذَا الحديثُ  يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النِّقَابَ وَالْقُفَّازَيْنِ كَانَا مَعْرُوفَيْنِ فِي النِّسَاءِ اللَّاتِي لَمْ يُحْرِمْنَ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي سَتْرَ وُجُوهِهِنَّ وَأَيْدِيهِنَّ (مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 15صـ 372)

(2)             روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ ـ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ ـ لِحَاجَتِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ قَالَتْ فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ. (البخاري حديث 4795)                      

هذا الحديثُ فيه دليلٌ على وجوب تغطية الوجه ،وذلك لأن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ لم يعرف سَوْدَةَ بنت زمعة ،زوج نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا بطولها ،فدل ذلك على أن وجهها كان مستوراً.

(3)             روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت (وهي تتحدث عن حادث الإفك)  كَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي، فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ (غطيت) وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَوَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً، وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ. (قَوْلُ: إنا لله،وإنا إليه راجعون) (البخاري حديث 4750/مسلم حديث 2770)

هذا الحديثُ دليلٌ على أن المقصود بحجاب النساء الذي ذكره الله تعالى في القرآن هو النقاب .

(4)             روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا. (البخاري حديث 4758)

قال الإمام ابنُ حجر العسقلاني (رحمه الله): قَوْلُهُ فَاخْتَمَرْنَ أَيْ غَطَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ وَصِفَةُ ذَلِكَ أَنْ تَضَعَ الْخِمَارَ عَلَى رَأْسِهَا وَتَرْمِيَهُ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عَلَى الْعَاتِقِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ التَّقَنُّعُ.(فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ8 صـ 347)

قال الإمامُ البدر العيني (رحمه الله): قولها (فَاخْتَمَرْنَ بِهَا) أي غطين وجههن بالمروط التي شققنها. (عمدة القاري للبدر العيني جـ 19 صـ 92)

(5)             روى الشيخانِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَمُّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ. (البخاري حديث 5103/مسلم حديث 1445).

قال الإمامُ  ابنُ حجر العسقلاني (رحمه الله): هذا الحديث فِيهِ وُجُوبُ احْتِجَابِ الْمَرْأَةِ مِنَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ9 صـ 56).

(6)             روى الشيخانِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا. (البخاري حديث2075 /مسلم حديث 2175)

هذا الحديث دليلٌ على أن صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، رضي اللهُ عنها، كانت مستورة الوجه، لأن هذين الرجلين لم يعرفاها، ولذا حرص النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَرفها لهما، حتى لا يتسرب إلى قلبيهما شيئاً، وهو يمشي معها ليلاً ليوصلها إلى بيتها .

(7)             روى الإمام مالك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّهَا قَالَتْ:كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. (إسناده صحيح)(موطأ مالك – كتاب الحج ـ حديث 16)

(8)             روى سَعِيدُ بْن مَنْصُور عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : تُسْدِلُ الْمَرْأَة جِلْبَابهَا مِنْ فَوْق رَأْسهَا عَلَى وَجْههَا. (إسناده صحيح) (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ3 صـ474)

(9)             روى الحاكمُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: كُنَّا نُغَطِّيَ وُجُوهَنَا مِنَ الرِّجَالِ،وَكُنَّا نَتَمَشَّطُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْإِحْرَامِ . (إسناده صحيح)(إرواء الغليل للألباني جـ4 حديث 1023)

قال الإمامُ ابن حجر العسقلاني (رحمه الله): إن الْعَمَلَ اسْتِمْرَ عَلَى جَوَازِ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَالْأَسْفَارِ مُنْتَقِبَاتٍ لِئَلَّا يَرَاهُنَّ الرِّجَالُ. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ9 صـ 248)

قال الإمامُ الغزالي (رحمه الله): لم يزل الرجال على مر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن منتقبات. (إحياء علوم الدين جـ 2صـ 316).

(10)        روى الترمذيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: يُرْخِينَ شِبْرًا. فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ. قَالَ: فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ .

قال الترمذي: في هذا الحديث رخصة للنساء في جر الإزار، لأنه يكون أستر لهن. (حديث صحيح)(صحيح الترمذي للألباني حديث 1415)

قال ابن عثيمين (رحمه الله): في هذا الحديث دليلٌ على وجوب ستر قدم المرأة، لأنه أمر معلوم عند نساء الصحابة، رضي الله عنهم، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين، بلا ريب ،فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه، وما هو أَوْلى منه بالحكم، وحكمةُ الشرع تأبى أن يوجب ستر ما هو أقل فتنة، ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فأن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه. (الحجاب لابن عثيمين ص ـ 18).

(11)        روى الترمذيُّ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 936)       

      استشرفها الشيطان: جَمَّلَها وزَيَّنَها في نظرِ من يراها من الرجال من غير محارمها .

هذا الحديث دليلٌ على أن جميع بدن المرأة عورةٌ، من رأسها إلى أقدامها،وذلك لأن نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يستثن شيئاً، يجوز للمرأة إظهاره من بدنها.

(12)        روى أحمدُ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ الساعدي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا لِخِطْبَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ. (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني جـ1 حديث 507)

في هذا الحديث بَيَّنَ نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لا إثم على الخاطب إذا نظر إلى المرأة التي يريد أن يخطبها، فدل ذلك على أن غير الخاطب يأثمُ إذا نظر إلى المرأة الأجنبية، وكلنا يعلم أن مقصود الخاطب الذي يريد الجمال، إنما هو جمال الوجه غالباً .

(13)        روى ابنُ ماجه عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا فَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا. (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث 1512)

هذا الحديث دليلٌ على وجوب ستر وجه المرأة عن الأجانب، وذلك لأن هذه المرأة التي ذكرها المغيرة بن شعبة كانت مستورة الوجه، فلو كان وجهها مكشوفاً ،لما قال نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمغيرة :اذهب فانظر إليها .

 

شبهات والرد عليها:

سوف نذكر الرد على بعض شبهات الذين يقولون بجواز كشف وجه المرأة، فنقول وبالله تعالى التوفيق:

-       الشبهة الأولى:

قال الله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (النور: 30)

قال الذين يقولون بجواز كشف وجه المرأة :هذه الآية دليلٌ على أن في المرأة شيئاً، يجوز لها إظهاره،ألا وهو الوجه والكفين .

الرد على هذه الشبهة:

أولاً:كان في المدينة ،وقت نزول القرآن، نساءٌ مِن غير المسلمين، يَكْشِفْنَ صُدُورَهُنَّ، وَرُءُوسَهُنَّ، ووجوههن ،فأمر اللهُ تعالى المسلمين أن يغضوا أبصارهم عنهن .

قال البخاريُّ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ لِلْحَسَنِ البَصْرِيِّ: إِنَّ نِسَاءَ الْعَجَمِ يَكْشِفْنَ صُدُورَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ. قَالَ: اصْرِفْ بَصَرَكَ عَنْهُنَّ.

 يَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) قَالَ قَتَادَةُ: عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي النَّظَرِ إِلَى الَّتِي لَمْ تَحِضْ مِنْ النِّسَاءِ: لَا يَصْلُحُ النَّظَرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُنَّ مِمَّنْ يُشْتَهَى النَّظَرُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً.

 وَكَرِهَ عَطَاءٌ النَّظَرَ إِلَى الْجَوَارِي اللاتي يُبَعْنَ بِمَكَّةَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَشْتَرِيَ. (البخاري ـ الاستئذان ـ باب 2)

ثانياً: قد يظهر من المرأة شيئاً، بدون قصد، ولا تنتبه له، فأمر اللهُ الرجالَ أن يغضوا أبصارهم عنها .

ثالثاً: قد تضطر المرأة للكشف عن وجهها، للشهادة أمام القاضي، أو للتأكد من شخصيتها ،فأمر الله تعالى الرجال الموجودين في المكان أن يغضوا أبصارهم عنها .

-       الشبهة الثانية:

 روى مسلمٌ  عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْعِيدِ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلَالٍ فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ فَقَالَ تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ (وسط) النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ (سوادٌ وتغيرٌ في الخدين) فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ. قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ) (مسلم حديث :885).

قال الذين يقولون بجواز كشف وجه المرأة: هذا الحديث دليلٌ على جواز كشف المرأة لوجهها.

الرد على هذه الشبهة:

ليس في هذا الحديث ما يدلُ على أن النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رآها كاشفة عن وجهها، وأقرّها على ذلك، بل غاية ما يفيده الحديث أن جابرًا رأى وجهها، وذلك لا يستلزم كشفها عنه قصدًا، وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد، فيراه بعض الناس في تلك الحال. (أضواء البيان للشنقيطي جـ 6 صـ 252).

لم يثبت عن نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أنه رأى هذه المرأة كاشفة عن وجهها ،وأقرها على هذا الأمر.

وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث ـ عند النسائي ـ  (فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سَفِلَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ) (حديث صحيح)(صحيح النسائي للألباني جـ 1صـ 511) أي من الإماء اللاتي يجوز لهن كشف وجوههن. ويؤيد ذلك رواية ابن أبي شيبة (فقالت امرأة ليست من علية النساء)(مصنف ابن أبي شيبة جـ 1صـ 194)

قال ابنُ عثيمين (رحمه الله): إما أن تكون هذه المرأة من القواعد (العجائز) اللاتي لا يرجون نكاحاً، فكشف وجهها مباحٌ، أو يكون ذلك قبل نزول آية الحجاب ،فإنها كانت في سورة الأحزاب سنة خمسٍ أو ستٍ من الهجرة، وصلاة العيد شُرِعَتْ في السنة الثانية من الهجرة .(الحجاب لابن عثيمين صـ 32).

-       الشبهة الثالثة:

روى البخاريُّ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ النَّحْرِ خَلْفَهُ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلًا وَضِيئًا فَوَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ يُفْتِيهِمْ وَأَقْبَلَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ تَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ فَعَدَلَ وَجْهَهُ عَنْ النَّظَرِ إِلَيْهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ نَعَمْ. (البخاري حديث:6228)

قال الذين يقولون بجواز كشف وجه المرأة: هذا الحديث دليلٌ على جواز كشف المرأة لوجهها.

الرد على هذه الشبهة:

 ليس في شيء من روايات الحديث التصريح بأنها كانت كاشفة عن وجهها، وأن النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  رآها كاشفة عنه، وأقرّها على ذلك بل غاية ما في الحديث أنها كانت وضيئة، وفي بعض روايات الحديث: أنها حسناء، ومعرفة كونها وضيئة أو حسناء لا يستلزم أنها كانت كاشفة عن وجهها، وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقرّها على ذلك، بل قد ينكشف عنها خمارها من غير قصد، فيراها بعض الرجال من غير قصد كشفها عن وجهها. (أضواء البيان للشنقيطي جـ 6 صـ 254).

-       الشبهة الرابعة:

 روى الشيخانِ  عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي. فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا؟ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. قَالَ: انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ. (البخاري حديث 5126/مسلم حديث 1425).

قال الذين يقولون بجواز كشف وجه المرأة: هذا الحديث دليلٌ على جواز كشف المرأة لوجهها.

الرد على هذه الشبهة :

أولاً: هذه المرأة جاءت لتعرض نفسها على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليتزوجها، فكانت كاشفة عن وجهها ليراها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وهذا أمر ٌ مباحٌ لمن يريد الزواج .

ثانياً: قد تكون هذه الحادثة قبل فرض الحجاب.

-       الشبهة الخامسة :

روى الشيخانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ  بْنِ مَسْعُودٍ  أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَنْ مَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ تُرَجِّينَ النِّكَاحَ فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، قَالَتْ سُبَيْعَةُ:فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي.(البخاري حديث 3991/مسلم حديث 1484)

قال الذين يقولون بجواز كشف وجه المرأة :هذا الحديث دليلٌ على جواز كشف المرأة لوجهها.

الرد على هذه الشبهة :

أولاً: ليس في هذا الحديث دليلٌ على أن هذه المرأة كانت كاشفة عن وجهها، فكُحل العينين قد يُرى من النقاب .

ثانياً: هذه المرأة إنما تجملت للخُطَّابِ، فلعل أبو السنابل قد رأى وجهها أثناء ذهابه لخطبتها،وهذا أمرٌ مشروع .

 

أسألُ اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعله ذُخْرَاً لي عنده يوم القيامة (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) كما أسأله سُبحانه أن ينفعَ به طلابَ العِلْم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 5 )

عتاب صغير

19:30:10 2023-03-28

يا أخي صاحب التأصيل الجميل و التفصيل الماتع لدي عتاب صغير لك بأنك احترمت شخص كالمستشرق المتعصب عدو الإسلام اليهودي : إجناس قولد زيهر المستشرق الهنغاري الشهیر التي تعد كتاباته من اعمدة تشكيل نظرة الغرب للإسلام خصوصا لدي الأكاديمين و الأوساط العلمية و الأكاديمية و لقبته بالأستاذ و هذا فيه ما فيه من الاحترام و التوقير غير المستحق لشخص هذا المتطرف البذئ الحاقد و لم تشر قط إلي فساده و لهذا قد يتوهم للبعض انه من علمائنا الأعاجم في المشرق و الشرق الأقصي و ان القول بأن طريق علي ابن ابي طلحة مرسل و لا يصح الاستدلال به هو قول استغله و روج له المدعي هذا المستشرق حدث بالفعل و هو قول في حقيقته خاطئ و باطل و عتاب آخر و هو أن هذا التأصيل ليس للعامة بل للمتخصصين أمثالنا و ايضا طويل قد نبهت علي ذلك في حديثك مشكور و لكن مع ذلك قد يتكاسل العامة عن قرائته نعم لو يكن بالإكثار بالملل و لكن لا ضير في اختصاره ما لم ينقص او يخل بالرد و شكرا

الجزء الأخير من الرد

04:17:57 2023-03-22

وقد استغل هذا القول الأستاذ "جولدزيهر" فى كتابه "المذاهب الإسلامية فى تفسير القرآن" فقال: "صرَّح النقدة المسلمون بأن ذلك الرجل - علىّ بن أبى طلحة - لم يسمع التفسير الذى تضمنه كتابه مباشرة من ابن عباس، وهكذا فإنه حتى فى صحة القسم الخاص بالتفسير الأكثر تصديقاً، يحكم النقدة المسلمون بهذا الحكم فيما يتعلق بصحة نسبته لابن عباس على أنه هو المصدر الأول له" اهـ.... حتى قال الذهبي تحت عنوان ( تفنيد هذا الطعن ): (ويظهر لنا أن الأستاذ "جولدزيهر"، جهل أو تجاهل ما رَدَّ به النقاد المعتبرون على هذا الظن الذى لا قيمة له، فقد فنَّد ابن حجر هذا النقد بقوله: "بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة فلا ضير فى ذلك". وقال صاحب إيثار الحق: "وقال الذهبى فى الميزان: وقد روى - يعنى علىّ بن أبى طلحة - عن ابن عباس تفسيراً كثيراً ممتعاً، والصحيح عندهم أن روايته عن مجاهد عن ابن عباس، وإن كان يرسلها عن ابن عباس فمجاهد ثقة يُقبل". وجملة القول: فهذه أصح الطرق فى التفسير عن ابن عباس، وكفى بتوثيق البخارى لها واعتماده عليها شاهداً على صحتها.) إنتهى وقد مرت عبارة الذهبي هو فقط ( قلت: روى معاوية بن صالح، عنه، عن ابن عباس - تفسيرا كبيرا ممتعا.) وليس كما ذكرها الذهبي صاحب التفسير والمفسرون نقلا عن إثار الحق بقوله ( وقد روى - يعنى علىّ بن أبى طلحة - عن ابن عباس تفسيراً كثيراً ممتعاً) والعبارتين على كل حال تؤدي الى نفس المعنى أما الكلام بعدها فليس من كلام الإمام الذهبي صاحب الميزان وإنما هو من كلام صاحب إثار الحق فتنبه. أقول: أي أن إسناد هذه الطريق متصل مُبْهَم الإتصال وليس صريح عند المستدلين بهذا إذ لا يكون الإسناد صريح الإتصال إلا بتصريح ابن أبي طلحة باسم صاحب ابن عباس الذي حدثه. قال حكمت بشير ياسين في ( موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور ) : ( ويؤكد هذا أني وقفت على رواية في تفسير النسائي والأموال لابن زنجويه من طريق علي بن أبي طلحة، عن مجاهد، عن ابن عباس .) إنتهى نقلا عن مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العدد 101-102 فقد نقلت رسالته المشار إليها. قلتُ وقد وجدتُ بعضاً من ذلك روى النسائي في سننه الكبرى (6 / 352 ح 11211) قال: ( أنا الربيع بن سليمان حدثنا عبد الله بن يوسف نا عبد الله بن سالم نا علي بن أبي طلحة عن مجاهد عن بن عباس في قوله تعالى لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم قال سبقت لهم من الله الرحمة قبل أن يعملوا بالمعصية ) إنتهى وروى الإمام الطحاوي في كتابه بيان مشكل الآثار (8 / 111) عند كلامه على مسألة إذ قال: ( فإنهم قد اختلفوا في ذلك السابق ما هو فروي فيه عن عبد الله بن عباس ما قد حدثنا إبراهيم بن أبي داود وعلي بن عبد الرحمن جميعا قالا ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا عبد الله بن سالم حدثني علي بن أبي طلحة عن مجاهد عن ابن عباس لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم قال سبقت لهم من الله عز وجل الرحمة قبل أن يعملوا بالمعصية ) إنتهى وقال الطحاوي في بيان مشكل الآثار (12 / 149): ( وحملنا على قبول رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وإن كان لم يلقه لأنها في الحقيقة عنه عن مجاهد وعكرمة عن ابن عباس ...) إنتهى وسيأتي كلامه بطوله في الدليل الثاني وقال الطحاوي في كتابه شرح معاني الآثار لأحمد الطحاوي (3 / 279) عند تعليقه على مسئلة: ( ثم رجعنا إلى قول من ذهب إلى أنها تقسم على أربعة أسهم إلى ما أحتجوا به في ذلك من خبر بن عباس رضي الله عنهما الذي رويناه في صدر هذا الكتاب وإن كان خبرا منقطعا لا يثبت مثله غير أن قوما من أهل العلم بالآثار يقولون إنه صحيح وإن علي بن أبي طلحة وإن كان لم يكن رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فإنما أخذ ذلك عن مجاهد وعكرمة مولى بن عباس رضي الله عنهما ) إنتهى و أخيرا : هل نقل عن ابن مسعود غير الثياب او ابراهيم النخعي هل نسيا و الحسن البصري فعلها و تذكرها ! بمثل هذا الهراء لم اسمع و لن اري هل هذه مزحة او لعبة لتتحدث بافتراضات كهذه بدون دليل و بتوهمات جنونية كتلك رأس مالها الهوي و الانحياز هل يعقل ان يقال مثل هذا اي جمع هذا الجمع يكون بين رواتين لنفس الشخص عن تعارض في القول لا المعني كي لا نذهب للترجيح بينهما من الاقوي سندا او من يوافق متنه راوية اثبت و أصح أو المتأخر منهما عن الأول (وفقا لحجة تتابعية الشرع و تنزل الوحي اي ما زال الشرع يتتابع و الوحي ينزل ) كيف قوله الثياب لا ينفي مطلقا هل تعلم معني قول ابن مسعود ان ما يظهر من المرأة إلا ثيابها اي منتقبة و مستورة من اصبع القدم إلي الرأس و بالتالي ذلك يتضمن وجهها لانه من الجسد و الرأس ! و المعني لا يظهر منها بغير قصد او تعمد (مبنية للمجهول) و ليس إلا ما يظهرن منها (مضمومة ) بفعل فاعل و بتعمد و إرادة لا يجوز الجمع هنا كمثل الجمع بين النصوص الشرعية فهنا لا بد من الترجيح و لا غني عنه و لكن عند التأمل فيه و ترك ما تدعيه عن الامر نجد انه لا حاجة للترجيح او الجمع لان كلاهما يقولان بنفس الشئ فسواء الوجه او الثياب او الوجه و الثياب فالمعني واحد كما أثبت و بينت بالدليل و الحجة و البرهان

تكملة الرد

15:59:42 2023-03-19

نقطة أن علي ابن أبي طلحة لم يدرك ابن عباس و لم يسمع منه أولاً: أن علي ابن أبي طلحة إنما روى التفسير عن ثقات أصحاب ابن عباس وإن كان لم يلقاه فالإسناد متصل. قال العلامة المحدث ابن حجر رحمه الله في كتابه ( العجاب في بيان الأسباب ) تحقيق عبد الحكيم الأنيس (1 / 203 - 207): ( والذين اشتهر عنهم القول في ذلك من التابعين أصحاب ابن عباس وفيهم ثقات و ضعفاء فمن الثقات 1 - مجاهد بن جبر ويروي التفسير عنه من طريق ابن نجيح عن مجاهد والطريق إلى ابن أبي نجيح قوية فإذا ورد من غيره بينته 2 - ومنهم عكرمة ويروي التفسير عنه من طريق الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عنه ومن طريق محمد بن اسحاق عن محمد بن ابي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير هكذا بالشك ولا يضر لكونه يدور على ثقة 3 - ومن طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وعلي صدوق لم يلق ابن عباس لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه فلذلك كان البخاري وابن أبي حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة ) إنتهى وهذه الصحيفة ينقل منها البخاري كثيرا عن ابن عباس ويجزم به عنه احيانا كما ذكر الحافظ ابن حجر فكونها صحيفة وكون أهل العلم يثنون عليها وينقلون منها بالجزم فهذا يقوى من شأنها فالصحيح هو قبول ماجاء بهذه الصحيفة مالم يظهر فيه نكارة أو مخالفة ونقل السيوطي في كتابه ( الإتقان في علوم القرآن 4/ 207 ) عن ابن حجر أنه قال: ( بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة فلا ضير في ذلك.) إنتهى وقال أبو جعفر النحاس في كتابه ( الناسخ والمنسوخ 1/ 461 - 462): ( والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنه وإنما أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة، وهذا القول لا يوجب طعنا؛ لأنه أخذه عن رجلين ثقتين وهو في نفسه ثقة صدوق. ) إنتهى وقال الإمام الذهبي في ميزان الإعتدال (3 / 134) في ترجمة علي بن أبي طلحة: ( وأخذ تفسير ابن عباس عن مجاهد، فلم يذكر مجاهدا، بل أرسله عن ابن عباس.... حتى قال الذهبي: ( قلت: روى معاوية بن صالح، عنه، عن ابن عباس - تفسيرا كبيرا ممتعا.) إنتهى وقال الإمام ابن حجر في تهذيب التهذيب (22 / 339) في ترجمة علي بن أبي طلحة: ( روى عن بن عباس ولم يسمع منه بينهما مجاهد ) إنتهى وقال محمد حسين الذهبي في كتابه ( التفسير والمفسرون ) (2 / 18) تحت عنوان ( طعن بعض النُقَّاد على هذه الطريق ): ولقد حاول بعض النُقَّاد أن يُقلل من قدر هذه الطريق فقال: "إن ابن أبى طلحة لم يسمع من ابن عباس التفسير، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد ابن جبير" وعلى هذا فهى طريق منقطعة لا يُركَن إليها، ولا يُعوَّل عليها.

أهواء الضالين المتعصبين

14:07:59 2023-03-17

من الغريب بل أغرب من الغرابة ذاتها ما ادعاه صاحب التعليق (السلام عليكم ) و حكم به علي الأدلة التي اسماها و اعدها ادلة علي جواز كشف الوجه و الكفين و وصفها بالأدلة الواضحة جدا ! و من ثم استمر في توزيع الأحكام الباطلة و المتحيزة و قال قوله في ردود العلماء واصفا إياها بأنها ضعيفة جدا و واهية لا تخرج عن تفسير من أم رأسهم ليس علما يحترم او قولا يعتبر و ادعي ادعاء لا دليل عليه من قول او عقل بأنه ردها جمهور العلماء ؟! و تجاهل و تعامي عن أن كل ما قاله هو تفسير الطبري و القرطبي و أهل العلم من المفسرين و العلماء بمثل هذا العناد و المكابرة و الكذب لم أري و الذي فيه لم يفسر المفتي قولا او نصا من عنده لا أعرف هل هذه ثقة الجهلاء و المتطفلين علي العلم او وقاحة الوضعاء و الأراذل من الناس و من ثم أشار و احتج بتفسير( إلا ما ظهر منها ) و كذب و ادعي زورا أن سيدنا عبدالله ابن عباس و ابن عمر و السيدة عائشة رضي الله عنهم اجمعين قد قالوا بمثل قوله بل هذا ما عليه الجمهور من الصحابة و التابعين لنرد علي تلك المغالطات و ذاك التوهم لدي صاحبنا هذا و سيتضمن الشرح الذي قد يطول كل ما اورده صاحبنا هذا من إدعاءت كاذبة و مزاعم مغرضة أولا : من أراد بحث مسألة حكم كشف المرأة لوجهها، أو عورة المرأة بشكل عام، وآراء العلماء في ذلك، فمن الخطأ الاقتصار في ذلك على آية سورة النور، وهي قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: 31]، بل عليه أن يضم إلى ذلك ابتداء الآيات الواردة في الحجاب عموما، ثم السنة؛ وعليه: فلا يقتصر على ذكر أقوال المفسرين في بعضها، ويهمل أقوالهم في بقيتها، بل عليه أن يجمع أقوالهم في جميع آيات الحجاب؛ لينظر في حقيقة مرادهم، وإلا فإنه سيخطئ في نسبة الأقوال إلى أصحابها، ومن ثم لن يكون ترجيحه مستقيما، وأضرب لذلك مثلا من هذه المسألة التي نحن بصددها بشكل مختصر: يرى أبو بكر الجصاص (من أئمة الأحناف الكبار ) أن الزينة المستثناة في الآية السابقة، المباح إبداؤها هي: الوجه والكفان[أحكام القرآن 5/172]، فلو أن باحثا اقتصر على هذا لتوهم أن الجصاص يبيح للمرأة كشف وجهها؛ لأنه ليس بعورة؛ ولأنه مما استثنى الله، غير أن الباحث لو أكمل بحثه في آية الأحزاب، وهي قوله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} [الأحزاب: 59] لوجد الجصاص نفسه يوجب تغطية الوجه، ويبين أنه واجب على الحرائر دون الإماء؛ يقول- رحمه الله -: (في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج؛ لئلا يطمع أهل الريب فيهن، وفيها دلالة على أن الأمة ليس عليها ستر وجهها وشعرها؛ لأن قوله تعالى: {ونساء المؤمنين} ظاهره: أنه أراد الحرائر، وكذا روي في التفسير؛ لئلا يكن مثل الإماء اللاتي هن غير مأمورات بستر الرأس والوجه، فجعل الستر فرقا يعرف به الحرائر من الإماء) [أحكام القرآن 5/245]، فمن نظر إلى النص الأول فقط سيحكم بأن الوجه مباح كشفه عند الجصاص، ومن نظر إلى النص الثاني فقط عكس القضية، وفي ذلك إساءة للعالم، وقد يسارع مسارع إلى الحكم بالتناقض، أو يحاول تقديم أحد النصين على الآخر، غير أن المتعين هو التدقيق في فهم النصين، ووضع كل في موضعه، وعدم ضرب بعضها ببعض. إننا بحاجة ماسة لاستيعاب هذه القضية عموما، وبشكل خاص في مسألة عورة المرأة؛ لأننا في واقع الأمر سنجد عددا من العلماء ومن أهل التفسير- ممن حكي عنه القول بأن الزينة في سورة النور هي الوجه واليدان- ينص في آية الأحزاب على وجوب تغطية الوجه، منهم الآن الحبر ابن عباس رضي الله عنهما، والحسن، وإبراهيم النخعي، وقتادة. [تفسير ابن أبي حاتم 8/2574، المحرر الوجيز 7/147، وتفسير القرطبي 17/230]، ونسب الواحدي هذا القول للمفسرين ولم يحك خلافا، كما في الوسيط 3/482 والبسيط 18/292، بل هو ظاهر اختيار الطبري 19/181. ويتبين لنا من هذا: أن من قال: إن آية النور هي في الوجه واليدين، فلا ينبغي الاستعجال، وأن ننسب إليه أنه يبيح كشف الوجه مطلقا،، وأظن سائلا يقول: فما مرادهم إذن؟ وهو ما سأوضحه في الملحوظة التالية ثانيا : ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير آية النور أن المراد الوجه والكفان، وكل الطرق إليه في ذلك ظاهرة الضعف سوى ما جاء من طريق علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباس، والأقرب إن شاء الله أنها طريق حسنة- على خلاف في ذلك؛ لأن ظاهرها الانقطاع– ولفظه: (قال: والزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف، والخاتم؛ فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها). [الطبري 17/259]. فإذا تأملنا في هذا النص وجدنا أن ابن عباس لا يأذن للمرأة أن تخرج للناس بادية ذلك، وإنما في بيتها، أي: لمحارمها، وليس لغيرهم، وهذا مقطوع به، ومع ذلك نص عليه ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن}... إلى قوله: {عورات النساء}- قال: الزينة التي تبديها لهؤلاء: قرطاها، وقلادتها وسوارها، فأما خلخالاها ومعضداها, ونحرها، وشعرها؛ فإنه لا تبديه إلا لزوجها. [الطبري 17/264]، فابن عباس يشدد فيما تبديه المرأة لمحارمها خلاف ما يظنه بعضهم من تساهله رضي الله عنه، وأنه يبيح للمرأة أن تبدي ذلك لكل أحد، وهذا المروي عن ابن عباس هنا يتوافق مع روايته الأخرى في سورة الأحزاب من طريق علي بن أبي طلحة أيضا، حيث قال: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة). [الطبري 19/181]. فانظر هنا كيف نص ابن عباس على الخروج ولم يذكره هناك، وأوجب هنا تغطية الوجه وهناك جعل كشفهما للمحارم؛ فليس بين قولي ابن عباس أي تعارض لا من قريب ولا من بعيد، وتأمل الجناية على أقوال ابن عباس حين يزعم بعضهم أنها متعارضة، ثم يتطلب ترجيح بعضها على بعض بأقوال تلاميذ ابن عباس!!! وواقع الأمر: أن كلتا الروايتين بنفس الإسناد، ومتونها لا تتعارض؛ فلا حاجة للترجيح أصلا، كما أن الترجيح بأقوال تلاميذ ابن عباس لا يحل الإشكال أصلا؛ لأن جماعة منهم روي عنه وجوب تغطية الوجه كما تقدم. بل لو كان الأمر يحتاج إلى ترجيح أحد النصين على الآخر، لكان الأولى تقديم النص المانع من كشف الوجه؛ لأن له شاهدا على شرط الشيخين يذكر فيه ابن عباس تغطية المحرمة لوجهها- مع أنها محرمة– ويذكر فيه تفسير إدناء الجلباب– وهو ما رواه أبو داوود في مسائله لأحمد، عن ابن عباس قال: (تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به». قال روح في حديثه، قلت: وما لا تضرب به؟ فأشار لي كما تجلبب المرأة، ثم أشار لي ما على خدها من الجلباب، قال: تعطفه وتضرب به على وجهها، كما هو مسدول على وجهها) [ص: 155]، فأوجب ابن عباس على المحرمة هنا غطاء الوجه، وتبين بالنص أن الإدناء سدله على الوجه. والترجيح بالنص المؤيد أولى اتفاقا من الترجيح بأقوال التلاميذ. فظهر بهذا حقيقة قول ابن عباس، وأنه لا يحل أن ينسب إليه السفور. ثالثا : حديثك عن سند واحد من اسناد الراوية غريب جدا و إدعائك أن طلحة لم يدرك ابن عباس و ان هذا هو السند الوحيد في المسألة اغرب و ادل و دليل علي جهلك الذي اعمي قلبك عن الحق و فؤادك عن الصواب رابعا : حديثك علي أن العلماء قد صرفوا النصوص و الأحاديث عن ظاهرها ؟! هل هذا بالنسبة لك صرف عن ظاهر الآيات و النصوص مثل هذا الفهم السقيم و الرأي العقيم لم أجد و لم أري فهل هذا تشدد في الأخذ بظاهر النصوص علي حساب الرأي و العقل و القياس و السياق هل هذا مذهب الظاهرية فلا احد من اهل العلم قال بمثل هذا القول حتي اهل الظاهر أنفسهم هذا تنطع و مغالاة و مطالبة بالتفسير الحرفي للنص لم أعهد إليه موعدا التفسير يتضمن بالضرورة ملاحظة أمور خارجة عن الكلمات، وليست هناك جملة من الألفاظ يمكن أن تحدد المعنى دون ملاحظة البيئة والسياق.لذلك، ووفقا لهذا ، فإن الوضوح ليس إلا مظهراً خادعاً، وإن الخروج على حرفية النص أمر لا مناص منه التفسير الذي يقف عند المعنى الحرفي للنص هو التشدد و التنطع و المغالاة بعينها انت حتي لست بطالب علم بل أدني و اقل انت عابث و متطفل علي هذا العلم تريد به شرا وسوءا لا الهداية و الخير و الصلاح منه أو به تريد ان تفسد علي الناس أمر دينهم و فطرهم ارضاءا لهواك و ما يخدم رأيك و أفكارك و قناعاتك الشخصية خسئت و خاب مسعاك مثل هذا التطاول بالجهل و الافتراء علي العلماء و العبث في دين الله و بمصائر الناس و امور دينهم لن أقبل و لن أسمح به قط و نحن و بالله المستعان و التوفيق له بالمرصاد دوما و علي طوال الزمان و مادام في هذا الجسد روح و هذا القلب نبض

السلام عليكم

03:25:29 2021-10-09

الاحاديث التي اوردتموها والتي تدل على جواز كشف الوجه والكفين واضحة جدا في الادلالة على ذلك وما اورتم من ردود عليها ضعيفة جدا وواهية ولا تخرج عن كونها فهم حضراتكم فقط وهي مردودة كلها ردها جمهور اهل العلم والذين هم على سنية تغطية المراة المسلمة لوجهها ثم ان قوله تعالى الا ما ظهر منها دليل صريح على ذلك فقد فسر هذه الاية الكريمة ابن عباس وابن عمر وعائشة رضي اله عنهم بان المراد منها الوجه والكفين و قول ابن مسعود بانها الثياب لا ينفي ذلك اطلاقا بل كما قال الحسن البصري الوجه والثياب وهذا جمع بين الاثنين وهذا عليه جمهور المفسرين من الصحابة والتابعين اما تفسير ابن عباس لقوله تعالى يا ابها النبي قل لازواجك .. الى اخر الاية فهو ضعيف لا يصح لانها ظريق منقطعة فعلي بن طلحة لم يدرك ابن عباس ولم يسمع منه باتفاق اهل الحديث ايضا ليس فيما كرتم من احاديث اي دلالة اطلاقا على الوجوب بل جل ما تفيد مشروعية التغطية وانها كانت موجودة في عهد النبوة اخيرا صرف الدليل عن ظاهره كما فعل حضراتكم لا يحوز الا بدليل وقد صرفتم دلالة الاحاديث الدالة على الجواز عن ظاهرها من دليل ولا بينة ولا برهان وهذا كله مردود لانه مخالف للقران والسنة