التفوق العلمي لليهود!


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

هذه مقالة مختصرة وسريعة، أحب أن ألفت فيها الانتباه إلى موضوع مهم، وهو (أثر البيئة في التفوق العلمي)، حيث يكثر استخدام البعض في هذا الصدد لحججٍ هي في الحقيقة من قبيل المغالطات. ومن تلك المغالطات: الاستدلال على تفوق جنسٍ وتخلف آخر من خلال معايير ليست علمية.

‏من تلك المغالطات الزعم بتخلف جنس العرب أو المسلمين مقابل تفوق جنس اليهود، مستخدمين معيارًا ليس علميًا من قبيل: الاستشهاد بتفوق اليهود العلمي من خلال عدد الجوائز العلمية التي حصلوا عليها، مثل جوائز نوبل الشهيرة.

‏فقد قيل إنَّه على الأقل 20% من الحاصلين على جوائز نوبل هم من يهود، رغم أن عدد اليهود لا يزيد على 0.2% من سكان العالم. ولا شك أن هذه نسبة عالية جدًا، وتدل في هذا العصر الحالي أنَّ الوسط العلمي الذي يعيشه كثير من اليهود هو وسطٌ علمي ومتقدم.

‏مثل هذه الحسابات السطحية و"الحجج" المغلوطة، تتجاهل الأسباب الحقيقية لمثل تلك الظواهر، التي ترجع في حقيقة الأمر إلى عوامل متعددة ومنها: البيئة والسلطة، وغيرهما، وتنسب التفوق للأصول العرقيٍّة والجنسية العنصرية لبعض الشعوب دون بقية الشعوب الأخرى.

‏أبو القاسم صاعد بن أحمد الأندلسي (419 -462 هـ)، قد قسّم  أمم الأرض إلى عدة أجناس، ثم صنف هذه الأمم على طبقتين: الطبقة الأولى: الأمم التي لها عناية بالعلم وصدرت عنها فنون المعارف. أما الطبقة الثانية: فهي الأمم التي لم تعن بالعلم عناية كافية لتصبح من أهله ويستحق أن تلقب به.

‏وبعد أن عدد صاعد الأندلس الأمم ممن له عناية بالعلم بأي درجة كانت، جاء إلى الأمة الثامنة وهم اليهود (بنو إسرائيل)، وجعلهم من الأمم التي لم تظفر بالعناية بالفلسفة لاشتغالهم وانشغالهم بشرائع التوراة وتراجم أنبيائهم ورسولهم، وأن قلة قليلة من علماء اليهود اهتموا بفروع الفلسفة. وعنه كرر حاجي خليفة هذا الكلام في كتابه "كشف الظنون".

‏يقول الباحث الغربي اليهودي (تشارلز مانكين)، وهو من المختصين بالدراسات اليهودية: "على الرغم من أن صاعد وضع هذا التعليق في منتصف القرن الحادي عشر الميلادي، إلا أنه يمثل توصيفًا دقيقًا للنشاط الفكري اليهودي في عالم الإسلام".

‏ويؤكد الباحث اليهودي (تشارلز مانكين)، أنَّ العلوم والفلسفة شكلت جزءًا صغيرًا من هذا النشاط اليهودي. ويؤكد مانكين معللاً هذا القصور إلى أنَّ علماء اليهود، على عكس نظرائهم المسيحيين والمسلمين، لم يتوفر لديهم الاعتماد على الدعم المؤسسي أو الرعاية الحكومية.

‏ويبين الباحث (تشارلز مانكين)، أنَّ الكتب التي ألفها اليهود في العلوم والفلسفة قليلة، وأنها وجدت حيثما وجد اليهود في مراكز الحضارة والعلم، خصوصًا في مثل: الأندلس وشمال أفريقيا والعراق واليمن.

‏ولذلك، على المثقف والمتعلم أن يتجنب مثل تلك الأحكام السطحية والاختزالية والعنصرية، التي تستشهد بالمغالطات وتتجنب عمدًا الأسلوب العلمي في تحليل مثل هذه الظواهر التي تنشأ في محيط معقد من العوامل المختلفة والمتعددة. والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply