بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ﺃ - اﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻭاﻟﻨﻘﺺ: اﺗﻔﻖ اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣﻦ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭاﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭاﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭاﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺇﺫا ﺗﻌﻤﺪ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﺃﻥ ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ ﻗﻴﺎﻣﺎً ﺃﻭ ﻗﻌﻮﺩاً ﺃﻭ ﺭﻛﻮﻋﺎً ﺃﻭ ﺳﺠﻮﺩاً، ﺃﻭ ﻳﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻧﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎً، ﺑﻄﻠﺖ ﺻﻼﺗﻪ. ﻷﻥ اﻟﺴﺠﻮﺩ ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ اﻟﺴﻬﻮ ﻓﻴﺪﻝ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﻪ، ﻭاﻟﺸﺮﻉ ﺇﻧﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﻬﻮ ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﺇﺫا ﻧﺴﻲ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻓﻠﻴﺴﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﻴﻦ. ﻓﺈﺫا ﺯاﺩ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﺃﻭ ﻧﻘﺺ ﻟﻐﻔﻠﺔ ﺃﻭ ﻧﺴﻴﺎﻥ ﻓﻘﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻗﻀﺎﺋﻪ.
ﺑ - اﻟﺸﻚ: ﺇﺫا ﺷﻚ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺪﺭ ﻛﻢ ﺻﻠﻰ ﺃﺛﻼﺛﺎً ﺃﻡ ﺃﺭﺑﻌﺎً، ﺃﻭ ﺷﻚ ﻓﻲ ﺳﺠﺪﺓ ﻓﻠﻢ ﻳﺪﺭ ﺃﺳﺠﺪﻫﺎ ﺃﻡ ﻻ، ﻓﺈﻥ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ (اﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭاﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺭﻭاﻳﺔ ﻟﻠﺤﻨﺎﺑﻠﺔ) ﺫﻫﺒﻮا ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻘﻴﻦ ﻭﻫﻮ اﻷﻗﻞ، ﻭﻳﺄﺗﻲ ﺑﻤﺎ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﺴﺠﺪ ﻟﻠﺴﻬﻮ.
ﻭﺫﻫﺐ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﺇﺫا ﺷﻚ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ، ﻓﻠﻢ ﻳﺪﺭ ﺃﺛﻼﺛﺎً ﺻﻠﻰ ﺃﻡ ﺃﺭﺑﻌﺎً ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻋﺮﺽ ﻟﻪ اﺳﺘﺄﻧﻒ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﺇﺫا ﺷﻚ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ ﺃﻧﻪ ﻛﻢ ﺻﻠﻰ ﻓﻠﻴﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺼﻼﺓ. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﻛﺜﻴﺮاً ﺑﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺒﺮ ﺭﺃﻳﻪ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﺇﺫا ﺷﻚ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ ﻓﻠﻴﺘﺤﺮ اﻟﺼﻮاﺏ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺭﺃﻱ ﺑﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼﺓ ﻭاﻟﺴﻼﻡ: ﺇﺫا ﺳﻬﺎ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻓﻠﻢ ﻳﺪﺭ ﻭاﺣﺪﺓ ﺻﻠﻰ ﺃﻭ ﺛﻨﺘﻴﻦ ﻓﻠﻴﺒﻦ ﻋﻠﻰ ﻭاﺣﺪﺓ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺪﺭ ﺛﻨﺘﻴﻦ ﺻﻠﻰ ﺃﻭ ﺛﻼﺛﺎً ﻓﻠﻴﺒﻦ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﺘﻴﻦ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺪﺭ ﺛﻼﺛﺎً ﺻﻠﻰ ﺃﻭ ﺃﺭﺑﻌﺎً ﻓﻠﻴﺒﻦ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺙ، ﻭﻟﻴﺴﺠﺪ ﺳﺠﺪﺗﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺴﻠﻢ.
ﻭاﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ اﻟﺼﻼﺓ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ ﺃﻭ اﻟﻜﻼﻡ ﺃﻭ ﻋﻤﻞ ﺁﺧﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺎﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ، ﻭاﻟﺨﺮﻭﺝ ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ ﻗﺎﻋﺪاً ﺃﻭﻟﻰ؛ ﻷﻥ اﻟﺴﻼﻡ ﻋﺮﻑ ﻣﺤﻠﻼً ﺩﻭﻥ اﻟﻜﻼﻡ، ﻭﻻ ﻳﺼﺢ اﻟﺨﺮﻭﺝ ﺑﻤﺠﺮﺩ اﻟﻨﻴﺔ ﺑﻞ ﻳﻠﻐﻮ، ﻭﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻋﻨﺪ اﻟﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻳﻘﻌﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻊ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺁﺧﺮ اﻟﺼﻼﺓ ﺗﺤﺮﺯاً ﻋﻦ ﺗﺮﻙ ﻓﺮﺽ اﻟﻘﻌﺪﺓ اﻷﺧﻴﺮﺓ ﻭﻫﻲ ﺭﻛﻦ.
ﻭﺫﻫﺐ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ ﺇﻟﻰ اﻟﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻟﺐ اﻟﻈﻦ، ﻭﻳﺘﻢ ﺻﻼﺗﻪ، ﻭﻳﺴﺠﺪ ﺑﻌﺪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻗﺪاﻣﺔ: ﻭاﺧﺘﺎﺭ اﻟﺨﺮﻗﻲ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻦ اﻹﻣﺎﻡ ﻭاﻟﻤﻨﻔﺮﺩ. ﻓﺠﻌﻞ اﻹﻣﺎﻡ ﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻈﻦ ﻭاﻟﻤﻨﻔﺮﺩ ﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻘﻴﻦ. ﻭﻫﻮ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺬﻫﺐ ﻧﻘﻠﻪ ﻋﻦ الإمام ﺃﺣﻤﺪ ﻭاﻷﺛﺮﻡ ﻭﻏﻴﺮﻩ. ﻭاﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻋﻦ الإمام ﺃﺣﻤﺪ: اﻟﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻘﻴﻦ ﻓﻲ ﺣﻖ اﻟﻤﻨﻔﺮﺩ؛ ﻷﻥ اﻹﻣﺎﻡ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻳﻨﺒﻬﻪ ﻭﻳﺬﻛﺮﻩ ﺇﺫا ﺃﺧﻄﺄ اﻟﺼﻮاﺏ، ﻓﻠﻴﻌﻤﻞ ﺑﺎﻷﻇﻬﺮ ﻋﻨﺪﻩ، ﻓﺈﻥ ﺃﺻﺎﺏ ﺃﻗﺮﻩ اﻟﻤﺄﻣﻮﻣﻮﻥ، ﻓﻴﺘﺄﻛﺪ ﻋﻨﺪﻩ ﺻﻮاﺏ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﺇﻥ ﺃﺧﻄﺄ ﺳﺒﺤﻮا ﺑﻪ، ﻓﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﻴﺤﺼﻞ ﻟﻪ اﻟﺼﻮاﺏ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻤﻨﻔﺮﺩ، ﺇﺫ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﻓﻴﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻟﻴﺤﺼﻞ ﻟﻪ ﺇﺗﻤﺎﻡ ﺻﻼﺗﻪ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻐﺮﻭﺭاً ﺑﻬﺎ. ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻻ ﻏﺮاﺭ ﻓﻲ اﻟﺼﻼﺓ. ﻓﺈﻥ اﺳﺘﻮﻯ اﻷﻣﺮاﻥ ﻋﻨﺪ اﻹﻣﺎﻡ ﺑﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻘﻴﻦ ﺃﻳﻀﺎً.
والله تعالى أعلم..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد