بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كيف تحيا القلوبُ يالوذعيُّ | ورفيفُ الخلودِ عنهـا قصيُّ ! | |
إنها في الصدور هامدةً إذ | ليس للنبضِ عيشُها الأبديُّ | |
فإذا ما أردتَ نفحةَ غيبٍ | فافتق السِّترَ لايرُعْكَ الدَّويُّ | |
واترك الروحَ في مسار علاهـا | فوراء الوجيبِ أمــرٌ خفيُّ | |
هـو ذا دربُك البهيُّ وفيه | ليس يُطوَى صباحُك القدسيُّ | |
إنما العيشُ في مباهج قلبٍ | يتجلَّى عليه نورٌ حفيُّ |
***
قف شغوفا إذا النسائمُ فاحت | بطيوبِ الغيوبِ تحيي فؤادي | |
ظمئَ القلبُ للرقائقِ تسقي | في الضلوعِ العجافِ جنَّـةَ شـــادِ | |
قف وفيًّا إذا سمعتَ نشيدي | يتغنَّى بـه فــمُ الأمجادِ | |
ضاقَ صدري من الوجومِ المدمَّى | والخطوبِ الثَّقيلةِ الأبرادِ | |
قف أبيًّا إذا النوازلُ ثارت | كالبراكين في بطونِ البوادي | |
نحن نسعى أخـا المثاني أباةً | لانبالي بعاصفاتِ العوادي |
***
رَبْعُ دنياكِ جنَّتي ومقامي | باشياقي لمقمرات الليالي | |
فبوديان مهجتي قطراتٌ | غافياتٌ من أفْقِ هذا الجلالِ | |
يتدلَّى على منازل روحي | ألَـقٌ لم يكن بسفرِ خيالي | |
هزَّت الجسمَ فاقشعرَ فألفى | في معاني الخلودِ معنى الزوالِ | |
فدعِ الدنيا لو حبتك بكأسٍ | فاض واديهـا بالقراحِ الزلالِ | |
ما اشتياقي إلا لومضة نورِ | لفؤادي المقيمِ في الأغلالِ |
***
ذكرياتٌ في خاطري نيِّراتٌ | لـم تُدنِّسْ أسفارَها الترهاتُ | |
سلسلتْها سكينةٌ وطمأنينةُ . | . قلبٍ راحاتُها بركاتُ | |
تتهادى على فؤادي وتخطو | في الحنايا فصولُها النَّضراتُ | |
كم أذابتْ مرارةً هدهدتني | فتلاشت من بوحها الغمراتُ | |
هي أيدٍ من العزيمةِ تملي | من دروسِ الحياة ، فيها الحياةُ | |
سكبَ الأفقُ أكؤسًا من نداها | مغدقًـا والكؤوسُ مبتَغَيَاتُ |
***
كم من التافهين يرقص زهوا | للعطايا الرخيصةِ الأثمانِ | |
لايبالي إذا الكرامةُ ديست | أو مشى بالهوان كالعبدانِ | |
هكذا الأنفُسُ الدنيَّةُ تحيـا | حول زيفِ من السَّراب الفاني | |
لذَّةٌ تشغلُ النفوسَ مدى العمرِ . | . ويفنى لذيذُها في ثوانِ | |
كاخضرارِ الربيعِ في الأفق المخضل . | . بالسحرِ في جنانِ المغاني | |
ثـمَّ يمضي مثل اللذائذِ تُرمى | للأعاصير في خريفِ الزمانِ |
***
لاتذرني أجرُّ خطوي غريبا | بين أحجارِ هذه الأيـامِ | |
فلقد ضقتُ بالهواجسِ ذرعًـا | وفؤادي وإن تضاحك دامي | |
لاحَ لي عاصفُ الخطوبِ مريعا | وأراني المكنون في إلمـامِ !!! | |
فنعوش المغيبِ تطوي بهاهـا | كالشموسِ الوِضاءِ عبر الظلامِ | |
هي دنيا نعيشُ بعضَ هناهـا | ودجىً للشقاء لاحَ أمامي | |
يافؤادي إن الحياة حطامٌ | فامضِ للــهِ فوق جمرِ الحطامِ |
***
ميسانُ الورودِ في موكبِ الصبحِ. | . ونفحُ الربيعِ في الآفاقِ | |
وانسيابُ المياهِ تحيي جنانا | وشجيُّ الخريرِ بينَ السَّواقي | |
ونشيدُ الطيور في كلَّ صوبٍ | شنَّفَ الأُذْنَ بالعِذابِ الرقاقِ | |
وهوى القلبِ للجمالِ المصفَّى | وبريقُ الفتون في الأحداقِ | |
والسُّموُ الميمونُ في كلِّ روحٍ | ورفيفُ الطيوفِ بالأشواق | |
لدليلٌ يشدُّ كلَّ حصيفٍ | للتغنِّي بقدرةِ الخلاَّقِ |
***
ردَّدَ الذكرَ يأتِ قلبي الكليما | ما أُحيلى الترتيلَ يشفي السقيما | |
خشعتْ روحي واطمأنَّ فؤادي | وأنارَ القرآنُ سعيي السَّؤومـا | |
وأزال الغطاءَ بحـرِ نـورٍ | فاض في القلبِ شاطئاه فهوما | |
يا إلهي لاتحْرمَنِّي عطايا | وسنىً من لدنك يُملي علوما | |
أيُّها الغافلون عن ذكر ربي | أيقظوها مآثرا وحلوما | |
هو كنز للعالمين لمن شاء . | . بهذا الوجودِ أن يستقيما |
***
وعظاتٌ بليغةٌ قد نبذناها . | . لجهــلٍ وراءَنا ظِهريَّـا | |
وطمسنا حقيقةً ومضينا | معْ هبوبِ الهوى الملحِ مُضِيَّـا | |
وقعدنا بعد العناءِ حيارى | وثوينا دون المطافِ بُكِيَّـا | |
أين قرآنُنا ينيرُ خطانا | ويقود الأبيَّ يمضي سويَّـا | |
ياليالي الإسلامِ عودي بخيرٍ | وامنحينا صباحَك القدسيَّـا | |
لاتقلها: إنَّ المنالَ بعيدٌ | إنما الكفرُ زاهقٌ يا أُخَيَّــا |
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين