قد خاب من هجر الحنيف سبيلا

627
3 دقائق
19 رجب 1442 (03-03-2021)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قد خابَ مَن هَجَرَ الحنيفَ سبيلا = وأقـامَ في دورِ الهوى مخذولا

لـم يُدركِ القيمَ الأثيرةَ سعيُه = فغوى ولـم يلقَ الأثيمُ قبولا

وانسلَّ في خلواتِه ذا حسرةٍ = لمَّــا يجدْ بيدِ الضَّلالِ دليلا

في الذِّكرِ تحذيرُ الإلهِ لمَن غوى = ويُساقُ نحوَ جزائِـه مغلولا

قد كانَ في الدنيـا يحاربُ دينَه = مسنهترًا لم يرتضِ التَّنزيلا

تَبًّـا لمَن جافى نـداءَ مُحَمَّـدٍ = ورأى الفسادَ لقومِــه مقبولا

كم بينَ هذي النفسُ من شيمٍ خوتْ = وجنى المزايـا لم يكنْ مجهولا

وكـم استُغِلَّتْ من رفاقٍ أمعنوا = في الموبقاتِ وضُلِّلُوا تضليلا

يُشى رفاقُ السوءِ حيثُ تشاوروا = فالسُّوءُ يُفسدُ في الرجالِ عقولا

لاتأمَنَنَّ الصَّحبَ شأنُهُمُ الأذى = إنْ لـم يكونوا في الإخاءِ عُدولا

إنَّ الأخوَّةَ والصَّداقةَ عنهمـا = جـاءَ الحديثُ عن النَّبيِّ جليلا

فالخلُّ قـد يُمسي عدوًّا إنْ أتى = بالسمِّ في كأسِ الإخـا معسولا

إنْ تُبتَ عنها فارتحلْ عمَّنْ ترى = مَن عاشَ في سوقِ الأذى مشغولا

وعشِ المقرَّبَ عندَ ربِّك تائبًـا = فبهـا تكونُ الصَّالحَ المشمولا

واحملْ شريعتَه الكريمةَ دعوةً = بسلوكِ مَن وجدَ السُّمُوَّ جميـلا

وإذا خلوتَ فقـم إليه تبتُّـلا = تَكُـنِ النَّجِيَّ القانتَ المقبولا

واتلُ المثاني عـذبةً مـا ضلَّ مَنْ = يتلو المثاني بكرةً و أصيلا

فكلامُ ربِّـك للقلوبِ شِفاؤُها = ولهمَّـةِ السَّاعين كانَ كفيلا

فالصَّالحاتُ غنمْنَ في أفيائِـه = والصَّالحون استعذبوا الترتيلا

رتِّـلْ بعذبِ الصَّوتِ آياتِ الهدى = تجـدِ السَّكينةَ موئـلا و مقيـلا

دنياك بالإسلامِ جمَّلَهـا الرضـا = للمقبلين على الحنيف أصولا

والآخرون مُضَلَّلٌ ومُضَلِّلٌ = تلقاهُـمُ بيدِ الضياعِ فلولا

يخشى المُضَيَّعُ ويحــه من ذاتـِه = ففؤادُه بالكفرِ باتَ عليــلا

أَلَــهُ لـدى الفجَّـارِ كُـوَّةُ مخرجٍ = فَعُتُوُّهم أمسى عليه وبيـلا !

ما اختارَ دوحَ الخيرِ يغشى حقلَه =فأتى التبارُ تَصّحُّرًا وذبولا

وعصى الإلهَ وربُّـه ذو نعمـةٍ = أعطى النعيمَ عبادَه تنويلا

والفاجرُ المذمومُ لـم يـكُ شاكرًا = فارتدَّ يندبُ حظَّـه مغلولا

وَلَكَـم تعثَّرَ في المسيرِ ولـم يجد = إلاَّهُ عن هـذا العمى مسؤولا

القلبُ والعقلُ اللذانِ جفاهُمـا = عبثًـا وجـاءَ المهلكاتِ جهـولا

إن ماتَ تفنى الأمنياتُ وقد رأى = ماقـد جناهُ من الحياةِ ذهـولا

ويقولُ عندئذٍ ألا ياليتني = قـد عشتُ مـعْ أهلِ الهدى موصولا

ياليتني معهم قضيتُ لياليًـا = قد كنتُ فيهـا أحرزُ التدليلا

واليوم حـلَّ عليَّ جزاؤُها ولقد أتى = وكما أرى واحسرتاهُ وبيلا

كان الشقيُّ إذا استبد به الهوى = تلقاهُ في حربِ الهدى مشغولا

لـم يدرِ أنَّ اللهُ يبعثُه فقد = ألفى العذابَ مُذَمَّـمًـا مخذولا

لـو آمنَ المسكينُ لابتهجتْ لـه = حللُ الجِنــانِ ونالهـا تدليلا

لكنَّها استكبارُ نفسٍ أعرضتْ = أغرى شبابا ويحهـم وكهولا

لو كانت الأيام ترجعُ مـرَّةً = أخرى فلن تلقى الشقيَّ خَمولا

لكنَّ ( لو ) أمستْ بلا حول ولـم = يكن الكفورُ برحمةٍ مشمولا

قالوا العظيمُ هـو الذي في جيبه = مالٌ ينالُ رصيدُه المأمولا

هيهاتَ والدنيا سحابٌ عابرٌ = مانالَ منه الطامعون فتيلا

فاحذرْ أخـا الدنيا فإنك خاسرٌ = إن لـم يُحبِّذْ قلبَك التنزيلا

فالفوزُ بالتقوى وبالعمل الذي = ينجي ابنَ آدمَ مؤمنًـا ونبيلا

فابدأ حياتك بالعزيمةِ لاتكنْ = فيمـا تريدُ مسوِّفًـا تأميلا

واحثثْ خطاك إلى المآثرِ وانطلقْ = عَدْوًا تذللُ صعبَهـا تذليلا

واحذرْ مساومةَ اللئـامِ فإنهم = أهـلُ الأذى وبه أتــوا تطفيلا

مانالَ فضلَ اللهِ إلا صالحٌ = حمل الهداية في الدجى قنديلا

لم يرضَ بالطاغوتِ يرعى خطوَه = أو أن يعيشَ بركنِـه مكبولا

الزمرةُ الأولى بجيل المصطفى = فهي التي فازت به والأولى

فالحقْ بهـا تحرزْ مكانك عندهم = فالسابقون استأنسوهُ سبيلا

واحذرْ إذا ألفيتَ من أعدائهم = أحــدًا يبثُ الخبثَ والتضليلا

فنبيُّك المختارُ عندَ لوائـه = تلقى الأنامَ تحلقوا تأميلا

يرجون منه شفاعةً وسِواه لــم = يأتِ المقامَ الأعظمَ المأهولا

أسرعْ وسِــرْ فمكانُك الأغلى هنـا = بالقربِ من خيرِ الأنامِ نزيلا

واحفظ بدنياكَ الأمانةَ أصبحت = سدًّا إذا هـاجَ الفسادُ وبيلا

واردعْ نوازعَ نفسِكِ اشتاقتْ إلى = فيْءِ الرضـا واستأنستْهُ ظليلا

عِشْ مطمئنًّـا حين تؤمنُ بالذي = وَهَبَ ابْنَ آدمَ إذْ يتوبُ قبـولا

لاتَلْهُوَنَّ فإنَّمـا هي ساعـةٌ = هذي الحياة فعِشْ بهـا مسؤولا

واربَأ بنفسِك عن فسادِ نفوسِهم = مازالَ عمرُ المفسدين قليلا

إنْ شئتَ أن تلقى مصيرَك مـؤمنًـا = فاسلكْ على نهجِ الرسولِ سبيلا

واعلَمْ بأنَّ ثَراءَهم يُطوى ، فلم = يجدِ الغنيُّ إذا عصى تأجيلا

وانشدْ على صهواتِ عـزمِكَ رِفعةً = فـإنِ انحرفتَ فلن تنالَ أثيـلا

إنَّ العقيدةَ للنجـاةِ بمصحفٍ = وبِسُنَّةٍ فاحفظْهما تفضيلا

ودعِ المعاندَ والمضَلٍّلَ والذي = يعدو إلى سوقٍ الهوى تبغيلا

قـد خابَ مَن وافى القيامةَ جاحدًا = إذْ لـم يجدْ ذاك الأثيمُ خليلا !

ما رتَّلَ القرآنَ فيه نجاتُـه = أو ساءَلَ التوراةَ والإنجيلا

أمضى ليالي العُمـرَ في حضنِ الهوى = فغوى وبات بشدقِـه مأكولا

مَنْ لـم يُحَصٍّنْ نفسَه بِحِمَى الهدى = شــدَّ الثُّبورُ على يديه كُبُولا

ما كان بالرجل السَّويِّ ولم يكن = عندَ المخاضِ محبَّبًـا مقبولا

ألقتْهُ آفاتُ الضَّلالِ لبيئةٍ = ضمَّتْ على الجسدِ الهزيلِ ذيولا

هـم هؤلاء القوم أهـلُ سفاهةٍ = جعلوا الصُّعُودَ إلى العلوِّ نزولا

أين المروءةُ والشَّهامةُ والنُّهى = في النفسِ أوجدَهـا الهدى إكليلا !

أين الأصالةُ مَحْتدًا ذا رِفعةٍ = فيهـا يرى العربيُّ إسماعيلا !

وهي الأُرومةُ بالحنيفِ أعـزَّهـا = خيرُ الأنامِ مكانةً وأُصولا

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق