بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
سبحانَك اللهمَّ أنتَ رجاؤُنا | والبارئُ المعبودُ يغمرُنا نَدَاكْ |
ولقد نتيـهُ بفتنةِ الدنيا التي | فيها من الأهـواءِ حرَّمهـا هُدَاكْ |
ياحيُّ ياقَيُّومُ فالطفْ بالذي | قـد جاءَ ملتجئًا ويطمعُ في رضاكْ |
أنتَ الرحيمُ بمَنْ خلقتَ وأنتَ إنْ | ضاقتْ بنـا الدنيا نَحِنُّ إلى لِقـاكْ |
ربُّ الملائكةِ الكرامِ وربُّ مَن | أرسلْتَهم للخلقِ مَن جهلوا علاكْ |
نفنى وتفنى الكائناتُ وأنتَ لا | تفنى فأنتَ الحقُّ لـم نعبُدْ سِواكْ |
*** | *** |
آمنْ بربِّك وحـدَه فهو الذي | خلقَ الأنامَ وجادَ بالأفضالِ |
وهـو المدبِّرُ وحــدَه لأمورِنا | فاكفرْ بأهـلِ الشركِ والخُذَّالِ |
فهـمُ الذين أضلَّهم إبليس في | دنيـا النساءِ وبهرجِ الأموالِ |
ومشيئةُ الديَّانِ ماضيةٌ بمـا | قد قـدَّرَ الخلاَّقُ في الآجـالِ |
وهو الذي لِمَن اتقى حِصنٌ ، ومَن | يعصي فذاكَ يُساقُ بالأغلالِ |
والفصلُ يوم الحشرِ لم ينفعْ سوى | ما قد مضى من صالحِ الأعمالِ |
*** | *** |
إنَّ المروءةَ خَصلَةٌ فيَّـاضةٌ | بالخيرِ و الإيثــارِ في الأكفاءِ |
تدعـو إليها شِرعةٌ لمَّــا تزلْ | لأُولي السُّمُّـوِ وليس للسُّفهـاءِ |
كّفُّ الأذى والبذلُ والمعروفُ في | نُوَبِ الزمانِ وشدَّةِ البلواءِ |
فهي المروءةُ صفحــةُ القيمِ التي | وافـى بهـا الإسلامُ للفضـلاءِ |
أمَّـا الرذائلُ والقبائحُ ماهمـا | إلا لأهـلِ الملَّةِ الجـوفاءِ |
فلأكرمِ الأخلاقِ زهــوُ مروءةٍ | تـولي بنجدتهـا أولي ألأعبـاءِ |
*** | *** |
للصَّبرِ لـو تدري مآثرُ جَمَّــةٌ | يحلو بهـا الإسهابُ في الإنشادِ |
ومن المنازلِ عندَ ربِّـك زُيِّنتْ | غُرَفٌ بجنَّتِهِمْ على ميعـأدِ |
وهي الشدائدُ والمصائبُ والأذى | مَيْدانُ صبرٍ للفتى و جِلادِ |
واللهُ يختبرُ العبادَ بصبرِهـم | ويُثيبُهُـم بالفضلِ والإسعادِ |
والصَّابرون على النَّـوازلِ إنَّهم | جندٌ إذا صبروا مـع الأجنادِ |
لابـدَّ من فــرجٍ وإن طالَ المدى | فالصَّبرُ في د\نياكَ خيرُ الـزَّادِ |
*** | *** |
الـلؤمُ للسفهاءِ وصمةٌ خِسَّـةٍ | وشقيِّ قـومٍ بـاءَ بالأوزارِ |
فالغدرُ والكذبُ المقيتُ شعارُه | وبـه الخـداعُ فبئسَ من غدَّارِ |
والعنصريَّـةُ داؤُه ، فبوجهِه | ظهرتْ إمارتُهـا مـع استهتارِ |
قَتَـرٌ على الوجهِ المذمَّـمِ أسودٌ | من هبوةٍ مأفونةٍ و غبارِ |
ونهى الإلـهُ عبادَه ألاَّ يُرَوْا | في زمرةِ اللؤمـاءِ والفجَّـارِ |
فجـزاؤُهـم يومَ القيامةِ في لظى | إذْ أفسدوا الأخلاقَ كالأشرارِ |
*** | *** |
آمِنْ بربّـكَ صادقًـا ثمَّ استقـمْ | فبهـا الكفايةُ ، وانْجُ بالتَّوباتِ |
ولِصِحَّـةِ الإيمانِ سعيُكَ دَعْــهُ في | خيرِ الفِعالِ وأكــرمِ الرغباتِ |
فالَّلهُ يعلمُ إنْ سَعَيْتَ مع التُّقى | وهـو البصيرُ بسائـرِ الأوقاتِ |
في الصَّـالحاتِ هي استقامةُ مؤمنٍ | وبها تفـوحُ أطايبُ الثَّمـراتِ |
فالذنبُ يُغفرُ والعنايةُ لم تزلْ | تُـرجَى من الرحمنِ ذي الرحماتِ |
ولـكَ البشارةُ من ملائكةٍ ، إذا | حانَ الرحيـلُ لِعـالَـمِ الجنَّـاتِ |
*** | *** |
إنَّ الإخـاءَ يصوغـه دينُ الهدى | وتضمُّـه لطيوبِـه الأحناءُ |
لـم تختبئْ شيمُ الأُخوَّةِ إنَّمـا | لمَّــا رأتْهـا عينُـك العمياءُ |
وَأَدَتْ مباهجَه الجميلةَ هكذا | عبثًا رعتْهٌ نفسُك الخرقاءُ |
فالوُدُّ يُحيي في القلوبِ هناءةً | ويطيبُ في الحقلِ الوريفِ المــاءُ |
عشْ واتَّخذْهُ قلادةً وافخرْ به | إنَّ الإخـاءَ وضاءةٌ وبهــاءُ |
وأَعـنْ أخـاكَ بمـا استطعتَ فإنَّمـا | صدقُ الإخــاءِ : مودَّةٌ و وفاءُ |
*** | *** |
جاء الحنيف بخيرِه لِمَن اهتدى | والفوزِ إذْ بالبشرياتِ تجسَّدَا |
مَن عاشَ والإسلامُ نهــجُ حياتِه | ولــه أقامَ مكانةً و تعهدَا |
فالعمرُ يمضي والليالي تنقضي | بالخيرِ أو بالشَّرِّ إنْ شرٌّ عـدَا |
فأصـخْ لِمَـا في الذكرِ من ذكرى وكن | مثلَ الذي لأولي المهازلِ فَنَّـدَا |
واللهُ عـونُك إن صدقتَ ولـم تجدْ | عـونًا سِواهُ إذا هـواكَ تمرَّدَا |
فاحفظ مبايعةَ الفؤادِ لربِّـه | لمَّـا سُئِلْتَ وعش هُديتَ مُوَحِّدَا |
*** | *** |
آثارُ حبِّـك للنَّبيِّ المصطفى | قيــمٌ تفـوحُ مع الأريج السَّاري |
أضحتْ مزايـا الفضلِ منها حلَّةً | والمجدُ يُبقي حُلَّـةَ الآثارِ |
لـم تأتِ إلا بالسُّمُوِّ مكللاً | بطيوبِ حُلوِ النفحِ في الأزهـارِ |
هـذا رسولُ اللــهِ قـد ملأ الدُّنى | بالخيرِ والرحماتِ والأنـوارِ |
فاسرجْ عزيمَتَك الحَفِيَّةَ بالهدى | والحـقْ بركبِ السَّادةِ الأبرارِ |
تلـقَ الحبيبَ مبشِّرًا ومرحبًـا | بالصَّالحين الصِّيدِ والأخيـارِ |
*** | *** |
أيامُنـا هذي عِجافٌ لـم تزلْ | فيهـا المآسي والمواجعُ تُـؤلمُ |
الواقعُ المــرُّ البغيضُ حصادُه | جمــرٌ بأيدينا ، وحزنٌ مبهـمُ |
لكنْ محيَّاهـا وما في كنهِهَـا | يُنبي ! وصابرُ عُسرِهـا لايندمُ |
يُنبي عن العدد القليلِ فشأنُهم | كالسَّابقين إذا هُــمُ لـم يسأموا |
للنصرِ والرضوانِ ممشاهـم وإنْ | طالَ الطريقُ الموحشُ المتجهمُ |
والمفسدون وإن تكاثرَ جمعُهم | فَلَهُمْ تبارٌ ثــمَّ بعدُ جهنَّـمُ |
*** | *** |
اللهُ في الشِّدَّاتِ ويحـك يُسعفُ | والريبُ من طبعِ الذي لا يعرفُ |
إنْ أظلمتْ دنياكَ من خطبٍ عــرا | ومن النَّوازلِ بابنِ آدمَ تجحفُ |
وإذا أناخَ بدربِك الخطبُ الذي | يطوي مغالبَةَ النفوسِ ويُضعِفُ |
وأرتْـكَ نفسُك عجزَهـا عمَّـا جرى | وارتــجَ قلبٌ في ضلوعِكَ مرهفُ |
فـالجأْ إلى اللهِ الرحيمِ ولطفِه | واهرعْ إلى مولاكَ لاتتخلَّفُ |
تجــدِ الإجابةَ من لَدُنْـهُ قريبةً | والعينُ من فرحٍ بنفسٍك تذرفُ |
*** | *** |
أرأيْتَ كم من فتنةٍ عصريةٍ | تجتاحُ أهـلَ الأرضِ في أوقاتِها |
فاحذرْ مخادعـةً لهـا إنْ زيَّنتْ | إغراءَهـا فالشَّرُّ في زيناتها |
وكُـنِ الحكيمَ إذا هممتَ فإنها | تغري وأهـلُ الزيغٍ في حاراتها |
واحفظ مقامَك عندَ بارئٍك الذي | ينهاك إذ تدنو إلى خطراتها |
فلربما أبحرْتَ في يـمٍّ الهوى | فإذا بهـا ترديك في موجاتهِا |
ولئنْ غرقتَ فقد خسرتَ وأظلمتْ | دنيـاك بئس النفسُ من زلاتِهـا |
*** | *** |
فيـمَ الهمومُ أخا اليقينِ بمَن بــرا | هذا الوجودَ من القديمِ و دبَّـرَا |
وهـو الذي يُرجَى لكلِّ ملمَّـةٍ | وهو العليمُ بمَن أتى متحيِّرَا |
وهـو الحكيمُ فلا تعشْ في حسرةٍ | عمَّـا تراهُ إذا الفـلاحُ تأخَّرَا |
وإذا المكارهُ أحكمتْ أغلالَهـا | وأتتْ رياحُ العسرِ منها صرصرَا |
فاعلَمْ بأنَّ اللهَ ليس مُخَيِّبًـا | عبدًا أتى يدعو وشدَّ المئزرَا |
فدعاءُ مَن ألقى الرجـا في بابِه | سيُجابُ ياهذا وإن طالَ السُّرَى |
*** | *** |
إنْ لـم تجدْ وصلا بربِّـك في الدجى | وهوىً لـه ، فالحـالُ أمـرٌ ثانِ |
فذخائرُ الليلِ الجميلِ نفيسُه | أغلى من الياقوتِ والمرجانِ |
فَكُنِ الذي بالوصلِ ينشدُ ربَّـه | شوقًـا إليه بلهفةِ الولهـانِ |
وببضـعِ ركعاتٍ تصلِّيها وقد | راقَ القيـامُ بهدأة الأكـوانِ |
فَبِهِنَّ تزكـو النفسُ لاتلوي على | مافي حياةِ الناسِ من أضغانِ |
لتعيشَ عبدًا للعظيمِ وحينها | لـم تخشَ سوءً تَقَلُّبِ الحدثانِ |
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد