بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بعث إليّ عدد من الإخوة ما آل إليه ذلك اللا أدري، وكففت لساني عنه في معرض إعلانه عن [أزمته الوجودية] قلت لعله يبحثها في صمت، راجيًا له الهداية، فأبى إلا الجعجعة، وأول ما تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت هو من قوم لا تجري معهم المباحثة، ولا هو من أهل الفكر ولا النظر، وقد اشرأبت أعناق أصحابه بدل أن تطئطئ رؤوسهم، فجعلوا من صديقهم رقمًا في دعاية حربهم، وملأوا أفواههم بالزور حين قالوا: أودى به المجسمة! مع أنه كان يتندر بالحشوية معهم، والنابتة، وباقي شتائمهم المستهلكة، يمدونه في طغيانه، ويمدهم في غيهم.
رفعوه لمجرد حذلقاته، ولم يعرف بفقه أو تحرير مسألة واحدة وفجأة اكتشف شيئًا غاب عن الناس: معتمد المذهب، كان وقتها [السائد: أو الموضة] وكلما عنّ سبب شهرة طار إليه، من سياسة، حتى العقائد، ولما كانت موضة الشباب الليبرالي المثقف اليوم أن يعلن لا أدريته، فمتوقع أنه سيشرح لهم أنه خاض في علوم الشرع حتى فراها، ثم فكّر فقلاها، ثم ها هو ينتهي إلى عقيدة عجائز فينا!
وحتى وهو على تمثيله بأنه يرد عادية [المجسمة] وجماعة [الدليل الراجح] مع اعترافه بأنه كان في حيرة لثلاث سنوات، أي في عز وقت شهرته بينهم، وتضاحكه مع خلّانه، حين كانت جرأته بادية في رد الشرائع، وغمز الأدلة، والتهور في النتائج، وهو يتسابق في التعليق هنا وهناك، أكل ذا لم يلحظوه؟ لا عجب، فقد كانت أعينكم مصوّبة على [النابتة].
وها هو يعود إليكم، ببضاعتكم، حتى وهو يعلن لا أدريته، يقول: [نجيب] بتقليد صيغة التعظيم للمتكلم فذا الذي أفلح فيه من تقليدكم في التقعر، وبأسلوب الحواشي الكلامية المهترئة، ولا يستدل إلا بمعتزلي ذكره الرازي في محصوله ولم يتعقبه، وبحد المعجزة كما قاله الإمام فلان! وخبر الآحاد الاستدلال به في العقائد محل نظر، حتى يكاد لا يتصور خلافًا في كل ما ذكره بين أهل الإسلام، بل شك في الإسلام ولم يشك في تلك المقررات بعد! ويحسب أن هذا هو الإلزام المتين!
قد يزول إيمان المرء، لكن علومه ما بالها، هل فقد الذاكرة؟ فانظروا إلى حاله وهو لا يعرف أن يقيم نسقًا حجاجيًا واحدًا، أهذا الذي تخرج بكم، إنها عودة على أحكامكم أنتم في تقييم الناس.
وبالعودة إلى ذلك اللا أدري: ألا يلحظ أي بضاعة يحمل؟ حتى في تفكيره لا يعرف الخروج عن ذلك القالب المستهلك، وهو يتمسح هذه المرة باسم اللا أدرية!
ألا هوّن عليك، لو كان عندك شك منهجي لتعلمت من ديكارت الذي يقول متى شك الباحث لم يعلن مخالفته لدين وقوانين قومه، حتى يتيقن من خلافها، وهو ما عرف في الأصول بالاستصحاب، فعلام ينتقل إلى غير ما كان متى لم يثبت خلافه، بل قل لي ما الحكمة من الإعلان نفسه؟ هناك لا أدرية أخرجت مباحث فلسفية كمباحث هيوم، لكن لا أدريتكم لم تخرج إلا ما يماثل وزن عمق مفكريكم.
والآن ما الذي يطفئ جوع الشهرة فيك؟ هل هو إعلان العودة والحمد لله بعد عناء مع أزمتك الوجودية الهزيلة؟ التي لو كانت حقًا لاعتزلت الناس وتفكرت في نفسك في عقلك، واحتجت إلى الهدوء بدل الجعجعة! أم الخروج مع بث: لماذا ألحدوا!
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد