في رحاب مسند الإمام أحمد


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

قلت أنا حمدي الصيودي

هذه بعض سمات ومميزات (المسند) للإمام المبجل احمد ابن حنبل رحمه الله، من واقع قراءتي للكتاب.

ومضات :

قال ابن الجزري - رحمه الله، في أبيات ذكر فيها المسند

فما من صحيحٍ كالبخاري جامعًا

.................. ولا مسند يٌلفى كمسندِ أحمدِ

 

عدد أحاديث المسند حسب طبعة الرسالة 27647 حديث منها 642 زيادات ابنه عبد الله.

عدد شيوخ الإمام احمد في المسند 283.

لم يسمع المسند كاملًا من الإمام احمد غير ولديه (عبد الله وصالح) وابن عمه.

 

الومضة الثانية

في ترتيب مسند احمد

بدء بمسند الخلفاء الراشدين

ثم مسند بقية العشرة

فمسند أهل البيت

ثم مسانيد المكثرين من الرواية كالعبادلة الأربعة ثم أردفهم بـ

مسند المكيين

مسند المدنيين

مسند الشاميين

مسند الكوفيين

مسند الأنصار

مسند النساء ومن ضمنه مسند القبائل في بعض النسخ وبه ختم الكتاب.

 

الومضة الثالثة في دعوى خلو المسند من الحديث الموضوع و في كم كان الفراغ من تأليفه :

الذي انتقد عليه في المسند كله حوالي (38) حديث وهي كالأتي :

 (9) أحاديث جمعها الحافظ العراقي و 15 حديث ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات وهي التي أوردها الحافظ ابن حجر في القول المسدد وفات ابن حجر بعض ما أورده ابن الجوزي في الموضوعات فجمعها السيوطي في الذيل الممهد وهي 14 حديث باقي ال 38 المذكورة انفا، قلت : ودعوى ان المسند يخلو من الحديث الموضوع لا تسلم لقائلها وهي دعوة فيها نظر، والحق ان المسند فيه أحاديث موضوعة او شبه موضوعة منها حديث ( عسقلان احد العروسين.... الحديث ) رقم 13356ج21ص65 حكم عليه غير واحد بالوضع، والموضوع يحتاج ايضاح أكثر ونقول واعتراضات ليس هذا محلها، ولكن إذا خرجنا من الخلاف وجمعنا بين الأقوال وحذفنا قول كل متشدد، مقابل قول كل متساهل، لقلنا ان ما في المسند من الموضوع لا يتعدى أصابع اليد وهذا بالنسبة لعدد أحاديث المسند يعتبر أشبه بالمعجزة.

عمره حين بدأ التصنيف في المسند كان تقريبًا 26 سنه وظل ينظر فيه بقية حياته يعني من سنة 200 حتى سنة 241 وفيها توفي رحمه الله.

 

الومضة الرابعة صيغ التحديث في المسند وأحلى الأسانيد

من الصيغ التي وقفت عليها في المسند

حدثنا فلان – قرأت على فلان – حدثنا فلان أنا سألته - وقد يقول وبهذا الإسناد ويسوق أكثر من حديث انظر مثلًا مسند أبي سعيد الخدري ج18 ص 248 وما بعدها وقرئت على أبي - وحدثنا أبي حدثنا فلان من كتابه وحدثنا فلان وأنا سمعته من فلان (الثلاث الأخيرة لعبد الله ابن احمد).

من أحلى الأسانيد في المسند الثلاثية، مثل سفيان عن عبدالله عن ابن عمر - و سفيان عن الزهري عن انس - وهشيم عن حميد عن انس - وسفيان عن عمرو عن جابر - وسفيان عن الزهر عن عبد الله ابن ثعلبة...... وغيرها.

هنا نهاية الومضات وندلف إلى ما نحن بصدد الكلام عنه

 

 أول حديث في المسند هو حديث الصديق في خطبته يا أيها الناس إنكم تقرئون هذه الآية..... الحديث.

 آخر حديث في المسند حديث شداد بن الهاد رقم 27647 خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشي...... الحديث.

أطول إسناد في مسند احمد إسناد ثماني في الحديث رقم 256.

اقصر إسناد في المسند او أعلى إسناد هو الثلاثي وكثير انظر مسند انس ابن مالك ولا يوجد فيه ثنائي كموطأ مالك مثلًا.

أطول متن فيه تجده في أكثر من حديث منها حديث توبة كعب رقم 5789 وحديث انس في الإسراء والمعراج رقم 17835 وحديث إسلام سلمان رقم 23737 وحديث جعفر مع النجاشي رقم 25623 وحديث الافك وغيرها.

يهتم الإمام احمد بصيغ التحديث مثل ( اخبرنا وحدثنا وسمعت وقرء على فلان..... وغيرها.

يذكر الحديث بألفاظه ويشير اذا كان فيه اختلاف في لفظة او شيء انظر مثلًا حديث رقم 222 ج1.

لم يرتب الإمام احمد الأحاديث داخل كل مسند لا على الرواة ولا على الموضوعات فحديث في الصلاة بعده حديث في الحج وآخر في الجهاد يليه حديث في الفضائل كذلك أحاديث الروة من شيوخه تجد حيث عن ابن المديني بعده حديث عفان ثم حديث عن محمد بن جعفر فيحيى بن عامر.... وهكذا.

اذا كان الحديث مكررًا او له أكثر من إسناد ذكره وعزى للذي قبله انظر مثلًا حديث رقم 278 ص 379 وقد يذكر ما اختلفت فيه الروايات ثم يقول والباقي مثله او نحوه او فذكره او بمعناه.

 اكبر مسند للخلفاء هو مسند علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وهو أكثرها حديثًا ضعيفًا بل حاولي نصف مسنده ضعيف.

ليس كل ما في المسند مرفوع فقد يروي الأثر تلو الأثر في أماكن متفرقة من مسنده انظر مثلًا رقم 2511ج4ص309.

يروي الإمام احمد عن الزهري بواسطة واحده وعن الليث بن سعد بواسطة واحدة ويروي عن الشافعي بدون واسطة.

يذكر الإمام احمد ادني شبهة قد تعتري الحديث الذي سمعه، انظر مثلًا حديث رقم 4632ج8 حيث قال أصابتني علة في مجلس عباد ابن العوام (شيخه في هذا الحديث) فكتبت تمام الحديث فاحسبني لم افهم بعضه فشككت في بقيته الحديث فتركته. قلت وهذا من ورعه رحمه الله ورضي عنه.

قد يذكر تضعيف الراوي او توثيقه ما بين الفينة والفينة انظر مثلًا في مسند ابن عمر حديث رقم 5674 ج9 ص486

قد يفسر الراوي المبهم في الإسناد فيقول مثلًا حدثنا فلان أي فلان او يعني فلان مثل حدثنا إسماعيل يعني ابن علية حدثنا معاوية يعني الضرير وهكذا....

قد تجد حديثًا او أثرا لا تعلق له بالمسند الذي ذكر فيه انظر ص376 ج13 رقم 7997.

يحاول الإمام احمد ان يأتي بالرواية كما سمعها بحروفها لا بالمعنى انظر الحديث رقم 8658ج14 ص 292 تجد دقة متناهية في إيراد الرواية بلفظها.

كرر أحاديث كثيرة جدا وبعضها وصل إلى أكثر من 50 مرة في المسند الواحد بله غيره من المسانيد انظر مثلًا 4493 ج8 وانظر الحديث رقم 24105 ورقم 24110 كرره 53 مره .

قد يكون مسند الصحابي حديث واحد او حديثين فيرويه الإمام احمد باسانيد والفاظ مختلفة حتى يصير اكبر من اكبر منه انظر مسند حكيم بن حزام ج 24 ص46 وما بعدها.

هناك أحاديث وقعت في غير أماكنها مثل أحاديث لأنس وقعت في مسند ابن مسعود وكذلك غيرها من الأحاديث التي وقعت في مسند صحابي وهي لغيره انظر مثالا على ذلك ج6ص161 وما بعدها.

جل مرويات ابن عمر في المسند صحيحة.

غالب أحاديث مسند انس ابن مالك ثلاثية الإسناد انظر ج19 وما بعده .

جل مرويات الصديقة بنت الصديق في المسند صحيحة انظر الأجزاء 40و 41 و42و 43.

مسند ابي هريرة هو البحر الذي لا تكدره الدلاء.

عامة ما أسنده الامام احمد عن ابي الدرداء رضي الله عنه ضعيف انظر ج 26ص22

غالب احاديث مسند القبائل والذي هو ضمن مسند النساء في طبعة الرسالة ضعيف ومكرر انظر ج 45 ص 131 وهو آخر المسند

غالب أحاديث مسند جابر ابن عبد الله رواه عنه ابو الزبير وابن لهيعة له من حديث ابو الزبير نصيب الاسد انظر الاجزاء 22 و23

هناك من مسنده كله ضعيف مثل مسند ابو الحكم او الحكم بن سفيان ج24 ص 104

وهناك من مسنده كله صحيح مثل مسند قدامة بن عبدالله بن عمار ومسند سفيان بن عبدالله الثقفي وغيرهم

هناك مسانيد مكرره ومسانيد مفرقة فتجد مثلًا تتمة مسند او بقية مسند فلان انظر مثلًا ج25 واول الجزء 26

من بداية الحديث رقم 8115 حتى 8253 ساقها باسناد واحد وهو، حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر قال عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به ابو هريرة رضي الله عنه ( وهذه تعرف بصحيفة همام ابن منبه ).

في الحديث رقم 8768 رواه عن ابن المديني واعتذر بان ذلك كان قبل المحنة ، قلت رحم الله الامام احمد كيف يريد من ابن المديني ان يتحمل ما لا طاقة له به ’ رحم الله الجميع وله ايضًا اعتذار آخر تجده برقم 28 من الاستدراكات على مسند الانصار ج 39 ص 464.

عامة مرويات المسند يبدأ فيها بالأسانيد القوية المشهورة لصاحب الترجمة فمثلًا مرويات ابي سعيد الخدري غالب الاسانيد الأولى يكثر فيها الصحيح بخلاف اسانيده ومروياته في آخر مسنده وقد تجد من الاسانيد الضعيفة في اول مسند الصحابي ومن الصحيح في آخره وقد يختلط هذا بهذا لكن الوضع الاول هو السائد العام او الغالب على احاديث المسند.

في حال عبد الله مع مسند ابيه :

ساوى ابيه في غير ما إسناد كما ذكرنا انفا.

يذكر الفائدة بعد الفائدة مما يقع بين الرواة في الاسناد نقلًا عن ابيه تارة او عن غير ابيه.

غالب الزوائد في المسند ضعيفة كما هو الحال في مسند عثمان وعلي وغيرهما من الصحابة رضي الله عن الجميع.

يذكر في الغالب اذا كان شارك ابيه في الاسناد فيقول مثلًا حدثنا فلان وانا سمعته منه.

هناك أحاديث لم يسمعها عبد الله من ابيه بل قرئها عليه واقر بها الامام احمد وهذه هي الطريقة الثانية من طرق التحمل او التلقي وهي ان يقراء الطالب وشيخه يسمع كطريقة مالك في غالب من سمع عليه الموطأ انظر مثالا على ذلك ج7ص287 وما بعدها.

ينقل عبد الله عن ابيه تضعيف بعض الاحاديث انظر حديث رقم 6938 رد النبي صلى الله عليه وسلم ابنته الى ابي العاص بمهر وعقد جديد

قد يحكم عبد الله على الحديث بنفسه انظر حديث رقم 20884 ج 34

اشار عبد الله الى الأحاديث التي ضرب عليها ابيه قبل موته انظر حديث رقم 6947 ص 538 ج 11 وما ادري ما وجه وجوده في المسند الا ان يكون من زوائد عبد الله.

يشير الى ما حدثه ابوه من الاحاديث في المذاكرة او النوادر انظر حديث رقم 20090 ص458 ج34.

فوائد غير مباشرة

وحتى لا أطيل عليكم وأجدني قد فعلت أسوق لكم بعض الفوائد الغير مباشرة تقف عليها أثناء مطالعتك لمسند احمد.

الأولى: معرفة راوي الحديث الأعلى ومن شاركه في روايته

الثانية: الوقوف على اختلاف روايات الحديث وألفاظه.

الثالثة: الوقوف على ما صاحب الحديث من مواقف وأحداث سواء قبل او بعد روايته من قصة يذكرها احد الرواة أثناء السند من لدن الصحابي الى شيخ الامام احمد.

الرابعة: معرفة أماكن وفيات الصحابة من خلال ما أورده الإمام احمد في المسند فهذا أنصاري وفاته بالشام يذكره في مسند الشاميين وهذا مكي وفاته بالبصرة تجده في مسند البصريين..... وهكذا

الخامسة: الوقوف على عدد كبير جدًا من أسماء الصحابة والتابعين وتابعيهم من خلال ذكرهم في الاسناد.

السادسة: من اهم هذه الفوائد تكراره للحديث وروايته بأكثر من رواية ولها فوائدة عدة، منها زيادة لفظة او ذكر مبهم او معرفة سبب او زيادة حكم او معرفة علة او زيادة راوي او ذكر قصة في احد طرقه في أول الحديث او آخره او أثنائه، في السند او المتن او الوقوف على من حضر القصة او شارك فيها او سمعها وحدث بها او سمعها ولم يحدث بها او ذكر مكانها او زمان وقوعها او معرفة من اختصر القصة ومن ساقها بتمامها ومعرفة من حفظ ومن لم يحفظ ومن اختصر ومن أسهب وتوسع الى غير ذلك من الفوائد.

هذا ما علق بذاكرتي من سمات ومميزات هذا الكتاب المبارك.

تنبيه: أرقام الصفحات والأجزاء المذكورة حسب طبعة الرسالة

دمتم في طاعة الله وأمنه

يا نظرًا فيه إن ألفيت فائدة

................ فاجنح إليها ولا تجنح إلى الحسدِ

وان عثرت لنا فيه على زللٍ

................. فاغفر فلست مجبولًا على الرشد

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply