الدِّين والفلسفة ومعنى الحياة ومغزاها!


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  

 

جرت الفلسفة منذ أن ظهرت في معظم المجالات التي جاء الدِّين نفسه ليشغلها، ومع هذا أخفقت في أن تحل محله في تلك المجالات، ولم تقدم حلاً لأهم سؤال تصدى له الدِّين، وهو: ما مغزى الحياة؟ وهو سؤال لا ينفك يطرح نفسه مرارًا على الإنسان بصورة ملحة.

أو كما قال أفلاطون: "الإنسان كائن يبحث عن المعنى". وكذا ما قاله ألبير كامو: "معنى الحياة أكثر المسائل إلحاحًا". لكن الفلسفة -حتى "المؤمنة"- فشلت فشلاً ذريعًا في تقديم الجواب على هذا السؤال، وكان الإحباط نصيب معظم من توقع ذلك منها، ففاقد الشيء لا يعطيه، ومنبع الشك لا يهب يقينًا.

فالفلسفة لا تزرع يقينًا ولا تقدم جوابًا حقيقيًا عن أهم وأكثر أسئلة الإنسان إلحاحًا، بل تقدم عشرات الأسئلة على السؤال الواحد، وتضيف له مئات التشكيكات التي توطن لليقين في نفس الإنسان أرضًا هشة ومتزعزعة ومتزلزلة، لا يكاد يثبت فوقها شيء يمكن يعتمد عليه، واليأس والشك هو نتاج الفلسفة.

يقول هنتر ميد: "القراء الذين قاموا بدراسة الفلسفة مع التوقعات العظيمة التي يأتي بها معظم القادمين الجدد للفلسفة، قد أصيبوا بخيبة أمل. المحبطون هؤلاء ربما أصبحوا متشككين أو بالأحرى متشككين جدًا في الاعتقاد بأن يمكن الوصول لاختيار هام من بين الأجوبة التي تقدمها الفلسفة".

ولهذا قال ويل ديورانت: "لطالما كان الدِّين أعمق من الفلسفة". وهذه حقيقة يشهد لها الواقع وتشهد لها العقول وتشهد لها تجربة من طمع من الفلسفة يقينًا. بل لقد فشل الفلسفة في تقديم الإجابة عن الموضوع الرئيس الذي كرَّست نفسها للبحث عنه، وهو قلبها: (الوجود)، فضلاً عن معناه وغايته ومغزاه!

فالسؤال عن حقيقة الوجود يأتي في قلب الفلسفة، ومع ذلك فشلت في الوصول إلى حقيقته. يقول أرسطو: "وهكذا كان في القدم، ويكون الآن، وسيكون إلى الأبد، السؤال: عما هو الموجود؟ هو السؤال الذي تنحو نحوه الفلسفة، وتخفق المرة تلو المرة في الوصول إلى الإجابة عنه". فكيف إذن تصل لمعرفة معناه؟!

إن معنى الوجود هو أبعد ما يمكن للفلسفة أن تصل إليه أو أن تقدمه للإنسان، لأنها تفتقد الأسس الضرورية لذلك، مصدرًا ومحتوى. يقول جورج هارت: "معنى حياة الإنسان ولغز الموت هما الصخرة التي يتحطم أمامها معظم الفلاسفة العَلمانيين".

والفلسفة التي تعتمد على "العقل" لتصل للحقائق، و"ترفض الوحي [كما يقول جورج هارت] فإنها تضع نفسها في مأزق: تصبح حياة الإنسان لا معنى لها وموته رعب غير مبرر".

فسؤال الإنسان ووجوده ومعناه ومغزاه، كل ذلك لا يمكن الإجابة عنه إلا من خلال الدين، وكلما كان الدين نقيًا كانت الإجابة صحيحة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply