بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من مكايد الشيطان الرجيم التي صدّ بها المسلمين عن دينهم: سماع الأغاني، وإنها لفتنة عظيمة ابتلي بها كثير من المسلمين، نسأل الله أن يهديهم لترك سماعها، فهي تجلب غضب الرحمن، وتفرح الشيطان، وتمنع من التلذذ بالقرآن، وتثير الشهوة، وتدعو إلى القبائح، وتمرض القلوب وتفسدها. ولقد كان لعلماء المسلمين جهود في بيان حكم الغناء، وذكر مفاسده وأضراره، ولهم مؤلفات في ذلك، منهم: العلامة ابن القيم، والحافظ ابن رجب، والعلامة محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ أبو بكر الجزائري، والشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني، وغيرهم، رحم الله الجميع. فمن رام أن يعرف القول الصواب في حكم الغناء واستماعه فليرجع إليها.
لسلف الأمة أقوال في الغناء والمعازف يسّر الله فجمعت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
من مفاسد وأضرار الغناء:
· يسخط الله جل جلاله:
• قال الإمام الضحاك رحمه الله: الغناء... مسخطة للرب.
• كتب عمر بن عبدالله الأموي رحمه الله كتابًا إلى مؤدب ولده قال فيه: وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن.
· ينبت النفاق:
•قال ابن مسعود رضي الله عنه الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب.
• قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: يثبت النفاق في القلب لا يعجبني.
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: للغناء خواص لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق
• قال عمر بن عبدالله الأموي رحمه الله: بلغني من الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب الماء.
· من أعظم أسباب الوقوع في الفواحش فهو رقية اللواط والزنا:
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الغناء... رقية اللواط والزنا
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الغناء....قيل: إنه رقية الزنا.
• قال يزيد بن الوليد بن عبدالملك بن مروان إياكم والغناء... فإن الغناء داعية الزنى
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن أقوى ما يُهيج الفاحشة إنشاد أشعار الذين في قلوبهم مرض من العشق، ومحبة الفواحش ومقدماتها بالأصوات المطربة، فإن المغني إذا غنى بذلك حرك القلوب المريضة إلى محبة الفواحش، فعندها يهيج مرضه، ويقوى بلاؤه. وقال: الغناء رقية الزنا، وهو أعظم الأسباب لوقوع الفواحش.
• قال العلامة ابن باز رحمه الله: أما الأغاني فشرها عظيم... فإن من اعتادها ربما... جرئه إلى حب الفحش، والفساد، وارتياد الفواحش، والرغبة فيها، والتحدث مع أهلها، والميل إليهم.
• قال العلامة العثيمين: قيل: "إن الغناء بريد الزنا" وهذا صحيح، حتى إن بعض الفجار يقول: إذا أردت أن تُلقي إليك الفتاة بزمامها فغنِّ لها.
· يصدُّ عن فهم القرآن وتدبره، والعمل بما فيه:
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الغناء... صده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه. وقال: للغناء خواص... فمن خواصه: أنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره، والعمل بما فيه، فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبدًا، لما بينهما من التضاد، فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى، ويأمر بالعفة، ومجانبة الشهوات، وأسباب الغي، وينهي عن اتباع خطوات الشيطان، والغناء يأمر بضدّ ذلك كله.
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: واعلم أن سماع الأغاني يضاد سماع القرآن من كل وجه. وقال: ويوجب... سماع الملاهي النفرة من سماع القرآن كما أشار الشافعي رحمه الله، وعدم حضور القلب عند سماعه.
• قال العلامة ابن باز رحمه الله: أما الأغاني فشرها عظيم... فإن من اعتادها ربما كره سماع القرآن.
· يدعو إلى المعاصي:
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: والغناء المشتمل على وصف ما جلبت النفوس على حبه، والشغف به من الصور الجميلة يثير ما كمن في النفوس من تلك المحبة، ويشوق إليها، ويحرك الطبع ويزعجه عن الاعتدال، ويؤزه إلى المعاصي أزًا.
· يصد عن ذكر الله والصلاة:
• قال العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله: الاستماع إلى الأغاني... من أسباب... صدها عن ذكر الله وعن الصلاة. وقال: الأغاني شرها عظيم... فإن من اعتادها ربما كره... سماع النصائح، والأحاديث النافعة، وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام.
· يهيج النفوس على الشر:
• قال الإمام النووي رحمه الله: بخلاف الغناء المشتمل على ما يهيج النفوس على الشرّ ويحملها على البطالة والقبيح.
· يقوي الأحوال الشيطانية:
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية سماع الغناء والملاهي.
· يوجب قلة التعظيم لحرمات الله:
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: يوجب قلة التعظيم لحرمات الله، فلا يكاد المدمن لسماع الملاهي يشتد غضبه لمحارم الله تعالى إذا انتهكت.
· يسقط المروءة:
• قال الإمام الخطابي رحمه الله: الغناء بذكر الفواحش والمجاهرة بالمنكر من القول فهو المحظور من الغناء المسقط للمروءة.
• قال يزيد بن الوليد بن عبدالملك بن مروان: إياكم والغناء، فإنه... يهدم المروءة.
• قال الضحاك رحمه الله: الغناء مفسدة للقلب.
• قال العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله: الاستماع إلى الأغاني... من أسباب مرض القلوب وقسوتها. وقال لسائلة: ننصحكِ بألا تسمعي الأغاني مطلقًا، لأنها شر، ولأنها تفضي إلى فساد كبير في القلوب.
· يُذهب الحياء وينقصه:
• قال يزيد بن الوليد بن عبدالملك بن مروان: إياكم والغناء، فإنه... ينقص الحياء.
حكم الغناء واستماعه:
• سئل الإمام الآجري رحمه الله: هل لأحد أن يستمع الغناء من مغن، أو من جارية أو من امرأة حرة ؟ فأجاب: جميع ما سأل عنه السائل... حرام استماعه... وتحريم سماع الغناء قد رسمنا فيه جزءًا مستقلًا... بينا فيه تحريم استماع الغناء من مغن أو من جارية
• قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله: ليُعلم أن الدُّف والشبّابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام، عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن أحد ممن يُعتدُّ بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع.
• قال الإمام القرطبي رحمه الله: الغناء... الذي يحرك النفوس، ويبعثها على الهوى والغزل والمجنون، الذي يحرك الساكن، ويبعث الكامن، فهذا النوع إذا كان في شعر يُشبب فيه بذكر النساء، ووصف محاسنهن، وذكر الخمور والمحرمات، لا يختلف في تحريمه، لأنه اللهو والغناء المذموم بالاتفاق.
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام. وقال رحمه الله: الأئمة الأربعة... متفقون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو كالعود ونحوه.
• قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وأما سماعه من الأجنبية، أو الأمرد، فمن أعظم المحرمات، وأشدها فسادًا للدين.
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: واما استماع آلات الملاهي المطربة المتلقاة من وضع الأعاجم، فمحرم مجمع على تحريمه، ولا يعلم عن أحد منه الرخصة في شيء من ذلك، ومن نقل الرخصة فيه عن إمام يعتد به فقد كذب وافترى.
• قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: الاستماع إلى الأغاني حرام ومنكر... وإذا كان مع الغناء آلة كالربابة والعود، والكمان، والطبل صار التحريم أشد.
• قال العلامة الألباني رحمه الله: الموجب لتحريم الغناء الأحاديث الصحيحة الثابتة في كتب السنة....
مسائل متفرقة:
· من جمع الناس لسماع الغناء:
• قال الإمام احمد بن الحسن بن أبي عمر الحنبلي رحمه الله، في رسالته: " فتاوى في الغناء": قال برهان الدين بن عبدالحق الحنفي: حكى الطبري عن الشافعي: أن الرجل إذا جمع الناس لسماع غناء الجارية فهو سفيه مردود الشهادة.
· أخذ المال على الغناء من المكاسب المحرمة:
• قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: من المكاسب المحرمة المجمع على تحريمها: الربا، ومهور البغايا، والسحت، والرشوة، وأخذة الأجرة على النياحة، والغناء، وعلى الكهانة، وادعاء الغيب،... وعلى الزمر، واللعب والباطل كله.
· الغناء من استكثر من فهو سفيه:
• قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب أدب القضاء: الغناء... من استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته.
· من استمع الغناء ولم ينكره كان آثمًا.
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الرجل لو سمع الكفر والكذب والغيبة والغناء من غير قصد منه، بل كان مجتازًا بطريق فسمع لم يأثم بذلك باتفاق المسلمين، ولو جلس واستمع إلى ذلك ولم ينكره لا بقلبه ولا بلسانه ولا يده كان آثمًا باتفاق المسلمين.
· الغناء صوت الشيطان.
• قال مجاهد في قوله تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾ [الإسراء:64] باللهو والغناء.
• رأت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مغنيًا يغني في بيت بنات أخيها، ويحرك رأسه طربًا، فقالت: أفٍ شيطان أخرجوه، أخرجوه، فأخرجوه.
· الأغاني مزامير الشيطان:
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الأغاني وآلاتها مزامير الشيطان.
· الغناء لهو الحديث:
• قال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى:﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [سورة لقمان:6] ﴿لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾: الغناء والذي لا إله إلا هو، يُرددها ثلاث مرات.
• قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: الغناء وأشباهه.
• قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: هو الغناء والاستماع إليه.
• قال الحسن البصري رحمه الله: أنزلت هذه الآية ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ في الغناء.
· الغناء ينافي الشكر لله تعالى:
• قال الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني رحمه الله: العبد يجب عليه أن يشكر الله على نعمه الظاهرة والباطنة الدينية والدنيوية، فإذا استمع الغناء والمعازف، وآلات اللهو، أو عمل بذلك، فإنه لم يشكر الله تعالى، بل كفر نعمة الله عز جل.
· الغناء من مصايد الشيطان ومكايده:
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: من مكايد عدو الله ومصايده التي كاد بها من قلّ نصيبه من العلم والعقل والدين، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين: سماع... الغناء..
· عباد الرحمن لا يسمعون الغناء:
• قال الإمام مجاهد رحمه الله في قوله تعالى:﴿والذين لا يشهدون الزور﴾ [الفرقان: 72] لا يسمعون الغناء.
• قال محمد بن الحنفية رحمه الله: اللهو والغناء.
• قال الإمام الطبري رحمه الله: لا يشهدون شركًا، ولا غناءً، ولا كذبًا، ولا غيره.
· من يستعمل الأغاني والموسيقا ويستمع إليها كأنها شيء حلال:
• قال العلامة العثيمين رحمه الله: قال صلى الله عليه وسلم:"ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف". فالحر: الفرج، والمراد به الزنا، ومعنى يستحلون أي: يفعلونها فعل المستحلِّ لها، بدون مبالاة، وقد وقع هذا في زمننا، فكان من الناس من يستعمل هذه المعازف، أو يستعملها كأنها شيء حلال، وهذا مما نجح فيه أعداء الإسلام بكيدهم للمسلمين، حتى صدوهم عن ذكر الله، ومهام دينهم ودنياهم، وأصبح كثير منهم يستمعون إلى ذلك أكثر مما يستمعون إلى قراءة القرآن والأحاديث، وكلام أهل العلم، المتضمن لبيان أحكام الشريعة وحِكمِها.
· السلف كانوا يسمون الرجال المغنين مخانيث:
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء، كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجل مخنثًا، ويُسمون الرجال المغنين مخانيث، وهذا مشهور في كلامهم.
· الغناء من عمل الفساق:
• سئل الإمام مالك رحمه الله عن الغناء، فقال: إنما يفعله عندنا الفساق.
· حرمة الاتجار في آلات المعازف والغناء:
• قال العلامة العثيمين رحمه الله: جميع البيوع التي تشتمل على مُحرم تكون مُحرّمة، وعلى هذا فالاتجار... بآلات اللهو _ كآلات المعازف وشبهها _ حرام، لأنها تتخذ للعزف المحرم.
· من زعم أن الله أباح الأغاني وآلات الملاهي فقد كذب وأتى منكرًا عظيمًا:
• قال العلامة ابن باز رحمه الله: من زعم أن الله أباح الأغاني، وآلات الملاهي، فقد كذب وأتى منكرًا عظيمًا، نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان، وأعظم من ذلك وأقبح، وأشد جريمة من قال: إنها مستحبة، ولا شك أن هذا من الجهل بالله، والجهل بدينه، بل من الجرأة على الله، والكذب على شريعته.
· الوعيد الشديد لمستحلي المعازف والغناء:
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسفُ بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير" وهذا إسناد صحيح. وقد توعد مُستحلي المعازف فيه بأن يخسف الله بهم الأرض، ويمسخهم قردةً وخنازير، وإن كان الوعيد على جميع هذه الأفعال، فلكل واحد قسط في الذم والوعيد.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد