مع كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

هذه بعض سمات ومميزات كتاب (البداية والنهاية) من واقع قراءتي للكتاب.

بداية أريد أن أشير إلى ثلاث نقاط:

الأولى:

في مطالعتك لكتاب البداية والنهاية متعة لا تنتهي لأن أسلوب المؤلف فريد في سرد الأحداث فأنت في صحبة هذا الكتاب بين آية وتفسيرها، وحديث وشرحه، مرة مع السند ومرة مع المتن، ثم قصة ثم حكاية، ثم يأخذ بك في علم الجرح والتعديل، ثم يميل بك إلى فن التخريج والحكم على الحديث، ثم ينقلك إلى عبرة وعظة، ثم يحلق بك في الردود والفصل بين الأقوال، ثم يغوص بك في بحر النقول عن العلماء، ثم ينقلك إلى ترجمة من التراجم، ومنها إلى بعض القضايا الفقهية وآراء الرجال إلى غير ذلك من المتعة التي لا تنتهي...

والنقطة الثانية:

من باب جمع الفائدة والتركز عليها، يلزم أن تضع بجانبك أثناء مطالعتك للبداية والنهاية أكثر من كتاب للمؤلف منها التفسير وطبقات الشافعية و كتاب الأحكام والتكميل، لأنه أحال عليها في عشرات من المواضع.

والنقطة الثالثة والأخيرة مع مقدمة المؤلف:

بعد أن ذكر الله وأثنى عليه سبحأنه بما هو أهله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، أشار إلى مجموعة نقاط منها:

أ‌- لا يذكر شيء من الإسرائيليات إلا ما أذن به الشارع.

ب‌- المعول في كتابه هذا هو القران والسنة الصحيحة.

ت‌- يذكر الصحيح من الحديث والحسن وما يقاربه.

ث‌- بيان ضعف الضعيف (وإن كان ترك بعض ما يتعقب في هذه).

ج‌- ذكر أنه ينقل عن علماء أهل الكتاب ما يوافق ما عندنا ولا يستوعب كلامهم كما فعل غيره من العلماء المسلمين.

والأن نشرع فيما له قدمنا ومن أجله دونّا، وهي سمات ومميزات هذا السفر المبارك وهي عبارة عن ومضات تنير لك الطريق حين تنوي مطالعة هذا الكتاب الكبير.

1- المؤلف له تفصيل جيد في حكم رواية الإسرائيليات.

2- يشير المؤلف إلى المتفق عليه عند الشيخين وما انفرد به أحدهم ولا يلتزم ذلك.

3- يسوق أحاديث مسند أحمد بالسند من عند الإمام أحمد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك غالب ما يورده من أحاديث الكتب الأخرى.

4- يشير إلى ضعف الحديث أو صحته ولا يستوعب ذلك.

5- يشير إلى ما انفرد به أحمد رحمه الله.

6- يشير إلى كون الحديث على شرط الشيخين أو أحدهما (وللأسف قد دونت كل ما أشار إليه المؤلف في الطبعة التي طالعتها ثم قمت بردها إلى صاحبها دون ان أنقل ما دونته وذلك بغضًا في هذه الطبعة).

7- يعزو الأحاديث إلى مخرجيها أو رواتها إما بالاسم أو بالكتاب.

8- يعزو الأقوال إلى قائليها في الغالب.

9- يعرض الأقوال ويرجح بينها بما يراه مناسبًا حسب الأدلة والأقوال.

10- أسلوبه في الكتابة سهل وسلس للغاية.

11- ينقل أقوال العلماء في الراوي إن لزم الأمر (انظر مثلًاج1 ص 31).

12- أحال المؤلف إلى كثير من مؤلفاته أذكر منها مثلًا (التفسير وهو أكثرها ويليه الأحكام والقطعة التي شرحها من البخاري و سيرة أبي بكر الصديق وسيرة الفاروق وكتاب التكميل وكتاب المسانيد والسنن وكتاب بيع أمهات الأولاد وترجمة الشافعي وأصحابه من بعده طبقات الشافعية... وغيرها.

13- ينقل تصحيح غيره ويعتمده.

14- قد يذكر بعض طرق الحديث ويتكلم على بعض رواته.

15- في بعض الأماكن قد يستطرد في العزو والتخريج ويستوعب غالب طرق وروايات الحديث انظر مثلًا كلامه على حديث (فحج آدم موسى...) ص92 ج1 وما بعدها.

16- ذكر في غير ما موضع أنه راجع التوراة انظر مثلًا ص 124 ج1(قال وهذا الذي في التوراة على ما رأيته).

17- طريقة الحافظ في التصحيح تذكرني بطريقة الحاكم في المستدرك فتراه يقول مثلًا حديث صحيح ولم يخرجاه أو إسناده حسن ولم يخرجاه.

18- يشير إلى تفرد أحمد بالحديث لكن لا ادري يقصد تفرده عن صاحبي الصحيح ام عن الستة ام تفرده به مطلقًا (والظن تفرده عن الستة).

19- اهتم بعض الشيء بأحكام الإمام الترمذي.

20- أحكام المؤلف على بعض الأحاديث والآثار جميلة جدًا ولولا خوف الإطالة لنقلت بعضها وانظر مثلًا حكمه على حديث الفتون وحديث ابورغال وحديث رد الشمس لعلي رضي الله عنه.

21- قد يورد المؤلف حديثًا من رواية أحمد ويكون الحديث في الصحيحين من نفس الطريق وبنفس المتن انظر مثلًا ص 353 ج1 حديث (حج موسى عليه السلام إلى البيت العتيق).

22- يشير إلى بعض مسائل الفقه المهمة.

23- قد يورد إشكالًا ويرد عليه أو ينقل الرد عن غيره انظر مثلًا ص 345ج1 في رده إشكال فقئ نبي الله موسى لعين الملك، ونقله لكلام بن حبان عند ذلك.

24- يختصر الأحداث ويشير إشارات خفيفة عابرة ويحيل إلى كتب أخرى.

25- يحيل المؤلف إلى مواضع متقدمة أو متأخرة في نفس كتابه قد استوفى عندها الكلام على ما يحيل إليه.

26- قد يحكي الخلاف في مسألة فقهية ويورد الأدلة من الطرفين ولا يرجح انظر مثلًا ص 384 ج1 مسألة السجدة في سورة ص.

27- إذا قال، روى الحافظ في التاريخ دون ان ينسبه، فهو ابن عساكر.

28- إذا قال، قال الإمام دون ان ينسبه فهو أحمد بن حنبل.

29- إذا قال شيخنا، يقصد الإمام المزي رحمه الله.

30- وإذا ذكر الذهبي، قال، شيخنا الحافظ.

31- إذا أتى على ذكر شيخه ابن تيمية، فأنه يقول، شيخنا العلامة أبو العباس.

32- قد يفرد بابًا يعالج فيه مسألة معينة، مثل إفراده بابًا لبيان أن الله تعإلى منزه عن الولد ج 2ص455 وإفراده بابًا في الرواية عن أخبار بني إسرائيل انظر ص 479ج2.

33- قد يعرض المؤلف عن ذكر أشياء فيها فائدة وذلك خشية الإطالة وفرارا منها، انظر مثإلا على ذلك في ج2 ص 564 في إعراضه عن ذكر أشعار العرب فيما وقع من دخول الحبشة إلى أرض اليمن وملكها قال هو عنها فيها فصاحة وحلاوة وبلاغة وطلاوة تركنا إيرادها خشية الإطالة وخوف الملالة (ويا ليته فعل).

34- لم يبخل علينا المؤلف في غالب ما يورده من روايات فينقل لنا الأحاديث بطولها وهذا ظاهر في الكتاب كله.

35- ذكر المؤلف بعض الشخصيات التي عاشت في زمن الفترة لكنه ترك شيء مهم جدًا وهو الكلام ولو بتوسع قليل عن العرب وأيامها ووقائعها وهذا من التاريخ الضروري كمقدمة لتاريخ المسلمين.

36- حث ابن كثير في غير موضع من كتابه بإضافة أو كتابة أشياء قد تكلم عنها باستفاضة في كتاب التفسير فقال مثلًا ص 710 ج2 وذكرنا ذلك مطولًا مستقصى فمن شاء كتبه ها هنا (يقصد قصة بناء البيت والأحاديث الواردة فيها)

37- رغم أن المؤلف شافعي المذهب إلا أنه في حالة الترجيح يذهب إلى ما يدعمه الدليل انظر ص 67ج3 في مسألة عدم الإبراد بالصلاة في المذهب الشافعي والكلام على حديث شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يشكنا.

38- أشار إلى عدد كبير جدًا من أوائل الأشياء كأول من قال كذا أو أول من فعل كذا...

39- المؤلف قد يعرض عن ذكر القصيدة أو الأبيات من الشعر لأن أهل العلم لا يثبتونها لمن نسبت اليه.

40- كرر المؤلف رحمه الله أشياء كثيرة لا سيما في قسم السيرة وما يتبعها.

41- الجزء الخاص بالسيرة أورد فيه أحاديث كثيرة جدًا منها جملة حكم عليها المؤلف بأنها على شرط الشيخين أو احدهما (قيدتها في بداية كل مجلد في الطبعة المشئومة وقد قمت بردها إلى صاحبها وذهب على هذا الجهد فالحمد لله).

هذه السمات من بداية الكتاب إلى نهاية قسم السيرة أما بعدها من تاريخ فهذه سمات ومميزات كتابه.

42- يبدأ السنة بذكر وقتها فيقول ثم دخلت سنة كذا ويعرف بالوضع العام ثم يذكر أهم أحداثها مرتبة حسب الشهور من أول السنة إلى نهايتها.

43- يترجم لأهم وأشهر من مات في هذه السنة ولا يستوعب.

44- التراجم في كتابه حسب الشخصيات فمن بين المتوسطة والمختصرة والتراجم الطويلة في كتابه قليلة جدًا.

45- إذا كان عدد الوفيات كبير رتبهم على حروف المعجم وهي سنوات قليلة.

46- في بعض السنوات لخص اهم الأحداث في نهاية العام ولم يلتزم ذلك.

47- يذكر أهم وأشهر الولاة والعمال على المدن والأمصار مع الإشارة إلى القضاة ولا يلتزم ذلك.

48- يذكر من ولي الموسم ومن حج بالناس كل عام.

49- إذا اختلفت الأقوال في وفاة أو في تاريخ وقعت أرخ لها في الموضعين احتياطًا.

50- يذكر من ولي الصائفة في كل موسم لا سيما في زمن بني أمية.

51- لم يعتمد المؤلف رحمه الله قاعدة معينة فيما يورده من تراجم.

52- قد تخلو السنة من أحداث مهمة فلا يذكر فيها غير بعض من توفي انظر مثلًا ج10ص706 أحداث سنة 211هـ.

53- قام بعزو كثير من تراجم السادة الشافعية إلى كتاب الطبقات للمؤلف.

54- ذكر في الأجزاء الأخيرة كثير من المدارس التي تم إنشائها ومن قام فيها بالتدريس وما رتب عليها من الأوقاف وكذلك الترب وما يلزمها من نفقات للمقيمين بها.

55- علماء أكثر المؤلف من النقل عنهم وهم جم غفير أشير فقط إلى بعض منهم (الإمام أحمد - أصحاب الكتب الستة وبالأخص صاحبا الصحيح – الطبراني – الحاكم – الدار قطني – ابن حبان – ابن أبي حاتم – ابن جرير الطبري – محمد بن إسحاق – البغوي – ابن عساكر – البزار أبو يعلى – السهيلي – كثير من المفسرين – البيهقي – ابن أبي الدنيا – ابن عبد البر – الخرائطي – ابونعيم – الإمام المقدسي – ابن الأثير – الامام المزي - الذهبي وغيرهم كثير.

56- ما وجدته من العلوم أو بعضها في هذا السفر المبارك:

- التاريخ

- الحديث

- التراجم

- الجغرافيا ووصف الأرض

- السياسة الشرعية والحكم والقضاء

- الشعر والأدب

- بعض علوم الفلك

- السيرة والمغازي

- الزهد والرقائق

- الفقه

- التفسير

- القراءات

- المواعظ والحكم

- تجارب الأمم

- وبعض علوم الطب ومسائله.

57- علماء وطوائف وفرق انتقد لهم المؤلف أشياء.

- علماء أهل الكتاب (وقد حط عليهم في غير موضع من الكتاب).

- الشيعة وبالأخص الروافض منهم.

- الفلاسفة ومشركي العرب.

- المعتزلة.

- جمع من المفسرين.

- علماء الأحناف.

- الواقدي - الحاكم في المستدرك - ابن عساكر – ابن جرير – أبو عبيد القاسم بن سلام - النووي – السهيلي في غير موضع - ابن الأثير – ابن خلكان في مواضع كثيرة.

58- وإتمامًا للفائدة أذكر لكم بعض ألفاظ المؤلف في الحكم على الأحاديث من حيث الصحة أو من حيث الضعف...

59- فمن حيث الصحة مثلًا منها:

- إسناده جيد قوي رجاله ثقات انظر ص 397ج2.

- على شرط الشيخين ولم يخرجاه أو على شرط البخاري أو على شرط مسلم.

- إسناده جيد وليس هو في شيء من الكتب.

- إسناده جيد قوي وسياقه حسن.

- إسناده جيد ولم يخرجوه.

- إسناده جيد قوي وهو على شرط الصحيح وهو غريب ص64ج4.

60- ومن حيث عدم الصحة منها:

- لا أصل له.

- لا يعرف في شيء من كتب الحديث بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف.

- حديث غريب وفي سنده ضعف.

- رواه فلأن وفيه نظر.

- هذا من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب.

- ضعيف ومنقطع ومنكر.

- فيه غرابة.

- هذا منكر بكل حال.

- من غرائب الحديث وفي إسناده ضعف.

- فيه نكارة وغرابة شديدة.

- إسناده مظلم.

هذا ما علق بذاكرتي من سمات ومميزات هذا الكتاب المبارك.

تنبيه: أرقام الصفحات والأجزاء المذكورة حسب طبعة دار المعرفة وهي طبعة سيئة للغاية.

دمتم في طاعة الله وأمنه.

يا نظرًا فيه إن ألفيت فائدة          فاجنح إليها ولا تجنح إلى الحسدِ

وإن عثرت لنا فيه على زللٍ          فاغفر فلست مجبولًا على الرشد

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply