بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
التحق شاب أمريكي يدعي "والاس جونسون" بالعمل في ورشة كبيرة لنشر الأخشاب، وقضي الشاب في هذه الورشة أحلى سنوات عمره، حيث كان شابًا قويًا قادرًا على الأعمال الخشنة الصعبة، وحين بلغ سن الأربعين وكان في كمال قوته، وأصبح ذا شأن في الورشة التي اشتغل بها لسنوات طويلة، فوجئ برئيسه في العمل يبلغه أنه مطرود من الورشة وعليه أن يغادرها نهائيًا بلا عودة، في تلك اللحظة خرج إلى الشارع بلا هدف، ولا أمل وتتابعت في ذهنه صور الجهد الضائع الذي بذله على مدى سنوات عمره كلها، فأحس بالأسف الشديد وأصابه الإحباط واليأس العميق وأحس كما قال وكأن الأرض قد ابتلعته فغاص في أعماقها المظلمة المخيفة. لقد أغلق في وجهه باب الرزق الوحيد، وكانت قمة الإحباط لديه أنه ليس لديه أو لدى زوجته شيء من مصادر الرزق غير أجرة العمل من ورشة الأخشاب، ولم يكن يدري ماذا يفعل وذهب إلى البيت وأبلغ زوجته بما حدث، فقالت له زوجته ماذا نفعل؟ فقال سأرهن البيت الصغير الذي نعيش فيه وسأعمل في مهنة البناء، وبالفعل كان المشروع الأول له هو بناء منزلين صغيرين بذل فيهما جهده، ثم توالت المشاريع الصغيرة، وكثرت وأصبح متخصصًا في بناء المنازل الصغيرة، وفي خلال خمسة أعوامٍ من الجهد المتواصل أصبح مليونيرًا مشهورًا، إنه "والاس جونسون" الرجل الذي أنشأ وبنى سلسلة فنادق عالمية وأنشأ عددًا لا يحصي من الفنادق وبيوت الاستشفاء حول العالم، يقول هذا الرجل في مذكراته الشخصية، لو علمت الآن أين يقيم رئيس العمل الذي طردني، لتقدمت إليه بالشكر العميق لأجل ما صنعه لي، فعندما حدث هذا الموقف الصعب تألمتُ جدًا ولم أفهم لماذا! أما الآن فقد فهمت أن الله شاء أن يغلق في وجهي بابًا ليفتح أمامي طريقًا أفضل لي ولأسرتي.
فمن الواجب علينا تقبل الفشل وعدم السماح له بالسيطرة علي التفكير والشعور باليأس والإحباط، وعلينا أن نعمل على تحويل هذا الفشل إلى حافزٍ للنجاح في المستقبل والنظر إلى الصعود والهبوط كجزء من عملية التعلم الإيجابية.
والحكمة تقول: لا تبك علي اللبن المسكوب، ومع ذلك تجد بعض الناس يعيش عمره كله في البكاء على الماضي ويضيع حياته حسرة على ما مر به من فشل أو نكبات.
والإسلام يحرص دائمًا على بث روح الأمل والطموح في النفوس، خاصة في أوقات الأزمات ليواجه الفرد بعزيمة وإصرار مستمدين من تعاليم دينه كل ما يواجهه من مشكلات وأزمات، تقف في طريق الحياة الطيبة التي يتطلع إليها له ولأسرته، ويسهم من خلالها في تنمية ورقي مجتمعه.
وفي النهاية يقول الشاعر:
سهرت أعين ونامت عيون
إن ربًا كفاك بالأمس ما كان
في أمور تكون أو لا تكون
سيكفيك في غد ما يكون
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد