بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
س/ متى يصح التعليل بأمية الشريعة بترك التكلف والتمحل، ومتى لا يصح ذلك؟
ج/ نعم هذا موطن نظر، متى نعلل بكون الشريعة أمية لا يجوز فيها التكلف بالتحاليل المخبرية، والتقصي في الدقائق؛ لأن الأصل أن الشريعة جاءت على وفق فهم جمهور المكلفين، دون تقص لدقائق لا تصل إليها الأفهام، ولا تنبعث لها العقول الناظرة في مبتدئها.
ومتى نقول: إن التحاليل المخبرية، وغيرها من الآلات العلمية الحديثة، من أدلة وقوع الأحكام، التي نكشف بها مناط الأحكام، فالشرع علق الأحكام تارة على أوصاف فيجب التحقق من هذا الوصف بما لدينا من آلات وأدوات تكشف معناه وتبين جهة المأخذ منه، وتوصف المدرك الصحيح.
فالظاهر-والله أعلم-أن الحكم متى علق على وصف مجمل، غير محدد بالشرع بزمان ولا مكان ولا حال؛ فيجب كشفه بكل الأدوات الممكنة بتحقق مقصد الشارع من إناطته بهذا الوصف، كما بتعليقه الحكم بوصف الإسكار فننظر ونحلل كل شيء دخل بهذا الوصف فيحرم لكونه داخل ضمن وصف التحريم المعتبر شرعا، وهكذا لو علق أحكام على البلوغ لو فرضنا الشارع لم يحددها فننظر بالتحاليل المخبرية، وكذا لو علق الحكم في الصيام على دخول المفطرات الجوف فننظر في هذا بالتحاليل، ومثله لو علق الحكم على الاتجاه للقبلة فننظر بكل شيء يدلنا على القبلة، ومثله زوال الشمس وغروبها.
وهذا يختلف عن ما نص على حكمه بشيء محدد كما في الصوم بحسب الرؤية، ومثله الكسوف والخسوف، علق ذلك بالرؤية لا بالحساب، ومثله لما جعل الولد للفراش فلا نتكلف بتحليل dna، وهكذا في كل حكم نص عليه الشارع؛ لأن المصلحة أحيانًا تقتضي الأخذ بظواهر الأمور دون تعمق، وأحيانًا المصلحة تقتضي التعمق والوقوف على الحقيقة بذاتها؛ لأن مناط الحكم معلق بها.
ولهذا من نقد الشاطبي في هذا لم يصيبوا مراده كاملا؛ فهم في جهة، والشاطبي في جهة أخرى.والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد