من البؤس إلى الإيمان: رحلة ناديجدا إلى الإسلام


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

ناديجدا كانت مهندسةً ناجحةً وماهرةً في أكبر مصانع تصنيع الأوراق في روسيا، حيث ينتج نصف الأوراق التي تطبع عليها الجرائد والكتب في روسيا، ألا وهو مصنع كوندوبوغا لصناعة الأوراق. وقد كانت متزوجةً ولها بنتان، وإلى جانب حصولها شهادتين وبتخصص المحاسبة والهندسة فهي كانت ذات جمال، وشاركت في مسابقات ملكات الجمال وحصلت عدة مرات على المرتبة الاولى. هي روسية من ناحية الأب ولكن يوجد دماء كاريلية فنلندية من ناحية الأم.

عاشت طفولة بائسة بسبب إدمان والدها على الخمر وعدوانيته تجاهها، مما تسبب في طلاق والديها وبقائها مع أمها وأخيها يكافحون لتوفير مستوىً متدني من الحياة، إلا أنها نجحت في أن تبني نفسها، ووفرت لنفسها حياةً كريمة بعيدة عن بؤس وحرمان الطفولة.

ولكنها ومنذ الطفولة كانت تميل إلى التدين، وقد دخلت فرقة شهود يهوه لسنين عديدة كانت فيها أحد المبشرات الناشطات عندهم، بعدها أُصيبت بالإحباط بسبب التناقضات الكثيرة التي كانت تكتشفها يومًا بعد يوم، وقد حاولت أن تلتحق بالكنيسة الأرثوذكسية الروسية ولكنها لم تستطع يومًا ما على أن تجبر نفسها للركوع أمام الأيقونات وتقبيلها.

كل هذا كان سببًا في أزمةٍ نفسيةٍ كبيرة شعرت بها، فاقم منها إدمان زوجها أيضًا على الخمر، وبدأت تفكر بالانتحار لفقدان أي معنىً للحياة بالنسبة لها، ولكن شيء ما كان يمنعها رغم أنها كانت فعلًا مُقدمة على الانتحار.

وفي أحد الأيام وفيما هي جالسةٌ في البار؛ رأت مُسلمة محجبة تسير في الشارع، فتذكرت أن هؤلاء المسلمين لا يشربون الخمر أبدًا، وفكرت ما الذي أقنعهم بهذه الطريقة ليكونوا ممتنعين تمامًا عن معاقرتها، واعتقدت أن الإجابة ربما ستكون في كتابهم المقدس، لذلك هرولت إلى أقرب محل لبيع الكتب واشترت نسخةً لترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الروسية، وأخذته معها للعمل، وفي استراحة الغداء فتحته لأول مرة وقرأت فاتحة الكتاب وقالت بصوت عال سمعه كل زملائها في المقصف: يا إلهي! لم أسمع قط أجمل من هذا الكلام في حياتي.

وكانت هذه بداية طريق ناديجدا للتعرف على الإسلام، فلم تكن تظن في البداية أنها ستصبح مسلمة، فهي فقط كانت معجبة بهذا الدين، ولكن كلما كانت تقرأ وتدرس كانت تقترب للإسلام خطوة، حتى جاء موعد الرحلة السياحية الصيفية والتي كانت إلى مصر مع بناتها ولكن زوجها لم يذهب معها لظروف عمله، وفكرت عندها أنها يجب أن تسلم الآن وقبل السفر. فقد كانت تخاف من فكرة أنه ربما تموت قبل أن تصبح مسلمة، وباستعجال وجدت مسجدًا في المدينة وأعلنت إسلامها بحضور الإمام وسافرت فورًا إلى مصر، وهنالك سخّر الله لها بعض العاملين في الفندق الذين قدموا لها كتيبات باللغة الروسية عن الإسلام وأهدوها ملابس إسلامية وأدخلوها المساجد، وكانت الدموع لا تفارق عيونها من فرحتها بأنها وجدت أخيرًا معنىً لحياتها.

عند عودتها واجهت عداءًا وضررًا كبيرا من زوجها، والذي كان من قبل جنديًا حارب في الشيشان وعنده كره وحقد شديد على المسلمين، وأيضًا أمها التي كانت في صف زوجها حيث حبسوها في البيت وكتبوا شكاوى للشرطة والمخابرات أن ناديجدا وقعت تحت تأثير راديكاليين إسلاميين!

ولكنها اختارت دينها وصمدت وافترقت عن زوجها، وأخذت على عاتقها تربية ورعاية ابنتاها لوحدها، أما أمها فقد فهمت بعد شهورٍ عدة أن ناديجدا كانت جادة في إسلامها، وأن هذا قرارها، فغيرت من موقفها واعتذرت منها ووقفت إلى جانبها.

وهكذا أصبحت هي أول امرأة تعتنق الإسلام في هذه المدينة الصغيرة، ولكنها لم تتوقف عند هذا الحد، بل أصبحت من الناشطات في الدعوة وأصبحت عضوًا في إتحاد المنظمات الإسلامية.

والمسلمون ينادونها "أمل" وهو معنى اسمها الروسي ناديجدا، وأنا سعيد أنها الآن زوجتي ورفيقة دربي.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply