سعادة الأسرة في الإسلام


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

سبحان الله العظيم الذي قال:{وَمِنْ آياتهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيات لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(سورة الروم:21).

تتضمن وجهة النظر الإسلامية للزواج ثلاثة مشاعر يحصل عليها كل من الزوجين عند دخولهما العلاقة الزوجية:

الراحة.

المحبة.

الرحمة.

ويمكن تسميتها "صيغة العلاقات المثالية" أو بشكلٍ آخر: "صيغة السعادة الزوجية".

الشعور الأول: الراحة في الزواج، ويعني التوازن الجسدي والأخلاقي.

ففي الزواج، يتم تلبية الاحتياجات الجسدية من خلال القرب الحميمي مع الشريك المحب. لذلك لا يجب أن تكون هناك مشكلة في العلاقات الصحية بالنسبة للناحية الجنسية، وسنناقش هذا بالتفصيل عندما نناقش مواضيع "واجبات الزوج" و"واجبات الزوجة".

الراحة من الناحية الأخلاقية أو النفسية تعني أن العلاقات الزوجية يجب أن تثير مشاعر الأمان والاستقرار والاحترام والامتنان. ويجب أن يشعر كلٌ من الزوجين بأنه مرغوبٌ فيه، وأن الشريك هو حليفه ورفيقه المستعد دائمًا للاستماع والتعاطف والدعم في الأوقات الصعبة. هذا الشخص هو من يُشارك الفرح ويُظهر الإعجاب في أوقات النجاح.

الشعور الثاني: المحبة، وفي اللغة العربية تسمى "مودّة".

هنا أرى أهمية النظر في معنى هذا النوع من الحب، الذي يُميز درجةً معينةً من الحب بين الزوجين. فمن المعروف أن هناك العديد من الكلمات في اللغة العربية التي تُترجم بـ "الحب" ويعني كل منها بدرجةٍ أو نوعٍ مختلف. هناك ما لا يقل عن 11 كلمة!

والملفت للانتباه أن "المودة"، التي يستخدمها الله في هذه الآية، هي نوعٌ من الحب الذي يحصل عليه الشخص من خلال جهودهِ ليحب شخصًا آخر.

لذلك الفعل "يتودد"، غالبًا ما يُترجم كـ "يُحاول جلب الحب إليه". هذا تعريفٌ رائعٌ دقيق من الله عن صيغة الحب المثالية بين الزوجين.

لا يتعلق الأمر بالحب الأناني الذي يرتبط بشعور الغيرة الشديدة والسيطرة المفرطة والتعلق أو بما يسمى بمتلازمة التملك.

"المودة" هو الحب النقي الجميل الذي يجلب المتعة والرضا للمحب، وليس أقل سعادة ورضا للشخص الذي يحبه. حيث أنه يتضمن الاهتمام بمشاعر الشخص نفسه، وكذلك رغبةً متساويةً لتلبية احتياجات الشخص المحبوب.

الشعور الثالث: الرحمة. وهذا يعني أن العلاقات قد لا تكون دائمًا على أساس العدالة. يمكن اللطف والتفهم والصبر والمغفرة. فمن صفات الله أنه الرحمن الرحيم. وهذا يعني أن الله على الرغم من ذنوبنا التي تصل إلى الكفر في بعض الأحيان، مثل إنكار وجود الله ومعصيته، وكذلك ارتكاب الكبائر فإن الله يُمهل. إنه مستعد للغفران عندما يتوب الإنسان، وحتى عندما يعيش الإنسان بكونه خاطئًا، فهو لا يمنعه من الخيرات مثل الصحة والثروة وما إلى ذلك.

إذا تعامل الزوجان مع بعضهما البعض برحمة، أي أنهما لم يتسرعا في إلقاء غضبهما وعقابهما عند وقوع أي أخطاء، بل أظهرا الصبر والتعاطف واستخدما الطرق العقلانية واللطيفة لحل الخلافات، فسيسهم ذلك بشكلٍ كبيرٍ في تشكيل علاقة مثالية.

الاستنتاج العملي: لا يجب أن تعتمد الزوجة أو الزوج دائمًا على قائمة "واجبات وحقوق ينص عليها الشريعة الإسلامية".

بوجود هذه المشاعر الثلاث المذكورة في الآية، فإن الهدف قد تحقق. حتى إذا لم يتم الالتزام بالواجبات التقليدية المفروضة من قبل الشريعة على كل من الزوجين.

مثال: في بعض الحالات، قد يكون الزوج غير قادر على تحمل المسؤولية المالية للأسرة، أي أنه توقف عن أداءِ واجباتهِ بشكلٍ كامل. وأخذت الزوجة على عاتقها مسؤولية دعم الزوج والأسرة ماليًا، وبالتالي أنفقت على الأسرة من دخلها الخاص.

يوجد في هذه الحالة تقصير من ناحية واجبات الزوج. ولكن مع ذلك يوجد شعور بالراحة والمحبة والرحمة في الأسرة، فالجميع راضٍ وسعيد، وبالتالي فإنه لا حاجة للدعوة إلى تفكيكِ هذه الأسرة بناءً على حقيقة أن الزوج غير قادر على أداء واجباته. يمنح الإسلام الأفضلية للنتيجة على آلية تحقيق هذه النتيجة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply