بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
واركعوا مع الراكعين – عبدالله الطوالة
إنَّ أعظمَ الوصايا: هي الوصيَهُ بتقوى الله، وأن يتمسك المسلمُ بحبل الله ويهتديَ بهداه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}..
معاشر المؤمنين الكرام: في أعقاب معركة اليرموك الشهيرة وقف ملك الروم يُساءل فلولَ جيشه المنهزم: ويلكم، أخبروني عن هؤلاء الذين يقاتلونكم، أليسوا بشرًا مثلكم؟! قالوا: بلى أيها الملك، قال: فأنتم أكثرُ أم هم؟ قالوا: بل نحنُ أكثرَ منهم بكثير، قال: أفلستم أفضلَ منهم عُدةً وعتادًا... قالوا بلى... قال أفلستم أعرفَ منهم بفنون الحروبِ واساليبها... قالوا: بلى... قال أفلستم أعرفَ منهم بالأرض ودروبها... قالوا بلى... قال فما بالكم إذًا تنهزمون؟! فأجابه شيخ من كبرائهم: إنهم يهزموننا لأنهم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويصدقون الحديث ويوفون بالعهد، ويتناصحون فيما بينهم... إذن فهذه السجايا الكريمة والخصال العظيمة... كانت في رأي الأعداء قبل غيرهم هي أسباب تلك العزة وذلكم التمكين والظفر.... تلك الخصال الرفيعة هي التي نقلت أسلافنا الكرام من مستنقعات التخلف والتبعية، إلى منصات الرفعة والسيادة... {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}...
وحين يتأمل العاقل ما وصل إليه حالنا، فلن يصعب عليه معرفة سر تخلفنا وضعفنا... إنه نفس الجواب، فلقد ضاعت تلك الخصال الرفيعة، وفقدنا تلك السجايا الكريمة، وأصبحنا كما قال الله:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}... وجاء في الحديث الصحيح، قال ﷺ: "استَقيموا ولَن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ، ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ"... فالصَّلاةُ يا عباد الله: هي خيرُ الأعمالِ، بل هيَ أم العباداتِ وأساسُ الطاعاتِ، وأولُ ما فُرضَ من الفرائض، وهيَ آخر ما يُفقدُ من الدِّين، وآكدُ ما أوصى به سيدُ المرسلين، وأولُ ما يحاسبُ عليه المسلمُ يومَ الدَّين...
الصلاة يا رعاكم الله: ركنُ الدِّين الرَّكِينِ، وفريضةُ اللهِ الثابتةُ على المسلمين... الصلاة: أُنسُ المؤمِنين، وقرةُ عينِ الموحدين، الم تسمعوا قول الصادق الأمين: "وجُعِلَت قُرَّة عيني في الصلاة"...
الصلاةُ أيها الموفقون: عنوانُ الفلاحِ، وطريقُ النَّجاح، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، وكيفَ لا يفلِحونَ وهم سيَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ...
الصلاةُ أيها المباركون: نورٌ في القلب، وانشراحٌ في الصدر، وطمأنينةٌ في النفس، وضياءٌ في الوجه، وزكاءٌ في العقل، وقوةٌ في البدن، وبركةٌ في العمر، وشفاءٌ لما في الصدور... تَكفَّرُ السيئات، وترفَعُ الدرجات، وتضاعَفُ الحسنات، يقول الحقُّ جلَّ وعلا: {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذكِرِينَ}...
الصلاةُ أُيها الموفقون: تفريجٌ للكروب، وعلاجٌ للخطوب... تأملوا: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ}... تأملوا أيضاَ: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ}، ولذا كان المصطفي ﷺ: "إذا حزبهُ أمرٌ فزِعَ إلى الصلاة... ويقول لبلال: أرحنا بها يا بلال.... إنها كنزٌ عظيمٌ من الأجور والحسناتِ المُضاعَفةِ، والفضائلِ والبركاتِ المترادفة، فمن سمعَ المؤذنِ وردَّدَ معهُ ما يقولُ من قلبه، دَخَلَ الجَنَّةَ، ومَن قَالَ حِينَ يَسمَعُ النِّدَاءَ اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابعَثْهُ مَقَامًا مَحمُودًا الَّذِي وَعَدتَهُ، حَلَّت لَهُ شَفَاعَة النبي ﷺ يَومَ القِيَامَةِ، ومَن قَالَ حِينَ يَسمَعُ المُؤَذِّنَ أَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالإِسلامِ دِينًا غُفِرَ لَهُ ذَنبُهُ "، وكُلُّ ذلك ثابت في الأحاديث الصحيحة... وكُلُّ ذلك قبلَ أن يقومَ المسلمُ ليتهيأ لها... فتُغفرُ ذُنوبهُ، وتُدركهُ شفاعةُ الحبيب ﷺ، ويضمنُ دخولَ الجنَّة.... "فإذا قامَ ليتوضأ، فإن ذنوبَ كُلِّ عضوٍ يغسِلهُ أثناء الوضوء، تخرجُ مع قطراتِ الماء... حَتَّى يَخرُجَ في نهاية وضوئهِ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ... ومن تَوَضَّأ فَاسبِغَ الوُضُوءَ ثُمَّ قال أَشهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ فُتِحَت لَهُ أَبوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدخُلُ مِن أَيِّهَا شَاءَ"... وكل ذلك في صحيح مُسلِمٌ... "فإذا مشى إلى الصَّلاةَ، لم يَخطُ خَطوَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ بها دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدخُلَ المَسجِدَ، ومَن غَدَا إلى المَسْجِدِ ورَاحَ، أعَدَّ اللَّهُ له نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّما غَدَا أوْ رَاحَ... وَإِذَا دَخَلَ المَسجِدَ كَانَ في صَلاةٍ مَا كَانَت الصلاة تَحبِسُهُ، وَتُصَلِّي عَلَيهِ المَلاَئِكَةُ مَا دَامَ في مَجلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فيهِ: اللهُمَّ اغفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارحَمْهُ، مَا لم يُحدِثْ... والدُّعَاءُ بَينَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ لا يُرَدُّ"... وكُلُّ ذلك في الصحيح...
وَأَمَّا الصَّلاةُ نَفسُهَا فَكُلُّهَا حَسَنَاتٌ وَدَرَجَاتٌ، وَتَكفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، قَالَ ﷺ: "أَرَأَيتُم لَو أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُم يَغتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَومٍ خَمسَ مَرَّاتٍ هَل يَبقَى مِن دَرَنِهِ شَيءٌ؟! " قَالُوا: لا يَبقَى مِن دَرَنِهِ شَيءٌ، قَالَ: "فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمسِ، يَمحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا"، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَا مِن امرِئٍ مُسلِمٍ تَحضُرُهُ صَلاةٌ مَكتُوبَةٌ فَيُحسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلاَّ كَانَت كَفَّارَةً لما قَبلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لم يُؤتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهرَ كُلَّهُ"، ومن أدرك تكبيرةَ الأحرامِ أربعينَ يومًا كُتبت له براءتانِ من النار والنفاق، ومَن وافَقَ تأمينُه تأمينَ الملائكةِ، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِه، ومن قال: "رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ"، فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "عَلَيكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ للهِ؛ فَإِنَّكَ لا تَسجُدُ للهِ سَجدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللهُ بها دَرجَةً، وَحَطَّ عَنكَ بها خَطِيئَةً"، وأقربُ ما يكونُ العبدُ من ربه وهو ساجدٌ، "ومَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ... ولو يَعْلَمُ الناسُ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ، لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا... ومن صلى البردَين دخلَ الجنة، ومن صلى الصبحَ فهو في ذمَّة الله..." وكُلُّ ذلك ثابتٌ في الاحاديث الصحيحة...
أما الأذكار التي بعد الصلاة فتغفرُ بها الخطايا وإن كانت مثل زبدِ البحر، ويثاب عليها الدرجاتِ العُلا، ومَن قَرَأَ آية الكُرسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ لم يَمنَعْهُ مِن دُخُولِ الجَنَّةِ إِلاَّ أَن يَمُوتَ... ومَا مِن عَبدٍ مُسلِمٍ يُصَلِّي للهِ تعالى في كُلِّ يَومٍ ثِنتَي عَشرَةَ رَكعَةً تَطَوُّعًا غَيرَ فَرِيضَةٍ، إِلاَّ بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا في الجَنَّةِ... وما من أحدٍ يتوضَّأُ فيُحسنُ الوضوءَ، ويُصلِّي رَكعتينِ، يُقبِلُ بقلبِه ووجهِه عليهما، إلَّا وجبتْ له الجَنَّةُ، ومن صلَّى قبلَ الظُّهر أربعًا، وبعدَها أربعًا حرَّمهُ اللهُ على النَّار... ورحِمَ الله امرًا صلَّى قبلَ العصر أربعًا... وكل ما ذكرته من الأجور والفضائل ثابتٌ في الاحاديث الصحيحة، فالصَّلاةَ أيها المسلمون: نَبعُ غَنِيٌّ بِالحَسَنَاتِ، وَنَهَرٌ غمرٌ مِنَ الأُجُورِ والدرجات، وَسَيلٌ متدفقٌ مِنَ الفَضَائِلِ والبركات... فَاتَّقُوا اللهَ وَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ}...
معاشر المؤمنين الكرام: من أرادَ أن يعرفَ منزلتهُ وقدْرهُ عند اللهِ تعالى، فلينظر إلى منزلة الصلاةِ عندهُ، سواءً بسواء... فالصلاةُ هي عمادُ الدينِ وشعارهُ، وأُسّهُ ودِثارهُ، من حفِظها حفِظَ دينَهُ، وكانت لهُ نورًا وبرهانًا ونجاةً يومَ القيامةِ، ومن ضيَّعها فهو لما سِواها أضيَع.
الصلاة أيها المباركون: هي الفيصلُ بين الإيمانِ والكفر، لا يقبلُ اللهُ من عبدٍ صرفًا ولا عدلًا إلا إذا أقامها، لا دِينَ لمَن لا صلاةَ له، ولا حظَّ في الإسلامِ لمَن تركَ الصّلاة... قال جلَّ وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}... بل جاءَ في صحيح مُسلمٍ أنّ النبيَّ ﷺ قال: "ليس بينَ الرّجل والكفرِ أو الشرك إلاّ تركُ الصّلاة"، وفي البخاري قال ﷺ: "من فاتتهُ صلاةٌ فكأنما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ"، والصلاةُ هي آخر وصايا المصطفى ﷺ، يقولُ وهو يلفِظُ أنفاسهُ الأخيرة: "الصلاةَ، الصلاةَ، وما ملكت أيمانُكم"... وكان الصحابةُ لا يرَونَ شيئًا مِن الأعمالِ تركُهُ كُفرٌ غيرُ الصّلاةِ... بل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا حظَ في الإسلام لمن ترك الصلاة".... فلا واللهِ، لا يُفرِّطُ فيها بعدَ ذلك إلا مخذولٌ محرومٌ... وذلك من أعظمِ أسبابِ دُخولِ النَّارِ، فحِينَ يُسأَلُ المجرمون: {مَا سَلَكَكُم في سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلّينَ}... وتاركُ الصلاة يا عباد الله: موعودٌ بالضَنْكِ الدُّنيويّ والعذابُ الأُخرويّ، {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَـوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا}، وقال ﷺ: "من تركَ الصلاةَ لقيَ اللهَ وهو عليهِ غضبانٌ"، ويقولُ ﷺ مُحذِّرًا ومُنذِرًا: "لا تتركنَّ صلاةً متعمِّدًا، فمن فعلَ ذلكَ فقد برئت مِنهُ ذمّةُ اللهِ وذمّةُ رسولِه"، بل جاءَ في حديثٍ مُتفقٍ عليه، قال ﷺ: "لقد هممتُ أن آمرَ بالصلاة فتُقام، ثمّ آمرَ رجلًا يُصلِّي بالناس، ثمّ أنطلِقُ معيَ برجالٍ معهم حزَمٌ من حَطبٍ إلى قومٍ لا يشهدونَ الصلاة، فأحرّقَ عليهم بيوتهم بالنار"... فالأمرُ جِدُّ خطيرٌ يا عباد الله: وقد صحَّ أن النبي ﷺ قال: "من سمعَ المناديَ بالصلاة فلم يمنعهُ من اتِّباعه عذرٌ لم تُقبَل منهُ الصلاةَ التي صلّى"، قيل: وما العذرُ يا رسول الله؟ قال: "خوفٌ أو مرض"... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "لأن تمتلئ أذُنا ابنِ آدمَ رصاصًا مُذابًا خيرٌ لهُ من أن يسمعَ النداءَ ولا يجيب"... وعن علي رضي الله عنه قال: "لا صلاة لجار المسجدِ إلا في المسجد، قيل: ومن هو جارُ المسجد؟ قال: من سمعَ الأذان"...
فيا أيها الهاجرون لبيوتِ الله... إلى متى يا رعاكُم اللهُ تتخلفون، وحتى متى تسوفُون وتؤجلُون... {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}... أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَحَافِظُوا عَلَى أداء الصَّلاةِ جماعةً في بيوت الله... يقول الحق جلا وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}... ثم أوصيكم عباد الله في أبنائكم وفلذات أكبادكم، فإنهم أمانةٌ في أعناقكم... لا تحرموهم لذة الصلة بالله جلَّ في علاه، ولا ترضوا بانقطاعهم عن بيوت الله؟... فيُحرموا نعمة التوفيق والرحمة والهداية وانشراح الصدر، ورفعة الدجات وتكفير السيئات... مُروهم بالمحافظة على الصّلوات، وحضورِ الجُمَعِ والجماعات، رغِّبوهُم ورهّبُوهم، وشجِّعُوهم وحفِزُوهم، وكونوا لهم قُدوةً حسنة صالحة، يقولُ الحقُّ جلَّ وعلا: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ}، ويقولُ رسولُ الهدى ﷺ: "مُروا أبناءَكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين"... وألحّوا على الله بالدعاء كثيرًا أن يُصلحَهم ويهديهم... اللهمّ أقِرَّ عيوننا وأسعِد قلوبَنا بصلاح شبابنا وفتياتنا، اللهمّ اجعلنا وإياهم هداة مهتدين، وأصلح لنا شأننا كله يا أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد