سيرة الشيخ عبدالله القشعمي


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

سيرة العابد الزاهد الشيخ: عبدالله بن عبدالرزاق بن محمد القشعمي رحمه الله، من أعظم من تأثرت به في عبادته وزهده وصدعه بالحق: عبدالله بن عبدالرزاق القشعمي رحمه الله، الذي ولد في محافظة الزلفي عام ١٣٣٧، ثم سافر إلى الرياض وعمره خمس عشرة سنة للعمل وطلب الرزق، ثم رجع بعدها إلى الزلفي عام ١٣٩٨ تقريبًا، وكان أكبر همّه بناء مسجد قريب منه، فاشترى ثلاث قطعٍ من الأرضي، بنى إحداها منزلًا له، ووقف الثنتين لبناء المسجد، فساهم هو والمحسنون في بنائه.

وقد شرفت بإمامة مسجد قرابة ثلاث سنوات، وقد رأيته حريصًا أشدّ الحرص على المحافظة على صلاة الجماعة، حتى في آخر أيامه وضعفِ قوته وكِبَر سنه رحمه الله.

وكان يبكر للمسجد، ويتفقّد الناس ويحثهم على العناية بالصلاة، وكان كثيرًا ما يعظهم بعد الصلاة، ولا تأخذه في الصدع بالحق وإنكار المنكر لومةُ لائم.

قال لي ابنه الأخ أحمد: أنا عنده في البيت منذ ولادتي إلى وفاته، ووالله لا أذكر يومًا فاتته صلاة الجماعة، وكان يذهب لصلاة الفجر قبل الأذان بساعتين تقريبًا، وهو الذي يؤذن الأذان الأول للفجر منذ بنى المسجد إلى أن ضعفت قوته.

وكان منذ عرفته بين صلاةٍ في الليل والنهار، وقراءةٍ للقرآن.

ولم يدْرس في مدرسة، ولا يُجيد إلا القراءة فقط.

وكان يعتمر في العام الواحد مرتين أو ثلاثًا، ونذهب قبل رمضان بيوم أو يومين إلى مكة، يصوم رمضان كله في مكة، ويعتكف العشر كلها في الحرم، وإذا صمنا ستة أيام من شوال رجعنا. وأما الحج فقد حجّ كثيرًا.

وقد بُشّر ببعض الرؤى، منها أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يصلي به ففعل، ومنها أنه رآه أكثر من مرة وهو يقول له: الله لا يحرمني شفاعتك.

وكان له عددٌ من الأصدقاء من العلماء، منهم مفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن حميد، والشيخ حمود التويجري، والشيخ صالح الحيدان –رحمهم الله-، والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ -حفظه الله-

وكثيرًا ما كان يحدّثني عن شدّة ارتباط الشيخ عبدالله بن حميد به، حيث كان يحبّ مجالسته والسّمر معه.

وكان حريصًا على التمسك بالسنة ومحاربة البدعة، أذكر أني علمتٌ سنة من إحدى سنن التورك في التشهد الأخير، ولم تكن معهودة عند الناس في ذلك الوقت، فأنكر عليّ، فقلت إنها سنة، قال: لم أعلم بها، ولابد من التحقق من ذلك، ولا أقبل إلا الشيخ عبد الله الطيار، فذهبتُ به إليه فسأله، فأخبره الشيخ بأنها سنة، فرضي وسلّم.

وشيخنا عبد الله الطيار محلُ إجماعٍ وقبولٍ عند الجميع، وخاصة كبار السنّ، يركنون إلى فتواه، ويأخذون برأيه، ولا يفتات أحدٌ – وخاصة طلاب العلم – عليه، فهو معلّمهم وأستاذهم ومربيهم، حفظه الله وأطال الله بعمره ونفع بعلمه.

واستمر العابد الزاهد عبد الله القشعمي في الصلاة في المسجد حتى عجز عن الحضور إليه، فأصبح يصلي في البيت ولا يفتر عن العبادة وقراءة القرآن، حتى وافاه الأجل عام ١٤٣٤ رحمه الله .

وقد جالسته كثيرًا، وكان يقص عليّ بعض مواقفه ورُؤاه العجيبة، فطلبت منه تسجيلها عبر الفيديو، وعزمت على نشرها ليُخذ منها العبرة، ولترتفع له الدعوات بالرحمة والمغفرة، وهذا حقه عليّ.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply