بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من توفيق الله تعالى أن يسر لي العناية بكتب شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، ومما لفت نظري، وشدّ انتباهي، وأثار عجبي، ونال إعجابي، وزاد من إكباري له رحمه الله رحمة واسعة:
شدّة إنصافه وعدله مع خصومه ومخالفيه سواء في الاعتقاد أو المذهب أو المنهج، فجمعتُ من ذلك ما تيسر، وجعلته في كتاب مستقل -أسأل الله أن ييسّر طباعته ونشره- ، وخرجت بخلاصة توضح منهجه مع المخالفين، وهي كالتالي:
1- يميل - غالبًا- إلى تبرئة المخالف له في المسائل العقدية والفرعية ونحوها من تعمّد الكذب، ما لم يوجد قرائن تثبت تعمّده له.
2- يُثني على المخالف بما معه من الحقِّ إن وُجد، وبما له من فضلٍ إذا كان متّصفًا به.
3- يُقرّ بالحق الذي مع المخالف ويعترف به وينصره ويُثني عليه به، وإذا كان في كلامه حقّ وباطل: قَبل الحق ورَدَّ الباطل، ويُنكر على من ردّ الحق حتى وإن كان من أهل السنة ولم يقبله لكونِه جاء من مبتدِع.
4- يناصر مَنْ يُخالفه ويُعاديه إذا كان الحق معه على مَن خالف الصواب حتى لو كان من موافقيه ومؤيّديه.
5- ردوده تتّصف بالإنصاف والعدل، وسالمة من البغي والعدوان.
6- يذكرُ بعض محاسن المخالف، ويصحّح مقصده في بعض ما ذهب إليه من البدع ولا يوافقه عليها.
7- يُنكر على من يَكذب ويَفتري على المخالفين.
8- تبرز رحمته للمخالف إذا كان مجتهدًا، ويلتمس له الأعذار فيما ذهب إليه.
9- يرجو هدايته ويسعى ويجتهد في بذلها له إذا كان من الأحياء، عبر نصحه والدعاء له.
10- يرى اجتماع الحسنات والسيئات والثواب والعقاب في حقّه، فيواليه ويمدحه بقدر ما عنده من الحق والصواب، ويعادي ويذمّ ما عنده من الباطل، فهو وسط في تعامله معه بين الغلوّ والجفاء في المدح والقدح، والولاء والبراء.
11- كل قول أو قائل كان إلى الحق أقرب فإنه يبيِّن رجحانه على ما كان عن الحق أبعد.
12- يفرق بين المجتهد المتأول الذي أخطأ في تأويله في المسائل الخبرية والأمْرية وبين المفرِّط.
ويفرق بين من غلبت عليه السنة، وبنى مذهبه على الكتاب والسنة، وبدَرت منه بعض الأخطاء والبدع، وبين من غلبت عليه البدعة وبنى مذهبه على البدع والأهواء، كأئمة الرافضة والجهمية والمعتزلة.
فيذمّ الثاني ويقسو عليه، ويعتذر للأول ويرفق به، ولا يذمّه ولا يقدح فيه بإطلاق؛ لأنه يُحدث الفرقة والعداوة، بل يذمّ البدعة التي وقع بها، والخطأ الذي جاء به، ويقول: اتفق الصحابة في مسائل علمية اعتقادية تنازعوا فيها: على إقرار كل فريق للفريق الآخر على العمل باجتهادهم، وبقاء الجماعة والألفة.
فهو يُفرّق في تعامله مع المخالفين، فتعامله مع من هو شديد المخالفة للشريعة ليس مثل من هو أخفّ وأقلّ مخالفة لها، فلا يُساوي بين المخالفين في تعامله وردوده، ولا يضعهم جميعًا في كفّة واحدة، وهي خانة البغض والعداوة والبراء والإقصاء.
13- ليس مراده معرفة حقيقة المخالف، بل مراده حُكْم ما يُذْكَر عنه من أقوال وأفعال.
14- يُنكر على من لا يرى المخالفين شيئًا ولا يعدهم إلا جهالًا ضلالًا.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا مفاتيح للخير، مغاليق للشر، إنه سميع قريب مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد