بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
العيد شعيرة عظيمة من شعائر الله تعالى، وقد قال تعالى: }وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ{(الحج:32).
لذا فإنَ الحرص على الاستنان بآداب وسنن صلاة العيد لهو من تعظيم شعائر الله تعالى، والذي فيه دلالة على تقوى الله عز وجل.
ونذكر من هذه السنن والآداب ما يلي:
1- الغسل قبل صلاة العيد:
فقد حثَّ الرسول صلى الله عليه وسلم على الاغتسال لصلاة الجمعة، لذا فقد استقى العلماء من ذلك استحباب الاغتسال عند كل اجتماع للمسلمين، ويدخل في ذلك الاغتسال لصلاة العيد.
روى مالكٌ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ، قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إلى الْمُصَلَّى.
2- ومن آداب وسنن صلاة عيد الفطر: أكل تمرات قبل الخروج لصلاة عيد الفطر:
روي البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا". والحكمة في الأكل قبل صلاة عيد الفطر خاصة: ألا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلى العيد، فكأنه أراد سد هذه الذريعة.
وقيل في ذلك: أنه لمَّا وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم، استحب تعجيل الفطر مبادرة إلي امتثال أمر الله تعالى. (فتح الباري (2/447)).
3- ومن آداب وسنن صلاة عيد الفطر: رفع الصوت بالتكبير: وذلك من بعد صلاة الفجر إلى أن يخرج الإمام للصلاة، قال تعالى: }وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{(البقرة:185).
والتكبير هو أفضل الاعمال في ختام رمضان، ونلحظ بالاستقراء والتتبع أنه من الأمور التي أرعى لها الشرع نظره أن يختم المسلم كل طاعاته بذكر الله تعالى.
ونظير ذلك:
1- قال تعالى في ختام مناسك الحج: }فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا{.
2- قال تعالى: }فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ..{، وشرع لنا تعالى أذكار ما بعد الصلاة.
-قال ابن عباس تعقيبًا على قوله تعالى: }وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ{: حق على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبروا حتى يفرغوا من عيدهم.
-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *كَانَ يَخْرُجُ فِي الْعِيدَيْنِ مَعَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَعَبْدِ اللَّهِ وَالْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ وجَعْفَرٍ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ* (رواه البيهقي في )الكبرى().
-وعَنْ نَافِعٍ قال: *كَانَ ابن عمر رضي الله عنهما يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ يَوْمَ الْفِطْرِ إِذَا غَدَا إلى الْمُصَلَّى حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ فَيُكَبِّرُ بِتَكْبِيرِهِ* (أخرجه الفريابي في "كتاب أحكام العيدين" بسند صحيح).
تنبيه مهم: لم يَصِحّ حديثٌ نبوي في كيفيّةِ التكبيرِ -فيما أعلمُ-، إنما ورد في ذلك بعض الصيغ عن الصحابة رضوان الله عليهم:
-فكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: *الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد*(رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح).
-وكان ابن عباس يقول:* الله أكبر الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر وأجلُّ، الله أكبر على ما هَدَانا*.(رواه البيهقي، وسنده صحيح).
-وصح عن سَلْمان الخير رضي اللهُ عنه قال: *كبِّروا اللهَ: اللهُ أكبر، اللهُ أكبر، اللهُ أكبر كبيرًا*.(رواه البيهقي في السنن الكبرى (بسند صحيح).
-ومن آداب وسنن صلاة عيد الفطر: التهنئة:
وورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كان يهنئ بعضهم بعضًا بالعيد بقولهم: تقبل الله منا ومنكم.
فعن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك. قال ابن حجر: إسناده حسن.
-التجمَّل لصلاة العيد:
ويسن أن يتجمَّل المسلم لصلاة العيد بلبس أحسن الثياب: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: *أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالوُفُودِ*.(رواه البخاري، وترجم له، باب: في العيدين والتجمّل فيه).
عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: *كَانَ يَلْبَسُ فِي الْعِيدَيْنِ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ*(رواه البيهقي، بإسناد جيد).
قال مالك: سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد.
-المشي إلى المصلى، إن لم يكن في ذلك مشقة: وروى الترمذي بسند حسن عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: *مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إلى الْعِيدِ مَاشِيًا، وَأَنْ تَأكُلَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ*.
-مخالفة الطريق:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ"(رواه البخاري).
فإن قيل: وما الحكمة من ذلك؟
قيل: ليسلم على أهل الطريقين، وقيل: لينال بركته الفريقان، وقيل: ليقضي حاجة من له حاجة منهما، وقيل: ليظهر شعائر الإسلام... وقيل ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله، وقيام شعائره.
والأصح: إنه لذلك كله، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله صلى الله عليه وسلم منها.
والأمر كما قال الِإمام النووي، فبعد أن ذكر الأقوال السابقة قال: وإذا لم يُعلم السبب، استُحبَّ التأسي قطعًا.
هل يصلى قبل صلاة العيد أو بعدها؟
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ".(البخاري).
-حضور النساء صلاة العيد:
فيسن للمرأة حضور صلاة العيد غير متطيبة، ولا لابسة لثياب زينة.
عَنْ أم عَطِيَّةَ، قَالَتْ: "كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ العِيدِ حَتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ اليَوْمِ وَطُهْرَتَهُ".(رواه البخاري).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد