بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وتطيب الحياة واللهُ أبقى – شريف قاسم
أَرِيَـاني يــــا صـــاحِـــــبَــيَّ ســـــــــــــناهـــا | وأعــــيــدا إلى الفــــــــؤادِ عـــــــــــــــــــــــلاهـــا |
مــا طَوَتْنِي غًمَّـاتُ عصرٍ أشاحَتْ | عن شنيعِ ازوِرارِها مَــن رماهــا |
أَسَرَتْنِي ملاحةُ الزَّهوِ فيهــا | وثناءُ الرحمــــــــنِ نالــــــــــــت يــداهـا |
في حياتي من صَبوةِ القلبِ شدوٌ | قَــــــــــــــرَّ في العمــــــــــرِ ما عَــــــنَا إلاَّهـا |
فَتَثَنَّى مُتَيَّمًـا، ضَنَّ بالعمرِ | ولكنَّه يعيشُ فِداهـا |
ولئنْ بَانَ طيفُهـا عن عيوني | هِمتُ ثكلانَ ظامئًـا لِمُنَاهـا (2) |
يشهدُ اللهُ ما نعمتُ بيومٍ | غـرَّ نفسي في العيشِ غيرُ هواهـا |
يا نَبِيَّ الرحمنِ دنيايَ ضاقتْ | رغمَ ما في الأيامِ من نعماهـا! |
قادني الشَّوقُ والجوانحُ ثملى | والصَّباباتُ طُهرُهـا جَلاَّهـا |
والهناءاتُ ظلُّهـا فيه ثُكلٌ | بعد أن كانَ نفحها وشَذَاها |
وحنيني لِطيبة ـ الدهرَ ـ باقٍ | جلَّ مَنْ لاصطفائِهـا سوَّاهـا |
والمطايا وما وَنَتْ سلساتٌ | في الفيافي: أرسانُها وخُطاهـا (3) |
لم تزغْ منها العينُ يوما فطوبى | ليس يَرضى غيرَ الوفاءِ حُدَاهـا |
سُؤدُدُ المجدِ قد وَعَتْهُ عصورٌ | لنَبِيِّ الهُدَى الذي وافاهـا |
وتطيبُ الحياةُ في ظلِّ ركنٍ | للمثاني، فاليُمْنُ بعضُ عَطاهـا |
وجَناها من فضلِ ربِّك يأتي | عَطِـرَ البوحِ لم يزلْ تَيَّاهـا |
فاضَ في أيدٍ آثَرَتْهُ، فأعطى | أبعدَ القومِ فاغتَدَى أوَّاهـا |
وتَدَانى من الفقيرِ لُهاها | في ليالٍ من بؤسِه عاناها (4) |
فَتَوَلَّى في بسطةِ العيشِ يروي | كيف أحيـَتْ ترابَه كفَّاهـا! |
فطوى صفحةَ الشَّقاءِ عزيزًا | شاكرًا أَنْعُمَ الذي أعطاهـا |
بربيعِ الإسلامِ تحلو الليالي | مقمراتٍ، وقد تلاشى دُجَاهَا |
فشَذاهُ الفوَّاحُ يأبى اعتكارًا | لصدورٍ تضيقُ من بلواهـا |
يومَ وافى آبَ الطريدُ، فَألفَى | كيفَ تُطوَى الهواجرُ استبقاها.. |
لاهباتٍ يُصارمُ الناسُ منها | ما سفتْها على الدروبِ يَدَاهـا! |
إنَّها دعوةُ النَّبِيِّ فأبشِرْ | لا تُماطلْ ـ في شأنِها ـ بُشراها |
أَسَرَ الضَّنْكُ أُمَّةً هَجَرَتْهَا | بينَ شِدْقَيْهِ، فالقتادُ جَنَاهـا |
وتناءتْ عن النَّبِيِّ فتاهتْ | في ضلالاتِ جَفوةٍ وأساهـا |
سَيِّدَ الكونِ: قد أتيْتَ رباها | بربيعٍ فاخضرَّ وجهُ بهاهـا |
يومَ ناديْتَهَا، فهبَّ شبابٌ | وتوانى معاندًا أشقاهـا |
وَلَكَم آذاكَ الجُناةُ، فسامَحْتَ | وكنتَ الحريصَ دونَ هناها |
وَلأنتَ الرحيمُ عِشْتَ لها مؤتَلِقَ... | ... الخُلْقِ مُشْفِقًا أَوَّاها |
وتسامَيْتَ رأفةً وَحُنُـوًّا | واصطفاكَ القديرُ عِـزًّا و جاهـا |
وَمُحَيَّاكَ غُـرَّةُ الصُّبحِ أحيا | ما أماتَ الظلامُ من نجواهـا |
قَصَّرَ المدحُ لم يفِ الشِّعرُ حقًّـا | لكَ أزجاهُ في الكتابِ عُلاهـا |
يومَ أنْقَذْتَهَا من الجاهلياتِ | يُماري في شرِّهـا أطْغَاهَـا |
وتغنَّى بك الزمانُ، وأعلى | ذِكْرَكَ اللهً البَـرُّ في مَغْدَاهَـا |
أَوَتَنْسَاكَ أُمَّـةٌ قد سَقَاهَا | مُزْنُ فضلٍ إقبالُه أحياهـا |
خابَ ـ والَّلهِ ـ مَن جفا الدِّينَ يومًـا | وتلَوَّى بالثُّكلِ لمَّـا تَاهَـا |
قد رأينا أشرارَهم في تبارٍ | وولجنا أيامَهم وشقاهـا |
ورأيْنا فُجَّارَهم في انحطاطٍ | معْ صُنوجِ الفُسَّاقِ بئسَ صَداها |
أدبَرَ الخيرُ عنهُمُ، وتفشَّى | خَوَرُ النَّفسِ جالبًـا لِعَنَاهـا |
هكذا أهلكوا النُّفوسَ بِفِسقٍ | وفجورٍ، فَكَزُّهُ سُكنَاهـا (5) |
وتعاووا معَ النَّعِيٍّ سُكارى | ليس يدرون بَعْدُ ما مُنتهاهـا؟ |
لن تطيبَ الحياةُ إلا بشرعٍ | هـلَّ غيثًـا لأهلِها ورُباهـا |
وجهُهَا الجَهمُ لم يزلْ في شُحوبٍ | بعدَ أن أتلفَ اليبابُ عُـراهـا |
وعفى ربعُها الجميلُ، وأخوتْ | باسقاتُ الربيعِ في مسعاهـا (6) |
ربِّ أَبْــــــــرِمْ لأُمَّتي عــهدَ خيـــــــــرٍ | فيـــــــــه يُمْحَى مُصــابُها وأساهـا |
وتُوَلِّي فواجعُ الدهرِ عنها | ويزولُ الطغيانُ أدمى الجِباهـا |
ليقودَ الإسلامُ ركبَ بَنِيهـا | للفتوحاتِ ـ أنتَ ربِّي ـ رَجَاهـا |
أنتَ أدرى بحالِها، فأَغِثْهـا | أنتَ في الخطبِ إن دهى مولاهـا
|
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
هوامش:
(1) ابن كلدة: هــو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف العبدري القُرشي وكنيته أبو فائد، (تُوفيّ 2 هـ - 624 م) سيد من أسياد قبيلة قريش ووجوهها، وأحد أعتى وأشرس أعداء النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولدين الإسلام خلال الوقت المُبكر من تاريخه، اشتُهِر في التاريخ الإسلامي لمعاداته النبي صلى الله عليه وسلم بالتكذيب والأذى، ومات كافرًا. وإلى جهنم وبئس المصير.
(2) بانَ: ابتعد، غابَ.
(3) وَنَتْ: ضعفت.
(4) لُهاها: عطاؤُها وخيرُها.
(5) كَزُّ الفسق: قبيحه وشنيعه.
(6) عفى: بلي، لم يبق له أثر.
إذا حارَ أمـــرُكَ في مَـــعْنَيَيْن ولم تدرِ حيثُ الخطأ والصوابُ... فخَــالِفْ هَـــوَاكَ فــإنَّ الهوَى يقــــودُ النفوسَ إلى ما يعابُ
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد