وتطيب الحياة واللهُ أبقى


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

وتطيب الحياة واللهُ أبقى – شريف قاسم

أَرِيَـاني يــــا صـــاحِـــــبَــيَّ ســـــــــــــناهـــا
هي كنزي من الحياةِ وذخــري
ما جفتني وفضلُـهــا قــــــــــــــــــد تــدَّلى
ولديهــا أعيشُ عــذب الليالي
ولهــا كلُّ مــا لديَّ وقلــبي
فقـفـا ساعةً لِعَذْبِ افتـــرارٍ
قَـرِّباني إلى سُمُــوِّ بيــانٍ
هـي أسمى مـا قــد أنالُ بعيشي
لم أزل أقصـي عن وجودي هُــراءً
فَــلْتــُتَـــــــوَّجْ عــقيــــــدتي للبـــــــــرايـــــــا
هــي رَحْمـــاتُ ربـــِّـــــــــــي إلـيهـــم
وسِــواها على العصور طغاةٌ
وفــراعـــيـــنُ خِــــــــــــسَّــةٍ وابتــــــــذالٍ
وفجـور (التكوين) أنْتَنَ فيهــم
ظــنَّ أهلُ الإفسادِ أنَّ سرابًـا
كم زنيمٍ وكم شقيٍّ تــردَّى
واضــــمحلُّــوا وللجُنـــــــــــــاةٌ فَنَـــــــــــاءٌ
لــن يــزولَ الإسلامُ واللهُ أبقــى
والطواغيتُ والأســـــــــافلُ مــمَّـــــــن
ومــصيــــرُ المـــــروجيـــــن هـــــــــــــلاكٌ
مـــــــرَّ مـــن قبلُ (كلدةٌ) مشمخرا
عاشَ يؤذي النَّبيَّ، عاش شقيًّا
والمصيرُ المحتـــومُ حــلَّ فــوارى

وأعــــيــدا إلى الفــــــــؤادِ عـــــــــــــــــــــــلاهـــا
وفخـــــــــــــــــــاري والعـــــــــــــزُّ في مُجتَنــاهـــا
فـــــــــــــــوقَ روحـــــــــــي أظلَّهـــا وحمــــــــاهـــا
في حبورٍ ولم أعشْ لسواهــا
لم يَمِــلْ عنهـــا لحظــةً فجفــاهــا
للصَّباِحِ الفوَّاحِ في مسعــاهـــا
غَــمــرَ الروحَ رفعـــةً من هـــداهـــا
ولــــجفَّــــــتْ أيَّـــــامُـــــــــــه لــــــولاهـــــــــــــا
بــاعــه المرجفــون مــا دانــاهـــا
ما سواهــا طــول المدى أغنــاهــا
شهدتْ أرضُــهـــا المــنى وســـمــاهــا
وبغـــاةٌ من حاســـدي عليــاهـــا
وهـــو الويــلُ للشعوبَ عــراهــا
خــزيَ إثـــــــــمٍ إبليسُهم أمــلاهـا
يدحضُ الدِّيــنَ والمــدلِّسُ تــاهـــا
يــــــــومَ عــــــــادوا عقيــــــــدتي وعُـــــــــراهـــا
واحتقــارٌ من أمَّـــةٍ ترعـــاهــــا
والــخــــفافـــــيشُ في ظـــــــــــلامِ عــمـــــاهـــا
روَّجـــــــوهـــــــا ويــــــرقبــــــــــون حـلاهــــــــــــــا
وستبقى عقيدتي في عـــلاهـــا
وعـــــــدوًّا لِـــمَــن أتى بـــهُــداهــــــــــا (1)
لــــــــم تُــــفِـــــــــدْهُ أفـــــــــكارُه وأذاهـــــــــــا
صاحبَ الفكرةِ القبيح جَنــاهـــا

مــا طَوَتْنِي غًمَّـاتُ عصرٍ أشاحَتْ

 عن شنيعِ ازوِرارِها مَــن رماهــا

أَسَرَتْنِي ملاحةُ الزَّهوِ فيهــا

 وثناءُ الرحمــــــــنِ نالــــــــــــت يــداهـا

في حياتي من صَبوةِ القلبِ شدوٌ

 قَــــــــــــــرَّ في العمــــــــــرِ ما عَــــــنَا إلاَّهـا

فَتَثَنَّى مُتَيَّمًـا، ضَنَّ بالعمرِ

ولكنَّه يعيشُ فِداهـا

ولئنْ بَانَ طيفُهـا عن عيوني

 هِمتُ ثكلانَ ظامئًـا لِمُنَاهـا (2)

يشهدُ اللهُ ما نعمتُ بيومٍ

 غـرَّ نفسي في العيشِ غيرُ هواهـا

يا نَبِيَّ الرحمنِ دنيايَ ضاقتْ

 رغمَ ما في الأيامِ من نعماهـا!

قادني الشَّوقُ والجوانحُ ثملى

 والصَّباباتُ طُهرُهـا جَلاَّهـا

والهناءاتُ ظلُّهـا فيه ثُكلٌ

 بعد أن كانَ نفحها وشَذَاها

وحنيني لِطيبة ـ الدهرَ ـ باقٍ

 جلَّ مَنْ لاصطفائِهـا سوَّاهـا

والمطايا وما وَنَتْ سلساتٌ

 في الفيافي: أرسانُها وخُطاهـا (3)

لم تزغْ منها العينُ يوما فطوبى

 ليس يَرضى غيرَ الوفاءِ حُدَاهـا

سُؤدُدُ المجدِ قد وَعَتْهُ عصورٌ

 لنَبِيِّ الهُدَى الذي وافاهـا

وتطيبُ الحياةُ في ظلِّ ركنٍ

 للمثاني، فاليُمْنُ بعضُ عَطاهـا

وجَناها من فضلِ ربِّك يأتي

 عَطِـرَ البوحِ لم يزلْ تَيَّاهـا

فاضَ في أيدٍ آثَرَتْهُ، فأعطى

 أبعدَ القومِ فاغتَدَى أوَّاهـا

وتَدَانى من الفقيرِ لُهاها

 في ليالٍ من بؤسِه عاناها (4)

فَتَوَلَّى في بسطةِ العيشِ يروي

 كيف أحيـَتْ ترابَه كفَّاهـا!

فطوى صفحةَ الشَّقاءِ عزيزًا

 شاكرًا أَنْعُمَ الذي أعطاهـا

بربيعِ الإسلامِ تحلو الليالي

 مقمراتٍ، وقد تلاشى دُجَاهَا

فشَذاهُ الفوَّاحُ يأبى اعتكارًا

 لصدورٍ تضيقُ من بلواهـا

يومَ وافى آبَ الطريدُ، فَألفَى

 كيفَ تُطوَى الهواجرُ استبقاها..

لاهباتٍ يُصارمُ الناسُ منها

 ما سفتْها على الدروبِ يَدَاهـا!

إنَّها دعوةُ النَّبِيِّ فأبشِرْ

 لا تُماطلْ ـ في شأنِها ـ بُشراها

أَسَرَ الضَّنْكُ أُمَّةً هَجَرَتْهَا

 بينَ شِدْقَيْهِ، فالقتادُ جَنَاهـا

وتناءتْ عن النَّبِيِّ فتاهتْ

 في ضلالاتِ جَفوةٍ وأساهـا

سَيِّدَ الكونِ: قد أتيْتَ رباها

 بربيعٍ فاخضرَّ وجهُ بهاهـا

يومَ ناديْتَهَا، فهبَّ شبابٌ

 وتوانى معاندًا أشقاهـا

وَلَكَم آذاكَ الجُناةُ، فسامَحْتَ

 وكنتَ الحريصَ دونَ هناها

وَلأنتَ الرحيمُ عِشْتَ لها مؤتَلِقَ...

... الخُلْقِ مُشْفِقًا أَوَّاها

وتسامَيْتَ رأفةً وَحُنُـوًّا

 واصطفاكَ القديرُ عِـزًّا و جاهـا

وَمُحَيَّاكَ غُـرَّةُ الصُّبحِ أحيا

 ما أماتَ الظلامُ من نجواهـا

قَصَّرَ المدحُ لم يفِ الشِّعرُ حقًّـا

 لكَ أزجاهُ في الكتابِ عُلاهـا

يومَ أنْقَذْتَهَا من الجاهلياتِ

 يُماري في شرِّهـا أطْغَاهَـا

وتغنَّى بك الزمانُ، وأعلى

 ذِكْرَكَ اللهً البَـرُّ في مَغْدَاهَـا

أَوَتَنْسَاكَ أُمَّـةٌ قد سَقَاهَا

 مُزْنُ فضلٍ إقبالُه أحياهـا

خابَ ـ والَّلهِ ـ مَن جفا الدِّينَ يومًـا

 وتلَوَّى بالثُّكلِ لمَّـا تَاهَـا

قد رأينا أشرارَهم في تبارٍ

 وولجنا أيامَهم وشقاهـا

ورأيْنا فُجَّارَهم في انحطاطٍ

 معْ صُنوجِ الفُسَّاقِ بئسَ صَداها

أدبَرَ الخيرُ عنهُمُ، وتفشَّى

 خَوَرُ النَّفسِ جالبًـا لِعَنَاهـا

 هكذا أهلكوا النُّفوسَ بِفِسقٍ

 وفجورٍ، فَكَزُّهُ سُكنَاهـا (5)

وتعاووا معَ النَّعِيٍّ سُكارى

 ليس يدرون بَعْدُ ما مُنتهاهـا؟

لن تطيبَ الحياةُ إلا بشرعٍ

 هـلَّ غيثًـا لأهلِها ورُباهـا

وجهُهَا الجَهمُ لم يزلْ في شُحوبٍ

 بعدَ أن أتلفَ اليبابُ عُـراهـا

وعفى ربعُها الجميلُ، وأخوتْ

 باسقاتُ الربيعِ في مسعاهـا (6)

ربِّ أَبْــــــــرِمْ لأُمَّتي عــهدَ خيـــــــــرٍ

 فيـــــــــه يُمْحَى مُصــابُها وأساهـا

وتُوَلِّي فواجعُ الدهرِ عنها

 ويزولُ الطغيانُ أدمى الجِباهـا

ليقودَ الإسلامُ ركبَ بَنِيهـا
فانصرنْها يا ربِّ في كلِّ حال
أم
 

 للفتوحاتِ ـ أنتَ ربِّي ـ رَجَاهـا
واحــمِ فرسانَهـا وجدِّدْ عــلاهــا

أنتَ أدرى بحالِها، فأَغِثْهـا
فالأعادي على حماها تداعوا
فبأقــطارهــــــا الــــوريـــفـــــةِ عــاثــــــــوا
ومـــــئات الآلاف مـــا بيـــــن قتــــــــلٍ
واضطهـــــــادٍ مـــــــــــــــروِّعٍ وعــــــــــذابٍ
مات فيها طيبُ الحياة ويُلفى
هي حربٌ على العقيدة جـدَّتْ
وتنادوا لها نعمْ قــد تنادوا
وهو البغيُ والحصارُ وحقدٌ
ولقد نادتْ إخــوةً حيثُ صدُّوا
واشمخرَّت بوجهــهــم حيثُ ألقتْ
إنَّــه اللهُ لــم يذرهــا لترضى
فحباها من فضله رغم بأسٍ
ورعـــاهـــا فأهلُــها في جهـــادٍ
وهـــــــو الــنــصــــــرُ لامحـــــــــالة آتٍ
فحماسٌ ولــــــم يـــــــزل في يديــــهــا
نكَّستْ رأسَ ظالميهـا بعــزٍّ
حـــملـــــــــــــوهـــا عـــقــــيــــدةً خـــلَّــدتْـــــــهــا
وجفاهــا المذمــومُ باتَ مُعَنَّــى
والليـــــالي في الــعـــــالمين حُــــــــــــبالى
بــيــدِ اللـَّـــــــــــــــهِ لا بأيــــــــدي طغــــــــاةٍ
بشرياتُ الحبيبِ حـــقٌّ و صــدقٌ
فاستقيمي يا أمَّتي وارفعيهـــا
 ويقينـــي بمــــــــــــا يــكــــــــونُ وإنِّـــي
                              

 أنتَ في الخطبِ إن دهى مولاهـا
وبغـوا طمسَ عــزِّهــا ورؤاهــا
وأشـــاعــوا بين الشعوبِ عــنــاهـــا
وســـــجونٍ تســـــعَّرتْ بـــلـــــظاهـــا
وامتهانٍ للــدِّيــنِ قــد مــاهــاهــا
 بالمــآسي صباحهــا ومســـاهــا
فاستباحوا سُمُوَّهــا التَّيَّــاهـــا
وأشاحوا فــلــم تجد سقيـاهـــا
بــيــديْهــــــــم قـــــــد دمَّـــــــــروا مغنـــانـــا
عن جراحاتهــا وعــن مأواهــا
من مـــعــانــــــاتهـــــــــا لـــــدى مـــــــولاهـــا
بــخـــنـــــــــــــــوعٍ وإنَّـــــــــــــــــــــــه آواهــــــــــــــــــــا
 ومــــــآسٍ واللــــــــــــــهُ لا يـــنــــــساهــــــا
في سبيلِ الإلـــهِ جــلَّـتْ خُـطاهـــا
وهـــــــــو الفتــــــــحُ يــــــدركُ الأوَّهــــــــــا
مــا رأتْــهُ الشعوبُ مجدًا وجــاهــا
فــــــرأوا خـــــــزيَهم وقــــد أخـــــــــــــــــــزاهــا
وَهْيَ وحــيٌ رغــمَ العـــدا جــدواهـــا
ولــدى صفعِــه أجابَ: بـــِـــــــــ... هـــَا هَــا!
والمخــاضُ استفحالُـــه يغشـــاهـــا
 يتجــــــــلَّى بيــــــن الــــــورى مقتضـــاهـــا
 وبأخبـــــــار الـــــــــسُّنَّةِ الحـــــــــــقُّ فــــاهــــــا
رايــــةً ربَّــــانِيَّـــة في رؤاهــــا
في الــمــقــــــــاديــــــــــرِ قـــــــد عرفْــــــــتُ الَّلـــــهَ

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

هوامش:

(1) ابن كلدة: هــو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف العبدري القُرشي وكنيته أبو فائد، (تُوفيّ 2 هـ - 624 م) سيد من أسياد قبيلة قريش ووجوهها، وأحد أعتى وأشرس أعداء النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولدين الإسلام خلال الوقت المُبكر من تاريخه، اشتُهِر في التاريخ الإسلامي لمعاداته النبي صلى الله عليه وسلم بالتكذيب والأذى، ومات كافرًا. وإلى جهنم وبئس المصير.

(2) بانَ: ابتعد، غابَ.

(3) وَنَتْ: ضعفت.

(4) لُهاها: عطاؤُها وخيرُها.

(5) كَزُّ الفسق: قبيحه وشنيعه.

(6) عفى: بلي، لم يبق له أثر.

 

إذا حارَ أمـــرُكَ في مَـــعْنَيَيْن ولم تدرِ حيثُ الخطأ والصوابُ... فخَــالِفْ هَـــوَاكَ فــإنَّ الهوَى يقــــودُ النفوسَ إلى ما يعابُ

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply