بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
"اتقوا فراسة المؤمن" هل هو حديث؟ وما معناه؟
نعم هو حديث ونصه: عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ قال:
"اتقوا فراسة المؤمن"، فإنه ينظر بنور الله تعالى، ثم قرأ:{إن في ذلك لآيات للمتوسمين}".
وهو حديثٌ ضعيف: قال الترمذي: هذا حديثٌ غريبٌ، إنَّما نَعرِفُه من هذا الوجهِ. وقد رُوِيَ عن بعضِ أهلِ العِلمِ في تفسيرِ هذهِ الآيةِ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} قال: لِلمُتَفَرِّسِينَ.
وفي الباب عن غير واحد من الصحابة، ولكن كلها ضعيفة.
هل معنى الحديث صحيح؟
نعم معناه صحيح في الجملة، وقد علَّق ابن تيمية على هذا الحديث بقوله:
وقد ثبت في الصحيح قول الله تعالى: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي".
وقال ابن تيمية أيضًا : «وإن كان الرجل خبيرًا بحقائق الإيمان الباطنة، فارقًا بين الأحوال الرحمانية والأحوال الشيطانية، فيكون قد قذف الله في قلبه من نوره كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم} وقال تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا} فهذا من المؤمنين الذين جاء فيهم الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: "اتقوا فراسة المؤمن؛ فإنه ينظر بنور الله". مجموع الفتاوى (11/ 217).
وقال ابن القيم: «قد مدح الله سبحانه الفراسة وأهلها في مواضع من كتابه، فقال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}. وهم المتفرسون الآخذون بالسِّيما، وهي العلامة، يقال: تفرست فيك كيت وكيت وتوسمته. وقال تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} وقال تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} وفي *جامع الترمذي* مرفوعًا: "اتَّقُوا فِرَاسَةَ المُؤْمِنِ، فإنه يَنْظُرُ بِنُورِ اللهِ"، ثُم قَرَأ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}» الطرق الحكمية.(1/ 27)
ما هي الفراسة؟
معنى الفراسة: وحقيقتها الاستدلال بالخلق على الخلق، وذلك يكون بجودة القريحة، وحدة الخاطر، وصفاء الفكر. قاله ابن العربي.
وذكر ابن القيم: أن اعتبار القرائن والأمارات ودلائل الأحوال جاء في الشرع.
يعني أن الفراسة معرفة بعض الأشياء والحقائق بالاستدلال عليها بالقرائن.
مثال الفراسة:
يحكى أن الشافعي ومحمد بن الحسن كانا جالسين بفناء الكعبة، ودخل رجل على باب المسجد، فقال أحدهما: أراه نجارًا، وقال الآخر: بل حدادًا، فتبادر من حضر إلى الرجل فسألوه، فقال لهم: كنت نجارًا، وأنا الآن حداد.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد