أحكام الرؤى من سورة يوسف

18
4 دقائق
17 جمادى الثاني 1447 (08-12-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

للرؤيا شأنٌ في سورة يوسف عليه السلام، فقد ارتبطت فصولها برؤى أربعة، رؤيا يوسف عليه السلام في الصغر، ورؤيا صاحبي السجن، ثم رؤيا ملك مصر، إلى أن ذكر في آخر السورة تأويل رؤياه عليه السلام في صغره، وهذه فوائد مستنبطة في أحكام الرؤى والمنامات من هذه السورة خاصة:

1- مشروعية قص الرؤيا: {إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت}.

2- قص الرؤيا على العالِم المشفق: {إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت}.

3- رؤيا الصغير: {إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت}.

4- أن ما يرى في المنام لا يلزم أن يكون متفقا مع صورة الواقع: {رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}، والشمس والقمر أبواه، والكواكب إخوته. وفيه: أن الرموز في الرؤى بينها وبين المرئي صلة أو مناسبة.

5- كتمان الرؤيا الحسنة عن غير المحب: {لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا}.

6- الرؤيا الحسنة مما يقع عليه التحاسد والكيد: {لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا}. وفيه: أن الأخوة لا تستلزم عدم الحسد والكيد، وفيه: أن ذلك قد يقع من الصالحين على القول بأنهم من الأسباط.

7- التأويل علمٌ له أهله: {وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث}، {وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}، {إن كنتم للرؤيا تعبرون}.

8- عبارة الرؤيا فتوى: {أفتوني في رؤياي}.

9- قد يؤخذ من الآيات أن تعبير الرؤى علمٌ جبلي: {وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث}، {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث}، {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث}.

10- نسبة الفضل إلى الله في العلم بالتأويل: {ذلكما مما علمني ربي}، {وعلمتني من تأويل الأحاديث}.

11- من صفات المؤول الصلاح والإحسان: {نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين}.

12- مشروعية الوعظ والتعليم قبل التأويل: {يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله}، وهذا مردود إلى مناسبة الحال، بدليل أنه فسر رؤيا الملك مباشرة: {قال تزرعون سبع سنين}.

13- من الرؤى ما تكون على ظاهرها، كرؤيا أحد الفتيين: {أراني أعصر خمرًا}، وتأويلها: {أما أحدكما فيسقي ربه خمرًا}.

14- جواز تأويل الرؤيا المكروهة إذا لم يظهر وجه آخر لها: {وأما الآخر فيصلب}.

15- عدم تعيين صاحب الرؤيا المكروهة: {وأما الآخر فيصلب}، ولذلك قال بعض المفسرين: إن يوسف عليه السلام أسَرَّ لمن ظن أنه سينجو بقوله: {اذكرني عند ربك}.

16- تأويل الرؤيا وصِدْقُها ظَنٌّ لا علمٌ متيقَّن: {وقال للذي ظنَّ أنه ناجٍ منهما}، وأما قوله تعالى: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} فالمقصود به ما قال ابن الجوزي: *قطع الجواب الذي التمستماه من جهتي*.

17- للمؤول أن ينتفع من الخير الذي يظهر له من التأويل: {وقال للذي ظن أنه ناج منها اذكرني عند ربك}.

18- أن الرؤيا تقع ولو كانت كذبا، وهذا على القول بأن صاحبي السجن تحلَّما ولم يريا شيئا.

19- أن الفرج والتمكين قد يكون مبدؤه رؤيا: {وقال الملك إني أرى سبع بقرات}، فلله جنودٌ منها الرؤى.

20- قَصْدُ العالِم بالتأويل لأجل تفسير رؤيا: {أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون}.

21- مشروعية عرض الرؤيا أكثر من مرة: {قالوا أضغاث أحلام}، فعرضت على الملأ ثم عرضت على يوسف عليه السلام، ويمكن تقييده بما إذا كان الأول غير عالم بالتأويل.

22- الخطأ في الحكم على رؤيا لا أثر له، لأنهم قالوا: أضغاث أحلام ولم يكن ما قالوا، وبه يقيد حديث: (الرؤيا على رجل طائر فإذا أولت وقعت) يعني إذا وافقت وجها صحيحا من وجوه تأويلها.

23- أن الذي يعيِّن كون الرؤيا أضغاث أحلام أو لا هو العالم بالتأويل.

24- قد تبنى قرارات عامة وسياسات على رؤيا وتأويلها: {قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله}.

25- العلم بالتأويل بابٌ للدنيا: {وقال الملك ائتوني به}.

26- العلماء بالتأويل قليل حيث لم يجدوا من يؤول إلا سجين ذكر لهم.

27- عفة المؤول ونفي التهمة عن نفسه: {وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك}.

28- الرؤى في الغالب تخص الرائي كما في الرؤى الأربعة الواردة في السورة.

29- الرؤى مبشرات ومنذرات، فرؤيا يوسف عليه السلام مبشرة، ورؤيا الملك منذرة، وصاحبا السجنِ أحدُهما رؤياه مبشرة والآخر منذرة.

30- للرائي وحاله أثرٌ في التأويل؛ فرؤيا الملك ليست كرؤيا السجين.

31- الرؤى قد تكون خاصةً كرؤيا صاحبي السجن، وعامة كرؤيا الملك.

32- الرؤيا الصحيحة تسمى رؤيا، وغيرها حلم، ولذلك اطرد ذكر (الرؤيا) في السورة إلا في قوله: {قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين}.

33- الرؤيا الصحيحة قد تقع لغير الصالح بل للكافر، وبوب البخاري: (باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك)، وساق الآيات المشتملة على رؤى السجينين والملك، ولم يورد في الباب حديثًا.

34- أن الرؤيا المبشرة تعين صاحبها وقت الكرب، وتمده بالفأل، ولعلها من أسباب ثبات يعقوب عليه السلام وقوله: {وأعلم من الله ما لا تعلمون، اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه}.

35- الرؤيا قد تصدق وقد لا تصدق: {هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا}، ومنه: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق}.

36- إن صدقت الرؤيا فالذي صدّقها هو الله تعالى: {هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا}، ومنه: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق}.

37- مشروعية التبشير بوقوع الرؤيا: {يا أبت هذا تأويل رؤيا من قبل}.

38- قد يتأخر تأويل الرؤيا: {هذا تأويل رؤياي من قبل} وبين الرؤيا ووقوع تأويلها نحو من أربعين سنة.

هذا ما ظهر لي، وأستغفر الله أن أقول في كتابه بلا علم.

ومن بدت له فوائد أخرى فليفد بها في التعليقات.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


مقالات ذات صلة


أضف تعليق