صلاة الخوف


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

تعريف صلاة الخوف:     

صلاة الخوف هي الصلوات الخمس المفروضة، ولكن المسلم يُصليها بصفة معينة في حالة الخوف من عدو أو نحوه.

مشروعية صلاة الخوف:

اتفق العلماء على مشروعية صلاة الخوف وثبوتها.

* قال الله تعالى: }وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا{(النساء: 102)

صفة صلاة الخوف:

ثبت عن نبينا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في كيفية صلاة الخوف صفات كثيرة، أصولها ست، واتفق العلماء بأن العمل بإحدى هذه الكيفيات يُجزئ، وذلك لأن النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قد صلاها عدة مرات.

(1) إذا كان العدو في غير القبلة:

في حالة السفر يقوم القائد بتقسيم الجيش إلى قسمين:

قسم يبقى بسلاحه في مواجهة العدو وقسم يذهب مع الإمام إلى مكان آمن لأداء الصلاة، فيصلي الإمام في صلاة الصبح ركعة واحدة، ثم يظل قائمًا حتى يتم من خلفه الركعة الثانية ويسلمون وينصرفون إلى مواجهة العدو، ثم يأتي القسم الثاني من الجيش فيصلي بهم الإمام الركعة الثانية بالنسبة له، ثم يجلس للتشهد، وينتظرهم حتى يأتون بالركعة الثانية ثم يسلم بهم جميعًا.

* بالنسبة للصلاة الرباعية (الظهر والعصر والعشاء):

يصلي الإمام بكل قسم من الجيش ركعتين ويسلم، فيكون للإمام أربع ركعات ولكل طائفة من الجيش ركعتين.

* وبالنسبة لصلاة المغرب:

يصلي الإمام بنصف الجيش ركعتين وبعد التشهد الأوسط يقف ويظل واقفًا حتى يتم من خلفه الركعة الثالثة ويسلمون ويذهبون في مقابلة العدو، ثم يأتي القسم الثاني فيصلي بهم الإمام الركعة الباقية له ويجلس للتشهد الأخير وينتظر من خلفه حتى يتموا الركعتين الباقيتين ثم يسلم بهم.

(2) إذا كان العدو في مواجهة القبلة:

في حال السفر يقسم القائد الجيش إلى قسمين،

فيصلي بهم جميعًا ويتابعونه في جميع أركان الصلاة إلا عند السجود، فعندما يسجد الإمام يسجد معه نصف الجيش ويبقى النصف الآخر واقفًا حتى يقوم الإمام ومن معه من السجود، فيسجد النصف الآخر ويلحقونه في القيام، ويفعلون ذلك في الركعة الثانية ولكن يسجد معه نصف الجيش الذي لم يسجد معه في الركعة الأولى، ثم يجلسون للتشهد مع الإمام ثم يسلم بجميع الجيش.

صفة صلاة الخوف داخل البلاد:

إذا جاء عدو إلى بلاد المسلمين فإنهم يصلون صلاة الخوف بنفس الصفة السابقة إلا أن الإمام والذين خلفه يصلون الصلاة كاملة في عدد ركعاتها.

الصلاة عند شدة الخوف والتحام الصفوف:

إذا اشتد الخوف حتى منع المسلمين من الصلاة جماعة، أو بدأت المعركة، صلوا فرادى بقدر استطاعتهم، وصلى كل منهم حسب حاله، مستقبلًا القبلة، أو غير مستقبليها.

* قال الله تعالى: }فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا{(البقرة: 239).

* قال الإمام ابن جرير الطبري (رحمه الله):

إن خفتم من عدو لكم أيها الناس، تخشونهم على أنفسكم في حال التقاءكم معهم، أن تصلوا قيامًا على أرجلِكم بالأرض، قانتين لله، فصلوا رجالًا مشاة على أرجلكم، وأنتم في حربكم، وقتالكم، وجهاد عدوكم، أو ركبانا على ظهور دوابكم، فإن ذلك يجزئكم حينئذ من القيام منكم قانتين.

* روى البخاري عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، قال: إن كان خوف هو أشد من ذلك، صلوا رجالًا قيامًا على أقدامهم، أو ركبانا، مستقبلي القبلة، أو غير مستقبليها.

صلاة التوبة:

* روى أبو داود عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: "ما من عبد يذنب ذنبًا، فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له"، ثم قرأ هذه الآية: }وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ{(آل عمران: 135).

* قوله: (يقوم فيصلي ركعتين) هذا من آداب الاستغفار، لأنه يدل على مزيد الاهتمام للاستغفار، وعلى عظيم الندامة على الذنب.

* قال علي الهروي (رحمه الله): قوله: (ثم يستغفر الله) أي: لذلك الذنب، والمراد بالاستغفار التوبة بالمدوامة والإقلاع والعزم على أن لا يعود إليه أبدًا، وأن يتدارك الحقوق (أي: للناس) إن كانت هناك.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply